مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين بقلم:حسين خلف موسى
تاريخ النشر : 2009-04-24
مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
حسين خلف موسى
24-4-2009م
كثر الحديث عن مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول العالم، ولكن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر بتاريخ 11 كانون أول 1948، أعطى اللاجئين حرية الاختيار في ثلاث خيارات رئيسية لتوطينهم، وهذه الخيارات تتضمن البنود التالية:
1- العودة إلى الديار التي هجروا منها.
2- البقاء في الدول المضيفة التي يعيشون فيها.
3- المطالبة بإعادة توطينهم في بلد ثالث.
وقد نص قرار الأمم المتحدة على ما يلي:
قرار الأمم المتحدة رقم 194 المادة 11:
( تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة، وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل عودة اللاجئين وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة ).
في الوقت الذي أكد فيه المجتمع الدولي مرارا على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإن ممارسة الدول الكبرى كانت دوما باتجاه توطينهم، فلقد أسهمت الأونروا في توفير الإغاثة والمعونة ولكن نشاطاتها وبرامجها المبكرة هدفت إلى إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين من خلال عمليات التطوير الاقتصادي.
في العام 1950، قامت لجنة التوفيق الدولية(UNCCP ) بمجموعة من التدخلات لدى الدول العربية لضمان الحصول على مساحات أراضي يستقر عليها اللاجئون الفلسطينيون الذين اختاروا عدم العودة. وافقت حكومتا الأردن وسوريا على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين شرط أن يكون قد توفر لهم خيار العودة إلى مواطنهم الموجودة الآن داخل إسرائيل، أما الحكومة المصرية فقد قالت للجنة التوفيق أنه سيكون من الصعب توطين اللاجئين في مصر لاعتبارات الكثافة السكانية ونقص الأراضي الصالحة للزراعة.
أما الموضوع الأكثر أهمية هنا، هو لا وجود لحق في التوطين من بين الحلول الثلاثة المطروحة أمام اللاجئين. الأولى العودة فقط هي الحق الوحيد بموجب القانون الدولي. والثانية هي أن اللاجئين الذين يختارون التوطين لا يزال بإمكانهم ممارسة حقهم في العودة حتى ولو حصلوا على المواطنة في أي دولة أخرى.
وباختصار، فإن مسألة اللاجئين الفلسطينيين ستبدأ طريقها إلى الحل عندما يعرض على أولئك اللاجئين خيارات حقيقية. أي عندما تكون العودة خيارا حقيقيا يكون في متناول يد اللاجئين كبقية الحلول الأخرى كإعادة التوطين.
وقد عبر عن ذلك السكرتير العام للأمم المتحدة سنة 1959 في أعقاب انهيار الجهود الدولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر برامج الأونروا بقولة: ( لن يكون أي اندماج مرضيا أو حتى ممكنا، إذا ما تم عن طريق إجبار الناس على الوجود في أوضاع جديدة بخلاف إرادتهم ).
في ذات الوقت فإن الآراء التي يعبر عنها الناطقون باسم اللاجئين تشير إلى أن اللاجئين لن يقبلوا الاندماج بشكل طوعي في حياة مثمرة إلا إذا منحوا حرية الاختيار بما يتلاءم مع قرارات الأمم المتحدة أو بطريقة مقبولة أخرى وبما أنهم يعتبرون مثل تلك الحرية الآن وسيلة يصوب من خلالها الخطأ الذي يعتبرون أنفسهم قد عانوا منه، وأن يبقى احترامهم الشخصي لأنفسهم مصونا ومحفوظا.(1)
إسرائيل وتوطين اللاجئين:
يمكن الإشارة إلى علاقة إسرائيل كدولة محتلة بموضوع اللاجئين من خلال ثلاث محاور رئيسية وهي:
1- الترحيل
2- منع العودة
3- إعادة التوطين خارج الديار الأصلية
وبالتالي فإن إعادة التوطين نتيجة حتمية ولكن متأخرة للمحورين الأولين، كما تقدم إسرائيل ’’التوطين’’ كحل وحيد لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
التوطين كسياسة ترحيل:
شهدت السنوات الأولى التي لحقت بالنكبة حلقات من مسلسل التهجير الفلسطيني وقد تمحورت برامج الترحيل خلال هذه الحقبة، في ثلاث مناطق هي القرى الحدودية في الشمال، منطقة المثلث الصغير في الوسط، ومنطقة النقب في الجنوب، وقد اعتمدت إسرائيل من أجل ذلك سياسة الإخلاء الكامل لبعض القرى مثل ’’كراد البقارة وكراد الغنامة في سهل الحولة’’ والذي هجر القسم الأكبر منها إلى سوريا.
لهذا الغرض، تم تأسيس سلطة تأهيل اللاجئين، برئاسة يوسف فايتس، وعملت لمدة أربع أعوام 1949-1953، لتكون مسئولة عن المهجرين في الداخل، ووضع الاستراتيجيات اللازمة التي تلخصت ببندين أساسين هما إجبار السكان الفلسطينيين على الانتقال إلى الأماكن التي تراها السلطة مناسبة والثاني توطين اللاجئين وقد نجحت سلطة تأهيل اللاجئين بتوطين مئات المهجرين الفلسطينيين، ضمن قرى لجوء ’’رسمية’’ وشبه رسمية، كانت قد حددتها لهذا الغرض، فيما طردت السلطة نفسها عدد أكبر من الفلسطينيين إلى ما وراء الحدود.
وفي نفس الوقت رفضت إسرائيل بكل شدة إعادة التوطين في القرى الفلسطينية المهجرة تحت حجج الأمن والاستيطان الصهيوني. ونقرأ ذلك فيما كتبه’’ اليشاع سولتس’’ حاكم الناصرة في وثيقة سرية بعنوان ’’ترحيل السكان العرب’’ كتب يقول حول قضاء بيسان وقراه: هذه القرى تقع في منطقة خالية من السكان العرب الآن، وداخل مناطق استيطان يهودية مكتظة، لا مجال لإسكان أو إعادة لاجئين أو سكان لهذه القرى لئلا نعيق تطور الاستيطان في منطقة يهودية صرفه وعلى تخوم حدود الدولة.
