فيرس كرونا واحترافية القيادة المصرية
كتب المستشار السياسي
حسين موسى
دوما ما تثبت الازمات حكمة الحكومات او فشلها في الادارة ، فالحكومة التي تتخذ نهجا علميا في قيادتها تسطيع المرو بسلام مهما اتخذت الازمة منحنيات او منعطفات شتى بعكس الحكومات المتخبطة التي تتخذ قرارتها وفقا لظروف الازمة ومساراتها دون تخطيط مسبق او اعداد علمي او فنى قائم على المعلومات والتخطيط الجيد حسين موسى
واذا اتخذنا ازمة وباء فيرس كرونا مثلا نجد انه منذ إعلان منظمة الصحة الدولية عن تحول فيروس كورونا المتجدد إلى وباء عالمي، أخذت الأزمة بعداً مختلفاً وفي غاية الخطورة مع ازدياد عدد المصابين وازدياد عدد الدول المتأثرة، ليصبح من الطبيعي أن يشمل الحديث الأساليب والبروتوكولات الاحترازية والوقائية التي تتبعها الدول المختلفة ومدى فاعليتها وتأثيرها ونجاحها أو فشلها وإخفاقها.
فمنذ ان ظهر المرض في الصين تم التعامل معه بتخاذل واستهتار ، حتى تفاقم الوضع وزاد عدد المصابين، وبعد ذلك انتشر الوباء في اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، وبعد ذلك في سائر آسيا، وانفجر بشكل مهول في إيران، وتبعه بالتالي انتشار حالات في جوار إيران من العراق والكويت والبحرين ولبنان وقطر والإمارات والسعودية وسوريا، ثم انفجر الوضع في قلب أوروبا وتحديداً في إيطاليا بشكل مفزع، وانتشر في بقية دول القارة العجوز ومنها إلى دول أخرى ليصبح مجموع الدول التي وصل إليها الفيروس أكثر من مائة دولة او اكثر
فلو تتبعنا اسلوب القيادة وادارة الازمة نجدها تختلف من دولة لأخرى على حسب مسلماتها فنجد دولة مثل بريطانيا هناك تخبط في القرار بعد ان تفاقمت الازمة فنجد المستشار الطبي للحكومة البريطانية باتريك فالانس، يدعو الى التوجه إلى تطبيق سياسة "مناعة القطيع" وقال فالانس إن الهدف من "مناعة القطيع" أن يصاب 60% من البريطانيين لتشكيل مناعة ضد الفيروس، معتبرا أن هدفهم الرئيسي هو تقزيم الإصابات بالفيروس، وبعد ذلك تمديده وجره وصولا لفترة الصيف، حيث الضغط أقل على المستشفيات. وتركز الحكومة البريطانية جهودها حاليا على عزل الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 70 عاما، .أما الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض "متوسطة" لفيروس كورونا، فعليهم -طبقا لنصائح السلطات- البقاء في بيوتهم، ولن يخضعوا لأي فحص إلا في حال تدهور حالتهم، وذلك حتى تبقى الفحوصات للحالات المستعجلة فهنا كان التوجه البريطاني نحو حماية كبار السن تعبنا لان الشريحة العمرية في بريطانيا خصوصا واوربا عموما تزيد لصالح من هم فوق الخمسين عاما
اما في ايطاليا فادى صعف التخطيط للازمة وعدم القدرة على توجيه الرأي العام الى تفاقم الازمة حيث سجلت ايطاليا اعلى نسبة وفيات في العالم جراء هذا الفيرس وفلشت المنظومة الصحية في مواجهة الاعداد المتزايدة خصوصا ان نسبة السكان الايطاليون من يتعدى عمرهم 65 عاما يشكلون نسبة 23% من أجمالي السكان وهذا ما اكدته دراسة اجريت في جامعة اكسفورج كما اكدت هذه الدراسة إن صغار السن يميلون إلى الاختلاط بكبار السن. ويبشير مؤلفو الدراسة إلى أن الإيطاليين الصغار يعيشون مع كبار السن، مثل آبائهم وأجدادهم في المناطق الريفية، ويذهبون إلى أعمالهم في المدن يوميا ثم يعودون إلى منازلهم في المساء، ويعتقد المشرفون على الدراسة، أن هذا السفر المتكرر بين المدن وبيوت العائلة ربما أدى إلى الانتشار "الصامت" للفيروس التاجي الجديد ومما سبق نجد ان الفشل الذريع وتفاقم الازمة كان نابعا من سوء التوجيه الإعلامي وضعف المنظومة الصحية وعدم قدرة متخذي القرار على السير في المنحى الصحيح لإدارة الازمة .
واذا انتقلنا الى مصر بمواردها الاقتصادية المحدودة وتفاقم عدد السكان مجتمع به العديد من الازمات فنجد ان الحكومة المصرية تعاملت باحترافية في ازمتين متتاليتين الاولى ازمة المنخفض الجوي الذى ضرب مصر وكيف كانت الحكومة تتعامل مع الازمة في ظل توجية أعلامي رائد وتخطيط مسبق شمل كافة المرافق مما جعل الازمة تمر بسلام اعقبها ظهور حالات مصابة بفيرس كرورنا فنجد الحكومة اتخذت مسارا احترافية من خلال عدة اجراءات منها رفع حالة الاستعداد القصوى بجميع المطارات إلى أقصى درجة، ووضع وزارة الصحة والسكان خطة احترازية تضمنت 3 سيناريوهات، بالإضافة الى اتباع اسلوب تقصى المخالطين للحالات وتاجيل الدراسة واستبدال نظم الامتحانات بالمدراس بمشروعات بحثية والغاء التجمعات والاحتفاليات وتخفيض عدد العاملين بالمصالح الحكومية غير الاستراتيجية والاهم من ذلك اتباع توعية اعلامية ومكاشفة للجماهير بلا تهوين او تهويل مما دعا مسئول منظمة الصحة العالمية الى الاشادة بالإجراءات التي تتبعها مصر في الحد من انتشار فيرس كرونا فقد ذكر دكتور علاء حشيش، مسؤول الأمراض المعدية بمنظمة الصحة العالمية، اليوم الثلاثاء، إن إجراءات الحكومة المصرية للتعامل مع فيروس كورونا مبشرة. وأن فريق الرصد والتقصي يعمل بشكل جاد لعزل أي إصابات بالفيروس، موضحا أن أعداد المصابين بفيروس كورونا كلها تنشر بمنتهى الشفافية. كما ان مصر سبق غيرها بوضع برتوكولا علاجيا للمصابين في المرحلة الاولى والثانية والثالثة جعلت نسبة التعافي من المصابين في زيادة مطردة مما دفع العديد من الدول الى طلب هذا البرتوكول لتطبيقه في منظومتها العلاجية
وفى النهاية فان اسلوب ادارة الازمة يفرق كثيرا في نتائجها خاصة اذا كان هذه النتيجة هى مصير امة
.