مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/17 20:12
حوارمع : د. عبدالحميد الحمدي - ممثل المجلس الإسلام
حوارمع : د. عبدالحميد الحمدي - ممثل المجلس الإسلامي الدنماركي

طالب أن يُعقد المؤتمر النصرة الثالث في الدنمارك .. د. عبدالحميد الحمدي لـ (إسلاميات):

المقاطعة الاقتصادية لا تحل المشكلة أبداً خطأ

إسلاميات / علي بن حاجب - الكويت

اعتبر الدكتور عبدالحميد الحمدي، ممثل المجلس الإسلامي الدنماركي في مؤتمر النصرة الثاني الذي عقد مؤخراً بالكويت، أن المقاطعة الاقتصادية للدنمارك ليست الحل الأمثل للقضاء على الإساءات المتكررة لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وقال:’’أن العالم الإسلامي من حقه أن يقاطع المنتجات الدنماركية، لكن نحن كجالية مسلمة نعيش في تلك البلاد لابد أن نثبت لهم أننا مواطنين صالحين. كما شدد الحمدي على أن صورة الإسلام مشوهة فلا بد من تجليتها بالحكمة والموعظة الحسنة.

إساءات متكررة

* الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة إلى النبي عليه الصلاة والسلام .. هل جاءت من فراغ أم سبقتها أحداث لم يعلم بها العالم خارج الدنمارك ؟

قبل أن أتحدث عن أزمة الرسوم كانت هناك مقدمات، فقبل الأزمة تقريباً بأسبوعين اجتمع رئيس الوزراء الدنماركي بمجموعة من الأئمة والدعاة ورؤساء المراكز في الدنمارك بقصد التباحث حول قضايا الجالية المسلمة وحول تأخر اندماج هذه الجالية في هذا المجتمع وأثار عدة قضايا مع الأئمة والدعاة وكان مما أثاره أن يكون للأئمة والدعاة دوراً إيجابياً في توجيه وترشيد الشباب المسلم المقيم في الدنمارك فقال له الأئمة هذا ما نقوم به وما يمليه علينا واجبنا ودعوتنا ورسالتنا الإسلامية، لكن إن أردتم أن يكون للأئمة ورؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية والاتحادات دور فاعل ومهم مع الشباب في توجيهه وترشيده فلا بد أن تلتفتوا إلى إعلامكم.

* لماذا التركيز على الإعلام بالذات ؟

الإعلام الدنماركي منذ أحداث سبتمبر تقريباً وهو لا يمر يوم إلا وتقرأ على صفحاته كل ما يمس ويسيء إلى الإسلام والمسلمين، مرةً يوصفهم بأنهم إرهابيون إلى غير ذلك من الإساءات المتكررة، فإن أردتم أن يكون لنا دوراً فلا بد أن توصوا الجهات المختصة المشرفة على الإعلام أن يتوقفوا عن الانحياز ضد المسلمين والإسلام.

* وماذا كان ردة فعله حيال ما ذكرتم بشأن انحياز الإعلام ضد المسلمين ؟

أكد رئيس الوزراء الدنماركي للأئمة والخطباء أنه سيكون لنا توصية ودعوة إلى هذه الجهات بأن تبتعد عن الإساءة إليكم وإلى دينكم وإلى هويتكم وانفض اللقاء على هذه التوصيات لكن مع الأسف الشديد ما إن وصلت هذه التوصيات وهذه الأمور إلى الصحافة الدنماركية كون رئيس الوزراء اجتمع بالأئمة والدعاة ورأى البعض من الذين يشرفون على هذا الإعلام المتطرف والمنحاز أن هذا تدخل في حرية التعبير فما إن وصلت هذه الأخبار إلى الصحافة حتى جن جنون أولائك الذين يكرهون الجالية المسلمة والإسلام والمسلمين، ولا شك أنهم قلة في المجتمع الدنماركي وخاصةً الذين يعملون في جريدة (يولان بستن) هذه الجريدة التي كانت في ذلك الوقت مغمورة لا يعرفها أحد إلا القليل النادر لكن صنعتها الأزمة، فكان الذين شاركوا في مسابقة الرسوم ثلاثون رساماً لكن الذين استجابوا لدعوته اثنا عشر واعتذر ثمانية عشر رساماً بدعوى أن هذا الأمر خطير خاصة أن المسلمين تعلقهم بنبيهم وحبهم له كبير، فالإقدام على هذه الخطوة سيحدث ضجة.