لم يكن أسلوب التوطين كسياسة ترحيل مقتصرا على خطوط الهدنة. فقد دفع احتلال قطاع غزة عام 1956، بجمله من مشاريع التوطين إلى العلن وقد وجهت معظمها نحو سيناء المحتلة أيضا ، فقد رسم حاييم ياحيل، وهو مسؤول كبير في وزارة الخارجية خطة في العام ذاته ترمي إلى ضم القطاع المحتل إلى إسرائيل، وتوطين اللاجئين فيه ضمن ثلاث مجموعات، توطن الأولى في غزة والثانية في إسرائيل والثالثة في سيناء.
كما تم استغلال الحجج الأمنية أيضا ذريعة لإعادة التوطين كسياسة ترحيل فقد صرح دافييد بن غوريون، رئيس الحكومة الإسرائيلية في آذار عام 1957، بينما كانت إسرائيل تستعد للانسحاب من قطاع غزة ’’سيبقى قطاع غزة مصدرا للمشاكل ما لم يوطن اللاجئون في مكان آخر’’.
وجاء في السيرة الذاتية لشارون (إنني أعتقد أنه حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإنني مستعد للقيام بذلك ... كان أساس خطتي ( مطلع السبعينات) هو التخلص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كليا.... وسيكون من مصلحتنا إلى حد كبير أن نقضي عليها نهائيا وإلى الأبد، وفي رأيي أن مثل هذا الأمر ممكنا).
وقد تابع موشيه ديان تنفيذ هذه الخطط التي تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وقد أسس من أجل ذلك فكرة ’’الضم الزاحف’’ وشمل ذلك ترحيل اللاجئين من الضفة الغربية وقطاع غزة وإعادة توطينهم في الدول العربية ويعتبر مشروع إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة في السبعينات والثمانينات عبر مشاريع سكنية جديدة داخل قطاع غزة والضفة الغربية .
من أبرز مشاريع إعادة التوطين التي اعتمدتها الحكومة الإسرائيلية، حين نجحت في إعادة توطين عشرات الآلاف من اللاجئين. وقد شملت المشاريع الجديدة أحياء في الشيخ رضوان بالقرب من مخيم الشاطئ ومشروع ’’حي الأمل’’ بجانب مخيم خانيونس ومشروعي ’’البرازيل’’ و’’تل السلطان’’ بجانب مخيم رفح، ومشروع النزلة بالقرب من مخيم البريج.
نماذج أخرى للتوطين في الخارج:
شهد عقد الخمسينات، مشروعين إسرائيليين حكوميين لتوطين الفلسطينيين الأول ويسمى ’’عملية يوحنان’’ (1950-1953) والثاني، ويسمى ’’العملية الليبية’’ (1953-1958). وقد هدف مشروع ’’عملية يوحنان’’ إلى ترحيل الفلسطينيين من الجليل إلى الأرجنتين. حيث كتب يوسف فايتس، في حزيران 1951 إلى يعكوف تسور، سفير إسرائيل في الأرجنتين: إن الغرض الأساسي لهذا الأمر ( عملية يوحنان) هو ترحيل السكان العرب من إسرائيل، وقد انتهت فكرة يوحنان بعد أن أبدي الفلسطينيون عدم رغبة في الرحيل، حيث أثبت الترحيل الإرادي فشله.
العملية الثانية: أعدها يوسف فايتس أيضا وتهدف إلى توطين الفلسطينيين في إسرائيل واللاجئين خارجها على الأراضي الليبية، حيث اعتمد في ذلك على قضية الجذب الاقتصادي والترحيل الإرادي، ومن أجل ذلك قامت السلطات الإسرائيلية بالاتصال بمستعمرين إيطاليين في ليبيا لشراء الأراضي التي كان من المفروض أن تمنح إلى العرب واللاجئين. إلا أن الخطة قد افتضحت بشكل غير متوقع وهو ما أدى إلى فشلها.(2)
مشروع ’’ماك جي’’ 1949
قدم المشروع من قبل ’’لجنة التوفيق الدولية’’ عبر الإدارة الأمريكية في آذار 1949، ومؤداها أن تقوم فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة بتقديم المساعدات الكفيلة بإنشاء مشاريع تنموية، تعمل على احتواء اللاجئين، وتوطينهم كل حيث هم مع الاكتفاء بإعادة مئة ألف منهم إلى فلسطين، واشترطت إسرائيل للقبول بإعادتهم اعتراف الدول العربية بها، مع توطينهم حيثما يتفق ومصالح إسرائيل، واعتباراتها الأمنية.
مشروع (كلاب) 1949
قدم المشروع عن طريق لجنة تابعة للجنة التوفيق الدولية الذي ترأسها الأمريكي،( جوردن كلاب ) إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في تشرين ثاني 1949، حيث أوصت فيه ببرنامج للأشغال العامة (ري، بناء سدود وشق طرق) وحرف للاجئين، وقد وافقت الأمم المتحدة على تقرير اللجنة، وشرعت بتأسيس صندوق لدمج اللاجئين، بكلفة وصلت إلى 49 مليون دولار.
مشروع تامير:
قدم أبراهام تامير، الأمين العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية خطته إلى الحكومة حيث وافق عليها كلا الحزبين، العمل والليكود، تقضي هذه الخطة بتوطين 750 ألف فلسطيني في لبنان على أن يرتفع هذا العدد إلى مليون لاحقا، بحيث يتحمل المجتمع الدولي تكاليف توطين وإعادة تأهيل هؤلاء اللاجئين، وقد حمل تأمير هذه الخطة إلى الرئيس الروماني نيكولاي شاوسيسكو، الذي كان يدير حوارا غير مباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين لكن الخطة لم تنجح.(3)
مشروع (سيناء) 1953
يعد مشروع سيناء من أخطر المشاريع التي مرت على الشعب الفلسطيني إذ بدء بإجراءات تنفيذه، بعد أن حظي بموافقة حكومة القطر المضيف( مصر) للاجئين الفلسطينيين.
جرى عقد اتفاق بين الحكومة المصرية والأونروا، منحت فيه الأولى للثانية حق اختيار 230 ألف فدان لإقامة مشاريع عليها، فضلاً عن 50 ألف فدان للتطوير الزراعي. وقدر عدد الذين سيستوعبهم ’’مشروع سيناء’’ بنحو(214 ألف) شخص. وخصص 30 مليار دولار لأغراض أبحاث المشروع وقد أحاطت الحكومة المصرية الأبحاث بالكتمان .
