الشيخ رائد صلاح في حوار خاص ’’برسالة الإسلام’’:
ستكون القدس عاصمة إسلامية عالمية
حاوره: زياد آل سليمان
- الاحتلال حدد عام 2020 كحد أقصى لإنهاء الوجود الإسلامي في القدس؟
- نسمع كل يوم عن انتهاكات للاحتلال الصهيوني في مدينة القدس وفي المسجد الأقصى المبارك، إلى أي حدّ بلغت هذه الانتهاكات، وما السبل للتصدي لها؟
كما هو واضح أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ يسارع في خطواته المجنونة من أجل تهويد القدس الشريف، وكل القرائن تقول إن الاحتلال الإسرائيلي يطمع في أن ينفذ مخططاته التي كان قد حدّد لها عشر سنوات، أن ينفذها خلال عشر أشهر، وعلى هذا الأساس بدأ يتصرف كالمجنون سعياً منه لتهويد أرض القدس وعقاراتها ومؤسساتها، وسعياً منه لفرض التطهير العرقي على أهلنا في القدس، وقد بات واضحاً أنّ الاحتلال الإسرائيلي حدّد لنفسه عام 2020 م كحدّ أعلى لتطهير القدس القديمة من الوجود المقدسي لأهلنا، كي تبقى ذات طابع يهودي فقط ، وحدّد لنفسه عام 2050 م لتطهير كل القدس التي يسميها في مصطلحاته الاحتلالية باسم ’’ القدس الكبرى ’’ ، كي لا يبقى فيها وجود لأهلنا، وكي تبقى وفق حساباته ذات وجود يهودي فقط ، ونراه اليوم يعلن بشكل واضح عن نيته هدم أو إخلاء آلاف البيوت، كما قد سمعنا عن مأساة الأهل في حي الشيخ جراح،وحي سلوان، وحي العباسية، وحي الطور، وحي شعفاط، والقائمة طويلة مع شديد الأسف، وواضح جداً أنّ الإحتلال الإسرائيلي بدأ يبحث عن تبريرات كثيرة تعسفية وظالمة لتعميق سياسة التهويد ، وعلى سبيل المثال ما نعلمه أن البلدية العبرية للقدس التي يقودها شخص يدعى ’’برقات’’ ، وهو شخص يهودي ، بدأت بقياس كل بيوت أهلنا في القدس بهدف قيام البلدية فيما بعد بهدمّ كل بيت فيه إضافات على المساحة المرسومة له أصلا، وهذا يعني أنّ أكثر من 70% من بيوت أهلنا في القدس مخطط لها وفق البلدية العبرية في القدس أن يهدم قسم كبير منها، بمعنى أننا أمام مأساة بكل معنى الكلمة تنتظر القدس الشريف خلال الأشهر القادمة، وتنتظر أهلنا خلال هذه الأشهر المقبلة.
ولقد وصل الأمر بالاحتلال الإسرائيلي أن يستعمل سياسة الترغيب المجنونة لاستدراج بعض الأهل لبيع عقاراتهم، ولقد وقعت بين أيدينا وثيقة باللغة العبرية لما يسمى ’’جمعية عطيرات كوهنيم’’ يبدون فيها استعداداً لدفع2.2 مليون دولار مقابل كل متر مربع في بعض العقارات المهمة، وهذا رقم جنوني، إن دلّ فإنما يدلّ على أن كل الصهيونية العالمية، ومن ورائها المؤسسات الغربية، وخصوصاً البروتستانت الصهيونيين قد احتشدوا بأموالهم، بإعلامهم، بسياساتهم من وراء تهويد القدس.
وفي الوقت نفسه فإنّ الاحتلال الإسرائيلي بدأ يواصل ويكثّف ويطوّر من أساليب اعتدائه على المسجد الأقصى، طامعاً في أحلامه السوداء أن يهدم المسجد الأقصى، وأن يبني هيكلاً أسطورياً على أنقاض المسجد الأقصى، في هذه الأيام الاحتلال الإسرائيلي قام ببناء أكثر من مائة كنيس يهودي تحيط بالمسجد الأقصى من كل الجهات، في هذه الأيام الاحتلال الإسرائيلي قام بنصب شمعدان كبير، طويل، عريض، بلون ذهبي، على بعد أمتار من باب المغاربة – أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك - ، والاحتلال أعلن أنّ مكان هذا الشمعدان سيكون مؤقتاً خارج المسجد الأقصى، ريثما يتسنّى له أن يبني هيكله الأسطوري، ثم أن ينقل هذا الشمعدان ، كأحد معالم هذا الهيكل الأسطوري المنتظر – الموعود ، هذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي جادّ في سعيه المحموم والمتوحش لمواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك.
