أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ في الجزائر في حوار خاص مع إسلام أون لاين
مدني مزراق: لو لم تكسر شوكة ’’الجيا’’ لسقطت الدولة الجزائرية
قال إن ’’القاعدة’’ لا تقوم على مباديء واضحة لكنه يحترم بن لادن
هادي يحمد – عبد الرحمن أبو رومي
أمام مسجد ’’الشيخ البشير الإبراهيمي’’ في مدينة ’’براقي’’ في الضواحي الجنوبية للعاصمة الجزائرية والتي كانت تعتبر زمن الأزمة الجزائرية من ’’المناطق المحررة’’ التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة كان موعدنا مع ’’مدني مزراق’’ الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ الذارع المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة.
مدني مزراق الذي كان يرأس تنظيما إسلاميا مسلحا قوامه حوالي عشرة آلاف مقاتل والذي عقد اتفاقية الهدنة مع السلطات الجزائرية سنة 1997 -وهي الاتفاقية التي مكنت من العفو على عناصره وتسليمهم أسلحتهم بمقتضى ’’ميثاق للسلم الوطني’’- لا يخفي في هذا الحوار الخاص مع شبكة ’’إسلام أون لاين.نت’’ أن ’’العمل المسلح لم يعد له جدوى’’ ليس في الحالة الجزائرية وحدها بل بالنسبة للحركات الإسلامية بشكل عام؛ بل يذهب مزراق أكثر في رؤيته لحد اعتبار أن ’’شعار دولة الخلافة الإسلامية’’ لم يعد له معنى وأن لا حل إلا العمل ضمن ’’الدولة الوطنية وقوانين الجمهورية’’.
ولئن وجد مزراق الكثير من ’’المبررات’’ للشباب الذين مازالوا يقاتلون باسم القاعدة في جبال الجزائر فإنه يقول إنه ’’لا يشاطرهم الأسلوب’’، ويشن مزراق هجوما عنيفا على بعض الدعاة والعلماء الذين شرعوا في السابق لكل الكوارث التي شهدتها الجزائر واليوم يناشدون من أجل ’’تحقيق السلام’’!.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
*أين وصل مشروع المصالحة الوطنية في الجزائر؟
-المصالحة الوطنية دون فلسفة ودون طلاسم مبدأ بسيط قائم على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حث على إصلاح ذات البين ونهى عن فساد ذات البين وقال: ’’ألا إن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين’’، وفي الحقيقة فإن الخلاف العميق بين أبناء الإسلام سيقبر الإسلام مهما كانت نوعية الإسلام فليس المهم من هو المحق ومن هو المبطل ففي النهاية فإن الذي سوف يقبر وسوف يموت هو الإسلام فالصلح بين أبناء الإسلام هو أكبر من واجب بل أكبر من فريضة عندي وهذا الذي قمنا به فالمصالحة الوطنية عندنا هي مشروع إستراتيجي يقوم أساسا على نبذ الخلاف بين الجزائريين ووقف هذا الاقتتال الذي تتضرر منه الجزائر ويتضرر منه أبناء الجزائر والإسلام عامة.
على الناس أن يفرقوا بين المشروع كمشروع والذي انطلقنا فيه ولن يتحقق إلى أن تتحقق عودة الأمان والاستقرار والحريات الأساسية والدعوية، ويسمح بإقامة تلك الدولة التي مات في سبيلها الشهداء والتي ضحى من أجلها المجاهدون والتي كان ينص بيان ’’أول نوفمبر’’ (بيان إعلان الثورة الجزائرية) على البند الخالد والذي يقول ’’إقامة دولة جزائرية مستقلة ذات سيادة ديمقراطية وشعبية في إطار المبادئ الإسلامية’’، فهذا هو مشروعنا ومشروع كل جزائري غيور سواء كان إسلاميا أو وطنيا أو ديمقراطيا وربما يرفض هذا المشروع بعض الدخلاء وبعض الغرباء عن هذا البلد وبعض عملاء فرنسا، وأما الباقون على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم فهم يتفقون جميعا على أن الجزائر لن تقوم لها قائمة إلا إذا عادت إلى هذه القاعدة الصلبة أي أن تحتمي بالدين ومبادئه وأن ترتكز على العدالة الاجتماعية التي بدونها لا يمكن أن تؤسس دول وأن تكون وفية لرجالها من شهداء ومجاهدين وعلماء ولكل من ضحى في سبيل هذا الوطن.
