مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/17 20:12
قال إنه لا يجوز تجاهلهم.. الشيخ عقيل المقطري لـ"ال
قال إنه لا يجوز تجاهلهم.. الشيخ عقيل المقطري لـ’’الناس’’: أمام السلفيين اليمنيين عقود طويلة للوصول إلى ما وصل إليه نظراؤهم


إرهاصات التيار السلفي، ومشكلاته التي لا تنتهي في اليمن، ستظل حجر عثرة أمام هذا التيار، لتعمل فيه مزيدا من التفتت والانقسام إلى إشعار آخر، ففي هذا الحوار مع أحد أهم رموز السلفية الحركية في اليمن، الشيخ الدكتور عقيل المقطري، المسؤول العلمي في جمعية وتيار الحكمة اليمانية السلفية، أوضح المقطري أن السلفيين في اليمن لا يزال أمامهم عقود طويلة حتى يصلوا ويحققوا ما وصل إليه نظراؤهم السلفيون في دول عربية أخرى، لمزيد من التوضيح نترككم مع الحوار الذي ينشر بالتنسيق مع يمن بوست.

* أين موقع التيار السلفي اليمني من الأزمة السياسية اليمنية؟

- أحب أن أقول في بداية هذا الحوار أني أتكلم هنا عن نفسي ولا أعبر عن أي جهة أو تيار، فأقول إن التيار السلفي جزء من المجمتع اليمني وله أتباع كثر ومؤسسات متعددة ولا يجوز تجاهله بحال من الأحوال وإن كان ثمة من يحاول تجاهله وتجاوزه وهذا من العدوان، ثم إن السلفيين تيارات متعددة كما هو معروف وكل فصيل يختلف عن الآخر في بعض طروحاته -والكلام هنا عن الفصائل المعتدلة- هذه التيارات موقفها من القضايا السياسية واضحة، ففي قضية الحوثي مثلا كان موقفهم مشرف وهو موقف علماء اليمن قاطبة أنهم ضد إراقة الدماء وضد الخروج المسلح لأنه لا يحل القضية بل يزيد الطين بلة ويسبب تدخلات أجنبية على البلد والفتنة كانت تخدم قوى خارجية كما طالبوا الدولة برفع الظلم وبالعدالة في توزيع المشاريع الخ، والبيان الصادر عن العلماء كان واضحا فقد كان تيار الحكمة والإحسان واضح الظهور والتأثير في المؤتمر المنعقد في صنعاء.

وهكذا كان موقف السلفيين واضحا في قضية الانفصاليين في الجنوب فقد أصدر علماء عدن وحضرموت بيانا واضحا برفض الانفصال ومع هذا طالبوا الدولة برفع الظلم عن الناس ورد حقوقهم من قبل بعض المتنفذين من المسئولين وهذا هو موقف علماء اليمن قاطبة حيث صدر عنهم بيان قرأه القاصي والداني وهكذا الحال في القضايا السياسية الأخرى

* وما هو موقف السلفيين عموما وتيار الحكمة خصوصا من الانتخابات القادمة؟ وهل ستخوضونها؟

- كما قلت أنا أتحدث عن نفسي ولا أمثل تيارا بعينه وفيما أعلم أن السلفيين لن يخوضوا الانتخابات (بمعنى لن يرشحوا أفرادا ليكونوا نوابا في البرلمان) فهم لم يحسموا فيما بينهم الأمر، فمنهم من يرى أنه يجوز الدخول في الانتخابات ولكن هذا التجويز منه تنظير محض بمعنى أنه لن يزج بأي من أفراده للترشح ويحشد الناس لترشيحه بل ربما توزع أفراد هذا التيار ما بين مرشح للإصلاح أو مرشح للمؤتمر وهذا يسبب إشكالا على هذا التيار ويجعله يعيش في حيرة مع نفسه ومع أفراده، وهناك تيار يرفض الدخول في العملية الانتخابية ويرى أن الدخول فيها من قبيل المحرم أو العبث وبالتالي فقد حسم الأمر في نفسه ومع أفراده بالرغم من وجود مشايخ ودعاة في هذا التيار يرى ما يراه التيار الأول من أن القضية اجتهادية ولا تثريب على من رشح أو ترشح، وهناك تيار آخر يهاجم الإسلاميين الذين دخلوا في الانتخابات ويرميهم بكل نقيصة ومع هذا فهو يرشح تيارات مناوئة للإسلاميين وهذا أمر مؤسف، فموقف السلفيين لا يزال متباينا متناقضا والله المستعان، وكم كنت أتمنى أن تعقد التيارات المعتدلة لقاءات فيما بينها لتدارس هذه القضية ولا يكتفي كل تيار باجتهاداته الخاصة.

