تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى وعلى سكان مدينة القدس، وامتدت لتصل إلى رموز وقيادات الحركة الإسلامية في الداخل، كان آخر هذه الاعتداءات اعتقال الشيخ رائد صلاح ثم محاولة اقتحام مدينة أم الفحم.
فلماذا الآن؟ وهل هناك اختيار لمناطق ولأشخاص دون آخرين؟ وما حقيقة الوثائق التركية التي تثبت ملكية المسلمين لأراضي حي الشيخ جراح؟ هل نحن بصدد دور تركي في الأقصى مماثل لدورها في غزة؟ وماذا عن محاولات هدم الأقصى؟ وما دور الجماهير المسلمة وهي تراه ينتقص من أسسه بفعل الحفر المستمر أسفله؟
موقع المسلم التقى الشيخ رائد صلاح فور الافراج عنه ليبارك له خروجه من بين أيدي الصهاينة بسلامة الله، ويسأله حول هذه الأسئلة وأوضاع الأقصى والمسلمين في أكنافه؟
فإلى نص الحوار:
هل كان اعتقالكم يوم الاثنين الماضي على خلفية تصريحاتكم الأخيرة أم بسبب خيمة الاحتفال بالقدس عاصمة الثقافة أم مواقفكم من محاولات هدم الاقصى وتهجير السكان؟
اعتقال يوم الاثنين الماضي شمل أحد عشر أخا وأختا كانوا من ضمن المشاركين في المؤتمر الصحفي الاحتفالي مناسبة الإعلان عن القدس الشريف عاصمة الثقافة العربية ، ولكن خلال التحقيق معنا كان هناك تساؤلات كثيرة واضحة من قبل المحققين الصهاينة حول ارتباطنا بمدينة القدس الشريف ومقدساتها ، وحول ارتباطنا بالمسجد الأقصى المبارك وهذا يعني أن الاعتقال يأتي على خلفية كل هذا الموقف الشمولي لكل هذه القضايا بلا استثناء وكأن الاحتلال الصهيوني يحاول أن يرسل رسالة لتكميم أفواه جميع الإخوة الذين كانوا معنا.
هل يحاول الاحتلال بذلك إسكات الصوت الذي يعرقل مسيرة هدم الاقصى وتهجير السكان، وهل هي محاولة لتشتيت الجهود أيضا ؟
لا شك أن الاحتلال الصهيوني لا يتردد في تنفيذ أية خطوة من شأنها أن تقترب من حلمه الأسود الذي لن يتحقق إن شاء الله وهو بناء هيكل أسطوري على حساب المسجد الأقصى ، من أجل ذلك هم اليوم يصادرون أرض القدس ، يهدمون بعض بيوت القدس ويخلون البعض الآخر ويقومون بسلسلة اعتقالات متواصلة من أجل فرض أجواء ارهاب على أهلنا في مدينة القدس وعلى جميع أهلنا في كل أنحاء المجتمع الفلسطيني ، ولكن هيهات هيهات لهذه السياسة أن تنجح لأن قضية القدس ليست قضية شخصية مزاجية بل هي قضية عقيدة ، قضية حق تاريخي حضاري لكل الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني.
تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الاعتداءات المتكررة على بعض المدن مثل أم الفحم وحي سلوان، هل هناك مدلولات معينة لاختيار المكان والزمان أم أنها مجرد همجية وعنهجية صهيونية؟
إطلاقا ؛ القضية ليست أعمال مجرد أعمال شغب وعنجهية ، القضية هي تمهيد لسياسة الترحيل التي بدأت تتحدث عنها الأبواق الصهيونية الرسمية ، والتي بدأت تلوح بأنها تسعى إلى ترحيلنا نحن الفلسطينيين في العمق الفلسطيني في حدود عام 1948 ومن هنا فإن ما جرى أمس (24/3/2009) هو أمر خطير لأنه أمر مصيري بالنسبة لبقائنا في بيوتنا وأرضنا ومقدساتنا ولذلك وجدنا أنه من الواجب أن نتصدى لمحاولات هؤلاء الصعاليك الذين يتقدمهم هذا المارزال والذين حاولوا اقتحام مدينة أم الفحم
ولا شك أن اختيار مدينة أم الفحم في هذه الأيام كان له مغزى ، فهذه المدينة في تفكير المؤسسة الصهيونية الرسمية هي من المناطق المرشح أن يبدأ بها الترحيل بأساليب خداعة ومن هنا تأتي هذه الزيارة عن سبق إصرار لمدينة أم الفحم لأنها من أوائل المستهدفين في سياسة الترحيل الصهيونية.
توالت نداءاتكم التي تطالب بسرعة التحرك لإنقاذ المسجد الأقصى، وما زالت ردود الأفعال دون المستوى، في رأيكم ما السبب وأين الحل؟
حقيقة المطلوب حتى نرتقي إلى مستوى الحدث أن يعي عالمنا العربي والإسلامي جيدا أن قضية المسجد الأقصى ليست قضية بناء عام في هذه الأرض، وليست قضية مسجد عام من ضمن مساجد المسلمين في هذه الدنيا، بل هي قضية قرآنية، وقضية حق إسلامي عربي فلسطيني لا يجوز التنازل عنه ولا يجوز خذلانه كما لا يجوز موقف المتفرج على مشاهد المآسي التي يعيشها المسجد الأقصى، في الوقت الذي يجتمع الجميع على هذه الرؤية في تصوري سيزول الاحتلال الصهيوني مما لا شك فيه.
