في ورشة مراجعة قوانين الإعلام
علاو لطلاب الإعلام : لاتكرروا أخطاءنا
مصطفى نصر : مساحة الحرية مرهونة بالمزاج السياسي
موسى النمراني:
دعى المحامي محمد ناجي علاو من أسماهم بالصحفيين الشباب من طلاب الإعلام إلى أن يخطوا لأنفسهم خطا جديدا دون تكرار لأخطاء من سبقهم على مستوى العمل الصحفي أو المشاركة في عملية التقنين لاحقا واصفا إياهم بأنهم الخير القادم ، جاء ذلك في حديثه في ورشة العمل التي نظمتها هود في إطار الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان لمراجعة القوانين ومشاريع القوانين المتعلقة بالإعلام التي تحدث فيها إلى جواره الصحفي مصطفى نصر رئيس مركزا الدراسات والإعلام الاقتصادي الذي قال أن الحرية الإعلامية التي تشهدها الساحة اليمنية مدعومة بمناخ سياسي معين، لذلك سيظل الإعلاميين في اليمن مرتهنين لأمزجة أكثر منها إلى نصوص قانونية واضحة تساند حقهم الأساسي في التعبير ، وبسقف مرتفع من الحرية حدودها السماء.
انتقد المحامي محمد ناجي علاو منسق منظمة هود تقييد الدستور لحق المواطنين في الإسهام في الحياة السياسية الذي نصت عليه المادة (42) من الدستور التي تقول (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون ) وفي ورشة العمل التي نظمتها هود في إطار الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان قال علاو إن قيد هذا الحق بالنص في عجز المادة انه في حدود القانون يجعل بيان وكيفية ممارسة هذا الحق محدود بالحدود التي يحددها القانون وخطأ هذا النص انه يتمثل من وجهين مبينا أن الوجه الأول يتمثل في تاريخية هذا النص حيث أن تاريخ نشأته مرجعها عند صياغة مشروع دستور الوحدة في السبعينات من القرن الماضي وظل هذا النص قائماً وأُجيز عند قيام دولة الوحدة ولم تمسه أية تعديلات أخرى أجريت ، ذلك أنه كان يتوافق في حينه والنظام الشمولي في الشطرين وبحسب علاو فإن الوجه الثاني للخطأ فيه أن الحق الدستوري إذا ما تقرر لا يجوز تقييده ووضع حدود لسقفه بقانون لاحق له وهو عوار تشريعي مستمد من طبيعة النظام الذي صيغ فيه فالواجب أن يكون القانون منظماً لكيفية ضمان وكفالة ممارسة هذا الحق لا الحد منه أو إلغائه .
وقال علاو نتمنى والقوى السياسية في الحكم والمعارضة مُقدمة على إصلاحات سياسية ودستورية كما هو معلن أن يتم تعديل هذا النص بشطب كلمة في حدود القانون ويستعاض عنها إن كان ولا بد من عبارة وينظم ذلك القانون بما لا يحد أو ينتقص من هذا الحق .
وأوضح علاو أن الحكومة والأجهزة التنفيذية تطبق هذه المادة بشكل يخل بمواد دستورية أخرى منها المواد (53) التي تنص على حق المواطنين في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً وتؤكد على واجب الدولة في حماية هذا الحق كما أشار علاو إلى المادة (6) من الدستور التي تؤكد على مواثيق الأمم المتحدة وفي ورقته قال علاو هناك ما يمكن تسميته بسبعة أصول الأول من حيث المبدأ أن الحكومة والأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة يفترض أنها لا تمتلك أو تحتكر وسائل الإعلام والأصل أنها متروكة للملكية الخاصة من خلال أفراد أو شركات كنشاط اقتصادي تجاري ثقافي وأخر نظرية دستورية هي الأرقى هو دستور الولايات المتحدة الأمريكية وما صاحبته من قواعد عرفية في الممارسات صارت في حكم نصوص الدستور فلا تملك حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق وذلك انطلاقاً من مبدأ أن هذه الأجهزة الإعلامية تديرها إدارة الحزب الحاكم في مستواها الإداري الإعلامي وستكون متأثرة بالضرورة بسياسة الإدارة ولو بطريقة غير مباشرة وإذا بثت إلى داخل الأميركي فسيكون ذلك إخلالاً بالمساواة الواجبة بين الأحزاب السياسية والمشارب السياسية لأنها تعطي من المال حق لحزب يسرب من خلالها رؤيته منفقاً عليها من المال العام وحزب أو أحزاب المعارضة ليس لديها ذات الفرصة لذلك مُنع بثها إلى الداخل الأمريكي احتراما لمبدأ عدم حق حزب في تسخير المال العام والوظيفة العامة لحزب من الأحزاب .
