مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
العالم عام 2025م: تراجع أمريكي، بروز صيني، تردد أوروبي وأزمة نفطية
العالم عام 2025م: تراجع أمريكي، بروز صيني، تردد أوروبي وأزمة نفطية
04-5-2009
ومع ذلك، فإن الفشل في إقناع الرأي العام الأوروبي غير الواثق والمشكك في مزايا الاندماج والتكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي العميق، والتصدي لمشكلة شيخوخة المجتمع الأوروبي، وتنفيذ إصلاحات غير شعبية، يمكن أن تحول الاتحاد الأوروبي من ذلك العملاق الكبير النشط إلى عملاق جامد، غارق في تسوية نزاعاته الداخلية ومنافساته الوطنية، وأقل قدرة على تحويل قوته الاقتصادية إلى نفوذ عالمي..وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية كل من النفط والغاز الطبيعي معا في مجال الطاقة العالمية، فإن إيران وروسيا هما العمود الفقري لإنتاج الطاقة. أما أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك)، فإنها ستؤمن ما نسبته 18% من الإنتاج العالمي في عام 2025.

بقلم يوسف شلي

في آخر تقرير لها، نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) تفاصيل رؤيتها لتوازن القوى في عام 2025م:

* الولايات المتحدة: قوة أقل هيمنة

في عام 2025، لن تكون الولايات المتحدة الطرف الرئيس والأوحد في المعادلة الدولية، حيث ستشاركها أطراف أخرى على الساحة العالمية، وبالتالي لن تحتل الولايات المتحدة تلك المكانة السابقة نظرا لبروز لاعبين رئيسيين جدد، لا يقلون قوة ونفوذا وسيطرة.

وحتى وإن بقيت الولايات المتحدة ـ في نظر العالم ـ قوية في هذه الفترة، في المجالين الاقتصادي والعسكري، وعلى الرغم من تصاعد مؤشر معاداة الولايات المتحدة، فإن هذه الأخيرة ربما ستحتاج إلى أطراف أخرى لترتيب الأوضاع والوقائع الجديدة، وفق اعتبارات إقليمية لا غنى عنها لمواجهة تحديات منطقة الشرق الأوسط وآسيا.

وبخصوص القضايا الناشئة التي تهم مصير البشرية، مثل التغير المناخي، فإن دور واشنطن في هذا الإطار سيكون حاسما وكبيرا، لأن السبيل الوحيد للمساعدة على احتواء التدهور المناخي هو التعرف على الحلول المشتركة ، بإسهام مختلف وجهات النظر، وخاصة وجهات النظر الأوروبية التي تعتبر رائدة في هذا المجال.

وفي الوقت نفسه، فإن تعدد الأطراف الرئيسية الفاعلة (أوروبا وروسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وإيران) وعدم ثقتها في الإستراتيجية الأمريكية المتبعة خلال السنوات القليلة الماضية، ستقلل من حدود الدور المنوط بهذه الأخيرة من أجل الإبقاء على الاستقرار والأمن الدوليين، أو البث في القضايا المصيرية، دون مساعدة من شركاء أقوياء.

* تراجع الدولار:

ورغم ما حدث مؤخرا من تدفق واضح للأصول المالية بالدولار الأمريكي، فإن العملة الأمريكية، وبحلول عام 2025، ستواجه خطر فقدانها عالميا وصف ’’العملة الأساسية’’ للصرف والاحتياط، وستتحول إلى عملة عادية ضمن سلة من العملات الأخرى. وهذا قد يجبر الولايات المتحدة إلى المزيد من إمعان النظر في النتائج المترتبة على سياستها الخارجية على العملة.

إن الاستخدام الواعي والعقلاني للأورو (Euro) من قبل أوروبا والعديد من دول العالم، من المحتمل أن يعقد في المستقبل القريب ويؤثر على استخدام الولايات المتحدة لـ’’الدولار’’ وتوظيفه في التجارة والاستثمار الدوليين لأغراض سياسية. وبالتالي، فإن تجميد الأصول المالية ووضع الحواجز التي تعترض التدفقات المالية لدى الخصوم، كما حدث من خلال فرض العقوبات المالية على القيادتين السياسيين في كوريا الشمالية وإيران، سيكون أكثر صعوبة.

* الصين: طريق مليء بالمطبات

خلال العشرين إلى خمسة وعشرين عاما المقبلة، هناك عدد قليل من البلدان، تمتلك القدرة على المزيد من التأثير على العالم، مثل الصين. وإذا استمر هذا الاتجاه، ستصبح ’’إمبراطورية الشرق’’، الأنموذج الاقتصادي العالمي الثاني والقوة العسكرية العظمى الصاعدة. ويمكن أيضا أن تصبح المستورد الأكبر للموارد الطبيعية، وأكبر ملوث للأرض.