على من تعولون في هذه النداءات ؟ (الشعوب ،الدعاة والعلماء ، المثقفون ،الساسة ، منظمة المؤتمر الإسلامي، جامعة الدول العربية ، الأمم المتحدة )؟
نحن نبدأ بأنفسنا بعيدا عن أطماعنا في تأييد هيئات مثل الأمم المتحدة، يجب أن نبدأ بأنفسنا نحن نعول على كل مركبات عالمنا الإسلامي والعربي على صعيد رسمي وعلى صعيد شعبي يشمل العلماء المؤسسات الأحزاب والشعوب قاطبة لأن قضية المسجد الأقصى ليست قضية منطق من الممكن أن نختلف عليه، إنما هي قضية واجب يجب أن نقوم به لا يسع أحدنا أن يقصر في هذا الواجب.
كيف تقرأ إدانة الأمم المتحدة لـ’’إسرائيل’’ بسبب جرائم الحرب التي قامت بها في غزة؟ هل هي لتلميع الإدارة الأمريكية الجديدة وذر الرماد في العيون لامتصاص الغضب العالمي تجاه مجازر غزة أم ان هناك بالفعل تغير في الموقف العالمي تجاه القضية الفلسطينية؟
شعبنا الفلسطيني لا يزال يعيش نكبة طويلة منذ 60 عاما ، ولذلك لم يعد يرضى بمجرد الضريبة الكلامية سواء صدرت من هيئة أمم متحدة أو من جهات عليا أخرى في العالم ، فشعبنا الفلسطيني بات يصر على ضرورة اتخاذ مواقف عملية رادعة لسياسة الاحتلال الصهيوني المتوحشة التي لا تزال تقوم بجرائمها تارة في غزة ومرة أخرى في القدس الشريف ثم مرة ثالثة في الضفة الغربية ، ولذلك فإننا لن نفرح في هذه الأيام ولا في المستقبل لمجرد عنتريات إعلامية ليس إلا .
نحن ننظر إلى هذه الأقوال كموقف يحتاج أن نضعه على المحك فهذه الأقوال في امتحان، إذا ما تلاها خطوات عملية فهذا ما يرجوه شعبنا الفلسطيني ، أما إذا بقيت مجرد أقوال لا تسمن ولا تغني من جوع فمن الواضح أنها مجرد ذر للرماد في العيون .
هذا يدفعنا للسؤال عن مدى تعويلكم على الإدارة الأمريكية الجديدة في تغيير الوضع؟
الإدارة الأمريكية على مدار تاريخها لم نحصد منها إلا الويلات كشعب فلسطيني ، وكذلك كعالم عربي وعالم إسلامي، ودائما يقال لنا أن هناك رئيسا جديدا يحاول أن يغير الخطاب الأمريكي تجاه العالم العربي والإسلامي والشعب الفلسطيني ، ولذلك نحن لا نستعجل بتلقف مثل هذا الخطاب ولا نفرح به ولا نلهث وراءه ، بل نقول أن هذا الخطاب الآن في امتحان ، وأوباما الآن في امتحان هل هو فعلا يملك الجرأة والتصميم على تنفيذ مستلزمات هذا الخطاب أم سيدور في حلقة مفرغة من الوعود ليس إلا ، ولذلك حقيقة نحن نتمنى له النجاح لكن نجاحه لن يكون بمجرد الأقوال الوعود ، فالحد الأدنى لنجاحه هو التسهيل لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وماذا عن انتخاب حكومة صهيونية جديدة، في رأيكم ما مدى تأثير ذلك على مستقبل الأقصى؟
الحكومة الصهيونية القادمة لن تأتي بجديد، بل هي ستواصل سياسات الحكومات الصهوينية السابقة، وهي تشكل خطرا على الأقصى ليس للمرة الأولى في تاريخ حكومات هذا الكيان المغتصب، بل إن جميعها كانت تشكل خطرا على الأقصى ولا تزال، فجميعها تعمل على صناعة الأجواء التي تتيح لها الفرصة لتنفيذ مخططاتها ببناء هيكل على حساب المسجد الأقصى.
عودة إلى الأقصى، في رأيكم : ما الذي يمكن أن يردع الاحتلال عن تماديه في تنفيذ مخططاته؟
أرى أن هذا يحتاج إلى شيئين، أولا: الدور الرسمي على صعيد الحكومات العربية والإسلامية، فهي مطالبة بأن تستنفذ كل الوسائل السياسية والإعلامية الديبلوماسية التي تملكها بهدف تشكيل ضغط على الاحتلال الصهيوني لإيقاف سياسة التمادي في الاعتداء على القدس الشريف والمسجد الأقصى، وثانيا : هناك دور مطلوب من الشعوب المسلمة والعربية حيث إنني أؤمن أن هذه الشعوب لو قامت من أجل مناصرة القدس الشريف والمسجد الأقصى كما قامت مشكورة بهبتها الجماهيرية خلال الحرب على غزة ولو أدت نفس هذا الدور الذي أدته في نصرة غزة أنا على يقين أنها ستحدث ضغطا قويا جدا من شأنه أن يقوف كل سياسات التمادي الاحتلالية الصهيونية .
هذا يدفعنا للسؤال عن أسباب تفاعل الشعوب العربية والإسلامية مع أحداث غزة في حين لا تحظى المقدسات وهي الأصل بذات الاهتمام ؟
حقيقة أرى أن التفاعل مع غزة يبدو أنه جاء من خلال ما شاهده العالم الإسلامي والعربي من مناظر الشهداء والدمار والهدم الجماعي الذي أوقعه الإحتلال على أهلنا في غزة ومن هنا أتمنى عليكم ألا تحتاج القدس إلى تقديم آلاف الشهداء وآلاف الجرحى في هذه الأيام حتى ينتصر لها العالم الإسلامي والعربي كما انتصر لأهلنا في غزة.