فإما أن نتفق مع بوتفليقة أو لا نتفق أو مع هذا الجنرال أو ذاك، وأن نتفق مع الداعية الفلاني أو لا نتفق فهذه تغييرات عادية بين البشر وكنت أحفظ حديثا يرفع للنبي صلى الله عليه وسلم ولكني قرأت في كتب أخرى أنه ليس له (موضوع)، و لكن المهم حكمته يقول فيه ’’أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما ’’، وسبقنا النبي صلى الله عليه و سلم وقال: ’’... فإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنة’’... فالعبرة بالخواتيم وربما تجد مسلما ملتحيا بقميص يرفع شعارات الإسلام ولكنه لعدم الصدق ولفساد في قلبه يصبح من الفجار ومن أعداء الدين وهناك من نراه يخالط أعداء الدين ويرتكب بعض الأخطاء ولكن نظرا لسلامة قلبه وطهارة سرائرهم وصدقهم في الدفاع عن أهلهم وقومهم يتحول بهم المقام مستقبلا فيصبحون من المؤمنين ومن المدافعين عن هذا الدين الملتزمين بتعاليمه ويحتمون بخاتمة الصلاح.
فنحن بكل بساطة نعتبر كل من هو صادق في الدفاع عن قيم الأمة وثوابتها وكل من هو جاد في الوصول بالجزائر إلى بر الأمان نعتبره أخا ولا يهمنا موقعه إن كان في المخابرات أو الجيش أو الشرطة أو كان في الرئاسة أو كان في التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (حزب فرونكفوني علماني) أو في جبهة القوى الاشتراكية وغيرها، وكل إنسان خبيث منافق متلون حقود لا يهمه في هذا الأمر إلا نفسه لا يهمه أن تهلك الجزائر أو يموت الشعب الجزائري ولا يهمه أن تضيع تضحيات الآباء والأجداد والذي يهمه فقط هو نفسه ومستقبله فهذا مهما كان ملتحيا يرفع شعارات الإسلام، أو عضوا في حزب النهضة أو في ’’ألفيس’’ (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) أو في الجيش أو أي مكان آخر فهو بالنسبة لنا خصم مخالف وربما يكون عدوا؛ فمبادئنا واضحة ولا خوف على مشروع المصالحة الذي سيستمر ويبلغ مداه والله مع المتقين، وأما الخلافات والصراعات فهي أمر طبيعي في مثل هذه الظروف.
رسالتي للقاعدة
*ولكن ماذا تقولون لبقايا الشباب الذين ما زالوا يحملون السلاح في الجبال والذي يقولون إنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؟.
-دعني أقول شيئا قبل أن أتكلم عن هؤلاء الشباب، أقول للذين حملهم الله مسئوليتهم من رؤساء ومسئولين ودعاة أقول: ’’إن هؤلاء شئتم أم أبيتم من أبنائكم وجزائريون أمثالكم وهم أيضا محسوبون عليكم، وقبل أن توجهوا إليهم النداءات المختلفة وتلومونهم أو تحكموا عليهم انظروا إلى أنفسكم ماذا فعلتم وماذا قدمتم والمثل الذي ينطبق عليكم هو ’’إذا كان رب البيت للدف ضاربا فلا تلومن الصبيان في حالة الرقص’’، وما كان لهؤلاء أن يلجئوا إلى الجبال أو يركبوا رءوسهم أو يفعلوا ما يفعلون لو وجدوا آذانا صاغية وقلوبا كبيرة رحيمة وعدلا اجتماعيا في حده الأدنى يطبق في بلادهم واحتراما للدين يطبق في حده الأدنى موجود في بلادهم وغياب ’’للحقرة’’ في حده الأدنى موجود في بلادهم’’.
*يعني هذا تبرير لما يقومون به؟!