وقد كان رد فعل الشعب الفلسطيني على مشروع سيناء عنيفاً حيث قاد تحالف الأخوان المسلمون والشيوعيون التظاهرات المناهضة للمشروع والتي بدأت يوم 1 آذار 1955، وجابت غزة من أقصاها إلى أقصاها، وانتقلت الشرارة إلى بقية أرجاء القطاع، وأحرقت مراكز التموين التابعة للأونروا، وأحرقت كل ما وقع بين يديها من سيارات رجال الإدارة المصرية، مما اضطر هؤلاء إلى ترحيل أسرهم من القطاع، وانتقل الحاكم العام للقطاع، اللواء عبد الله رفعت إلى العريش، وسيطر المنتفضون تماماً على القطاع، ثلاثة أيام متصلة، سقط فيها نحو ثلاثين فلسطينياً برصاص القوات المصرية.
طلب الحاكم العام لقطاع غزة من المنتفضين تقديم مطالبهم، فجرى ذلك، حيث تضمنت هذه المطالب أولاً: إلغاء مشروع سيناء، ثانياً : تسليح القطاع وتدريب شعبه ونقاط أخرى.
وتم وقف المظاهرات من قبل اللجنة الوطنية العليا إلى أن جاء الرد على المطالب من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر بقبولها والموافقة عليها، تبع ذلك تكليفه للجنة مشتركة القيام بإجراء فحوصات لموقع ’’مشروع سيناء’’ حيث قدمت تقريرها في حزيران 1955 ، ليرد بعد ذلك بأن مصر ترى تأجيل تنفيذ مشروع سيناء لما بعد بناء السد العالي، حيث يمكن إيصال مياه النيل إلى الموقع.
وأرسلت القاهرة قوات مصرية لحراسة حدود قطاع غزة والأهم أن عبد الناصر أصدر قراراً يقضى بتشكيل وحدات فدائية فلسطينية بقيادة مسؤول المخابرات الحربية المصرية في قطاع غزة البكباشى (المقدم) مصطفى حافظ، تمكنت من إيقاع قرابة أربعة آلاف قتيل إسرائيلي في بضعة أشهر وهي حوادث أسدلت إسرائيل عليها ستارا من النسيان.
وبالتالي فإن انتفاضة آذار 1955 قبرت ’’مشروع سيناء’’ ومعه كل المشاريع التي سبقته. وحالت دون صدور مشاريع لاحقة .(4)
مشروع ييغال ألون:
قدم المشروع بعد عام 1967، ويقوم على إنكار مسؤولية إسرائيل عن المشكلة ودورها واتهام البلاد العربية بأنها السبب وراء ديمومة المشكلة، ودعا آلون في مشروعه إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء سواء قبل المصريون أم لم يقبلوا.
مشروع أبا ايبان:
قدم أبا ايبان مشروعه في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة عام 1968، وهو يستند إلى خطة خمسية في إطار مؤتمر دولي يضم دول الشرق الأوسط مع الحكومات التي تساهم في إغاثة اللاجئين والحل في رأيه لا يتم في عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم ولكن من خلال توطينهم في أماكن اللجوء التي يعيشون فيها بمساعدة دولية وإقليمية.
مشروع أرئيل شارون:
قدم شارون مشروعه عام 1971، عندما كان قائد القوات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث تضمن المشروع نقل نحو 40 ألف شخص من مخيمات قطاع غزة إلى مكان آخر لتخفيف الازدحام، وقام كأجراء عملي بشق شوارع في المخيمات الرئيسية في قطاع غزة لتسهيل مرور القوات إلى المخيمات، مما أدى إلى هدم الآلاف من المنازل ونقل أصحابها إلى مخيم كندا داخل الأراضي المصرية، وبعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر رفضت إسرائيل عودة هؤلاء إلى الأراضي الفلسطينية، كما أفرز جسما جديدا أضيف إلى أماكن اللجوء الفلسطيني.
توطين الفلسطينيين في العراق
فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة جداً سبقت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
فمنذ العام 1911 اقترح الداعية الروسي الصهيوني ’’جوشواه بو خميل’’ مشروع ترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق، وكان ذلك أمام لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في (بازل)، وقد تحول هذا الأمر إلى مطلب لقادة الحركة الصهيونية من الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 .
وقد تواصلت المحاولات الصهيونية الهادفة إلى توطين الفلسطينيين في العراق ففي 17 كانون أول 1937 ، ناشد بن غوريون في مذكرة بعث بها إلى اجتماع لجنة العمال الصهيونية المنعقد في بريطانيا البريطانيين الذين كانوا يستعمرون العراق المساعدة على ترحيل الفلسطينيين إلى العراق، وجاء في المذكرة ستعرض على العراق عشرة ملايين جنيه فلسطيني في مقابل إعادة توطين 100 ألف عائلة عربية من فلسطين في العراق. وفي نفس السياق قام الصهاينة بتقديم خطة لترحيل الفلسطينيين إلى العراق إلى ممثل الرئيس الأمريكي’’روزفلت’’ الشخصي الجنرال ’’باترك هرلي’’ حين زار فلسطين سنة 1943، حيث جاء في تقرير الجنرال أن قيادة ’’الييشوف’’ عازمة على إنشاء دولة يهودية تضم فلسطين بأسرها وشرق الأردن، وعلى فرض ترحيل السكان العرب إلى العراق بالقوة .
بريطانيا وتوطين الفلسطينيين في العراق .
جاء في وثائق الخارجية البريطانية أنه في شهر كانون الثاني من عام 1955، أعدت وزارة الخارجية البريطانية تقريراً مفصلاً عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ليحمله مدير عام الخارجية في ذلك الوقت ’’شكبرج’’ لدى زيارته لواشنطن لمناقشة هذه المشكلة مع الحكومة الأمريكية، وتضمن التقرير عدداً من مشاريع التوطين وركز بشكل خاص على مشروع التوطين الذي استهدف العراق، وقد أولت الدوائر البريطانية في حينه اهتماماً خاصاً ببحث إمكانيات توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وتعاونت في هذا المجال مع السفارة البريطانية في بغداد وقسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط في بيروت، ووكالة الغوث (الأونروا) وبقية السفارات البريطانية في المنطقة، وفي ضوء الدراسات والتقارير التي جرى تبادلها بين هذه الأطراف خرجت عدة اقتراحات .