شعب مسالم

* ما هي طبيعة الشعب الدنماركي .. هل هو عدائي أم مسالم ؟

الشعب الدنماركي لا يزيد عن 5,3 مليون، 95 بالمائة منه شعب مسالم لا يريد الحروب ولا التصعيد ولا التشنج مع أي جالية من الجاليات المقيمة على أرضه، الشعب الدنماركي كبقية الشعوب الغربية شعوب لائيكية لا تدين بأي ديانة، والذين يعتنقون الديانة المسيحية في الدنمارك لا يزيدون عن 10 بالمائة، والذين يذهبون إلى الكنيسة لا يزيدون عن الواحد في الألف، إذاً فهذه الشعوب لا علاقة لها بالأديان ولا بالصلة ولا بالسماء شعوبٌ لائيكية، والشعوبٌ اللائيكية في العادة لا تؤمن بالمقدس أي أنه حينما يستهزأ بالرسول أو بالنبي أو الله – تعال الله عن ذلك - أمر طبيعي عندهم،فلا توجد عندهم قيم تمنع ذلك.

* وكيف كان صدى هذه الرسوم في المجتمع الدنماركي المسلم ؟

ما إن صدرت الجريدة وعليها الرسومات 30/5/2005م حتى أحس المسلمون أن المعركة هذه المرة خطيرة وأن الضربة في العظم وأن التعدي أخطر مما يكون قد يُتعرض إلى أفرادنا إلى جماعاتنا إلى عرقياتنا إلى مذاهبنا قد يتغافل عنه، أما أن تمسنا وأن تعتدي علينا في شخص رسول الله فهذا خط أحمر لا يمكن السكوت عنه، وقلنا لا بد أن يكون لنا تحرك على مستوى الساحة الدنماركية وبدأنا نتحرك ونتصل بالإعلام ونتصل بوزارة الثقافة ووزارة الإعلام، ورئيس الوزراء هذا في بداية الأمر ونحاول بأن نحل المشكلة ونهديها في مهدها ونبين لهم أن هذا الأمر إن كنتم تجهلونه فهو بالنسبة للمسلمين أمر خطير جداً لكن مع الأسف تلك الجهات كلها كابرت وعاندت ولم تصل إلى مستوى الاعتذار الذي كنا نطمح إليه، لكن بعد أن أغلقت أمامنا الأبواب في الدنمارك ولم نجد حلاً، يعني المشكلة أننا حددنا هدف وهو لابد وهو أقل القليل أن نحصل على اعتذار من هذه الجريدة على هذا الفعل المشئوم.

* هل وجدتم استجابات لنداءاتكم ؟

تحركنا داخل الدنمارك لم يجدي نفعاً،رغم تعاطف كثير من الجمعيات المدنية والأحزاب المعارضة وجزء حتى من أعضاء الحكومة اعتبروا أن هذه الإساءة لا علاقة لها بحرية التعبير، وإنما هي تمس الآخر وتمس كينونته، فاضطررنا إلى أن نرفع القضية والشكوى إلى خارج الدنمارك فذهبت الوفود إلى كل من مصر والسعودية والعالم الإسلامي، أول خطوة أحست من خلالها الحكومة الدنماركية أن ما أقدمت عليه الجريدة خطير حين استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها احتجاجاً على تلك الرسوم، فخطب رئيس الوزراء في البرلمان وقال لابد أن نعترف أن هناك أزمة حقيقية بيننا وبين العالم الإسلامي وبدأت الضغوط تنصب بقوة على الجريدة حتى تعتذر لأن رئيس الوزراء قال: أنا لا أستطيع أن أعتذر لأنني لم أقترف أي ذنب في الجريمة فالذين ارتكبوا الخطأ هم الذين يعترفون أي لابد من هذه الجريدة أن تعترف أنها ارتكبت خطأ وتعتذر عن هذه الإساءة، فتحت الضغوط وتحت الضغط الحكومي والإعلام الآخر والاحتجاجات القوية من العالم الإسلامي إلى غير ذلك اعتذرت الجريدة الدنماركية (يولان بستن) عن تلك الإساءة وأمام هذا الاعتذار قلنا تقف المعركة هذا ما كنا نريده وانتهت المشكلة.

* وبماذا خرجتم من هذه الأزمة ؟

هذه الأزمة جاءت فعرفت الغربيين بالإسلام فأصبح اسم الإسلام في كل بيت، قبل الأزمة تقريبا كان 20% من الدنماركيين يعرفون أن هناك دين اسمه الإسلام، لكن بعد الأزمة ارتفع إلى 90% بعضهم يدفعه فضوله حتى يعرف الحقيقة هل ما رسم حقيقة أو كذب فهبت الجموع من الشعب الدنماركي لقراءة الكتاب الإسلامي ونحن كان لنا تحرك قوي في توزيعه، ثم الذي دفعهم أكثر أنه كانت الصحافة الدنماركية طرحت تساؤل تقول فيه: رجل مات منذ 1400 سنة وبمجرد أن يساء إليه تهب أمة بأكملها إذن هناك سر، هذا السر أراد الشعب الدنماركي أن يعرفه فهبت الجموع في كامل الدنمارك تبحث عن الكتاب الإسلامي وتبحث في المواقع الإلكترونية وغيرها لمعرفة شخص النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الدراسات تقول أن الذين دخلوا في الإسلام من أيام بداية الأزمة إلى الآن يصل عددهم ألفين مسلم دنماركي جديد.