واستطرد علاو ولذلك فان من ابسط الحقوق ما يجب أن تكون في أي مشروع إصلاح قانوني لوسائل الإعلام حضر امتلاك الحكومة أو الأحزاب لصحف أو إذاعات أو قنوات والأصل الثاني رفع يد وزارة الإعلام عن موضوع التراخيص للصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية والمواقع كما يزمع مشروع قانون الإعلام المرئي والمسموع حصرها هذا الحق ترخيصاً وعدمه بها، ذلك أن الأصل أنه لا يجب أن تكون هناك وزارة إعلام في نظام يقوم على التعددية السياسية والحزبية اتساقا مع مبدأ أن حكومة الأغلبية لا يجب أن تسيطر على وسائل إعلام ينفق عليها من المال العام وتعكس في الممارسة بالضرورة وجهة نظرها في السياسات العامة والبرامج في الوقت الذي تحرم من ذلك بالضرورة الأحزاب خارج الحكم ولذلك نجد أن هذا الخلل الموروث من حكم الحزب الواحد الذي يخلط بين نظام بائد ونظام دستوري سائد يتصادم مع النص الدستوري القائم في المادة الخامسة من الدستور التي أوردنا نصها في أن أحكامها يقوم فيها النظام السياسي على التعددية الحزبية والسياسية وارتبط بهذا الحكم في الفقرة الثانية منها حكم عدم جواز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين والإعلام قطعا موظفيه هم من شاغلي الوظيفة العامة والمال الذي ينفق على وسائل الإعلام هو مالا عاما والأصل الثالث هو أن لا عقوبة خاصة بالصحفيين تمثلت هذه العقوبة بالحبس أو بالغرامة ذلك أن العقوبة ينص عليها في قانون العقوبات كأصل عام لكل شخص ارتكب جريمة السب كان ذلك بواسطة الوسيلة الإعلامية أو السب المباشر في الشارع أو أي مكان عام أو خاص وقام دليلها ولذلك فلا يوجد في قوانين الدول الديمقراطية جرائم خاصة بالصحفيين .
أما التعويض المدني فالمسئولة عنه هي إدارة الوسيلة الإعلامية وليس الصحفي إطلاقاً فمسئولية الصحفي مثلها مثل مسئولية أية شخص هي منحصرة فيما إذا كان الفعل المنسوب إليه فعلا مجرما أم لا وكل ما يتصور صدوره عن الصحفي هو نسبة أفعال إلى شخص أو جهة تكون هذه الأفعال كاذبة لو صحت لا وجبت احتقار من نسبت إليه بين أفراد مواطنيه.
وهذا الأصل في توصيف الأفعال الكاذبة يطبق على أي شخص صحفيا كان أم على ذلك من الشخصيات الطبيعية والاعتبارية.
لذلك فلا يجوز بأي حال النص سواء في قانون خاص كما الحال في قانون الصحافة أم في نصوص خاصة في قانون العقوبات أو أي قانون أخر.
واستبدال نص العقوبات الجزائية الواردة في المادة (103) من القانون رقم (25) لسنة 1990م بغرامات مالية كما جاء في مشروع التعديل للقانون التي أعدته نقابة الصحفيين هو أمر خاطئ وسيراً في اتجاه قيد حرية وسائل الإعلام والعاملين فيها والنقابة معذورة لان الجميع صحفيين ومحامين ونخب مازالت تجرهم ثقافة القمع الشمولي لذلك فهم يعتبرون هذا انجازاً بينما هو تردياً واستمراراً لأوضاع خاطئة من حيث الأصل، والأصل الرابع أن المسئولية الجنائية شخصية وفقاً لنص المادة (47) من الدستور وبالتالي لا يجوز معاقبة رئيس التحرير جنائياً كان ذلك وارداً في قانون عقوبات عام أو خاص كما أسلفنا فمسئولية رئيس التحرير مسئولية التبعية عن الحقوق المدنية لما نشر في صحيفة أو وسيلة الإعلام التي برأس تحريرها، هذا شق من المسألة والشق الأخر أن القانون النافذ في المادة (103) في الباب الخامس الفصل الأول تحت عنوان محظورات النشر قد شمل في الفعل الواحد المجرم عدد من الجهات بشكل مخل وأعمال هذا النص في واقع الممارسة يعطل عمل وسائل الإعلام برمتها فقد نص على:
( يلتزم كل من العاملين في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية وبصفة خاصة المسئولين في الإذاعة المسموعة والمرئية وكل من صاحب الصحيفة ورئيس التحرير المسئول وصاحب المطبعة ودور النشر والصحفيين بالامتناع عن طباعة ونشر وتداول وإذاعة ما يلي: وعدد عشر من محظورات النشر..)
والنص بهذا العمومية كرس رقابة ذاتية مركبة تؤدي بالضرورة إلى تعطيل كامل إذا ما تم أعماله وتطبيقه كل نشاط وسائل الإعلام وانتهك حق أن المسئولية الجنائية شخصية وخاصة في الأمور المتشابهة فالمقال المقروء الذي يشكل فعلاً مجرماً من وجهة نظر المدعي يكون خافيا هذا الحكم على صاحب المطبعة وصاحب الكشك والناشر ...الخ فكيف يعاقبون في مسائل ملتبسة ليس من مهامهم تتبعها وليسوا مسئولين عنها خاصة مع اتساع قائمة المحظورات وضرب علاو مثالين للمحضورات الأول أن وقائع الجلسات غير معلنة لهيئات سلطات الدولة العليا كيف يعلم الناشر أو صاحب المطبعة أن هذه الوقائع غير معلنة وقد وردت في صحيفة يطبعها وكذلك الناشر وصاحب الكشك والمثال الثاني إعلانات المستحضرات الطبية والتجميلية والمواد الغذائية دون إذن من الجهة المختصة.
والسؤال كيف يعلم صاحب المطبعة والناشر والموزع أن ما نشرته الصحيفة أو أذاعته الإذاعة والقناة التلفزيونية صدر به ترخيص أم لا وما هي الجهة المختصة.
والأصل الخامس أن تسجيل هذه الوسائل كشركات لأفراد أو مؤسسات تكون في وزارة الاقتصاد والتجارة وأن لا علاقة لوزارة الإعلام بها اتساقاً مع أنها شركات مملوكة في ظل نظام تعددي لا وزارة إعلام فيه.