في ظل الوضع الراهن، ما هي الوسائل والآليات المتاحة للمسلمين خارج الأقصى لتقديم النصرة لكم؟
الدور المطلوب من المسلمين عالميا يبدأ عندما يحرص المسلمون على الإبقاء على قضية المسجد الأقصى كقضية حية في برنامج حياتهم اليومية وفي برنامج الأجيال القادمة، لأن هذه القضية ليست مسؤولية جيل من المسلمين فقط، بل هي قضية كل الأمة الإسلامية بأجيالها الحالية والقادمة ومن هنا يجب توريثها لهذه الأجيال القادمة ، فإذا ما وعي ذلك المسلمين، وإذا ما نجحنا في الإبقاء على قضية القدس والمسجد الأقصى حية في قلوب ونفوسنا ونفوس أجيالنا، ففي تصوري هذا هو رأس المال الأساس الذي من شأنه أن ينصر المسجد الأقصى مع ضرورة التأكيد على أنها قضية ترتبط بعقيدتنا وأنها قضية إسلامية عربية فلسطينية بمعنى أنها تهم كل مسلم وكل عربي كما تهم كل فلسطيني، إذا ما نجحنا في ترسيخ هذه القيم ففي تصوري هذه هي بداية نصرة المسجد الأقصى.
رأينا العديد من سكان حي سلوان على شاشات الإعلام وهم يعرضون وثائق تؤكد ملكيتهم لهذه المنازل منذ مئات السنين، لماذا لا تقومون بتقديم هذه الوثائق لمحكمة داخلية أو دولية ؟
فكرة التوجه إلى محاكم دولية لا بأس بها، ولكن علينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن المحاكم الدولية ليست هي الوسيلة الأساس لنصرة أهلنا في سلوان لأن تجربتنا مع المحاكم الدولية ليست مشجعة، وأذكر لك على سبيل المثال الحكم الذي أصدرته إحدى هذه المحاكم بوقف بناء جدار الفصل العنصري إلا أن الاحتلال الصهيوني لم يلتزم بهذا الأمر ولا يزال يواصل بناء هذا الجدار، ولذلك أنا أقولها بحذر، إذا أردنا أن نتوجه إلى المحاكم الدولية فلا بأس ولكن دون أن نعول عليها أو نعتبرها هي الوسيلة المثلى أوالأساس، ودون أن ننسى أو نتناسى وسيلتنا الأساس والتي هي ـ وفق قناعتي ـ النضال الجماهيري الشعبي المطلوب من أهلنا في القدس الشريف وفي أكنافه، فأنا أرى أن صمودهم هو أهم الوسائل، لأن هذا الصمود يعني إفشال كل محاولات الاحتلال الصهيوني لتهويد القدس عامة أو لتهويد القدس القديمة أو لتهويد سلوان وغيرها من أحياء هذه المدينة المباركة.
هل يتبنى الكيان الصهيوني سياسة محاولة إذابة الأجيال الجديدة في ثقافتها أم تتبنى سياسة التضييق حتى تدفعكم للهجرة ؟
المؤسسة الصيونية تتبنى كل هذه الاحتمالات فهي تحاول أن تصنع الأجواء المناسبة وفق حساباتها لترحيلنا، وفي نفس الوقت هي تراهن على مجيء أجيال قادمة من شأنها أن تنسى قضية القدس والمسجد الأقصى وأن تنسى حق العودة وكل قضايانا الجوهرية التي يجب أن ننتصر لها دائما وأبدا.
وهل ترون أن المؤسسة اليهودية نجحت في مخططاتها لتهويد المدينة؟
دعيني أقول في المجمل أن المؤسسة الصهيونية تعاني من مأزق في نظرها خطير جدا، المأزق هو من جانبين، الجانب الأول الوكالة اليهودية العالمية التي أخذت على عاتقها تشجيع يهود العالم للرحيل إلى أرضنا، إلى المؤسسة الصهيونية، هذه الوكالة فشلت ولم تعد تستطيع إقناع يهود العالم لأن يرحلوا إلى أرضهم المزعومة، وهذا بالنسبة لهم أمر خطير جدا، الأمر الثاني أن 750 ألف ممن كانت الوكالة اليهودية قد نجحت بنقلهم إلى إطار المؤسسة الصهيونية؛ هؤلاء خلال هذه الفترة القريبة من الزمن هاجروا هجرة معاكسة بمعنى هاجروا إلى أوروبا وهاجروا إلى أمريكا الشمالية، وتحديدا إلى كندا، فهم يعيشون الآن في مأزق بعد أن فشلت الوكالة اليهودية بما كانت تعول عليه وهو ما تسميه هي مبدأ القادمين الجدد، وهذا يعني أن العدد الذي تعول عليه الوكالة سيتناقص نسبيا مع الأيام القادمة وفي المقابل يزداد عدد الفلسطينيين.
كما أنها كانت تعول أيضا على ذوبان من بقي من السكان في مؤسساتهم وكيانهم المسخ، وقد فشلت في هذا أيضا، فعلى سبيل المثال في نكبة فلسطين عام 1948 كان هناك عشرات الآلاف ممن بقوا على أرضهم من شعبنا الفلسطيني، كانت مؤسستهم تعتقد أنهم سيذوبون وسينتهون ولن يبقى لهم وجود ولكن معادلتها كانت خاطئة جدا، هؤلاء لم يذوبوا، بل على العكس فقد ثبتوا على أرضهم وتمسكوا بهويتهم ويصل عددهم اليوم بحمد الله إلى مليون ونصف المليون فلسطيني فالأيام القادمات على قاعدة الرؤيا الديموغرافية هي لصالح الوجود الإسلامي العربي الفلسطيني وهو بخلاف ما تشتهيه المؤسسة الصهيونية.