فقد كان متوقعاً في مدى عشرين عاماً أن يوافق العراق على استيعاب نحو مليون لاجئ . وذلك كما جاء في الوثيقة رقم ( F / 37/115625 ).
وفي سياق البحث عن فرص عمل اللاجئين في العراق، جاء في رسالة للسفارة البريطانية في العراق موجهة إلى قسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط ما يلي :-
- إن الإمكانيات العراقية في هذه المجال جيدة ومجندة. فهناك أعمال تطويرية كثيرة قيد التنفيذ، كما أن هناك توسعاً كبيراً في فرص العمل.
- على الرغم من أن احتمالات وجود فرص عمل للاجئين تعتبر جيدة، إلا أن هناك مشكلة نابعة من وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، فالحكومة العراقية التزمت علناً بمعارضة التوطين الدائم للاجئين الفلسطينيين، كما أن المشاعر تجاه قضية فلسطين مازالت قوية جداً هنا لدى بعض السياسيين، لذلك فإن أي حكومة عراقية سوف تتصرف بحذر حيال السماح للاجئين بالبقاء في العراق.
- صحيح أن العراق ولأسباب سياسية لن يكون قادراً في الوقت الحاضر على استيعاب الأعداد الكافية من اللاجئين، إلا أن حاجته إلى مزيد من العمال ستؤدي إلى تزايد في تدفق اللاجئين .
- هناك أعداد كبيرة من الفلسطينيين هنا في العراق يعيشون في أوضاع جيدة والأجيال الشابة منهم ترغب في الحصول على الجنسية العراقية، كما أن هناك نسبة صغيرة من إعادة التوطين تأتي من داخلهم، والمهم ألا تعمل وكالة الغوث - الأونروا أي شيء يعرقل ذلك أو يغير من وضعهم في وثيقة رقم 1822(/13/55 ).
محاولات جديدة لإعادة مشروع التوطين في العراق.
تفيد الكثير من المعطيات الواردة عن مساع حثيثة وضغوط كبيرة تمارس من قبل الإدارة الأمريكية للضغط على العراق من اجل قبول توطين آلاف من اللاجئين الفلسطينيين. وقد أكدت الدكتورة (لارا دراك) المحاضرة في الجامعة الأمريكية في واشنطن أن ضغوط مورست على نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين منذ عام 1993، كان أخرها وساطة مغربية فرنسية إلا أن العراق رفضها.
ولكن زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي جلال طالباني لم يستبعد هذه الفكرة موضحاً إنها طرحت منذ سنوات، عندما اقترحت الإدارة الأمريكية أول مرة لتطبيقها في منطقة كردستان العراقية. ولكنها عدلت عن هذا الرأي بعد أن واجهت احتجاجاً من الأكراد الذين يخشون تغيير ديموغرافية المنطقة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل اقترحتا بعد ذلك منطقة الوسط العراقية وأشادت عضو الوفد الأمريكي السيدة ’’بيبنيس’’ التي نقلت الرسالة بقرار الرئيس العراقي الصادر 1998 الذي يقضي بمنح الفلسطينيين اللاجئين منذ عام 1998 الجنسية العراقية.
لماذا العراق .
يشير العديد من الدبلوماسيين الغربيين والإسرائيليين أن العراق هي من ’’أفضل’’ الدول العربية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها بشكل دائم ونهائي. ويرجع المحللون ذلك للعديد من الاعتبارات التي من أهمها :-
أولا : إن وجود اللاجئين الفلسطينيين والذين ينتمون لطائفة المسلمين السنة من شانه أن يحد من توغل النفوذ الشيعي الموالي لإيران، ويؤدي إلى خلق حالة من التوازن في المنطقة. وقد ذكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في لبنان أن ممثل الفاتيكان السابق في لبنان ’’بابلوبوانتي’’ أبلغه عام 1998 أن لدى دوائر الفاتيكان معلومات جديدة عن مخطط لنقل مليونيين من اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في جهات عدة خارج بلادهم إلى العراق، وان ثمة جهود حثيثة تبذل لتأمين الأموال اللازمة بعد تمهيد الجو السياسي
ثانياً : مساحة العراق الكبيرة والتي من شانها أن تستوعب أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين
ثالثاً : بعد العراق عن فلسطين بؤرة الصراع والاحتكاك.
رابعاً : تمتع العراق بالخيرات والثروات الكبيرة .
خامساً : الضغوط والضربات والحصار الاقتصادي الذي يتعرض له العراق سيجعله يقدم تنازلات من أجل قبول توطين اللاجئين مقابل رفع الحصار، كما أن ما جرى خلال السنوات الأخيرة من احتلال أمريكي بريطاني للعراق سيدعم هذا التوجه..
ومما سوف يدعم خيار توطين الفلسطينيين في العراق أيضاً، سقوط خيار التوطين في بعض البلاد الأخرى مثل الأردن التي تعتبر فقيرة جداً، أوان وضعها السياسي غير مستقر كلبنان، أو أن مستقبلها السياسي مقلق كسوريا، كما أن هناك دولاً مثل السعودية والكويت ترفض استيعاب اللاجئين لأسباب مختلفة وبذلك يكون العراق أكثر الدول ملائمة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيه. (5)
المصادر :
(1) تيري رمبل، باحث في مركز بديل ’’التوطين ليس حقاً بل خياراً طوعياً ’’
صحيفة حق العودة، المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين (بديل) العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(2) - نهاد بقاعي ، منسق وحدة الأبحاث في مركز بديل ’’التوطين كخيار قسري’’
صحيفة حق العودة ، العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(3) - د. إبراهيم دراجي، أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق ’’ محاضرة حول مشاريع التصفية لحق العودة ’’ ألقيت في دمشق في ذكرى النكبة 57
نشر مقتطفات منها في صحيفة حق العودة، تحت عنوان ’’إسرائيل ، أمريكا والتوطين’’ العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(4) - عبد القادر ياسين، كاتب وباحث فلسطيني ’’إسقاط ’’ مشروع سيناء’’
صحيفة حق العودة، العدد (12) السنة الثالثة تموز 2005 .
(5) - احمد أبو شلال، مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق، صحيفة حق العودة العدد (12) السنة الثالثة، تموز 2005 .