والأصل السابع بحسب ورقة علاو أن لا جهة كمجلس أعلى للصحافة كما هي المشاريع للتعديلات التي قدمتها بعض الجهات يكون مسئولا عن الصحافة ووسائل الإعلام يكون مسئولا عن الصحافة ووسائل الإعلام بهذا المعني مجلس كهذا ثبت عدم جدواه كما هو الحال في جمهورية مصر وهو جهة حكومية يخضع لسلطتها ويعتبر تكبيلاً إضافيا لوسائل الإعلام والحق في التعبير وعمل يشق والتفكير الشمولي في سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام.
والأصل السابع أنه توجد عدد من مشاريع القوانين كمشاريع تعديلا لقانون الصحافة القائم والمرئي والأصل أن أي قانون منظم لهذه الوسائل غير مقيدا أو معطل لها يكون قانوناً واحداً ينظم كل أشكال وسائل الإعلام لا قوانين متفرقة لموضوع في الأصل هو منظم لموضوع واحد.
وختم علاو ورقته بأن هذه ملامح للأسس السير بخلافها بالضرورة سيؤدي إلى انحراف في النصوص يعطل حق التعيير وكفالة الدولة له أو ينتقص منه في أحسن الأحوال.
الصحفي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قال في ورقته أنه منذ أن بدأت الصحافة تشق طريقها نحو المهنية تكالبت عليها القيود من اتجاهات مختلفة. وكان الغالب في التوجه إلى تقنين الصحافة الحرة هو السلطات السياسية؛ عندما شعرت بأن الصحافة هي سلطة المجتمع الحقيقية في مواجهة كثير من الاختلالات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتحت مؤثرات السياسة أو سلطة السياسيين بمعنى أدق ظهرت مدارس شتى للصحافة كلها وضعت قيودا على الصحفي من نوع ما وأضاف نصر أنه ومع ذلك تظل الصحافة الحرة هي النموذج الأكثر استهدافا بالقيود والمعوقات نظرا لما تتمتع به من روح ناقدة باعتبار الصحافة أداة المجتمع الرقابية بالدرجة الأولى وقال لا نعني بذلك أن الصحافة المستأنسة أو ما تسمى بالصحافة الرسمية لا تواجه معوقات، إذ لم تستثنى القيود احد وبحسب رأي نصر أنه لذلك شاهدنا خلال الفترة الماضية أعداد كبيرة من الصحفيين يؤممون شطر محكمة الصحافة بدلا من البحث عن الحقائق والمعلومات واعتبر مصطفى نصر أن هناك العديد من الحقائق التي يجب أن نركز عليها في بداية حديثنا عن المعوقات القانونية من وجهة نظر ميدانية من هذه المعوقات التشريعات المقيدة للحرية تستهدف الصحافة الحرة ولم تكن يوما ما سيفا مسلطا على الصحافة المستأنسه أو التابعة كما أصبح لكل صحفي رقيب داخلي يمارس ’فلترة’ عملية على الأفكار والآراء والمقترحات التي تنعكس على صورة عمل صحفي يظهر للمجتمع على الرغم من أن مواثيق الشرف الصحفي هي محور الالتزام الأخلاقي للصحفي أثناء تأديته لعمله وهي أرقى وسيلة للالتزام المهني الذاتي والصحافة جزء من ديناميكية المجتمع المتطور اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. وتحت عنوان العوائق التشريعية قال نصر لست معنيا بالحديث عن النصوص القانونية التي تحد من حرية الصحافة، فسيتم تناولها من خلال أوراق أخرى لمحامين هم اعرف مني بالنصوص القانونية، ولكن ما سيتم التركيز عليه هو جوهر الممارسة الصحفية وعلاقتها بتلك التشريعات.
فاليمن وكما هو معروف شهدت ثورة للصحافة في مطلع التسعينات من القرن الماضي، بفعل ظروف سياسية معينة، ورغم أن النصوص المقننة للصحافة لا ترتقي إلى مستوى الحرية التي شهدتها تلك الفترة، إلا أن مستويات الحرية تجاوزت كثير من النصوص وظلت متفاوتة في مستواها بين الصعود والهبوط متأثرة بالمناخ السياسي العام وليس النص التشريعي.
ولذلك إذا نظرنا إلى المستوى العملي للحرية وفق رسم بياني سنجد أنه يتجه خلال سنوات معينة يتجه نحو الأعلى وأحيانا يعود إلى مستويات متدنية وهكذا الحال خلال 20 عاما من عمر التعددية السياسية في اليمن.
وهنا تكمن خطورة التأثير على الصحافة بحسب ورقة نصر إذ ليست النصوص القانونية هي المحك الأساسي للأداء المهني الإعلامي وإنما عندما يشعر الصحفي أنه قادر أن يطلق لقلمه العنان وهي متخفف من عبء الوصول إلى شباك النيابات والمحاكم.
وأشار نصر إلى أنه ورغم أهمية التشريع للصحافة من زاوية التنظيم الإداري للصحافة، وحفظ حقوق الملكية الفكرية فإن ذلك لا يبرر ان تتحول تلك النصوص إلى استهداف مضامين الحرية وتتناسى مهتمها الأساسية في فض النزاع المادي، ومن هنا يمكن الإشارة إلى الخطأ الذي وقعت فيه الأطراف التي صاغت قانون الصحافة رقم 25 لعام 1990م، عندما وضعت نفسها وهي تشرع في مرمي الاستهداف وتجاهلت حقوق الأفراد وحركة المجتمع نحو الحريات والانفتاح لذلك كانت الكثير من النصوص متقادمة وسرعان ما تجاوزها الواقع العملي للصحافة.