* تعرفون وتدركون شيخنا حجم الحراك الذي أحدثته أحداث غزة الأخيرة محليا وإقليميا ودوليا، إلا أن الأبرز في الموضوع كله تلك الفتوى التي اعتبرت المظاهرات عملا غوغائيا وغير جائز، كيف تنظرون فضيلة الشيخ إلى مثل هذه الفتوى؟

- قضية المظاهرات مسألة اجتهادية وليست قطعية فمنهم من أباحها على الإطلاق ومنهم من حرمها على الإطلاق ومنهم من فصل، وهي وسيلة وليست غاية، والذي اعتقده أن فيها تفصيلا، فأما ما يحدث في بعض المظاهرات من التخريب لممتلكات الناس فهذه فعلا غوغائية ومحرمة لأن فيها اعتداء على أموال المسلمين، وأما إذا كانت غير مثمرة فلا تجوز لأنها حينئذ عبث وضياع للجهد والوقت والمال، وأما إذا كان فيها إبراز الغضب والموقف والمناصرة بالكلمة وبلوغ هذا للعالم كما حدث في قضية غزة فهذا لا بأس به إن شاء الله لأن هذا أقل ما يقدمه المسلم لإخوانه وهذه الوسيلة وإن كانت لم تظهر إلا في بلاد الغرب فليس كل ما جاء من بلاد الغرب محرم وأحيانا قد لا يحصل المسلمون على حقوقهم إلا بالمظاهرات والاعتصامات مثل ما يحصل أحيانا من قبل الأطباء أو المدرسين أو غيرهم بل ربما بعض الاعتصامات السلمية قد تؤدي إلى إسقاط حكومات.

وعلى كل حال فنحن لا نخوض في الكلام في العلماء فربما كانت الفتوى على بعض أنواع المظاهرات وربما كان للعلماء الذين أصدروا هذه الفتوى مبرراتهم وهي مسألة اجتهادية لا تؤدي إلى الطعن في نيات وأعراض العلماء فلحوم العلماء مسمومة وسنة الله فيمن انتهكها معلومة ومن تكلم فيهم بالثلب ابتلاه الله بموت القلب ونسأل الله العافية والمسائل الاجتهادية لا تفسد للود قضية ولا يضلل ولا يبدع ولا يهجر القائل بها بل يتم الإنكار عليه علميا مع التأدب بأدب الاختلاف.

* يلاحظ الكثير من المراقبين للحركات والجماعات الإسلامية، فتور الدعم السلفي للقضية الفلسطينية، أو تماهي مواقف هذا التيار مع الموقف العام للأنظمة العربية الحاكمة، ما ردكم على مثل هذا الزعم؟