-دعني أكمل! صحيح نحن نخالفهم في بعض الوسائل التي يستعملونها وقلنا لهم مرارا إن هذه الوسائل لا تنفعكم بل تضر بكم وبدينكم وببلدكم وبشعبكم ولكننا إذا أردنا أن نتكلم عن الحل فيجب أن نكون جادين في طرحنا ولا نتلاعب والنداءات لا تفعل شيئا وهذه حقيقة والذي ينفع هو وضع خطة جادة منصفة تحقق الحد الأدنى للجميع وعندها سترى أن هذا الشباب لا يحتاج إلى نداء وستجدهم ممن يساهمون في إنجاح المشروع وفي غياب هذا الحد الأدنى من الإنصاف والحق والعدل فإنكم تفتحون مجالا وتعطون الفرصة لمن يريد أن يستغل هؤلاء الشباب ليحقق بهم مشاريع أخرى ربما هي أكبر من الجزائر ربما هي مشاريع صهيونية لضرب الإسلام والمسلمين ومشاريع استعمارية استيطانية لفتح الباب للتدخل الدولي في البلدان العربية والإسلامية ومنها الجزائر، وعلى ذكر القاعدة في الجزائر فإن أحد بياناتها الأخيرة ينادي ’’بفتح الأندلس’’، ومثل هذه الدعاوى تخرج الصراع من كونه صراعا جزائريا جزائريا إلى قضايا كبرى لا حل لها، حتى وإن جاء من الجزائر رجل يريد تلبية مطالب هؤلاء الشباب في العدالة والحق فانه سيصطدم بمطالب لا علاقة لها بمشاكل الجزائر؛ وبالتالي فإن الحل يصبح مستحيلا، وأنا لا أستبعد أن يكون هناك متلاعبون بهؤلاء الشباب يطمحون في تحقيق أهداف إقليمية في المنطقة؛ فالأمريكان يريدون قاعدة عسكرية في الجزائر والفرنسيون يطمحون في القيام بدور ما في مستعمراتهم القديمة، ولكن إذا ما تواصل الأمر على هذا النحو فسيأتي اليوم الذي يقول الأمريكان للجزائريين أنتم عجزتم على القضاء على الإرهاب ونحن سنتكفل بهذه المهمة عن طريق التدخل المباشر في البلاد كما حدث في أفغانستان ويحدث الآن في باكستان وهذه في نظري قضية وقت من أجل أن تتدخل أمريكا لحماية مصالحها.
وأنا أدعو هؤلاء الذين ما زالوا في الجبال وأولئك الذين ما زالوا في السلطة أن يفكروا فيما هو المطلوب من أجل غلق الملف نهائيا في الجزائر؟ يجب الاستماع إلى ما يقوله الجميع من أجل المشاركة في وضع الحل وتجسيده وهنا سيجد هؤلاء أنفسهم في مواجهة كل الجزائريين بعسكريهم ومثقفيهم ودعاتهم وأبنائهم وهنا يمكن حل الأزمة أما اليوم فالبعض يقوم بصب الزيت على النار.
مسئولية السلطة الجزائرية
*يا شيخ أنت تحمل الجزء الأكبر من المسئولية للسلطة الجزائرية، والحال أن السواد الأعظم من الجزائريين لا يرون في استعمال السلاح وسيلة للتغيير، وهم يسلكون وسائل أخرى سلمية في التعبير عن مطالبهم.
-أنت تعلم أن القلة في التاريخ هي التي تتحرك دوما والملايين الذين تتحدث عنهم تقف دائما مع الحائط الواقف ومثلما قال الفرزدق لسيدنا الحسين حينما سأله: كيف ترك الكوفة؟ قال: ’’تركتهم قلوبهم معك وسيوفهم عليك’’.. فإذا اعتدت تحليل الكثرة فإنك ستخطئ السبيل لا محالة، فالحق لا يعرف بالكثرة والقلة، والحق يعرف بالحق وليس بغيره، وإذا كانت هذه القلة قد لجأت إلى الجبال مجبرة غير مخيرة، فهناك قلة أخرى في البلاد تفعل أكثر مما يفعل هؤلاء في الجبال، أي يحرقون العلم والمصاحف (ظاهرة حرق المصاحف في بعض القرى الجزائرية)، وتدعو إلى الانفصال وتدعو إلى المسيحية، وترتكب ما هو في نظر الدستور خيانات عظمى، ولكن هذه الفئات محمية من قبل جهات أجنبية ولا أحد يتكلم عنها.