وكان ذلك سببا رئيسا للعديد من المعطيات التي شهدتها الساحة الإعلامية في اليمن خلال الفترة الماضية أجملها نصر بتجاهل التشريعات والعمل دون الالتفات لنصوص القوانين المجرمة للعمل الصحفي، وبدلا من أن تكون القوانين واللوائح هي الناظمة لوقع حركة الاقلام الصحفية، كانت عاجزة عن مسايرة التطلع الدائم للصحفيين في الكتابة بأفق أوسع من الحرية، ورغم انه هذا الوضع غير صحي ’ أعنى تخلف النص القانوني واللائحي عما تقره الممارسة الميدانية ’ إلا أنه كان مفيدا بالنسبة للصحافة اليمنية متزامنا مع تفهم بعض وزراء الإعلام والجهات الرقابية الظاهرة والمستترة لعمل الصحافة. ولذلك ظهرت مقولة أنه لو أرادت السلطة أن تعاقب الصحفيين لا عدمت الكثير وامتلأت السجون بهم أيضا ومنها إغلاق ومحاكمة عدد من الصحف والصحفيين باتهامات متنوعة ومتعددة وصل بعضها حد تهمة الخيانة الوطنية إضافة إلى ظهور عدد من الصحف الطفيلية المستفيدة من حالة الضبابية والبلبلة في البنية التشريعية والقانونية، وكذلك الأمر بالنسبة لدخول عدد كبير من الدخلاء على مهنة الصحافة علاوة على ضعف دور الصحافة اليمنية في الكشف عن مكامن الاختلالات في ومكافحة الفساد، ولذلك فإن الصحف التي تبدأ في تجاوز الخطوط الحمراء وتركز على مكامن الفساد في البلاد تلفق لها الكثير من التهم، حتى تعود إلى رشدها وتتجنب مخاطر الملاحقة والتهديد والإغلاق وكذلك عدم الشعور بالأمان لدى الصحفيين العاملين في اليمن، نظرا لحضور الرقيب الداخلي بقوة أثناء الكتابة الصحفية خوفا من الملاحقات القضائية.
وتحت عنوان أسباب الوقوع في المحاذير القانونية قال نصر أن تخلف كثير من النصوص والتشريعات المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي في اليمن هو السبب الأول إضافة إلى عدم ملائمة تلك التشريعات لمستوى الممارسة الصحفية في الواقع العملي للصحافة اليمنية وغياب الدور التوعوي للجهات الرسمية المعنية بالإشراف على الإعلام، بل اقتصار دورها على الدور الرقابي والعقابي ويرى نصر أنه يمكن للجهات الرسمية أن تلعب دورا كبيرا في التأهيل والتوعية وأن تكون في نصيرا للصحفيين بدلا من أن تكون سيفا مسلطا عليهم كما اعتبر نص غياب الوعي القانوني لدي الصحفي سببا للوقوع في المحاذير القانونية حيث تفتقر الكثير من وسائل الإعلام إلى المستشار القانوني أو أية مناشط توعوية لمحرريها في هذا الجانب.
وقال نصر في إطار حديثه عن العوائق المهنية أن الوضع التشريعي المتخلف للصحافة في اليمن خلق فروقا كبيرة بين الصحافة الرسمية من جهة والصحافة الحزبية والمستقلة من جهة أخرى، حيث حول الأولى إلى منشورات دعائية ومؤسسات خاصة بالسلطة الحاكمة، في حين شغل الثانية بملاحقات وقضايا تصرفها عن مهمتها الحقيقية في ممارسة دورها الرقابي والتوعوي وبالتركيز على الصحافة الرسمية، ورغم أنها في منأى عن الملاحقات القضائية المتعلقة بسقف الحرية تواجه الكثير من الصعوبات المتمثلة بغياب العمل المؤسسي وبالتالي تضيع الكثير من الحقوق المهنية والمادية للصحفيين إضافة إلى تحكم أصحاب النفوذ سواء على المستوى المركزي او المحلي في أداء الصحافة الرسمية، لذا فإنها تعد صوت السلطة للشعب وليس العكس كما يواجه الصحفيين انتهاكات متعددة سواء من أرباب العمل أو من المسئولين في مؤسسات الدولة، بل ان بعضهم تعرض للفصل بضغط من جهة معينة او شخص ما.
وتحدث نصر عن عوائق مادية معتبرا الوضع الاقتصادي هو الحاضن الفعلي لأي صحافة متطورة، لذلك فإن الصحافة الحرة والنزيهة عادة ما تنشأ في بيئة اقتصادية تتسم بالنمو الاقتصادي والحركة المتسارعة لتقديم الخدمات للمجتمع ورغم العدد الكبير من فرص العمل التي توفرها الصحافة ’ صحفيين، فنيين، مؤسسات توزيع ، مطابع ، مكتبات ’ إلا أن التشريعات والممارسات تجاه الصحافة ما زالت تنظر بعين السياسي المتوجس.
وأوصى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بتحديث التشريعات الإعلامية بما ينسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية وحق الإنسان في التعبير عن آراءها بكل حرية ووضع محددات قانونية واضحة مستوحاه من التشريعات التي تنظم العمل الصحفي في اليمن وفي كل وسيلة إعلامية بحيث يتم استيعابها من قبل كافة المحررين والمراسلين، لتجنب كثير من الإشكاليات القانونية التي يقع فيها المحررين عن غير قصد كما أوصى بوضع قواعد عمل تحريرية تتضمن قواعد الكتابة الصحفية وبما لا يعرض الصحفيين للمساءلة القانونية وصياغة مواثيق الشرف الصحفي واعتبارها الناظم الأخلاقي والمهني لعمل الصحفيين واعتبار التشريعات الداعمة للحريات الصحفية جزء من منظومة التشريعات التي تكافح الفساد.