الاحتلال الإسرائيلي اليوم بدأ بالتخطيط لإقامة قطار أرضي في أحد الأنفاق التي تبدأ أصلاً من تحت المسجد الأقصى، بدأ بإقامة هذا القطار الأرضي من أجل أن يربط القدس بحائط البراق، والذي يسميه زوراً وبهتاناً باسم حائط المبكى، الاحتلال الإسرائيلي اليوم بدأ يفرض بقوة السلاح إدخال سوائب المستوطنين اليهود لأداء طقوس يهودية دينية في داخل المسجد الأقصى ، ومن يعترض منّا أو من حرّاس المسجد الأقصى يتعرض للضرب، يتعرض للاعتقال، يتعرض للطرد والمنع من دخول المسجد الأقصى المبارك لأيام أو لأشهر أو لسنوات، الاحتلال الإسرائيلي في هذه الأيام يواصل منع إدخال أية مواد بناء لإعمار ما يلزم المسجد الأقصى، والذي يلزم المسجد الأقصى مئات المشاريع الضرورية التي يجب أن تقام فوراً لمتابعة صيانة المسجد الأقصى المبارك، ولكن الاحتلال يأبى كل ذلك، فهذا موجز عام عما يعيشه المسجد الأقصى اليوم ، من ويلات الاحتلال الإسرائيلي.
*هل الاحتلال الإسرائيلي قادر على تهجير أو طرد فلسطينيي الـ 48؟
الاحتلال الإسرائيلي في مجمل الموقف لن ينجح - بإذن الله - في تنفيذ سياسة طردنا من الداخل الفلسطيني (مناطق 48) ، ولكن هو بات يعمل كالمجنون من أجل تهيئة ظروف تقود إلى طردنا في المستقبل، وبات يعلن ذلك على لسان أكثر من مسؤول رسمي في المؤسسة الإسرائيلية اليوم، المشهور الذي بدأ يتبنّى هذا الموقف المجنون هو وزير الخارجية ليبرمان، ولكن حتى نتنياهو عندما كان في لقائه الأخير مع أوباما صرح علانية وقال إنه استعداد على التفاوض مع الفلسطينيين بشرط الاعتراف بيهودية الدولة ... وما معنى الاعتراف بيهودية الدولة؟ معنى ذلك هو مقدمة لما يطمع فيه قادة المشروع الصهيوني ليبنوا عليها سياسة ترحيلنا من بلادنا، من أرضنا ، من بيوتنا، من مقدساتنا، وما نسمع من تحركات على أيدي المتطرفين اليهود، مثل تحرك مارزل ، الذي حاول اقتحام مدينة أم الفحم ، أو تحرك بعض المستوطنين اليهود الذين عاثوا في عكا فساداً، أو تهديدات آخرين بأنهم سيدخلون عما قريب إلى مدن وقرى فلسطينية في الداخل الفلسطيني، كل هذه التحركات هي محاولات لبناء أجواء لترحيلنا ، لبناء مقدمات لترحيلنا، نحن ندرك كل ذلك، ولكن نحن نؤكد مرة بعد مرة أنّ كل هذه المخططات ستبور وستزول وسنبقى في أرضنا إن شاء الله تعالى.