أما نحن وبما أننا من دعاة الإسلام ومن دعاة الوطنية ولأننا لا نبحث إلا عما يجلب الخير لهذا البلد وما يحمي دينه وما يشرف شعبه ولا نحتقر علما ولا نهين مصحفا ولا نرضى أن يتدخل أحدا في شئوننا الوطنية لهذا نشكل خطرا على عملاء فرنسا في الجزائر ولذلك نحارب وعندما يكون الجو محتقنا وعندما يكون الظلم كبيرا وعندما يفتقر الشباب إلى قيادات راشدة فطنة وتستطيع أن توقف قطار الموت متى ما رأت الأمور خطيرة فهذا هو الأمر الذي يدفعنا إلى الطرق المسدودة، وأنا أقول دائما إني لا أشك إن غالبية الشباب نفروا بصدق عن دينهم وعرضهم ويحبون بلدهم حتى النخاع ولكنهم مع الأسف مخطئون في الوسيلة.
تجربة الجزائر والغطاء الشرعي
*إذا هل هؤلاء الشباب تم التغرير بهم؟
- لا أقبل كلمة غرر بهم.. لا أقبلها نهائيا.. كفاكم تضليلا.. هذا تضليل يمارس على الشعب؛ فهؤلاء الشباب لم يغرر بهم أحد، وإنما ذهبوا بقناعات، وكل واحد فينا أنا وأنت وبوتفليقة نفسه لو كان في مكان هؤلاء الشباب، يظلم ويحقر ويهان ولا يترك له باب إلا الهروب إلى الخارج أو حمل السلاح فإنه سيحمل السلاح؛ فدعكم من هذا الكلام الغلط! هؤلاء شباب متحمس يحب الدين ويحب الوطن ربما لا يملك العقل الكبير الذي يسمح له بأن يميز بين الأشياء، وربما لا يملك التجربة التي تسمح له كيف يتقدم أو يتأخر ولكن هذه مسئولية الدعاة ومسئولية العلماء والسياسيين، ومع الأسف الشديد هؤلاء في وقت المعمعة وفي وقت الجد كلهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كانوا موافقين على ما يحدث ويتاجرون بهذا الأمر.. عد إلى سنة 1994 وراجع ما كان يقوله الدعاة في مشارق الأرض ومغاربها عما يحدث في الجزائر وقتها، يجب ألاّ نكذب على الله أو الشعب أو الأمة، ما وقع في الجزائر هو نفس الذي وقع في أفغانستان للأسف مع اختلاف العدو.
*أي أن ما قمتم به في تلك الحقبة كان له غطاء شرعي؟
- قبل حصول الكارثة ومقتل الـ200 ألف في الجزائر, كان كل هؤلاء الدعاة بداية من الإنسان الجبان إلى أكثر الدعاة جنونا في التيار الإسلامي كلهم كانوا يهللون ويطبلون وينتظرون في الدولة الإسلامية حتى تقوم في الجزائر.. مثلما وقع بالضبط في أفغانستان حينما أصبحت ’’بيشاور’’ مركزا المجاهدين العرب وحينما ألقيت محاضرات النصر والتهليل ولكن حينما وقع الأفغان في الخطأ وطحنت الحرب الداخلية بعضهم بعضا نكرهم الدعاة وتنصلوا من مسئولياتهم وتركوهم يعيشون قدرهم بمفردهم.
*هل تقصد أن نفس التجربة وقعت في الجزائر؟
- نفس التجربة مع اختلاف العدو
*واختلاف العدو ليس مهما؟
-من الناحية الشرعية ليس مهما, فالعلماء والدعاة وحتى السياسيين برروا الحرب الجزائرية - الجزائرية مثلما برروا الحرب الأفغانية, وهؤلاء لم يفهموا المخاطر ولم يقدروا الإسقاطات إلا بعد أن وقعت الكوارث، وأنا أقول لك وللتاريخ وأنا مطمئن وأعتقد جازما أنني سأجد نفسي مع كل شريف يحب الجزائر ومع كل وطني في الجيش وفي الأحزاب الوطنية ندافع عن بلدنا ضد أي تدخل خارجي، وأما هؤلاء المطبلون والذين يصطادون في المياه العكرة فسيلجئون إلى فرنسا ويهربون إلى الخارج، وأنا عندما أتكلم عن بلدي فأنا أتكلم بكل حرقة ومسئولية. وأقسم بالله لو لم تكسر شوكة ’’الجيا’’ (الجماعة الاسلامية المسلحة) واستمرت الأمور على حالها لسقطت الدولة الجزائرية ولوجد هؤلاء الدعاة الذين يزورون الجزائر اليوم الغطاء الشرعي للجيا لكي تحكم الجزائر وللخلافة على منهاج النبوة، فدعنا من النفاق ومن الفتاوى على المقاس وعلى كل واحد أن يراقب ربه وأن لا يخادع نفسه وأن يكون صادقا مع نفسه ومع شعبه وأن لا يقول إلا الحق وإن كان في ذلك قطع رقبته فالأمة تحتاج إلى رجال يسبقون شعوبهم سواء من الدعاة أو العلماء أو الحكام أو رجال السياسة أو الإعلاميين.