علاو لطلاب الإعلام : لاتكرروا أخطاءنا
مصطفى نصر : مساحة الحرية مرهونة بالمزاج السياسي
موسى النمراني:
دعى المحامي محمد ناجي علاو من أسماهم بالصحفيين الشباب من طلاب الإعلام إلى أن يخطوا لأنفسهم خطا جديدا دون تكرار لأخطاء من سبقهم على مستوى العمل الصحفي أو المشاركة في عملية التقنين لاحقا واصفا إياهم بأنهم الخير القادم ، جاء ذلك في حديثه في ورشة العمل التي نظمتها هود في إطار الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان لمراجعة القوانين ومشاريع القوانين المتعلقة بالإعلام التي تحدث فيها إلى جواره الصحفي مصطفى نصر رئيس مركزا الدراسات والإعلام الاقتصادي الذي قال أن الحرية الإعلامية التي تشهدها الساحة اليمنية مدعومة بمناخ سياسي معين، لذلك سيظل الإعلاميين في اليمن مرتهنين لأمزجة أكثر منها إلى نصوص قانونية واضحة تساند حقهم الأساسي في التعبير ، وبسقف مرتفع من الحرية حدودها السماء.
انتقد المحامي محمد ناجي علاو منسق منظمة هود تقييد الدستور لحق المواطنين في الإسهام في الحياة السياسية الذي نصت عليه المادة (42) من الدستور التي تقول (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون ) وفي ورشة العمل التي نظمتها هود في إطار الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان قال علاو إن قيد هذا الحق بالنص في عجز المادة انه في حدود القانون يجعل بيان وكيفية ممارسة هذا الحق محدود بالحدود التي يحددها القانون وخطأ هذا النص انه يتمثل من وجهين مبينا أن الوجه الأول يتمثل في تاريخية هذا النص حيث أن تاريخ نشأته مرجعها عند صياغة مشروع دستور الوحدة في السبعينات من القرن الماضي وظل هذا النص قائماً وأُجيز عند قيام دولة الوحدة ولم تمسه أية تعديلات أخرى أجريت ، ذلك أنه كان يتوافق في حينه والنظام الشمولي في الشطرين وبحسب علاو فإن الوجه الثاني للخطأ فيه أن الحق الدستوري إذا ما تقرر لا يجوز تقييده ووضع حدود لسقفه بقانون لاحق له وهو عوار تشريعي مستمد من طبيعة النظام الذي صيغ فيه فالواجب أن يكون القانون منظماً لكيفية ضمان وكفالة ممارسة هذا الحق لا الحد منه أو إلغائه .
وقال علاو نتمنى والقوى السياسية في الحكم والمعارضة مُقدمة على إصلاحات سياسية ودستورية كما هو معلن أن يتم تعديل هذا النص بشطب كلمة في حدود القانون ويستعاض عنها إن كان ولا بد من عبارة وينظم ذلك القانون بما لا يحد أو ينتقص من هذا الحق .
وأوضح علاو أن الحكومة والأجهزة التنفيذية تطبق هذه المادة بشكل يخل بمواد دستورية أخرى منها المواد (53) التي تنص على حق المواطنين في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً وتؤكد على واجب الدولة في حماية هذا الحق كما أشار علاو إلى المادة (6) من الدستور التي تؤكد على مواثيق الأمم المتحدة وفي ورقته قال علاو هناك ما يمكن تسميته بسبعة أصول الأول من حيث المبدأ أن الحكومة والأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة يفترض أنها لا تمتلك أو تحتكر وسائل الإعلام والأصل أنها متروكة للملكية الخاصة من خلال أفراد أو شركات كنشاط اقتصادي تجاري ثقافي وأخر نظرية دستورية هي الأرقى هو دستور الولايات المتحدة الأمريكية وما صاحبته من قواعد عرفية في الممارسات صارت في حكم نصوص الدستور فلا تملك حكومة الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق وذلك انطلاقاً من مبدأ أن هذه الأجهزة الإعلامية تديرها إدارة الحزب الحاكم في مستواها الإداري الإعلامي وستكون متأثرة بالضرورة بسياسة الإدارة ولو بطريقة غير مباشرة وإذا بثت إلى داخل الأميركي فسيكون ذلك إخلالاً بالمساواة الواجبة بين الأحزاب السياسية والمشارب السياسية لأنها تعطي من المال حق لحزب يسرب من خلالها رؤيته منفقاً عليها من المال العام وحزب أو أحزاب المعارضة ليس لديها ذات الفرصة لذلك مُنع بثها إلى الداخل الأمريكي احتراما لمبدأ عدم حق حزب في تسخير المال العام والوظيفة العامة لحزب من الأحزاب .