* ما الذي يمكن أن تقوم به الجهات الرسمية والأهلية لحماية مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟
هذا السؤال الذي بدأ يكرر نفسه في كل يوم ، في كل أسبوع ، في كل عام يمرّ على الأمة الإسلامية والعالم العربي، في تصوري الجواب الواضح على هذا السؤال يبدأ من حقيقة مرة تقول إنّ مأساة القدس الشريف ومأساة المسجد الأقصى، هي بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والحلّ الجذري لإزالة هذه المأساة هو فقط بزوال الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك الإستراتيجية المطلوبة من الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، على صعيد القادة الحكام، وعلى صعيد العلماء، وعلى صعيد الجماهير، أن يكون هناك سعي لاستعمال كل أوراق الضغط التي بين أيدينا - وما أكثرها - من أجل الدفع باتجاه زوال الاحتلال الإسرائيلي عن القدس والمسجد الأقصى، وبذلك نحمي مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لأنه ما دام هناك احتلال , فمسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في خطر ، ما دام هناك احتلال هناك أنفاق تحت المسجد الأقصى تحفر يوماً بعد يوم، هناك هدم تدريجي يُنفّذ في حق المسجد الأقصى يوماً بعد يوم، هناك سيطرة يومية على كل مجريات الأمور من قبل الاحتلال الإسرائيلي في داخل المسجد الأقصى، هناك فرض سياحة بالآلاف لأجانب شبه عراة إلى المسجد الأقصى، كل هذا الأذى منبعه من الاحتلال الإسرائيلي، لن يختفي هذا الأذى إلاّ بزوال الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يجعلني أقول مرة أخرى, لابدّ من إستراتيجية واضحة تستعمل فيها كل أوراق الضغط عند الأمة الإسلامية والعالم العربي لتحقيق ذلك بإذن الله تعالى.
*هل ترى إمكانية هدنة طويلة بين الفلسطينيين والاحتلال؟
أنا شخصياً أجزم لو أن الفلسطينيين قد أجمعوا عن بكرة أبيهم مقتنعين بضرورة إقامة هدنة فسيفشلها الاحتلال الإسرائيلي، الاحتلال لا يمكن له أن ينسجم مع وجود سلام مع شعبنا الفلسطيني، ولا يمكن له أن ينسجم مع وجود هدنة حتى قصيرة المدى مع شعبنا الفلسطيني، والقرائن تقول بشكل واضح إنّ كل محاولات عقد أكثر من هدنة مع شعبنا الفلسطيني الذي اخترقها هو الاحتلال الإسرائيلي، لأنه غير معني بأية هدنة، وغير معني بأي مشروع سلام، الاحتلال هو لا يزال بعقلية الهيمنة بقوة السلاح، والتوسع بقوة السلاح، وفرض سيطرته على كل شعبنا الفلسطيني ، على صعيد قطاع غزة, أن يواصل حصار قطاع غزة ، وعلى صعيد القدس الشريف, أن يواصل تهويدها، وعلى صعيد الضفة الغربية, أن يواصل الاستيطان والتهويد، هذه هي عقلية الاحتلال وشخصيته ، وأنا على يقين أنه لا يمكن أن تكون هناك أية هدنة إطلاقاً.
*الحرب التي جرت مؤخراً على قطاع غزة، ما الصلة بينها وبين عمليات التهويد في القدس؟
أودُّ أن أؤكد أن التهويد في القدس قد بدأ منذ سنوات طويلة جداً ، ولا أبالغ إذا قلت إنّ بدايات المشروع الصهيوني كانت من القدس، أول مستوطنة في تاريخ المشروع الصهيوني كانت مستوطنة ’’ منتفيوري ’’في مدينة القدس، أول زيارة قام بها هرتسل إلى أرضنا كانت دخول مدينة القدس، وهناك أطلق صرخته لكل المجتمع اليهودي في العالم أن يحاول الهجرة إلى أرضنا، هذا يعني أن تهويد القدس كان منذ سنوات طويلة، وظل هناك سعي من قبل المشروع الصهيوني لوضع يده الاحتلالية على مدينة القدس، منذ الأربعينيات كانت هناك محاولات وفشلت، وتصدت لها المقاومة يومها ومنعت احتلال القدس، ولكن للأسف تحقق ذلك في عام 1967م، في ذاك العام سقط شرقي القدس بعد أن سقط القسم الغربي عام 1948م ، وفي ذلك العام اشتدت مساعي تهويد القدس من قبل الاحتلال الإسرائيلي دون توقف حتى هذه اللحظات ، لذلك في نظري الحرب المتوحشة التي كانت على قطاع غزة كانت ذات صلة بسعي الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لتهويد القدس، ولا شك أن قدر الله هو الغالب، فالاحتلال الإسرائيلي ذاق هزيمة نكراء، مُرَّة وشنيعة في قطاع غزة، ولو قُدّر له أن ينتصر في معركة قطاع غزة، أنا أظن أن مخاطر كبيرة كانت ستقع على المسجد الأقصى المبارك، وأن مخاطر كبيرة كانت ستقع أكثر مما هو عليه الآن على مدينة القدس الشريف.