نحن وتنظيم القاعدة
*شيخ مزراق.. نحن في حاجة إلى معرفة الخطوط الأساسية للفرق بين خطابكم وخطاب القاعدة؟
-بالنسبة لي القاعدة تنظيم عنكبوتي لا يقوم على مبادئ واضحة ولكني قلت مرارا وتكرارا إني أحترم الشيخ بن لادن ولا أشك في صدقه في الدفاع عن الإسلام والمسلمين ولكن أنا أقول أن بن لادن أخطأ الوسائل وهو أعطى غطاء لكل تنظيم عالمي ولكل تنظيم استخباراتي لكي يرتكب حماقات باسم القاعدة؛ ففي القديم كانت الموساد أو المخابرات الأمريكية أو الفرنسية تتعب في اغتيال شخص أو القيام بتفجير في مكان ما، واليوم أصبح الأمر بسيط ففجر أينما شئت وقل القاعدة، وأنا لا أرى أن أسلوب القاعدة يمكنه أن يقدم للإسلام أشياء تجعل الناس ينصفونه.
*وماذا عن القاعدة في الحالة الجزائرية؟
-لم يكن هناك تنظيم للقاعدة في الجزائر, وإذا كان من لديه نية للالتحاق بالقاعدة لالتحق أوائل المقاتلين في الجيا (الجماعة الإسلامية المسلحة)، الذين قدموا من أفغانستان بتنظيم القاعدة ولكن لماذا لم يتم الأمر كذلك ووضع المشروع على الطاولة.. عندما فكرت الجزائر في إيجاد حل بين أبنائها؟! فخرجت علينا ’’الجماعة السلفية للدعوة والقتال’’ بعدها بمشروع القاعدة في الجزائر.. أنا أعتقد أن هناك شيطانا أوحى لهؤلاء حتى يبقى الجو محتقنا في الجزائر وحتى يبقى العنف والاستقرار موجود خدمة لمصالحه.
*يعني أن هناك أيادي خفية داخلية وخارجية؟
-أنا وضحت أن هناك أيادي داخلية وأخرى خارجية.
الضحك على الذقون
*شيخ أنتم لا ترون في النداءات التي توجه إلى حد الآن أي نفع؛ فما رأيكم في النداء الذي وجهه مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال ’’حسان حطاب’’ لعناصر القاعدة من أجل إلقاء السلاح والعودة إلى أحضان المجتمع؟.