واستطرد علاو ولذلك فان من ابسط الحقوق ما يجب أن تكون في أي مشروع إصلاح قانوني لوسائل الإعلام حضر امتلاك الحكومة أو الأحزاب لصحف أو إذاعات أو قنوات والأصل الثاني رفع يد وزارة الإعلام عن موضوع التراخيص للصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية والمواقع كما يزمع مشروع قانون الإعلام المرئي والمسموع حصرها هذا الحق ترخيصاً وعدمه بها، ذلك أن الأصل أنه لا يجب أن تكون هناك وزارة إعلام في نظام يقوم على التعددية السياسية والحزبية اتساقا مع مبدأ أن حكومة الأغلبية لا يجب أن تسيطر على وسائل إعلام ينفق عليها من المال العام وتعكس في الممارسة بالضرورة وجهة نظرها في السياسات العامة والبرامج في الوقت الذي تحرم من ذلك بالضرورة الأحزاب خارج الحكم ولذلك نجد أن هذا الخلل الموروث من حكم الحزب الواحد الذي يخلط بين نظام بائد ونظام دستوري سائد يتصادم مع النص الدستوري القائم في المادة الخامسة من الدستور التي أوردنا نصها في أن أحكامها يقوم فيها النظام السياسي على التعددية الحزبية والسياسية وارتبط بهذا الحكم في الفقرة الثانية منها حكم عدم جواز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين والإعلام قطعا موظفيه هم من شاغلي الوظيفة العامة والمال الذي ينفق على وسائل الإعلام هو مالا عاما والأصل الثالث هو أن لا عقوبة خاصة بالصحفيين تمثلت هذه العقوبة بالحبس أو بالغرامة ذلك أن العقوبة ينص عليها في قانون العقوبات كأصل عام لكل شخص ارتكب جريمة السب كان ذلك بواسطة الوسيلة الإعلامية أو السب المباشر في الشارع أو أي مكان عام أو خاص وقام دليلها ولذلك فلا يوجد في قوانين الدول الديمقراطية جرائم خاصة بالصحفيين .
أما التعويض المدني فالمسئولة عنه هي إدارة الوسيلة الإعلامية وليس الصحفي إطلاقاً فمسئولية الصحفي مثلها مثل مسئولية أية شخص هي منحصرة فيما إذا كان الفعل المنسوب إليه فعلا مجرما أم لا وكل ما يتصور صدوره عن الصحفي هو نسبة أفعال إلى شخص أو جهة تكون هذه الأفعال كاذبة لو صحت لا وجبت احتقار من نسبت إليه بين أفراد مواطنيه.
وهذا الأصل في توصيف الأفعال الكاذبة يطبق على أي شخص صحفيا كان أم على ذلك من الشخصيات الطبيعية والاعتبارية.
لذلك فلا يجوز بأي حال النص سواء في قانون خاص كما الحال في قانون الصحافة أم في نصوص خاصة في قانون العقوبات أو أي قانون أخر.
واستبدال نص العقوبات الجزائية الواردة في المادة (103) من القانون رقم (25) لسنة 1990م بغرامات مالية كما جاء في مشروع التعديل للقانون التي أعدته نقابة الصحفيين هو أمر خاطئ وسيراً في اتجاه قيد حرية وسائل الإعلام والعاملين فيها والنقابة معذورة لان الجميع صحفيين ومحامين ونخب مازالت تجرهم ثقافة القمع الشمولي لذلك فهم يعتبرون هذا انجازاً بينما هو تردياً واستمراراً لأوضاع خاطئة من حيث الأصل، والأصل الرابع أن المسئولية الجنائية شخصية وفقاً لنص المادة (47) من الدستور وبالتالي لا يجوز معاقبة رئيس التحرير جنائياً كان ذلك وارداً في قانون عقوبات عام أو خاص كما أسلفنا فمسئولية رئيس التحرير مسئولية التبعية عن الحقوق المدنية لما نشر في صحيفة أو وسيلة الإعلام التي برأس تحريرها، هذا شق من المسألة والشق الأخر أن القانون النافذ في المادة (103) في الباب الخامس الفصل الأول تحت عنوان محظورات النشر قد شمل في الفعل الواحد المجرم عدد من الجهات بشكل مخل وأعمال هذا النص في واقع الممارسة يعطل عمل وسائل الإعلام برمتها فقد نص على:
( يلتزم كل من العاملين في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية وبصفة خاصة المسئولين في الإذاعة المسموعة والمرئية وكل من صاحب الصحيفة ورئيس التحرير المسئول وصاحب المطبعة ودور النشر والصحفيين بالامتناع عن طباعة ونشر وتداول وإذاعة ما يلي: وعدد عشر من محظورات النشر..)
والنص بهذا العمومية كرس رقابة ذاتية مركبة تؤدي بالضرورة إلى تعطيل كامل إذا ما تم أعماله وتطبيقه كل نشاط وسائل الإعلام وانتهك حق أن المسئولية الجنائية شخصية وخاصة في الأمور المتشابهة فالمقال المقروء الذي يشكل فعلاً مجرماً من وجهة نظر المدعي يكون خافيا هذا الحكم على صاحب المطبعة وصاحب الكشك والناشر ...الخ فكيف يعاقبون في مسائل ملتبسة ليس من مهامهم تتبعها وليسوا مسئولين عنها خاصة مع اتساع قائمة المحظورات وضرب علاو مثالين للمحضورات الأول أن وقائع الجلسات غير معلنة لهيئات سلطات الدولة العليا كيف يعلم الناشر أو صاحب المطبعة أن هذه الوقائع غير معلنة وقد وردت في صحيفة يطبعها وكذلك الناشر وصاحب الكشك والمثال الثاني إعلانات المستحضرات الطبية والتجميلية والمواد الغذائية دون إذن من الجهة المختصة.
والسؤال كيف يعلم صاحب المطبعة والناشر والموزع أن ما نشرته الصحيفة أو أذاعته الإذاعة والقناة التلفزيونية صدر به ترخيص أم لا وما هي الجهة المختصة.
والأصل الخامس أن تسجيل هذه الوسائل كشركات لأفراد أو مؤسسات تكون في وزارة الاقتصاد والتجارة وأن لا علاقة لوزارة الإعلام بها اتساقاً مع أنها شركات مملوكة في ظل نظام تعددي لا وزارة إعلام فيه.