*كيف ترون مستقبل مدينة القدس؟
نحن نؤكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي مع كل مساعيه الحمقاء والخرقاء لتهويد مدينة القدس، مساعيه في المحصلّة هي مساع فاشلة، إنه لن يطول الزمان حتى تكون القدس الشريف عاصمة إسلامية عالمية، لخلافة إسلامية عالمية، ستملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، وهذه البشرى نجدها في الحديث الذي يرويه عبد الله بن حوالة، عندما وضع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يده الشريفة على رأسه وقال له يا ابن حوالة: ’’إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فانتظر الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذٍ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك’’.
*ما الرسالة التي ترغبون في توجيهها إلى المسلمين كافة؟
رسالتنا إلى المسلمين كافة، كنا وما زلنا نؤكدها ونقول إنّ قضية القدس والمسجد الأقصى هي قضية كل مسلم وكل عربي وكل فلسطيني، إنّ القدس الشريف والمسجد الأقصى ما داما محتلين فكل مسلم محتل، وكل عربي محتل، وكل فلسطيني محتلّ، وما داما محتلين في هوان وذلّ، فكل مسلم في هوان وذل، وكل عربي في هوان وذلّ، وكل فلسطيني في هوان وذلّ، ولن نحلم، ولن ننعم بحرية ولا بكرامة ولا بسعادة ما دام الاحتلال الإسرائيلي رابضاً على القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، ولذلك علينا أن نستحي من الله أولاً ، ثم علينا أن نستحي من أنفسنا، وعلينا أن نستحي من صغارنا، كيف سوّلت لنا نفوسنا حتى الآن أن نسكت على احتلال القدس الشريف والمسجد الأقصى أكثر من أربعين عاماً، منذ عام 1967م حتى هذه اللحظات؟!
*رسالتكم إلى وسائل الإعلام الهادفة؟
نحن نؤكد أنّ وسائل الإعلام لها الدور الكبير في معركة القدس، وفي صمود القدس، وفي حتمية انتصارها - إن شاء الله تعالى - على الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك وسائل الإعلام لها الدور الكبير في نصرة المسجد الأقصى المبارك، ونطمع من وسائل الإعلام أن تحشد قدراتها، وأن تبذل من وقتها وبرامجها يومياً كي تسلط الضوء على مأساة القدس الشريف والمسجد الأقصى، وبذلك تتحول قضية القدس والمسجد الأقصى إلى قضية اهتمام يومي لدى كل مسلم وعربي وفلسطيني، وهذا يعني أن هذه القضية ستملأ على المسلمين حياتهم، ستوقظ فيهم النائم وستنبه فيهم الغافل، وستحرك فيهم العلماء والشعوب، وكل هذا سيشكل حركة جماهيرية ضاغطة, في تصوري لن يسهل على الحكام أن يهربوا منها في يوم من الأيام.
* كلمة أخيرة
كلمتنا الأخيرة، نحن نؤكد أنّ أجوبتنا إن حملت بعض نبضات الألم والحسرة فهذا لا يعني أننا يائسون، بل نحن نزداد يقيناً وتفاؤلاً وأملاً يوماً بعد يوم، ونحن ما زلنا نتحدث بلغة البشرى أن القدس الشريف والمسجد الأقصى قضية منتصرة، قد انتصرت بنا، وإلاّ فستنتصر بغيرنا، أما نحن كمسلمين وعرب وفلسطينيين فما أحوجنا إلى القدس الشريف والمسجد الأقصى حتى ننتصر بهما، لأنني أخاف إن لم ننتصر بهما فلن ننتصر أبداً.