الوثائق التركية التي كشفت عن حق المسلمين التاريخي في منطقة الشيخ جراح والتي أفرجت عنها تركيا مؤخرا كي تحول دون تهجير هؤلاء السكان من أرضهم هل هي بداية لدور تركي في الدفاع عن الأقصى كذلك المبذول في فك الحصار عن غزة؟
نحن بلا شك نطمع بالدور التركي في هذه القضايا الحساسة التي تتعلق بالأرض والمقدسات، والتي تتعلق بشكل خاص بالقدس الشريف والمسجد الأقصى، فتركيا ولا شك لها أيادي بيضاء كريمة ومواقف تاريخية في الحفاظ على مقدساتنا، وهي لا تزال تحتفظ بوثائق كل القضية الفلسطينية، وهي وثائق خطيرة جدا وثمينة جدا، كما أن تركيا وكما نعلم لها قدراتها المميزة بممارسة الضغوط السياسية والديبلوماسية على الاحتلال الصهيوني، فمن شأن كل ذلك أن يجعل من الدور التركي دور مهم جدا.
في رأيكم ما هو السبب في تغير الموقف التركي ؟ (هناك أنباء بأن تركيا كانت تمتنع عن اظهار هذه المستندات خوفا على علاقتها بالكيان الصهيوني).
أقدر جدا الموقف التركي الشجاع في هذه الأيام وأتمنى أن يكون نموذجا يحتذي به كل الدول المسلمة والعربية، لأن تركيا بدأت تقوم بواجبها لنصرة القضية الفلسطينية عامة ولنصرة القدس الشريف والمسجد الأقصى خاصة، ولنتذكر في عام 2007 عندما بدأ الإحتلال الصهيوني بهدم طريق المغاربة أحد أبنية المسجد الأقصى فإن الذي تحرك فورا هي اللجنة التركية التي جاءت إلى موقع هذه الجريمة الصهيونية، لذلك مرة أخرى أعود وأقول نحن نطمع بالدور التركي المناصر لقاضاينا في هذه الأيام.
أما عن سبب التغير فهو واضح، فالحكومة التركية الحالية هي حكومة ذات خلفية إسلامية، مما جعل منها ذات دور بارز في القضايا الإسلامية على صعيد عالمي، فهل هناك أهم من قضية القدس والمسجد الأقصى ؟ ، لذلك فقد بدأت هذه الحكومة بالقيام بهذا الدور الذي غاب عن الديبلوماسية التركية قبل 20 عاما .
في ظل عدم توفر الوسائل الكافية لدى المسلمين في المرحلة الحالية لوقف الحفر تحت الأقصى، هل يمكن تشكيل لجنة لمتابعة الآثار الإسلامية التي تظهر نتيجة الحفر هناك كما حدث في باب المغاربة عندما ظهرت الحلقة التي ربط فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم البراق عندما حاول اليهود هدم هذا الباب؟
أنا في تصوري لابد من لجنة آثار من المسلمين والعرب لتقف على مخاطر جرائم الحفر التي يقوم بها الاحتلال، ثم تتوجه هذه اللجنة المسلمة والعربية إلى من يهمه الأمر من عناوين عالمية ومن عناوين مسلمة وعربية كذلك، وتناشدها بأن تأخذ دورها من أجل ممارسة ضغوطها المتواصلة على الاحتلال لإيقاف جرائم الحفر.
ما هو تقييمكم لدور منظمات حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق فلسطينيي الخط الأخضر؟
مع كل أسف دور جمعيات حقوق الإنسان لا يزال دور احتجاجي غير مؤثر في مجريات الأحداث، فهذه الجمعيات حتى الآن تقف عند حد استنكار جرائم الاحتلال وتدعوه إلى إيقافها، ولكن حتى الآن ما يزال الاحتلال يضرب بجميع هذه النداءات عرض الحائط سواء كانت نداءات صادرة عن جمعيات حقوق إنسان شعبية أو حتى رسمية تابعة هيئة الأمم المتحدة أو لأية جهات رسمية أخرى.
تواردت أنباء عن وجود منظمات تنصيرية داخل الأقصى ما مدى استجابة سكان القدس لهذه الدعوات وكيف تواجهون هذه المخططات؟
الذي ينظم هذه الوفود من السائحين هو الاحتلال الصهيوني، فهو يقوم بعمليات غسيل دماغ لهؤلاء السائحين ليحاول أن يقنعهم أن المسجد الأقصى مبني على هيكل أول أو هيكل ثاني، وبطبيعة الحال هذه ليست إلا أوهام صهيونية باطلة، إلا أن الاحتلال يطمع أن يحول أوهامه عن طريق الخداع وغسل أدمغة الآخرين إلى قناعات لدى هؤلاء السياح، ومن هنا فالقضية خطيرة جدا، ونحن مطالبون أن نواجه هذه الدعايات الصهيونية وأن نكشف عنها وعن زيفها حتى لا تكون أنصار لها في الأيام القادمة.
هل ترى أن هذا سوف يشكل خطرا على علاقة المسلمين بالمسيحيين في المدن التي تحظى بأغلبية عربية؟
في تصوري ليست هناك لجان تنصيرية تقف وراء هؤلاء السائحين، بل من يقوم بإرشادهم وتوجيههم على قاعدة الكذب والتزوير هو الاحتلال نفسه كما ذكرت لك، ونحن في داخل القدس كما نلاحظ فإن المسيحيين المقدسيين لا يوافقون على هجوم مثل هذه الوفود الكبيرة من السائحين.
وهل هناك جهة معنية يمكن للمسلمين خارج الأرض المقدسة أن يتواصلوا معها للقيام بواجبهم؟
حقيقة هناك مؤسسة وهي مؤسسة ذات نشاطات شرعية مكشوفة بواسطة أرقام حسابات مكشوفة وإدارة حسابات مكشوفة ولذلك هي تصر أن تكون المساعدات أيضا مساعدات مكشوفة عبر أرقام حسابات ، هذه المؤسسة تسمى صندوق الإسراء للتنمية فهي عنوان أراه ثقة فكما قلت هي عنوان له نشاطاته العلنية التي أنصح أن يكون هناك تعاون معها.