والأصل السابع بحسب ورقة علاو أن لا جهة كمجلس أعلى للصحافة كما هي المشاريع للتعديلات التي قدمتها بعض الجهات يكون مسئولا عن الصحافة ووسائل الإعلام يكون مسئولا عن الصحافة ووسائل الإعلام بهذا المعني مجلس كهذا ثبت عدم جدواه كما هو الحال في جمهورية مصر وهو جهة حكومية يخضع لسلطتها ويعتبر تكبيلاً إضافيا لوسائل الإعلام والحق في التعبير وعمل يشق والتفكير الشمولي في سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام.
والأصل السابع أنه توجد عدد من مشاريع القوانين كمشاريع تعديلا لقانون الصحافة القائم والمرئي والأصل أن أي قانون منظم لهذه الوسائل غير مقيدا أو معطل لها يكون قانوناً واحداً ينظم كل أشكال وسائل الإعلام لا قوانين متفرقة لموضوع في الأصل هو منظم لموضوع واحد.
وختم علاو ورقته بأن هذه ملامح للأسس السير بخلافها بالضرورة سيؤدي إلى انحراف في النصوص يعطل حق التعيير وكفالة الدولة له أو ينتقص منه في أحسن الأحوال.
الصحفي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قال في ورقته أنه منذ أن بدأت الصحافة تشق طريقها نحو المهنية تكالبت عليها القيود من اتجاهات مختلفة. وكان الغالب في التوجه إلى تقنين الصحافة الحرة هو السلطات السياسية؛ عندما شعرت بأن الصحافة هي سلطة المجتمع الحقيقية في مواجهة كثير من الاختلالات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتحت مؤثرات السياسة أو سلطة السياسيين بمعنى أدق ظهرت مدارس شتى للصحافة كلها وضعت قيودا على الصحفي من نوع ما وأضاف نصر أنه ومع ذلك تظل الصحافة الحرة هي النموذج الأكثر استهدافا بالقيود والمعوقات نظرا لما تتمتع به من روح ناقدة باعتبار الصحافة أداة المجتمع الرقابية بالدرجة الأولى وقال لا نعني بذلك أن الصحافة المستأنسة أو ما تسمى بالصحافة الرسمية لا تواجه معوقات، إذ لم تستثنى القيود احد وبحسب رأي نصر أنه لذلك شاهدنا خلال الفترة الماضية أعداد كبيرة من الصحفيين يؤممون شطر محكمة الصحافة بدلا من البحث عن الحقائق والمعلومات واعتبر مصطفى نصر أن هناك العديد من الحقائق التي يجب أن نركز عليها في بداية حديثنا عن المعوقات القانونية من وجهة نظر ميدانية من هذه المعوقات التشريعات المقيدة للحرية تستهدف الصحافة الحرة ولم تكن يوما ما سيفا مسلطا على الصحافة المستأنسه أو التابعة كما أصبح لكل صحفي رقيب داخلي يمارس ’فلترة’ عملية على الأفكار والآراء والمقترحات التي تنعكس على صورة عمل صحفي يظهر للمجتمع على الرغم من أن مواثيق الشرف الصحفي هي محور الالتزام الأخلاقي للصحفي أثناء تأديته لعمله وهي أرقى وسيلة للالتزام المهني الذاتي والصحافة جزء من ديناميكية المجتمع المتطور اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. وتحت عنوان العوائق التشريعية قال نصر لست معنيا بالحديث عن النصوص القانونية التي تحد من حرية الصحافة، فسيتم تناولها من خلال أوراق أخرى لمحامين هم اعرف مني بالنصوص القانونية، ولكن ما سيتم التركيز عليه هو جوهر الممارسة الصحفية وعلاقتها بتلك التشريعات.
فاليمن وكما هو معروف شهدت ثورة للصحافة في مطلع التسعينات من القرن الماضي، بفعل ظروف سياسية معينة، ورغم أن النصوص المقننة للصحافة لا ترتقي إلى مستوى الحرية التي شهدتها تلك الفترة، إلا أن مستويات الحرية تجاوزت كثير من النصوص وظلت متفاوتة في مستواها بين الصعود والهبوط متأثرة بالمناخ السياسي العام وليس النص التشريعي.
ولذلك إذا نظرنا إلى المستوى العملي للحرية وفق رسم بياني سنجد أنه يتجه خلال سنوات معينة يتجه نحو الأعلى وأحيانا يعود إلى مستويات متدنية وهكذا الحال خلال 20 عاما من عمر التعددية السياسية في اليمن.
وهنا تكمن خطورة التأثير على الصحافة بحسب ورقة نصر إذ ليست النصوص القانونية هي المحك الأساسي للأداء المهني الإعلامي وإنما عندما يشعر الصحفي أنه قادر أن يطلق لقلمه العنان وهي متخفف من عبء الوصول إلى شباك النيابات والمحاكم.
وأشار نصر إلى أنه ورغم أهمية التشريع للصحافة من زاوية التنظيم الإداري للصحافة، وحفظ حقوق الملكية الفكرية فإن ذلك لا يبرر ان تتحول تلك النصوص إلى استهداف مضامين الحرية وتتناسى مهتمها الأساسية في فض النزاع المادي، ومن هنا يمكن الإشارة إلى الخطأ الذي وقعت فيه الأطراف التي صاغت قانون الصحافة رقم 25 لعام 1990م، عندما وضعت نفسها وهي تشرع في مرمي الاستهداف وتجاهلت حقوق الأفراد وحركة المجتمع نحو الحريات والانفتاح لذلك كانت الكثير من النصوص متقادمة وسرعان ما تجاوزها الواقع العملي للصحافة.