- هذا محض افتراء بل موقف السلفيين واضح للغاية فهذه القضية من القضايا المتفق عليها بين جميع التيارات الإسلامية، نعم ربما هناك تيار يغالي من السلفيين ينظر للمقاومة في فلسطين على أنها جماعات حزبية (زعموا) ويقولون إنها خارجة على ولي الأمر (زعموا) بل نقل لي بعض الثقات ممن حضر محاضرات لهولاء يقولون إنه لا جهاد في فلسطين وبالتالي فهو يجرح ويبدع ويقذع السباب فيهم تماما كما يتعامل مع التيارات الإسلامية الموجودة في اليمن أو غيرها، لكن هذا التيار لا يحوز أن يحسب على جميع السلفيين، بل الانصاف يقتضي أن يحاكم هذا التيار وحده، لكن تعال إلى التيارات الأخرى في اليمن وغيرها ستجدها داعمة لهذا القضية إعلاميا وماديا اسمع إلى خطبهم ومحاضراتهم ومجلاتهم وكيف يجمعون التبرعات لصالح هذه القضية وسل جمعية الأقصى ومكتب حماس ومؤسسة بيت المقدس ينبئونك بالخبر اليقين وإن كان لي هنا من عتب فأعتب على هذه المؤسسات (جمعية الأقصى ومكتب حماس ومؤسسة بيت المقدس) التي تخدم القضية الفلسطينية أقول لهم لماذا لا تشركون السلفيين في العمل في هذه المنظمات أم أنها حكر على تيارات بعينها فأنا لا أعرف أنهم طلبوا من السلفيين شخصا للعمل معهم، وبالطبع العمل تطوعي، فربما كان هذا من الأسباب التي أبدت لبعض الناس أن السلفيين لا يتفاعلون مع القضية الفلسطينية وربما كان ذلك دعاية من بعض المتعصبين لبعض التيارات كي ينفر من السلفيين لكن مع هذا فتواجد السلفيين في هذه القضية واضح للعيان وهو لا يقل عن دور غيرهم والإنصاف مطلوب.

* يلاحظ أن التيار السلفي في اليمن يعاني الكثير من الانقسامات والاختلافات، والتي تتلبس رداء الاختلاف الفكري والعلمي بينما يرى آخرون أن هذه الخلافات في أكثرها خلافات شخصية، هل صحيح مثل هذا الرأي؟

- الخلافات بين التيارات السلفية منها ما هو فكري علمي اجتهادي ومنها ما هو إداري محض لكنه لم يتأدب مع هذا بأدب الاختلاف فنقلوا الخلاف من اختلاف تنوع جائز لا يفسد للود قضية إلى اختلاف تضاد محرم ومن هنا دخلت الأهواء الشخصية والتحزب للرأي والأشخاص وبغى بعضهم على بعض وهنالك ما هو من قبيل حب الظهور وكان في الماضي اختلافا قويا لكنه بدأ يتلاشى ويقل في الآونة الأخيرة لبروز بعض العقلاء في بعض التيارات ولتوسع مدارك الكثيرين والله المستعان.

* هناك من يرى أن التيار السلفي اليمني الجديد، هو امتداد لحركات سلفية قادمة من دول الجوار وخاصة من السعودية، وأنه مجرد تابع لها، بينما لا يحاول هذا التيار أن يبني تراكمه الفكري والدعوي على تراث المدرسة السلفية اليمنية الرائدة والتي يمثلها أعلام كبار أمثال الشوكاني وابن الأمير وابن الوزير والمقبلي والجلال وغيرهم ، إلى أي مدى يمكن القبول بهذا القول؟