وتيرة النمو الاقتصادي في الصين بالتأكيد ستنخفض. كما أن المزيد من الإصلاحات لأجل تخفيف حدة التوترات الاجتماعية المتزايدة بسبب اتساع الفوارق الاقتصادية، وانعدام الحماية الاجتماعية، وعدم وجود أنظمة كافية في عالم الأعمال، واستيراد الطاقة، والتنقيب والكشف عن المصادر الطاقوية البديلة، واستمرار الفساد وتخريب البيئة، لن يكون كافيا.

وللتصدي لهذه التحديات، يجب على القيادة الصينية الحفاظ على هذا التوازن من خلال:

ـ الانفتاح الضروري لتطوير النمو الاقتصادي، الذي سيسمح للشعب بقبول استئثار الحزب الشيوعي بمقدرات الدولة واحتكار السلطة.

ـ وضع القيود اللازمة لحماية هذا الاحتكار.

وأمام هذا القدر الكبير من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، فإن الحزب الشيوعي سيتعرض لمخاطر التحولات الجديدة.

وفي الواقع، فإن قادة الحزب أنفسهم يتحدثون ـ علنا ـ عن الحاجة لإيجاد سبل جديدة للحفاظ على الدور المهيمن للحزب. حتى الآن، فإن انفتاح النظام الشيوعي على الانتخابات الديمقراطية وحرية التعبير والصحافة لم يتجسد علنا في برنامجه السياسي. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه ليس من المتصور أن الضغوط الاجتماعية قد تفرض قيام الديمقراطية في الصين في عام 2025.

* فقدان النفوذ في أوروبا:

يشير تقرير المخابرات الأمريكية، أن أوروبا بحلول عام 2025م، سوف يكون تقدمها بطيئا في تحقيق مشروع نخبها وقياداتها الحالية: وهو، عالم مترابط ومتكامل ومؤثر، قادر على استخدام ـ وباستقلالية تامة ـ كل الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية المتاحة للدفاع عن المصالح الأوروبية والغربية والمثل العالمية. كما أن الاتحاد الأوروبي سيكون في وسعه دعم الاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي على هامش أوروبا، وهذا من خلال الترحيب بالأعضاء الجدد من بلدان منطقة البلقان، وربما تركيا وأوكرانيا.

ومع ذلك، فإن الفشل في إقناع الرأي العام الأوروبي غير الواثق والمشكك في مزايا الاندماج والتكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي العميق، والتصدي لمشكلة شيخوخة المجتمع الأوروبي، وتنفيذ إصلاحات غير شعبية، يمكن أن تحول الاتحاد الأوروبي من ذلك العملاق الكبير النشط إلى عملاق جامد، غارق في تسوية نزاعاته الداخلية ومنافساته الوطنية، وأقل قدرة على تحويل قوته الاقتصادية إلى نفوذ عالمي.

* فجر ما بعد النفط؟

في عام 2025، سيجد العالم نفسه في خضم تحول أساسي في مجال الطاقة. فإنتاج النفط خارج منظمة ’’أوبك’’ (OPEP) لن يكون قادرا على تلبية الطلب المتزايد له. كما أن مستويات الإنتاج في كثير من البلدان، كاليمن والنرويج وعمان وكولومبيا والمملكة المتحدة واندونيسيا والأرجنتين وسوريا ومصر وبيرو وتونس في انخفاض واضح. أما البلدان الأخرى، مثل المكسيك وبروناي وماليزيا والصين والهند وقطر، فإنتاجها قد يلامس القاع. أما بخصوص الدول القادرة على زيادة الإنتاجـ فعددها سيتقلص إلى حد كبير، ليصل إلى ست دول: المملكة العربية السعودية وإيران والكويت والإمارات العربية المتحدة، وأيضا العراق وروسيا، اللذان يمثلان لوحدهما حوالي 39% من الإنتاج العالمي من النفط في عام 2025. أما المنتجون الرئيسيون، فإنهم في الأساس من منطقة الشرق الأوسط، حيث يوجد نحو ثلثي احتياطيات العالم من النفط.

وفي عام 2025، من المتوقع أن استهلاك الغاز الطبيعي سيرتفع إلى نحو 60%، وفقا لتوقعات وكالة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية. وإذا كان الغاز الطبيعي ليس بالضرورة مماثلا للنفط، فإنه مع ذلك ذو أهمية قصوى مستقبلا. وهناك ثلاث دول تمتلك أكثر من 57% من احتياطي العالم، وهي روسيا وإيران وقطر.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية كل من النفط والغاز الطبيعي معا في مجال الطاقة العالمية، فإن إيران وروسيا هما العمود الفقري لإنتاج الطاقة. أما أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك)، فإنها ستؤمن ما نسبته 18% من الإنتاج العالمي في عام 2025.
.العصر
أضافة تعليق