وكان ذلك سببا رئيسا للعديد من المعطيات التي شهدتها الساحة الإعلامية في اليمن خلال الفترة الماضية أجملها نصر بتجاهل التشريعات والعمل دون الالتفات لنصوص القوانين المجرمة للعمل الصحفي، وبدلا من أن تكون القوانين واللوائح هي الناظمة لوقع حركة الاقلام الصحفية، كانت عاجزة عن مسايرة التطلع الدائم للصحفيين في الكتابة بأفق أوسع من الحرية، ورغم انه هذا الوضع غير صحي ’ أعنى تخلف النص القانوني واللائحي عما تقره الممارسة الميدانية ’ إلا أنه كان مفيدا بالنسبة للصحافة اليمنية متزامنا مع تفهم بعض وزراء الإعلام والجهات الرقابية الظاهرة والمستترة لعمل الصحافة. ولذلك ظهرت مقولة أنه لو أرادت السلطة أن تعاقب الصحفيين لا عدمت الكثير وامتلأت السجون بهم أيضا ومنها إغلاق ومحاكمة عدد من الصحف والصحفيين باتهامات متنوعة ومتعددة وصل بعضها حد تهمة الخيانة الوطنية إضافة إلى ظهور عدد من الصحف الطفيلية المستفيدة من حالة الضبابية والبلبلة في البنية التشريعية والقانونية، وكذلك الأمر بالنسبة لدخول عدد كبير من الدخلاء على مهنة الصحافة علاوة على ضعف دور الصحافة اليمنية في الكشف عن مكامن الاختلالات في ومكافحة الفساد، ولذلك فإن الصحف التي تبدأ في تجاوز الخطوط الحمراء وتركز على مكامن الفساد في البلاد تلفق لها الكثير من التهم، حتى تعود إلى رشدها وتتجنب مخاطر الملاحقة والتهديد والإغلاق وكذلك عدم الشعور بالأمان لدى الصحفيين العاملين في اليمن، نظرا لحضور الرقيب الداخلي بقوة أثناء الكتابة الصحفية خوفا من الملاحقات القضائية.
وتحت عنوان أسباب الوقوع في المحاذير القانونية قال نصر أن تخلف كثير من النصوص والتشريعات المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي في اليمن هو السبب الأول إضافة إلى عدم ملائمة تلك التشريعات لمستوى الممارسة الصحفية في الواقع العملي للصحافة اليمنية وغياب الدور التوعوي للجهات الرسمية المعنية بالإشراف على الإعلام، بل اقتصار دورها على الدور الرقابي والعقابي ويرى نصر أنه يمكن للجهات الرسمية أن تلعب دورا كبيرا في التأهيل والتوعية وأن تكون في نصيرا للصحفيين بدلا من أن تكون سيفا مسلطا عليهم كما اعتبر نص غياب الوعي القانوني لدي الصحفي سببا للوقوع في المحاذير القانونية حيث تفتقر الكثير من وسائل الإعلام إلى المستشار القانوني أو أية مناشط توعوية لمحرريها في هذا الجانب.
وقال نصر في إطار حديثه عن العوائق المهنية أن الوضع التشريعي المتخلف للصحافة في اليمن خلق فروقا كبيرة بين الصحافة الرسمية من جهة والصحافة الحزبية والمستقلة من جهة أخرى، حيث حول الأولى إلى منشورات دعائية ومؤسسات خاصة بالسلطة الحاكمة، في حين شغل الثانية بملاحقات وقضايا تصرفها عن مهمتها الحقيقية في ممارسة دورها الرقابي والتوعوي وبالتركيز على الصحافة الرسمية، ورغم أنها في منأى عن الملاحقات القضائية المتعلقة بسقف الحرية تواجه الكثير من الصعوبات المتمثلة بغياب العمل المؤسسي وبالتالي تضيع الكثير من الحقوق المهنية والمادية للصحفيين إضافة إلى تحكم أصحاب النفوذ سواء على المستوى المركزي او المحلي في أداء الصحافة الرسمية، لذا فإنها تعد صوت السلطة للشعب وليس العكس كما يواجه الصحفيين انتهاكات متعددة سواء من أرباب العمل أو من المسئولين في مؤسسات الدولة، بل ان بعضهم تعرض للفصل بضغط من جهة معينة او شخص ما.
وتحدث نصر عن عوائق مادية معتبرا الوضع الاقتصادي هو الحاضن الفعلي لأي صحافة متطورة، لذلك فإن الصحافة الحرة والنزيهة عادة ما تنشأ في بيئة اقتصادية تتسم بالنمو الاقتصادي والحركة المتسارعة لتقديم الخدمات للمجتمع ورغم العدد الكبير من فرص العمل التي توفرها الصحافة ’ صحفيين، فنيين، مؤسسات توزيع ، مطابع ، مكتبات ’ إلا أن التشريعات والممارسات تجاه الصحافة ما زالت تنظر بعين السياسي المتوجس.
وأوصى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بتحديث التشريعات الإعلامية بما ينسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية وحق الإنسان في التعبير عن آراءها بكل حرية ووضع محددات قانونية واضحة مستوحاه من التشريعات التي تنظم العمل الصحفي في اليمن وفي كل وسيلة إعلامية بحيث يتم استيعابها من قبل كافة المحررين والمراسلين، لتجنب كثير من الإشكاليات القانونية التي يقع فيها المحررين عن غير قصد كما أوصى بوضع قواعد عمل تحريرية تتضمن قواعد الكتابة الصحفية وبما لا يعرض الصحفيين للمساءلة القانونية وصياغة مواثيق الشرف الصحفي واعتبارها الناظم الأخلاقي والمهني لعمل الصحفيين واعتبار التشريعات الداعمة للحريات الصحفية جزء من منظومة التشريعات التي تكافح الفساد.