- التيار السلفي في اليمن خليط من هذا وذاك بمعنى أن كثيرا ممن تعلم في المملكة عاد وهو يحمل أفكارا لعلماء نجد وعمل على بثها ونشرها في اليمن وهذه الأفكار ربما تتوافق في جملتها مع ما كان عليه أئمة المدرسة السلفية اليمنية كالشوكاني والصنعاني إلخ، إلا أنها قوبلت بالرفض من كثير من أبناء اليمن لأنها من أقوال علماء نجد ولو أنها استخرجت من أقوال علماء اليمن لكان لها كل القبول أكثر وهناك بعض الأقوال الشديدة التي ربما لم يقبلها حتى بعض علماء نجد من المتقدمين والمتأخرين والتي قد يكون فيها تكفير أو تضليل أحيانا لكن بعض الدعاة الذين تعلموا في الجامعات في المملكة أو قرأوا هذه الأقوال بقوا على تلك الأفكار الشديدة وهذا أثر على الدعوة السلفية، وأما قضية التبعية فليس هنالك أي تبعية بالمعنى السائد عند كثير من الناس فالحق أحق أن يتبع وهذه من المنفرات التي كان يستخدمها بعضهم لقصد التنفير عن الدعوة السلفية في فترة مضت لكن الناس تعلموا وقرأوا حتى صارت كتب علماء نجد تدرس في كثير من المساجد دون نكير وأرى أنه من الواجب إبراز ما كتبه علماؤنا خصوصا في جانب المعتقد ولا أنسى أن أضيف هنا أن بعض الناس ربما قال مثل هذه المقالة لأن بعضا ممن درس في المملكة عاد ليدرس للناس كتب المذهب الحنبلي وصار يعارض كتب المذهب الشافعي وهذا في الحقيقة أحدث بلبلة في صفوف العامة بالذات وأنا مع الرأي القائل بأنه ينبغي أن تدرس كتب المذهب السائد في البلد وهذا الذي سار عليه العلماء قديما وحديثا.

* الحظر أو ’’الفيتو الديني على العمل السياسي’’ – إن صح التعبير - الذي تخلص منه الكثير من أبنا التيار السلفي العريض، كما هو الحال في الكويت والبحرين والجزائر سابقا، والسعودية جزئيا من خلال الانتخابات البلدية التي أجريت قبل سنتين تقريبا وفاز فيها الإسلاميون، فهل منطلق هذا الحظر شرعي أم سياسي؟ وهل سنرى سلفيي اليمن قريبا في البرلمان والمجالس المحلية، وخاصة وأن تيار الحكمة ليس عنده مشكل شرعي حسب ما أعلم في هذا الجانب؟

- البعض عنده هذا الحظر شرعي كما ذكرت فيما سبق والبعض ليس عنده مشكل من الناحية النظرية لكن عنده مشاكل في الناحية التطبيقية والبعض لا يفرق بين المجالس النيابية التشريعية والمجالس المحلية الخدمية وأرى أن السلفيين في اليمن بجميع فصائلهم يحتاجون إلى عقود من الزمن حتى يصلوا إلى ما وصل إليه السلفيون في الدول العربية والإسلامية الأخرى والله أعلم.

* هناك من يرى أن قضية ’’ولي الأمر’’ محور ارتكاز بل وفي صلب اهتمامات التيار السلفي عموما، بل يذهب البعض إلى القول أن التيارات السلفية تقيس سلفية أي تيار آخر يدعي السلفية بمدى إيمانه المطلق بهذا المبدأ القريب إلى مربع السياسة منه إلى مربع الشرع والدين، ما هو ردكم على مثل هذا الطرح؟

- هذا الكلام بعيد عن الحقيقة فليست هذه القضية هي صلب اهتمامات السلفيين فيما أعلم بل إن القضية خاضعة للمصلحة والمفسدة والسلفيون يعتقدون أن ولي الأمر يطاع في طاعة الله فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ويرون أن الخروج على الحاكم المسلم وإن كان عاصيا لا يجوز مع وجوب مناصحته وأما إذا كفر فالخروج عليه جائز شريطة القدرة وأن تكون المصلحة متحققة ولا يؤدي إلى مفسدة أكبر وكان في الصدر الأول القول بجواز الخروج على العاصي فلما رأوا كثرة إراقة الدماء منعوا ذلك.

لا يوجد هناك تيار يقيس سلفية الناس بالطاعة المطلقة لولي الأمر، لكن هناك من يقيس سلفية الناس بالحكم على الحاكم الذي يحكم بالقانون الوضعي ويسن القوانين الوضعية المصادمة للشرع هل هو مسلم أو كافر فإن قلت هو مسلم قالوا أنت سلفي وإن قلت كافر قالوا أنت من الخوارج وهذه من المسائل التي فيها تفصيل عند أهل التحقيق من أهل العلم وأنا مع التفصيل والله أعلم.

حاوره/ نبيل البكيري
*ناس برس
أضافة تعليق