.موقع رسالة الإسلام
ستكون القدس عاصمة إسلامية عالمية
حاوره: زياد آل سليمان
- الاحتلال حدد عام 2020 كحد أقصى لإنهاء الوجود الإسلامي في القدس؟
- نسمع كل يوم عن انتهاكات للاحتلال الصهيوني في مدينة القدس وفي المسجد الأقصى المبارك، إلى أي حدّ بلغت هذه الانتهاكات، وما السبل للتصدي لها؟
كما هو واضح أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ يسارع في خطواته المجنونة من أجل تهويد القدس الشريف، وكل القرائن تقول إن الاحتلال الإسرائيلي يطمع في أن ينفذ مخططاته التي كان قد حدّد لها عشر سنوات، أن ينفذها خلال عشر أشهر، وعلى هذا الأساس بدأ يتصرف كالمجنون سعياً منه لتهويد أرض القدس وعقاراتها ومؤسساتها، وسعياً منه لفرض التطهير العرقي على أهلنا في القدس، وقد بات واضحاً أنّ الاحتلال الإسرائيلي حدّد لنفسه عام 2020 م كحدّ أعلى لتطهير القدس القديمة من الوجود المقدسي لأهلنا، كي تبقى ذات طابع يهودي فقط ، وحدّد لنفسه عام 2050 م لتطهير كل القدس التي يسميها في مصطلحاته الاحتلالية باسم ’’ القدس الكبرى ’’ ، كي لا يبقى فيها وجود لأهلنا، وكي تبقى وفق حساباته ذات وجود يهودي فقط ، ونراه اليوم يعلن بشكل واضح عن نيته هدم أو إخلاء آلاف البيوت، كما قد سمعنا عن مأساة الأهل في حي الشيخ جراح،وحي سلوان، وحي العباسية، وحي الطور، وحي شعفاط، والقائمة طويلة مع شديد الأسف، وواضح جداً أنّ الإحتلال الإسرائيلي بدأ يبحث عن تبريرات كثيرة تعسفية وظالمة لتعميق سياسة التهويد ، وعلى سبيل المثال ما نعلمه أن البلدية العبرية للقدس التي يقودها شخص يدعى ’’برقات’’ ، وهو شخص يهودي ، بدأت بقياس كل بيوت أهلنا في القدس بهدف قيام البلدية فيما بعد بهدمّ كل بيت فيه إضافات على المساحة المرسومة له أصلا، وهذا يعني أنّ أكثر من 70% من بيوت أهلنا في القدس مخطط لها وفق البلدية العبرية في القدس أن يهدم قسم كبير منها، بمعنى أننا أمام مأساة بكل معنى الكلمة تنتظر القدس الشريف خلال الأشهر القادمة، وتنتظر أهلنا خلال هذه الأشهر المقبلة.
ولقد وصل الأمر بالاحتلال الإسرائيلي أن يستعمل سياسة الترغيب المجنونة لاستدراج بعض الأهل لبيع عقاراتهم، ولقد وقعت بين أيدينا وثيقة باللغة العبرية لما يسمى ’’جمعية عطيرات كوهنيم’’ يبدون فيها استعداداً لدفع2.2 مليون دولار مقابل كل متر مربع في بعض العقارات المهمة، وهذا رقم جنوني، إن دلّ فإنما يدلّ على أن كل الصهيونية العالمية، ومن ورائها المؤسسات الغربية، وخصوصاً البروتستانت الصهيونيين قد احتشدوا بأموالهم، بإعلامهم، بسياساتهم من وراء تهويد القدس.
وفي الوقت نفسه فإنّ الاحتلال الإسرائيلي بدأ يواصل ويكثّف ويطوّر من أساليب اعتدائه على المسجد الأقصى، طامعاً في أحلامه السوداء أن يهدم المسجد الأقصى، وأن يبني هيكلاً أسطورياً على أنقاض المسجد الأقصى، في هذه الأيام الاحتلال الإسرائيلي قام ببناء أكثر من مائة كنيس يهودي تحيط بالمسجد الأقصى من كل الجهات، في هذه الأيام الاحتلال الإسرائيلي قام بنصب شمعدان كبير، طويل، عريض، بلون ذهبي، على بعد أمتار من باب المغاربة – أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك - ، والاحتلال أعلن أنّ مكان هذا الشمعدان سيكون مؤقتاً خارج المسجد الأقصى، ريثما يتسنّى له أن يبني هيكله الأسطوري، ثم أن ينقل هذا الشمعدان ، كأحد معالم هذا الهيكل الأسطوري المنتظر – الموعود ، هذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي جادّ في سعيه المحموم والمتوحش لمواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك.