.دنيا الرأي
تاريخ النشر : 2009-04-24
مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين
حسين خلف موسى
24-4-2009م
كثر الحديث عن مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول العالم، ولكن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر بتاريخ 11 كانون أول 1948، أعطى اللاجئين حرية الاختيار في ثلاث خيارات رئيسية لتوطينهم، وهذه الخيارات تتضمن البنود التالية:
1- العودة إلى الديار التي هجروا منها.
2- البقاء في الدول المضيفة التي يعيشون فيها.
3- المطالبة بإعادة توطينهم في بلد ثالث.
وقد نص قرار الأمم المتحدة على ما يلي:
قرار الأمم المتحدة رقم 194 المادة 11:
( تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة، وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل عودة اللاجئين وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة ).
في الوقت الذي أكد فيه المجتمع الدولي مرارا على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فإن ممارسة الدول الكبرى كانت دوما باتجاه توطينهم، فلقد أسهمت الأونروا في توفير الإغاثة والمعونة ولكن نشاطاتها وبرامجها المبكرة هدفت إلى إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين من خلال عمليات التطوير الاقتصادي.
في العام 1950، قامت لجنة التوفيق الدولية(UNCCP ) بمجموعة من التدخلات لدى الدول العربية لضمان الحصول على مساحات أراضي يستقر عليها اللاجئون الفلسطينيون الذين اختاروا عدم العودة. وافقت حكومتا الأردن وسوريا على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين شرط أن يكون قد توفر لهم خيار العودة إلى مواطنهم الموجودة الآن داخل إسرائيل، أما الحكومة المصرية فقد قالت للجنة التوفيق أنه سيكون من الصعب توطين اللاجئين في مصر لاعتبارات الكثافة السكانية ونقص الأراضي الصالحة للزراعة.
أما الموضوع الأكثر أهمية هنا، هو لا وجود لحق في التوطين من بين الحلول الثلاثة المطروحة أمام اللاجئين. الأولى العودة فقط هي الحق الوحيد بموجب القانون الدولي. والثانية هي أن اللاجئين الذين يختارون التوطين لا يزال بإمكانهم ممارسة حقهم في العودة حتى ولو حصلوا على المواطنة في أي دولة أخرى.
وباختصار، فإن مسألة اللاجئين الفلسطينيين ستبدأ طريقها إلى الحل عندما يعرض على أولئك اللاجئين خيارات حقيقية. أي عندما تكون العودة خيارا حقيقيا يكون في متناول يد اللاجئين كبقية الحلول الأخرى كإعادة التوطين.
وقد عبر عن ذلك السكرتير العام للأمم المتحدة سنة 1959 في أعقاب انهيار الجهود الدولية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر برامج الأونروا بقولة: ( لن يكون أي اندماج مرضيا أو حتى ممكنا، إذا ما تم عن طريق إجبار الناس على الوجود في أوضاع جديدة بخلاف إرادتهم ).
في ذات الوقت فإن الآراء التي يعبر عنها الناطقون باسم اللاجئين تشير إلى أن اللاجئين لن يقبلوا الاندماج بشكل طوعي في حياة مثمرة إلا إذا منحوا حرية الاختيار بما يتلاءم مع قرارات الأمم المتحدة أو بطريقة مقبولة أخرى وبما أنهم يعتبرون مثل تلك الحرية الآن وسيلة يصوب من خلالها الخطأ الذي يعتبرون أنفسهم قد عانوا منه، وأن يبقى احترامهم الشخصي لأنفسهم مصونا ومحفوظا.(1)
إسرائيل وتوطين اللاجئين:
يمكن الإشارة إلى علاقة إسرائيل كدولة محتلة بموضوع اللاجئين من خلال ثلاث محاور رئيسية وهي:
1- الترحيل
2- منع العودة
3- إعادة التوطين خارج الديار الأصلية
وبالتالي فإن إعادة التوطين نتيجة حتمية ولكن متأخرة للمحورين الأولين، كما تقدم إسرائيل ’’التوطين’’ كحل وحيد لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
التوطين كسياسة ترحيل:
شهدت السنوات الأولى التي لحقت بالنكبة حلقات من مسلسل التهجير الفلسطيني وقد تمحورت برامج الترحيل خلال هذه الحقبة، في ثلاث مناطق هي القرى الحدودية في الشمال، منطقة المثلث الصغير في الوسط، ومنطقة النقب في الجنوب، وقد اعتمدت إسرائيل من أجل ذلك سياسة الإخلاء الكامل لبعض القرى مثل ’’كراد البقارة وكراد الغنامة في سهل الحولة’’ والذي هجر القسم الأكبر منها إلى سوريا.
لهذا الغرض، تم تأسيس سلطة تأهيل اللاجئين، برئاسة يوسف فايتس، وعملت لمدة أربع أعوام 1949-1953، لتكون مسئولة عن المهجرين في الداخل، ووضع الاستراتيجيات اللازمة التي تلخصت ببندين أساسين هما إجبار السكان الفلسطينيين على الانتقال إلى الأماكن التي تراها السلطة مناسبة والثاني توطين اللاجئين وقد نجحت سلطة تأهيل اللاجئين بتوطين مئات المهجرين الفلسطينيين، ضمن قرى لجوء ’’رسمية’’ وشبه رسمية، كانت قد حددتها لهذا الغرض، فيما طردت السلطة نفسها عدد أكبر من الفلسطينيين إلى ما وراء الحدود.
وفي نفس الوقت رفضت إسرائيل بكل شدة إعادة التوطين في القرى الفلسطينية المهجرة تحت حجج الأمن والاستيطان الصهيوني. ونقرأ ذلك فيما كتبه’’ اليشاع سولتس’’ حاكم الناصرة في وثيقة سرية بعنوان ’’ترحيل السكان العرب’’ كتب يقول حول قضاء بيسان وقراه: هذه القرى تقع في منطقة خالية من السكان العرب الآن، وداخل مناطق استيطان يهودية مكتظة، لا مجال لإسكان أو إعادة لاجئين أو سكان لهذه القرى لئلا نعيق تطور الاستيطان في منطقة يهودية صرفه وعلى تخوم حدود الدولة.