.المسلم
فلماذا الآن؟ وهل هناك اختيار لمناطق ولأشخاص دون آخرين؟ وما حقيقة الوثائق التركية التي تثبت ملكية المسلمين لأراضي حي الشيخ جراح؟ هل نحن بصدد دور تركي في الأقصى مماثل لدورها في غزة؟ وماذا عن محاولات هدم الأقصى؟ وما دور الجماهير المسلمة وهي تراه ينتقص من أسسه بفعل الحفر المستمر أسفله؟
موقع المسلم التقى الشيخ رائد صلاح فور الافراج عنه ليبارك له خروجه من بين أيدي الصهاينة بسلامة الله، ويسأله حول هذه الأسئلة وأوضاع الأقصى والمسلمين في أكنافه؟
فإلى نص الحوار:
هل كان اعتقالكم يوم الاثنين الماضي على خلفية تصريحاتكم الأخيرة أم بسبب خيمة الاحتفال بالقدس عاصمة الثقافة أم مواقفكم من محاولات هدم الاقصى وتهجير السكان؟
اعتقال يوم الاثنين الماضي شمل أحد عشر أخا وأختا كانوا من ضمن المشاركين في المؤتمر الصحفي الاحتفالي مناسبة الإعلان عن القدس الشريف عاصمة الثقافة العربية ، ولكن خلال التحقيق معنا كان هناك تساؤلات كثيرة واضحة من قبل المحققين الصهاينة حول ارتباطنا بمدينة القدس الشريف ومقدساتها ، وحول ارتباطنا بالمسجد الأقصى المبارك وهذا يعني أن الاعتقال يأتي على خلفية كل هذا الموقف الشمولي لكل هذه القضايا بلا استثناء وكأن الاحتلال الصهيوني يحاول أن يرسل رسالة لتكميم أفواه جميع الإخوة الذين كانوا معنا.
هل يحاول الاحتلال بذلك إسكات الصوت الذي يعرقل مسيرة هدم الاقصى وتهجير السكان، وهل هي محاولة لتشتيت الجهود أيضا ؟
لا شك أن الاحتلال الصهيوني لا يتردد في تنفيذ أية خطوة من شأنها أن تقترب من حلمه الأسود الذي لن يتحقق إن شاء الله وهو بناء هيكل أسطوري على حساب المسجد الأقصى ، من أجل ذلك هم اليوم يصادرون أرض القدس ، يهدمون بعض بيوت القدس ويخلون البعض الآخر ويقومون بسلسلة اعتقالات متواصلة من أجل فرض أجواء ارهاب على أهلنا في مدينة القدس وعلى جميع أهلنا في كل أنحاء المجتمع الفلسطيني ، ولكن هيهات هيهات لهذه السياسة أن تنجح لأن قضية القدس ليست قضية شخصية مزاجية بل هي قضية عقيدة ، قضية حق تاريخي حضاري لكل الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني.
تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الاعتداءات المتكررة على بعض المدن مثل أم الفحم وحي سلوان، هل هناك مدلولات معينة لاختيار المكان والزمان أم أنها مجرد همجية وعنهجية صهيونية؟
إطلاقا ؛ القضية ليست أعمال مجرد أعمال شغب وعنجهية ، القضية هي تمهيد لسياسة الترحيل التي بدأت تتحدث عنها الأبواق الصهيونية الرسمية ، والتي بدأت تلوح بأنها تسعى إلى ترحيلنا نحن الفلسطينيين في العمق الفلسطيني في حدود عام 1948 ومن هنا فإن ما جرى أمس (24/3/2009) هو أمر خطير لأنه أمر مصيري بالنسبة لبقائنا في بيوتنا وأرضنا ومقدساتنا ولذلك وجدنا أنه من الواجب أن نتصدى لمحاولات هؤلاء الصعاليك الذين يتقدمهم هذا المارزال والذين حاولوا اقتحام مدينة أم الفحم
ولا شك أن اختيار مدينة أم الفحم في هذه الأيام كان له مغزى ، فهذه المدينة في تفكير المؤسسة الصهيونية الرسمية هي من المناطق المرشح أن يبدأ بها الترحيل بأساليب خداعة ومن هنا تأتي هذه الزيارة عن سبق إصرار لمدينة أم الفحم لأنها من أوائل المستهدفين في سياسة الترحيل الصهيونية.
توالت نداءاتكم التي تطالب بسرعة التحرك لإنقاذ المسجد الأقصى، وما زالت ردود الأفعال دون المستوى، في رأيكم ما السبب وأين الحل؟
حقيقة المطلوب حتى نرتقي إلى مستوى الحدث أن يعي عالمنا العربي والإسلامي جيدا أن قضية المسجد الأقصى ليست قضية بناء عام في هذه الأرض، وليست قضية مسجد عام من ضمن مساجد المسلمين في هذه الدنيا، بل هي قضية قرآنية، وقضية حق إسلامي عربي فلسطيني لا يجوز التنازل عنه ولا يجوز خذلانه كما لا يجوز موقف المتفرج على مشاهد المآسي التي يعيشها المسجد الأقصى، في الوقت الذي يجتمع الجميع على هذه الرؤية في تصوري سيزول الاحتلال الصهيوني مما لا شك فيه.
على من تعولون في هذه النداءات ؟ (الشعوب ،الدعاة والعلماء ، المثقفون ،الساسة ، منظمة المؤتمر الإسلامي، جامعة الدول العربية ، الأمم المتحدة )؟
نحن نبدأ بأنفسنا بعيدا عن أطماعنا في تأييد هيئات مثل الأمم المتحدة، يجب أن نبدأ بأنفسنا نحن نعول على كل مركبات عالمنا الإسلامي والعربي على صعيد رسمي وعلى صعيد شعبي يشمل العلماء المؤسسات الأحزاب والشعوب قاطبة لأن قضية المسجد الأقصى ليست قضية منطق من الممكن أن نختلف عليه، إنما هي قضية واجب يجب أن نقوم به لا يسع أحدنا أن يقصر في هذا الواجب.