الاحتلال الإسرائيلي اليوم بدأ بالتخطيط لإقامة قطار أرضي في أحد الأنفاق التي تبدأ أصلاً من تحت المسجد الأقصى، بدأ بإقامة هذا القطار الأرضي من أجل أن يربط القدس بحائط البراق، والذي يسميه زوراً وبهتاناً باسم حائط المبكى، الاحتلال الإسرائيلي اليوم بدأ يفرض بقوة السلاح إدخال سوائب المستوطنين اليهود لأداء طقوس يهودية دينية في داخل المسجد الأقصى ، ومن يعترض منّا أو من حرّاس المسجد الأقصى يتعرض للضرب، يتعرض للاعتقال، يتعرض للطرد والمنع من دخول المسجد الأقصى المبارك لأيام أو لأشهر أو لسنوات، الاحتلال الإسرائيلي في هذه الأيام يواصل منع إدخال أية مواد بناء لإعمار ما يلزم المسجد الأقصى، والذي يلزم المسجد الأقصى مئات المشاريع الضرورية التي يجب أن تقام فوراً لمتابعة صيانة المسجد الأقصى المبارك، ولكن الاحتلال يأبى كل ذلك، فهذا موجز عام عما يعيشه المسجد الأقصى اليوم ، من ويلات الاحتلال الإسرائيلي.
*هل الاحتلال الإسرائيلي قادر على تهجير أو طرد فلسطينيي الـ 48؟
الاحتلال الإسرائيلي في مجمل الموقف لن ينجح - بإذن الله - في تنفيذ سياسة طردنا من الداخل الفلسطيني (مناطق 48) ، ولكن هو بات يعمل كالمجنون من أجل تهيئة ظروف تقود إلى طردنا في المستقبل، وبات يعلن ذلك على لسان أكثر من مسؤول رسمي في المؤسسة الإسرائيلية اليوم، المشهور الذي بدأ يتبنّى هذا الموقف المجنون هو وزير الخارجية ليبرمان، ولكن حتى نتنياهو عندما كان في لقائه الأخير مع أوباما صرح علانية وقال إنه استعداد على التفاوض مع الفلسطينيين بشرط الاعتراف بيهودية الدولة ... وما معنى الاعتراف بيهودية الدولة؟ معنى ذلك هو مقدمة لما يطمع فيه قادة المشروع الصهيوني ليبنوا عليها سياسة ترحيلنا من بلادنا، من أرضنا ، من بيوتنا، من مقدساتنا، وما نسمع من تحركات على أيدي المتطرفين اليهود، مثل تحرك مارزل ، الذي حاول اقتحام مدينة أم الفحم ، أو تحرك بعض المستوطنين اليهود الذين عاثوا في عكا فساداً، أو تهديدات آخرين بأنهم سيدخلون عما قريب إلى مدن وقرى فلسطينية في الداخل الفلسطيني، كل هذه التحركات هي محاولات لبناء أجواء لترحيلنا ، لبناء مقدمات لترحيلنا، نحن ندرك كل ذلك، ولكن نحن نؤكد مرة بعد مرة أنّ كل هذه المخططات ستبور وستزول وسنبقى في أرضنا إن شاء الله تعالى.