لم يكن أسلوب التوطين كسياسة ترحيل مقتصرا على خطوط الهدنة. فقد دفع احتلال قطاع غزة عام 1956، بجمله من مشاريع التوطين إلى العلن وقد وجهت معظمها نحو سيناء المحتلة أيضا ، فقد رسم حاييم ياحيل، وهو مسؤول كبير في وزارة الخارجية خطة في العام ذاته ترمي إلى ضم القطاع المحتل إلى إسرائيل، وتوطين اللاجئين فيه ضمن ثلاث مجموعات، توطن الأولى في غزة والثانية في إسرائيل والثالثة في سيناء.
كما تم استغلال الحجج الأمنية أيضا ذريعة لإعادة التوطين كسياسة ترحيل فقد صرح دافييد بن غوريون، رئيس الحكومة الإسرائيلية في آذار عام 1957، بينما كانت إسرائيل تستعد للانسحاب من قطاع غزة ’’سيبقى قطاع غزة مصدرا للمشاكل ما لم يوطن اللاجئون في مكان آخر’’.
وجاء في السيرة الذاتية لشارون (إنني أعتقد أنه حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإنني مستعد للقيام بذلك ... كان أساس خطتي ( مطلع السبعينات) هو التخلص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كليا.... وسيكون من مصلحتنا إلى حد كبير أن نقضي عليها نهائيا وإلى الأبد، وفي رأيي أن مثل هذا الأمر ممكنا).
وقد تابع موشيه ديان تنفيذ هذه الخطط التي تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وقد أسس من أجل ذلك فكرة ’’الضم الزاحف’’ وشمل ذلك ترحيل اللاجئين من الضفة الغربية وقطاع غزة وإعادة توطينهم في الدول العربية ويعتبر مشروع إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة في السبعينات والثمانينات عبر مشاريع سكنية جديدة داخل قطاع غزة والضفة الغربية .
من أبرز مشاريع إعادة التوطين التي اعتمدتها الحكومة الإسرائيلية، حين نجحت في إعادة توطين عشرات الآلاف من اللاجئين. وقد شملت المشاريع الجديدة أحياء في الشيخ رضوان بالقرب من مخيم الشاطئ ومشروع ’’حي الأمل’’ بجانب مخيم خانيونس ومشروعي ’’البرازيل’’ و’’تل السلطان’’ بجانب مخيم رفح، ومشروع النزلة بالقرب من مخيم البريج.
نماذج أخرى للتوطين في الخارج:
شهد عقد الخمسينات، مشروعين إسرائيليين حكوميين لتوطين الفلسطينيين الأول ويسمى ’’عملية يوحنان’’ (1950-1953) والثاني، ويسمى ’’العملية الليبية’’ (1953-1958). وقد هدف مشروع ’’عملية يوحنان’’ إلى ترحيل الفلسطينيين من الجليل إلى الأرجنتين. حيث كتب يوسف فايتس، في حزيران 1951 إلى يعكوف تسور، سفير إسرائيل في الأرجنتين: إن الغرض الأساسي لهذا الأمر ( عملية يوحنان) هو ترحيل السكان العرب من إسرائيل، وقد انتهت فكرة يوحنان بعد أن أبدي الفلسطينيون عدم رغبة في الرحيل، حيث أثبت الترحيل الإرادي فشله.
العملية الثانية: أعدها يوسف فايتس أيضا وتهدف إلى توطين الفلسطينيين في إسرائيل واللاجئين خارجها على الأراضي الليبية، حيث اعتمد في ذلك على قضية الجذب الاقتصادي والترحيل الإرادي، ومن أجل ذلك قامت السلطات الإسرائيلية بالاتصال بمستعمرين إيطاليين في ليبيا لشراء الأراضي التي كان من المفروض أن تمنح إلى العرب واللاجئين. إلا أن الخطة قد افتضحت بشكل غير متوقع وهو ما أدى إلى فشلها.(2)
مشروع ’’ماك جي’’ 1949
قدم المشروع من قبل ’’لجنة التوفيق الدولية’’ عبر الإدارة الأمريكية في آذار 1949، ومؤداها أن تقوم فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة بتقديم المساعدات الكفيلة بإنشاء مشاريع تنموية، تعمل على احتواء اللاجئين، وتوطينهم كل حيث هم مع الاكتفاء بإعادة مئة ألف منهم إلى فلسطين، واشترطت إسرائيل للقبول بإعادتهم اعتراف الدول العربية بها، مع توطينهم حيثما يتفق ومصالح إسرائيل، واعتباراتها الأمنية.
مشروع (كلاب) 1949
قدم المشروع عن طريق لجنة تابعة للجنة التوفيق الدولية الذي ترأسها الأمريكي،( جوردن كلاب ) إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في تشرين ثاني 1949، حيث أوصت فيه ببرنامج للأشغال العامة (ري، بناء سدود وشق طرق) وحرف للاجئين، وقد وافقت الأمم المتحدة على تقرير اللجنة، وشرعت بتأسيس صندوق لدمج اللاجئين، بكلفة وصلت إلى 49 مليون دولار.
مشروع تامير:
قدم أبراهام تامير، الأمين العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية خطته إلى الحكومة حيث وافق عليها كلا الحزبين، العمل والليكود، تقضي هذه الخطة بتوطين 750 ألف فلسطيني في لبنان على أن يرتفع هذا العدد إلى مليون لاحقا، بحيث يتحمل المجتمع الدولي تكاليف توطين وإعادة تأهيل هؤلاء اللاجئين، وقد حمل تأمير هذه الخطة إلى الرئيس الروماني نيكولاي شاوسيسكو، الذي كان يدير حوارا غير مباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين لكن الخطة لم تنجح.(3)
مشروع (سيناء) 1953
يعد مشروع سيناء من أخطر المشاريع التي مرت على الشعب الفلسطيني إذ بدء بإجراءات تنفيذه، بعد أن حظي بموافقة حكومة القطر المضيف( مصر) للاجئين الفلسطينيين.
جرى عقد اتفاق بين الحكومة المصرية والأونروا، منحت فيه الأولى للثانية حق اختيار 230 ألف فدان لإقامة مشاريع عليها، فضلاً عن 50 ألف فدان للتطوير الزراعي. وقدر عدد الذين سيستوعبهم ’’مشروع سيناء’’ بنحو(214 ألف) شخص. وخصص 30 مليار دولار لأغراض أبحاث المشروع وقد أحاطت الحكومة المصرية الأبحاث بالكتمان .