كيف تقرأ إدانة الأمم المتحدة لـ’’إسرائيل’’ بسبب جرائم الحرب التي قامت بها في غزة؟ هل هي لتلميع الإدارة الأمريكية الجديدة وذر الرماد في العيون لامتصاص الغضب العالمي تجاه مجازر غزة أم ان هناك بالفعل تغير في الموقف العالمي تجاه القضية الفلسطينية؟
شعبنا الفلسطيني لا يزال يعيش نكبة طويلة منذ 60 عاما ، ولذلك لم يعد يرضى بمجرد الضريبة الكلامية سواء صدرت من هيئة أمم متحدة أو من جهات عليا أخرى في العالم ، فشعبنا الفلسطيني بات يصر على ضرورة اتخاذ مواقف عملية رادعة لسياسة الاحتلال الصهيوني المتوحشة التي لا تزال تقوم بجرائمها تارة في غزة ومرة أخرى في القدس الشريف ثم مرة ثالثة في الضفة الغربية ، ولذلك فإننا لن نفرح في هذه الأيام ولا في المستقبل لمجرد عنتريات إعلامية ليس إلا .
نحن ننظر إلى هذه الأقوال كموقف يحتاج أن نضعه على المحك فهذه الأقوال في امتحان، إذا ما تلاها خطوات عملية فهذا ما يرجوه شعبنا الفلسطيني ، أما إذا بقيت مجرد أقوال لا تسمن ولا تغني من جوع فمن الواضح أنها مجرد ذر للرماد في العيون .
هذا يدفعنا للسؤال عن مدى تعويلكم على الإدارة الأمريكية الجديدة في تغيير الوضع؟
الإدارة الأمريكية على مدار تاريخها لم نحصد منها إلا الويلات كشعب فلسطيني ، وكذلك كعالم عربي وعالم إسلامي، ودائما يقال لنا أن هناك رئيسا جديدا يحاول أن يغير الخطاب الأمريكي تجاه العالم العربي والإسلامي والشعب الفلسطيني ، ولذلك نحن لا نستعجل بتلقف مثل هذا الخطاب ولا نفرح به ولا نلهث وراءه ، بل نقول أن هذا الخطاب الآن في امتحان ، وأوباما الآن في امتحان هل هو فعلا يملك الجرأة والتصميم على تنفيذ مستلزمات هذا الخطاب أم سيدور في حلقة مفرغة من الوعود ليس إلا ، ولذلك حقيقة نحن نتمنى له النجاح لكن نجاحه لن يكون بمجرد الأقوال الوعود ، فالحد الأدنى لنجاحه هو التسهيل لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وماذا عن انتخاب حكومة صهيونية جديدة، في رأيكم ما مدى تأثير ذلك على مستقبل الأقصى؟
الحكومة الصهيونية القادمة لن تأتي بجديد، بل هي ستواصل سياسات الحكومات الصهوينية السابقة، وهي تشكل خطرا على الأقصى ليس للمرة الأولى في تاريخ حكومات هذا الكيان المغتصب، بل إن جميعها كانت تشكل خطرا على الأقصى ولا تزال، فجميعها تعمل على صناعة الأجواء التي تتيح لها الفرصة لتنفيذ مخططاتها ببناء هيكل على حساب المسجد الأقصى.
عودة إلى الأقصى، في رأيكم : ما الذي يمكن أن يردع الاحتلال عن تماديه في تنفيذ مخططاته؟
أرى أن هذا يحتاج إلى شيئين، أولا: الدور الرسمي على صعيد الحكومات العربية والإسلامية، فهي مطالبة بأن تستنفذ كل الوسائل السياسية والإعلامية الديبلوماسية التي تملكها بهدف تشكيل ضغط على الاحتلال الصهيوني لإيقاف سياسة التمادي في الاعتداء على القدس الشريف والمسجد الأقصى، وثانيا : هناك دور مطلوب من الشعوب المسلمة والعربية حيث إنني أؤمن أن هذه الشعوب لو قامت من أجل مناصرة القدس الشريف والمسجد الأقصى كما قامت مشكورة بهبتها الجماهيرية خلال الحرب على غزة ولو أدت نفس هذا الدور الذي أدته في نصرة غزة أنا على يقين أنها ستحدث ضغطا قويا جدا من شأنه أن يقوف كل سياسات التمادي الاحتلالية الصهيونية .
هذا يدفعنا للسؤال عن أسباب تفاعل الشعوب العربية والإسلامية مع أحداث غزة في حين لا تحظى المقدسات وهي الأصل بذات الاهتمام ؟
حقيقة أرى أن التفاعل مع غزة يبدو أنه جاء من خلال ما شاهده العالم الإسلامي والعربي من مناظر الشهداء والدمار والهدم الجماعي الذي أوقعه الإحتلال على أهلنا في غزة ومن هنا أتمنى عليكم ألا تحتاج القدس إلى تقديم آلاف الشهداء وآلاف الجرحى في هذه الأيام حتى ينتصر لها العالم الإسلامي والعربي كما انتصر لأهلنا في غزة.