رفض المقاطعة

* ردود فعل المسلمين في العالم تجاه الرسوم كانت معادية للغرب في حين أنكم داخل الدنمارك حاولتم تصحيح الخطأ وتدارك الموضوع ؟

أن نعالج السيء بالسيء هذا خطأ، لابد أن تكون ردود أفعالنا محسوبة وأن نتعامل مع هذه القضايا بالأسلوب الحكيم وبعيدا عن التشنج والتصلب والتعصب، والمطلوب منا أن ندافع عن ديننا وعن رسولنا وأن ننصره بالطرق السليمة والحكيمة، فمن حق هؤلاء علينا أن نعرفهم بحقيقة الإسلام لأن الإسلام صورته مشوهه عندهم ففيهم الجاهل وفيهم المعاند وفيهم الحاقد ومطلوبٌ منا أن نعرفهم بهذا الدين أما أن نرد بالتكسير و بالعنف و بالتفجير هذا سيزيد الصورة سوءاً وحتى قضية المقاطعة نحن في الدنمارك نرفضها.

* لماذا ترفضونها والعالم الإسلامي كله يقوم بها وهناك أسانيد شرعية يستندون عليها؟

العالم الإسلامي من حقه أن يقاطع، لكن نحن كجالية مسلمة نعيش في تلك البلاد ونحمل جنسيته وأنا مواطن فيه لابد أن أثبت لهم أني مواطن صالح أدافع عن حقوقه مثل ما أدافع عن حقي، لكن ليس معنى ذلك أن أطالب العالم الإسلامي أن لا يستعمل هذه الوسائل فهذه من حقه.

* معنى ذلك أن المقاطعة لن تحل المشكلة ؟

أنا أعتبر أن المقاطعة لا تحل المشكلة بل الدنمارك استطاعت أن تنفذ من هذا الأمر وسوقت بضاعتها بطرق أُخرى، ولكن أنا أريد انفتاح حقيقي على الغرب وتفنيد كل ما يثار ضد الإسلام وضد المسلمين وأن تكون ثورة علمية قوية لتأليف الكتب والرد على تلك الشبهات كما وقع أيام الحروب الصليبية حين تصدى القرافي والقرطبي والجعفري لهجمة شرسة شبيهة بهذه الأزمة بتأليف الكتب والحوار والانفتاح فدخل الناس في ذلك العصر أفواجاً في الإسلام.

صورة مشوهة

* أين مكمن الخطر الذي يلحق بالإسلام اليوم ؟

صورة الإسلام مشوهة وتزداد كل يوم تشويهاً فلا بد من تجليتها بأسلوب حكيم بالدعوة بالتي هي أحسن بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن نحن عندنا نص شرعي لا بد أن نتقيد به ولذلك حينما عرضت قضية المقاطعة على هيئة كبار العلماء في السعودية قالوا يقول الله عز وجل (ولا تزر وازرةٌ وزر أًخرى). أنا عندي مشكلة مع جريدة اسمها (يولان بستن) لابد أن كل احتجاج وكل رفض يتجه لهذه الجريدة ومعاقبتها بالقانون وبالرفض وبالاحتجاج أما أن نعمم المشكلة بالمقاطعة مثلا فهذا غير مقبول.

* أقيم حتى الآن مؤتمران لنصرة الرسول عليه الصلاة والسلام الأول كان في البحرين والثاني في الكويت.. ألا يمكن أن تساهم مثل هذه المؤتمرات في نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام؟

مؤتمر كهذا وبهذا الإنفاق الكبير ينعقد في البحرين أو الكويت؟ هل هم محتاجون إلى مثل هذه المؤتمرات أو هنالك شك أنهم لا يحبون رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ معاذ الله.أنا أريد مثل هذا المؤتمر أن ينعقد في أوروبا في الدنمارك، هناك نخاطبهم ونقتحم عليهم ديارهم هنالك نعرفهم بديننا وبحضارتنا وبإسلامنا أما كل الذين حضروا إلى الكويت أو البحرين بالآلاف المؤلفة كلهم يحبون رسول الله ولا غبار على ذلك. هذه الأموال لو أُنفقت أو لو أُنفق جزءٌ منها في التعريف بالإسلام في الدنمارك لوجدنا فرقا كبيرا في التأثير والتجاوب عكس ما ترى، سوف تجد الناس يدخلون في الإسلام وفي تشوق لمعرفة هذا الدين.

كأني أُحاور نفسي في هذا المؤتمر – يقصد المؤتمر الثاني لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم في الكويت- فأنا أُطالب القائمون على هذا المؤتمر أن يكون مؤتمره الثالث في الدنمارك والأمور هناك مهيأة وستهيأ له أسباب النجاح إن شاء الله.
*الإسلامية
أضافة تعليق