وقد كان رد فعل الشعب الفلسطيني على مشروع سيناء عنيفاً حيث قاد تحالف الأخوان المسلمون والشيوعيون التظاهرات المناهضة للمشروع والتي بدأت يوم 1 آذار 1955، وجابت غزة من أقصاها إلى أقصاها، وانتقلت الشرارة إلى بقية أرجاء القطاع، وأحرقت مراكز التموين التابعة للأونروا، وأحرقت كل ما وقع بين يديها من سيارات رجال الإدارة المصرية، مما اضطر هؤلاء إلى ترحيل أسرهم من القطاع، وانتقل الحاكم العام للقطاع، اللواء عبد الله رفعت إلى العريش، وسيطر المنتفضون تماماً على القطاع، ثلاثة أيام متصلة، سقط فيها نحو ثلاثين فلسطينياً برصاص القوات المصرية.
طلب الحاكم العام لقطاع غزة من المنتفضين تقديم مطالبهم، فجرى ذلك، حيث تضمنت هذه المطالب أولاً: إلغاء مشروع سيناء، ثانياً : تسليح القطاع وتدريب شعبه ونقاط أخرى.
وتم وقف المظاهرات من قبل اللجنة الوطنية العليا إلى أن جاء الرد على المطالب من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر بقبولها والموافقة عليها، تبع ذلك تكليفه للجنة مشتركة القيام بإجراء فحوصات لموقع ’’مشروع سيناء’’ حيث قدمت تقريرها في حزيران 1955 ، ليرد بعد ذلك بأن مصر ترى تأجيل تنفيذ مشروع سيناء لما بعد بناء السد العالي، حيث يمكن إيصال مياه النيل إلى الموقع.
وأرسلت القاهرة قوات مصرية لحراسة حدود قطاع غزة والأهم أن عبد الناصر أصدر قراراً يقضى بتشكيل وحدات فدائية فلسطينية بقيادة مسؤول المخابرات الحربية المصرية في قطاع غزة البكباشى (المقدم) مصطفى حافظ، تمكنت من إيقاع قرابة أربعة آلاف قتيل إسرائيلي في بضعة أشهر وهي حوادث أسدلت إسرائيل عليها ستارا من النسيان.
وبالتالي فإن انتفاضة آذار 1955 قبرت ’’مشروع سيناء’’ ومعه كل المشاريع التي سبقته. وحالت دون صدور مشاريع لاحقة .(4)
مشروع ييغال ألون:
قدم المشروع بعد عام 1967، ويقوم على إنكار مسؤولية إسرائيل عن المشكلة ودورها واتهام البلاد العربية بأنها السبب وراء ديمومة المشكلة، ودعا آلون في مشروعه إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء سواء قبل المصريون أم لم يقبلوا.
مشروع أبا ايبان:
قدم أبا ايبان مشروعه في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة عام 1968، وهو يستند إلى خطة خمسية في إطار مؤتمر دولي يضم دول الشرق الأوسط مع الحكومات التي تساهم في إغاثة اللاجئين والحل في رأيه لا يتم في عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم ولكن من خلال توطينهم في أماكن اللجوء التي يعيشون فيها بمساعدة دولية وإقليمية.
مشروع أرئيل شارون:
قدم شارون مشروعه عام 1971، عندما كان قائد القوات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث تضمن المشروع نقل نحو 40 ألف شخص من مخيمات قطاع غزة إلى مكان آخر لتخفيف الازدحام، وقام كأجراء عملي بشق شوارع في المخيمات الرئيسية في قطاع غزة لتسهيل مرور القوات إلى المخيمات، مما أدى إلى هدم الآلاف من المنازل ونقل أصحابها إلى مخيم كندا داخل الأراضي المصرية، وبعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر رفضت إسرائيل عودة هؤلاء إلى الأراضي الفلسطينية، كما أفرز جسما جديدا أضيف إلى أماكن اللجوء الفلسطيني.
توطين الفلسطينيين في العراق
فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة جداً سبقت قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين.
فمنذ العام 1911 اقترح الداعية الروسي الصهيوني ’’جوشواه بو خميل’’ مشروع ترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق، وكان ذلك أمام لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في (بازل)، وقد تحول هذا الأمر إلى مطلب لقادة الحركة الصهيونية من الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 .
وقد تواصلت المحاولات الصهيونية الهادفة إلى توطين الفلسطينيين في العراق ففي 17 كانون أول 1937 ، ناشد بن غوريون في مذكرة بعث بها إلى اجتماع لجنة العمال الصهيونية المنعقد في بريطانيا البريطانيين الذين كانوا يستعمرون العراق المساعدة على ترحيل الفلسطينيين إلى العراق، وجاء في المذكرة ستعرض على العراق عشرة ملايين جنيه فلسطيني في مقابل إعادة توطين 100 ألف عائلة عربية من فلسطين في العراق. وفي نفس السياق قام الصهاينة بتقديم خطة لترحيل الفلسطينيين إلى العراق إلى ممثل الرئيس الأمريكي’’روزفلت’’ الشخصي الجنرال ’’باترك هرلي’’ حين زار فلسطين سنة 1943، حيث جاء في تقرير الجنرال أن قيادة ’’الييشوف’’ عازمة على إنشاء دولة يهودية تضم فلسطين بأسرها وشرق الأردن، وعلى فرض ترحيل السكان العرب إلى العراق بالقوة .
بريطانيا وتوطين الفلسطينيين في العراق .
جاء في وثائق الخارجية البريطانية أنه في شهر كانون الثاني من عام 1955، أعدت وزارة الخارجية البريطانية تقريراً مفصلاً عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ليحمله مدير عام الخارجية في ذلك الوقت ’’شكبرج’’ لدى زيارته لواشنطن لمناقشة هذه المشكلة مع الحكومة الأمريكية، وتضمن التقرير عدداً من مشاريع التوطين وركز بشكل خاص على مشروع التوطين الذي استهدف العراق، وقد أولت الدوائر البريطانية في حينه اهتماماً خاصاً ببحث إمكانيات توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وتعاونت في هذا المجال مع السفارة البريطانية في بغداد وقسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط في بيروت، ووكالة الغوث (الأونروا) وبقية السفارات البريطانية في المنطقة، وفي ضوء الدراسات والتقارير التي جرى تبادلها بين هذه الأطراف خرجت عدة اقتراحات .