في ظل الوضع الراهن، ما هي الوسائل والآليات المتاحة للمسلمين خارج الأقصى لتقديم النصرة لكم؟
الدور المطلوب من المسلمين عالميا يبدأ عندما يحرص المسلمون على الإبقاء على قضية المسجد الأقصى كقضية حية في برنامج حياتهم اليومية وفي برنامج الأجيال القادمة، لأن هذه القضية ليست مسؤولية جيل من المسلمين فقط، بل هي قضية كل الأمة الإسلامية بأجيالها الحالية والقادمة ومن هنا يجب توريثها لهذه الأجيال القادمة ، فإذا ما وعي ذلك المسلمين، وإذا ما نجحنا في الإبقاء على قضية القدس والمسجد الأقصى حية في قلوب ونفوسنا ونفوس أجيالنا، ففي تصوري هذا هو رأس المال الأساس الذي من شأنه أن ينصر المسجد الأقصى مع ضرورة التأكيد على أنها قضية ترتبط بعقيدتنا وأنها قضية إسلامية عربية فلسطينية بمعنى أنها تهم كل مسلم وكل عربي كما تهم كل فلسطيني، إذا ما نجحنا في ترسيخ هذه القيم ففي تصوري هذه هي بداية نصرة المسجد الأقصى.
رأينا العديد من سكان حي سلوان على شاشات الإعلام وهم يعرضون وثائق تؤكد ملكيتهم لهذه المنازل منذ مئات السنين، لماذا لا تقومون بتقديم هذه الوثائق لمحكمة داخلية أو دولية ؟
فكرة التوجه إلى محاكم دولية لا بأس بها، ولكن علينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن المحاكم الدولية ليست هي الوسيلة الأساس لنصرة أهلنا في سلوان لأن تجربتنا مع المحاكم الدولية ليست مشجعة، وأذكر لك على سبيل المثال الحكم الذي أصدرته إحدى هذه المحاكم بوقف بناء جدار الفصل العنصري إلا أن الاحتلال الصهيوني لم يلتزم بهذا الأمر ولا يزال يواصل بناء هذا الجدار، ولذلك أنا أقولها بحذر، إذا أردنا أن نتوجه إلى المحاكم الدولية فلا بأس ولكن دون أن نعول عليها أو نعتبرها هي الوسيلة المثلى أوالأساس، ودون أن ننسى أو نتناسى وسيلتنا الأساس والتي هي ـ وفق قناعتي ـ النضال الجماهيري الشعبي المطلوب من أهلنا في القدس الشريف وفي أكنافه، فأنا أرى أن صمودهم هو أهم الوسائل، لأن هذا الصمود يعني إفشال كل محاولات الاحتلال الصهيوني لتهويد القدس عامة أو لتهويد القدس القديمة أو لتهويد سلوان وغيرها من أحياء هذه المدينة المباركة.
هل يتبنى الكيان الصهيوني سياسة محاولة إذابة الأجيال الجديدة في ثقافتها أم تتبنى سياسة التضييق حتى تدفعكم للهجرة ؟
المؤسسة الصيونية تتبنى كل هذه الاحتمالات فهي تحاول أن تصنع الأجواء المناسبة وفق حساباتها لترحيلنا، وفي نفس الوقت هي تراهن على مجيء أجيال قادمة من شأنها أن تنسى قضية القدس والمسجد الأقصى وأن تنسى حق العودة وكل قضايانا الجوهرية التي يجب أن ننتصر لها دائما وأبدا.
وهل ترون أن المؤسسة اليهودية نجحت في مخططاتها لتهويد المدينة؟
دعيني أقول في المجمل أن المؤسسة الصهيونية تعاني من مأزق في نظرها خطير جدا، المأزق هو من جانبين، الجانب الأول الوكالة اليهودية العالمية التي أخذت على عاتقها تشجيع يهود العالم للرحيل إلى أرضنا، إلى المؤسسة الصهيونية، هذه الوكالة فشلت ولم تعد تستطيع إقناع يهود العالم لأن يرحلوا إلى أرضهم المزعومة، وهذا بالنسبة لهم أمر خطير جدا، الأمر الثاني أن 750 ألف ممن كانت الوكالة اليهودية قد نجحت بنقلهم إلى إطار المؤسسة الصهيونية؛ هؤلاء خلال هذه الفترة القريبة من الزمن هاجروا هجرة معاكسة بمعنى هاجروا إلى أوروبا وهاجروا إلى أمريكا الشمالية، وتحديدا إلى كندا، فهم يعيشون الآن في مأزق بعد أن فشلت الوكالة اليهودية بما كانت تعول عليه وهو ما تسميه هي مبدأ القادمين الجدد، وهذا يعني أن العدد الذي تعول عليه الوكالة سيتناقص نسبيا مع الأيام القادمة وفي المقابل يزداد عدد الفلسطينيين.
كما أنها كانت تعول أيضا على ذوبان من بقي من السكان في مؤسساتهم وكيانهم المسخ، وقد فشلت في هذا أيضا، فعلى سبيل المثال في نكبة فلسطين عام 1948 كان هناك عشرات الآلاف ممن بقوا على أرضهم من شعبنا الفلسطيني، كانت مؤسستهم تعتقد أنهم سيذوبون وسينتهون ولن يبقى لهم وجود ولكن معادلتها كانت خاطئة جدا، هؤلاء لم يذوبوا، بل على العكس فقد ثبتوا على أرضهم وتمسكوا بهويتهم ويصل عددهم اليوم بحمد الله إلى مليون ونصف المليون فلسطيني فالأيام القادمات على قاعدة الرؤيا الديموغرافية هي لصالح الوجود الإسلامي العربي الفلسطيني وهو بخلاف ما تشتهيه المؤسسة الصهيونية.