-يجب ألاّ نضحك على الذقون؛ فحسان حطاب كان في ’’الجيا’’ ( الجماعة الإسلامية المسلحة) وحضر كل الكوارث التي وقعت في ’’الجيا’’ ونحن حاربناه هو وزملاءه في سنة 1995 بسبب المجازر التي ارتكبتها ’’الجيا’’ ضد الشعب الجزائري، وهي الحرب التي خضناها والتي أوقفت زحف ’’الجيا’’ ثم جاءت قضية سنة 1997 (مشروع المصالحة) وكنا ماضين في مشروع المصالحة وأرسلنا في وقتها رسولا إلى حسان حطاب فقام بقتله في غابة ’’سي مصطفى’’ في ولاية بومرداس، ولن ندخل في تفاصيل من قتل الرسول هل هو حسان حطاب نفسه أو أحد من جنوده، ولكن المهم أنه قتل تحت مسئوليته وحكم علينا بالردة، وسيأتي الوقت الذي سنضع فيه الجميع أمام مسئولياتهم بما فيهم العلماء الذين شرعوا للقتل واليوم يتحدثون عن السلم والدماء التي أريقت، وأنا أرفض هذا المنطق، وأنا أقول إذا كانت الحرب هي قربى لله فيجب أن تكون، وإن كان السلم هو قربى لله فيجب أن يكون، أنا أحترم زوجة ’’تشاوشيسكو’’ الكافر الشيوعي التي رفضت التخلي عنه في يوم محاسبته على هؤلاء العلماء، حيث قالت لمحاكمي زوجها ’’هذا زوجي وأنا عشت معه كل حق وكل باطل.. وأنا أعيش مع زوجي وأموت معه’’. أنا لا أتطاول على العلماء ولكن الكثير منهم لهم كم معرفي في رءوسهم ولكن لا شيء في قلوبهم، ويفتقرون لصفات القيادات الكبرى فليحاولوا أن يكونوا على قدر مسئولياتهم.
*تقصد عالم أو داعية بعينه؟
-كلهم بدون استثناء و لا أريد أن أفصل.
*ربما في كلامك ما يشير إلى الشيخ عائض القرني الذي وجه مؤخرا نداء إلى الشباب في الجبال في زيارته الأخيرة للجزائر؟
- لا أريد أن أعلق!.
مستقبل العمل المسلح
*في الختام ماذا تقول بالنسبة للشباب المسلم الذي ما زال يؤمن بأن العمل المسلح للتغيير مازال ممكنا؟.
-يجب أن يعرف الناس أن العقلية التي زرعت في عقول بعض الشباب من تكسير لدور الدولة الوطنية من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية وغيرها من الشعارات انتهت؛ فاليوم الناس أيقنت أنها تعيش في دول إسلامية مهما كان انحرافها ومهما كانت أخطاؤها، وأن الدولة الوطنية مهما أخطأت هي دولتهم، فهم بها ولها فقط، وهناك أنظمة تدعي الديمقراطية والجمهورية ولكنها في الحقيقة أنظمة مستبدة ظالمة وديكتاتورية، هذه الأنظمة يعمل كل الجزائريون وكل أبناء الوطن العربي على تغييرها بالطرق السلمية وفي إطار الدستور ووفق قوانين الجمهورية، وتغيير النظام من نظام استبدادي ومصلحي إلى أنظمة جمهورية وديمقراطية حقا وهذه السلطات التي تحكم الآن فنحن معها متى أحسنت ونحن ننصحها متى أخطأت ونقف ضدها متى أصرت على ظلم شعوبها وانحرافها.
*هذه شهادة موت العمل المسلح بالنسبة للحركات الإسلامية من أحد رموزها؟
-يجب أن نفرق بين الجهاد كفريضة إسلامية وذروة سنام الإسلام شاءوا أم أبوا ’’وما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا’’ وسيبقى الجهاد فريضة على المسلمين ولكن الجهاد بقواعده وبقيوده وبشروطه وفي مكانه؛ فالسلاح هو عدة المسلم ’’وأعدوا لهم ما استطعتم’’، وقال الرسول صلى الله عليه و سلم ’’ألا إن القوة الرمي’’، فالمسلم يجب أن يكون متعلما مثقفا تلقى تربية حسنة عالية قويا في جسده وشخصيته عالية ومتدربا.. فالسلاح ’’مليح’’ (كلمة عامية جزائرية تعني جيد) للمسلمين.. ولكن في إطار قانوني، أي في الجيش أو الشرطة والمسلمين لما يفرضوا عليهم الجهاد يجب أن يجاهدوا دفاعا عن دينهم وعن أوطانهم وعن أعراضهم، وهذا يقرره الحكام الصالحون ويقرره العلماء الذين لا يخافون في الله لومة لائم؛ لأن العلماء عندما تكون لهم الشجاعة مهما كانت هذه الحركة قوية أو كبيرة ويقولون هذا خطأ يوقفون الأمور، وعندما تكون لهم الشجاعة مهما كانت الحركة ضعيفة أو جبانة ويقولون لا بد من فعل هذا فسيجدون من يستمع إليهم، وأما التلاعب على الموقف على الأرض فما هكذا يكون العلماء.
.إسلام أون لاين