* ما الذي يمكن أن تقوم به الجهات الرسمية والأهلية لحماية مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟
هذا السؤال الذي بدأ يكرر نفسه في كل يوم ، في كل أسبوع ، في كل عام يمرّ على الأمة الإسلامية والعالم العربي، في تصوري الجواب الواضح على هذا السؤال يبدأ من حقيقة مرة تقول إنّ مأساة القدس الشريف ومأساة المسجد الأقصى، هي بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والحلّ الجذري لإزالة هذه المأساة هو فقط بزوال الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك الإستراتيجية المطلوبة من الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، على صعيد القادة الحكام، وعلى صعيد العلماء، وعلى صعيد الجماهير، أن يكون هناك سعي لاستعمال كل أوراق الضغط التي بين أيدينا - وما أكثرها - من أجل الدفع باتجاه زوال الاحتلال الإسرائيلي عن القدس والمسجد الأقصى، وبذلك نحمي مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لأنه ما دام هناك احتلال , فمسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في خطر ، ما دام هناك احتلال هناك أنفاق تحت المسجد الأقصى تحفر يوماً بعد يوم، هناك هدم تدريجي يُنفّذ في حق المسجد الأقصى يوماً بعد يوم، هناك سيطرة يومية على كل مجريات الأمور من قبل الاحتلال الإسرائيلي في داخل المسجد الأقصى، هناك فرض سياحة بالآلاف لأجانب شبه عراة إلى المسجد الأقصى، كل هذا الأذى منبعه من الاحتلال الإسرائيلي، لن يختفي هذا الأذى إلاّ بزوال الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يجعلني أقول مرة أخرى, لابدّ من إستراتيجية واضحة تستعمل فيها كل أوراق الضغط عند الأمة الإسلامية والعالم العربي لتحقيق ذلك بإذن الله تعالى.
*هل ترى إمكانية هدنة طويلة بين الفلسطينيين والاحتلال؟
أنا شخصياً أجزم لو أن الفلسطينيين قد أجمعوا عن بكرة أبيهم مقتنعين بضرورة إقامة هدنة فسيفشلها الاحتلال الإسرائيلي، الاحتلال لا يمكن له أن ينسجم مع وجود سلام مع شعبنا الفلسطيني، ولا يمكن له أن ينسجم مع وجود هدنة حتى قصيرة المدى مع شعبنا الفلسطيني، والقرائن تقول بشكل واضح إنّ كل محاولات عقد أكثر من هدنة مع شعبنا الفلسطيني الذي اخترقها هو الاحتلال الإسرائيلي، لأنه غير معني بأية هدنة، وغير معني بأي مشروع سلام، الاحتلال هو لا يزال بعقلية الهيمنة بقوة السلاح، والتوسع بقوة السلاح، وفرض سيطرته على كل شعبنا الفلسطيني ، على صعيد قطاع غزة, أن يواصل حصار قطاع غزة ، وعلى صعيد القدس الشريف, أن يواصل تهويدها، وعلى صعيد الضفة الغربية, أن يواصل الاستيطان والتهويد، هذه هي عقلية الاحتلال وشخصيته ، وأنا على يقين أنه لا يمكن أن تكون هناك أية هدنة إطلاقاً.
*الحرب التي جرت مؤخراً على قطاع غزة، ما الصلة بينها وبين عمليات التهويد في القدس؟
أودُّ أن أؤكد أن التهويد في القدس قد بدأ منذ سنوات طويلة جداً ، ولا أبالغ إذا قلت إنّ بدايات المشروع الصهيوني كانت من القدس، أول مستوطنة في تاريخ المشروع الصهيوني كانت مستوطنة ’’ منتفيوري ’’في مدينة القدس، أول زيارة قام بها هرتسل إلى أرضنا كانت دخول مدينة القدس، وهناك أطلق صرخته لكل المجتمع اليهودي في العالم أن يحاول الهجرة إلى أرضنا، هذا يعني أن تهويد القدس كان منذ سنوات طويلة، وظل هناك سعي من قبل المشروع الصهيوني لوضع يده الاحتلالية على مدينة القدس، منذ الأربعينيات كانت هناك محاولات وفشلت، وتصدت لها المقاومة يومها ومنعت احتلال القدس، ولكن للأسف تحقق ذلك في عام 1967م، في ذاك العام سقط شرقي القدس بعد أن سقط القسم الغربي عام 1948م ، وفي ذلك العام اشتدت مساعي تهويد القدس من قبل الاحتلال الإسرائيلي دون توقف حتى هذه اللحظات ، لذلك في نظري الحرب المتوحشة التي كانت على قطاع غزة كانت ذات صلة بسعي الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لتهويد القدس، ولا شك أن قدر الله هو الغالب، فالاحتلال الإسرائيلي ذاق هزيمة نكراء، مُرَّة وشنيعة في قطاع غزة، ولو قُدّر له أن ينتصر في معركة قطاع غزة، أنا أظن أن مخاطر كبيرة كانت ستقع على المسجد الأقصى المبارك، وأن مخاطر كبيرة كانت ستقع أكثر مما هو عليه الآن على مدينة القدس الشريف.