فقد كان متوقعاً في مدى عشرين عاماً أن يوافق العراق على استيعاب نحو مليون لاجئ . وذلك كما جاء في الوثيقة رقم ( F / 37/115625 ).
وفي سياق البحث عن فرص عمل اللاجئين في العراق، جاء في رسالة للسفارة البريطانية في العراق موجهة إلى قسم التطوير في المكتب البريطاني في الشرق الأوسط ما يلي :-
- إن الإمكانيات العراقية في هذه المجال جيدة ومجندة. فهناك أعمال تطويرية كثيرة قيد التنفيذ، كما أن هناك توسعاً كبيراً في فرص العمل.
- على الرغم من أن احتمالات وجود فرص عمل للاجئين تعتبر جيدة، إلا أن هناك مشكلة نابعة من وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، فالحكومة العراقية التزمت علناً بمعارضة التوطين الدائم للاجئين الفلسطينيين، كما أن المشاعر تجاه قضية فلسطين مازالت قوية جداً هنا لدى بعض السياسيين، لذلك فإن أي حكومة عراقية سوف تتصرف بحذر حيال السماح للاجئين بالبقاء في العراق.
- صحيح أن العراق ولأسباب سياسية لن يكون قادراً في الوقت الحاضر على استيعاب الأعداد الكافية من اللاجئين، إلا أن حاجته إلى مزيد من العمال ستؤدي إلى تزايد في تدفق اللاجئين .
- هناك أعداد كبيرة من الفلسطينيين هنا في العراق يعيشون في أوضاع جيدة والأجيال الشابة منهم ترغب في الحصول على الجنسية العراقية، كما أن هناك نسبة صغيرة من إعادة التوطين تأتي من داخلهم، والمهم ألا تعمل وكالة الغوث - الأونروا أي شيء يعرقل ذلك أو يغير من وضعهم في وثيقة رقم 1822(/13/55 ).
محاولات جديدة لإعادة مشروع التوطين في العراق.
تفيد الكثير من المعطيات الواردة عن مساع حثيثة وضغوط كبيرة تمارس من قبل الإدارة الأمريكية للضغط على العراق من اجل قبول توطين آلاف من اللاجئين الفلسطينيين. وقد أكدت الدكتورة (لارا دراك) المحاضرة في الجامعة الأمريكية في واشنطن أن ضغوط مورست على نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين منذ عام 1993، كان أخرها وساطة مغربية فرنسية إلا أن العراق رفضها.
ولكن زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي جلال طالباني لم يستبعد هذه الفكرة موضحاً إنها طرحت منذ سنوات، عندما اقترحت الإدارة الأمريكية أول مرة لتطبيقها في منطقة كردستان العراقية. ولكنها عدلت عن هذا الرأي بعد أن واجهت احتجاجاً من الأكراد الذين يخشون تغيير ديموغرافية المنطقة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل اقترحتا بعد ذلك منطقة الوسط العراقية وأشادت عضو الوفد الأمريكي السيدة ’’بيبنيس’’ التي نقلت الرسالة بقرار الرئيس العراقي الصادر 1998 الذي يقضي بمنح الفلسطينيين اللاجئين منذ عام 1998 الجنسية العراقية.
لماذا العراق .
يشير العديد من الدبلوماسيين الغربيين والإسرائيليين أن العراق هي من ’’أفضل’’ الدول العربية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها بشكل دائم ونهائي. ويرجع المحللون ذلك للعديد من الاعتبارات التي من أهمها :-
أولا : إن وجود اللاجئين الفلسطينيين والذين ينتمون لطائفة المسلمين السنة من شانه أن يحد من توغل النفوذ الشيعي الموالي لإيران، ويؤدي إلى خلق حالة من التوازن في المنطقة. وقد ذكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في لبنان أن ممثل الفاتيكان السابق في لبنان ’’بابلوبوانتي’’ أبلغه عام 1998 أن لدى دوائر الفاتيكان معلومات جديدة عن مخطط لنقل مليونيين من اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في جهات عدة خارج بلادهم إلى العراق، وان ثمة جهود حثيثة تبذل لتأمين الأموال اللازمة بعد تمهيد الجو السياسي
ثانياً : مساحة العراق الكبيرة والتي من شانها أن تستوعب أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين
ثالثاً : بعد العراق عن فلسطين بؤرة الصراع والاحتكاك.
رابعاً : تمتع العراق بالخيرات والثروات الكبيرة .
خامساً : الضغوط والضربات والحصار الاقتصادي الذي يتعرض له العراق سيجعله يقدم تنازلات من أجل قبول توطين اللاجئين مقابل رفع الحصار، كما أن ما جرى خلال السنوات الأخيرة من احتلال أمريكي بريطاني للعراق سيدعم هذا التوجه..
ومما سوف يدعم خيار توطين الفلسطينيين في العراق أيضاً، سقوط خيار التوطين في بعض البلاد الأخرى مثل الأردن التي تعتبر فقيرة جداً، أوان وضعها السياسي غير مستقر كلبنان، أو أن مستقبلها السياسي مقلق كسوريا، كما أن هناك دولاً مثل السعودية والكويت ترفض استيعاب اللاجئين لأسباب مختلفة وبذلك يكون العراق أكثر الدول ملائمة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيه. (5)
المصادر :
(1) تيري رمبل، باحث في مركز بديل ’’التوطين ليس حقاً بل خياراً طوعياً ’’
صحيفة حق العودة، المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين (بديل) العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(2) - نهاد بقاعي ، منسق وحدة الأبحاث في مركز بديل ’’التوطين كخيار قسري’’
صحيفة حق العودة ، العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(3) - د. إبراهيم دراجي، أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق ’’ محاضرة حول مشاريع التصفية لحق العودة ’’ ألقيت في دمشق في ذكرى النكبة 57
نشر مقتطفات منها في صحيفة حق العودة، تحت عنوان ’’إسرائيل ، أمريكا والتوطين’’ العدد (12) السنة الثالثة ، تموز 2005 .
(4) - عبد القادر ياسين، كاتب وباحث فلسطيني ’’إسقاط ’’ مشروع سيناء’’
صحيفة حق العودة، العدد (12) السنة الثالثة تموز 2005 .
(5) - احمد أبو شلال، مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق، صحيفة حق العودة العدد (12) السنة الثالثة، تموز 2005 .
.دنيا الرأي