الوثائق التركية التي كشفت عن حق المسلمين التاريخي في منطقة الشيخ جراح والتي أفرجت عنها تركيا مؤخرا كي تحول دون تهجير هؤلاء السكان من أرضهم هل هي بداية لدور تركي في الدفاع عن الأقصى كذلك المبذول في فك الحصار عن غزة؟
نحن بلا شك نطمع بالدور التركي في هذه القضايا الحساسة التي تتعلق بالأرض والمقدسات، والتي تتعلق بشكل خاص بالقدس الشريف والمسجد الأقصى، فتركيا ولا شك لها أيادي بيضاء كريمة ومواقف تاريخية في الحفاظ على مقدساتنا، وهي لا تزال تحتفظ بوثائق كل القضية الفلسطينية، وهي وثائق خطيرة جدا وثمينة جدا، كما أن تركيا وكما نعلم لها قدراتها المميزة بممارسة الضغوط السياسية والديبلوماسية على الاحتلال الصهيوني، فمن شأن كل ذلك أن يجعل من الدور التركي دور مهم جدا.
في رأيكم ما هو السبب في تغير الموقف التركي ؟ (هناك أنباء بأن تركيا كانت تمتنع عن اظهار هذه المستندات خوفا على علاقتها بالكيان الصهيوني).
أقدر جدا الموقف التركي الشجاع في هذه الأيام وأتمنى أن يكون نموذجا يحتذي به كل الدول المسلمة والعربية، لأن تركيا بدأت تقوم بواجبها لنصرة القضية الفلسطينية عامة ولنصرة القدس الشريف والمسجد الأقصى خاصة، ولنتذكر في عام 2007 عندما بدأ الإحتلال الصهيوني بهدم طريق المغاربة أحد أبنية المسجد الأقصى فإن الذي تحرك فورا هي اللجنة التركية التي جاءت إلى موقع هذه الجريمة الصهيونية، لذلك مرة أخرى أعود وأقول نحن نطمع بالدور التركي المناصر لقاضاينا في هذه الأيام.
أما عن سبب التغير فهو واضح، فالحكومة التركية الحالية هي حكومة ذات خلفية إسلامية، مما جعل منها ذات دور بارز في القضايا الإسلامية على صعيد عالمي، فهل هناك أهم من قضية القدس والمسجد الأقصى ؟ ، لذلك فقد بدأت هذه الحكومة بالقيام بهذا الدور الذي غاب عن الديبلوماسية التركية قبل 20 عاما .
في ظل عدم توفر الوسائل الكافية لدى المسلمين في المرحلة الحالية لوقف الحفر تحت الأقصى، هل يمكن تشكيل لجنة لمتابعة الآثار الإسلامية التي تظهر نتيجة الحفر هناك كما حدث في باب المغاربة عندما ظهرت الحلقة التي ربط فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم البراق عندما حاول اليهود هدم هذا الباب؟
أنا في تصوري لابد من لجنة آثار من المسلمين والعرب لتقف على مخاطر جرائم الحفر التي يقوم بها الاحتلال، ثم تتوجه هذه اللجنة المسلمة والعربية إلى من يهمه الأمر من عناوين عالمية ومن عناوين مسلمة وعربية كذلك، وتناشدها بأن تأخذ دورها من أجل ممارسة ضغوطها المتواصلة على الاحتلال لإيقاف جرائم الحفر.
ما هو تقييمكم لدور منظمات حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق فلسطينيي الخط الأخضر؟
مع كل أسف دور جمعيات حقوق الإنسان لا يزال دور احتجاجي غير مؤثر في مجريات الأحداث، فهذه الجمعيات حتى الآن تقف عند حد استنكار جرائم الاحتلال وتدعوه إلى إيقافها، ولكن حتى الآن ما يزال الاحتلال يضرب بجميع هذه النداءات عرض الحائط سواء كانت نداءات صادرة عن جمعيات حقوق إنسان شعبية أو حتى رسمية تابعة هيئة الأمم المتحدة أو لأية جهات رسمية أخرى.
تواردت أنباء عن وجود منظمات تنصيرية داخل الأقصى ما مدى استجابة سكان القدس لهذه الدعوات وكيف تواجهون هذه المخططات؟
الذي ينظم هذه الوفود من السائحين هو الاحتلال الصهيوني، فهو يقوم بعمليات غسيل دماغ لهؤلاء السائحين ليحاول أن يقنعهم أن المسجد الأقصى مبني على هيكل أول أو هيكل ثاني، وبطبيعة الحال هذه ليست إلا أوهام صهيونية باطلة، إلا أن الاحتلال يطمع أن يحول أوهامه عن طريق الخداع وغسل أدمغة الآخرين إلى قناعات لدى هؤلاء السياح، ومن هنا فالقضية خطيرة جدا، ونحن مطالبون أن نواجه هذه الدعايات الصهيونية وأن نكشف عنها وعن زيفها حتى لا تكون أنصار لها في الأيام القادمة.
هل ترى أن هذا سوف يشكل خطرا على علاقة المسلمين بالمسيحيين في المدن التي تحظى بأغلبية عربية؟
في تصوري ليست هناك لجان تنصيرية تقف وراء هؤلاء السائحين، بل من يقوم بإرشادهم وتوجيههم على قاعدة الكذب والتزوير هو الاحتلال نفسه كما ذكرت لك، ونحن في داخل القدس كما نلاحظ فإن المسيحيين المقدسيين لا يوافقون على هجوم مثل هذه الوفود الكبيرة من السائحين.
وهل هناك جهة معنية يمكن للمسلمين خارج الأرض المقدسة أن يتواصلوا معها للقيام بواجبهم؟
حقيقة هناك مؤسسة وهي مؤسسة ذات نشاطات شرعية مكشوفة بواسطة أرقام حسابات مكشوفة وإدارة حسابات مكشوفة ولذلك هي تصر أن تكون المساعدات أيضا مساعدات مكشوفة عبر أرقام حسابات ، هذه المؤسسة تسمى صندوق الإسراء للتنمية فهي عنوان أراه ثقة فكما قلت هي عنوان له نشاطاته العلنية التي أنصح أن يكون هناك تعاون معها.
.المسلم