*كيف ترون مستقبل مدينة القدس؟
نحن نؤكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي مع كل مساعيه الحمقاء والخرقاء لتهويد مدينة القدس، مساعيه في المحصلّة هي مساع فاشلة، إنه لن يطول الزمان حتى تكون القدس الشريف عاصمة إسلامية عالمية، لخلافة إسلامية عالمية، ستملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، وهذه البشرى نجدها في الحديث الذي يرويه عبد الله بن حوالة، عندما وضع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يده الشريفة على رأسه وقال له يا ابن حوالة: ’’إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فانتظر الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذٍ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك’’.
*ما الرسالة التي ترغبون في توجيهها إلى المسلمين كافة؟
رسالتنا إلى المسلمين كافة، كنا وما زلنا نؤكدها ونقول إنّ قضية القدس والمسجد الأقصى هي قضية كل مسلم وكل عربي وكل فلسطيني، إنّ القدس الشريف والمسجد الأقصى ما داما محتلين فكل مسلم محتل، وكل عربي محتل، وكل فلسطيني محتلّ، وما داما محتلين في هوان وذلّ، فكل مسلم في هوان وذل، وكل عربي في هوان وذلّ، وكل فلسطيني في هوان وذلّ، ولن نحلم، ولن ننعم بحرية ولا بكرامة ولا بسعادة ما دام الاحتلال الإسرائيلي رابضاً على القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، ولذلك علينا أن نستحي من الله أولاً ، ثم علينا أن نستحي من أنفسنا، وعلينا أن نستحي من صغارنا، كيف سوّلت لنا نفوسنا حتى الآن أن نسكت على احتلال القدس الشريف والمسجد الأقصى أكثر من أربعين عاماً، منذ عام 1967م حتى هذه اللحظات؟!
*رسالتكم إلى وسائل الإعلام الهادفة؟
نحن نؤكد أنّ وسائل الإعلام لها الدور الكبير في معركة القدس، وفي صمود القدس، وفي حتمية انتصارها - إن شاء الله تعالى - على الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك وسائل الإعلام لها الدور الكبير في نصرة المسجد الأقصى المبارك، ونطمع من وسائل الإعلام أن تحشد قدراتها، وأن تبذل من وقتها وبرامجها يومياً كي تسلط الضوء على مأساة القدس الشريف والمسجد الأقصى، وبذلك تتحول قضية القدس والمسجد الأقصى إلى قضية اهتمام يومي لدى كل مسلم وعربي وفلسطيني، وهذا يعني أن هذه القضية ستملأ على المسلمين حياتهم، ستوقظ فيهم النائم وستنبه فيهم الغافل، وستحرك فيهم العلماء والشعوب، وكل هذا سيشكل حركة جماهيرية ضاغطة, في تصوري لن يسهل على الحكام أن يهربوا منها في يوم من الأيام.
* كلمة أخيرة
كلمتنا الأخيرة، نحن نؤكد أنّ أجوبتنا إن حملت بعض نبضات الألم والحسرة فهذا لا يعني أننا يائسون، بل نحن نزداد يقيناً وتفاؤلاً وأملاً يوماً بعد يوم، ونحن ما زلنا نتحدث بلغة البشرى أن القدس الشريف والمسجد الأقصى قضية منتصرة، قد انتصرت بنا، وإلاّ فستنتصر بغيرنا، أما نحن كمسلمين وعرب وفلسطينيين فما أحوجنا إلى القدس الشريف والمسجد الأقصى حتى ننتصر بهما، لأنني أخاف إن لم ننتصر بهما فلن ننتصر أبداً.
.موقع رسالة الإسلام