الدكتور إبراهيم إمام: من رجال الفكر الإعلامي المعاصر.
حصَل على الدكتوراه في فلسفة الإعلام من جامعة القاهرة عام 1955م، وعقِب حصوله على الدكتوراه عُيِّن عضوًا بهيئة التدريس بجامعة القاهرة، ثم بدأ مرحلةً جديدة من البحث أثمرت عن عدَّة مؤلفات مشهورة، منها:
’’تطور الصحافة الإنجليزية’’، و’’فن الإخراج الصحفي’’، و’’العلاقات العامة والمجتمع’’، و’’الإعلام والاتصال بالجماهير’’، و’’فن العلاقات العامة والإعلام’’، و’’وكالات الأنباء’’، و’’دراسات في الفن الصحفي’’، و’’الإعلام الإذاعي والتليفزيوني’’، وأخيرًا: ’’الإعلام الإسلامي .. المرحلة الشفهية’’.
عمِل عام 1964م رئيسًا لمجلس إدارة أول وكالة أنباء عربية، وهي: (وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية)، ثم وقَع عليه الاختيار عام 1965م ليكون رئيسًا لاتحاد وكالات الأنباء العربية، وأمينًا عامًّا لاتحاد وكالات الأنباء الإفريقية، وبعد انتهاء فترة عمله بوكالة الأنباء المصرية عاد إلى جامعةِ القاهرة.
وفي عام 1970م تولَّى عمادة كلية الإعلام، وبعدها بعامين اختير رئيسًا للجمعية المصرية لحَمَلة الدكتوراه، ويعمل حاليًّا رئيسًا لقسم الإعلام بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
ويعترف الدكتور إبراهيم إمام بأن هناك تحولاً كبيرًا حدَث في حياته العِلمية، ويرى أن السببَ هو البحثُ عن الأصالة، فبعد أن ترَك العمل في جامعة القاهرة طلَب منه فضيلة الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق (رحمه الله) إنشاءَ قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر عام 1974م، وبدأ الدكتور إمام ينشغل بقضايا الإعلام الإسلامي.
البحث عن الأصالة:
هناك تحوُّل كبير حدث في حياتك العلمية، خاصة بعد أن أنشأت قسم الإعلام بالجامعة الأزهرية، كيف كان ذلك؟
• نعم، هناك تحوُّل كبير حدث في حياتي العلمية، والسبب هو البحثُ عن الأصالة؛ لأن كل البحوث والدراسات الإعلامية في جامعاتنا العربية كانت تستمدُّ من مراجعَ أجنبية، وتقام على أسس ونظم ومفاهيم مستوردة، وكانت الحقائق تُلوَى ليًّا لكي تتمشى مع عالَمِنا الإسلامي، وبطبيعة الحال كان الأسلوب يتسمُ بالافتعال والتصنُّع وفرض أفكار لا تتفق مع قِيَمنا وأفكارنا، فكان لا بد لإصلاحِ ذلك من العودة إلى حقيقةِ بيئتنا وواقعِنا الإسلامي، وتحويل الأبحاث والدِّراسات إلى الإعلامِ الإسلاميِّ في بيئته الحقيقية.
ويضيف الدكتور إمام:
والحقيقة أن العودةَ إلى الذات، والبحث عن الأصالة، ليس مطلوبًا فقط في الإعلام، وإنما هو مطلوبٌ في سائر العلوم، خاصة العلومَ الاجتماعية، وقد انتبه علماءُ الاقتصاد - ولله الحمد - لهذه الحقيقة، وظهرت دراساتٌ قيِّمة في الاقتصاد الإسلامي، كما يهتم أساتذة التربية حاليًّا بموضوع التوجيه الإسلامي في تربية النشء، وقد عادت كُتُب أبي حامد الغزالي وغيرِه من علماء التربية إلى بؤرة الاهتمام الشَّديد.
وليس الإعلامُ الإسلامي سوى حلقةٍ من حلقات استعادة التراث وبناء العلوم على أُسُس إسلامية أصيلة وراسخة، والمطلوب الآن من خُبَراءِ وأساتذة الإعلام المسلمين أن يُظهِروا حُسن نواياهم، ويسخِّروا طاقاتهم وإمكاناتهم لخدمة الدراسات الإعلامية الإسلامية؛ لأن في هذا الخيرَ لهم ولمجتمعاتهم.
ظاهرة صحِّية وإيجابية:
نلاحظ في الآونة الأخيرة اهتمامَ الجامعات الإسلامية المتزايد بإنشاء أقسام للإعلام لإعداد ’’الكوادر’’ الإعلامية المتخصصة؛ فبمَ تفسِّر ذلك؟
• لا شكَّ أن إنشاء أقسام للصحافة والإعلام في الجامعات الإسلامية ظاهرةٌ صحية وإيجابية، ومظهرٌ من مظاهر الصحوة الإسلامية التي تعُمُّ العالَم الإسلامي، وهي أيضًا خطة كان يغلِبُ عليها الحماسُ أكثر مما يغلِب عليها التخطيط العلمي والفِكري الدقيق؛ لأن إنشاءَ أقسام لدراسة الإعلامِ مِن منظورٍ إسلامي ليس بالأمر الهيِّن؛ فهو إلى جانب الإمكانات المادية والفنية، يحتاجُ إلى إمكانات بشرية، قادرةٍ على إعداد ’’كوادر’’ إعلامية مثقَّفة إسلاميًّا، وهذه العناصر البشرية - للأسف الشديد - غيرُ متوفرة حاليًّا، ومن هنا يأتي الانفصامُ بين الثقافة الإسلامية والثقافة الإعلامية.
ما هو رأيُكم حول مناهج الدراسة بكليات ومعاهد وأقسام الإعلام في الجامعات العربية؟
• تنقسمُ نوعيةُ المناهج الإعلامية في الجامعات في العالَم الإسلامي إلى نوعين: مناهج الدراسة في أقسام الإعلام بالجامعات الإسلامية؛ كجامعة الأزهر بمصر، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، وغيرها، وهذه المناهج بداية طيبة وكفيلة فِعلاً - لو دُرِّست بإتقان واهتمام - بإعداد رجلِ الإعلام الإسلامي الذي نريده، وهذه المناهج تشتمل على ثلاث نوعيات أو ثقافات:
1. ثقافة إسلامية.
2. ثقافة إعلامية.
3. ثقافة عامة.
ويستطرد الدكتور إمام:
... ولكن ما يؤخَذ على مناهج الدراسات الإعلامية في بعض الجامعات الإسلامية هو تجاوُرُ العلومِ الإسلامية والعلوم الإعلامية تجاورًا لا نرى فيه التفاعلَ، وكل ما أتمناه - وهذا لا يأتي إلا مع الزمن، ومع مزيد من الدراسات - هو أن تتفاعَلَ الدراسات الإعلامية مع الدراسات الإسلامية، بمعنى أن تكون الدراسات الإعلامية متشعِّبة في الدراسات الإسلامية، وتعمل في خدمتها، والعكس صحيح، بمعنى أن الدعوةَ الإسلامية في وقتنا الحاضر تحتاجُ إلى وسائلَ إعلامية حديثة لنشر دعوة الإسلام في الداخل والخارج، وتزويد الجماهير المسلِمة بالثقافة الإسلامية المفيدة.
ويضيف الدكتور إمام:
.. أما مناهج الدراسات الإعلامية في الجامعات غيرِ الإسلامية، التي يطلِق عليها بعضُهم: ’’الجامعات العلمانية’’ - فأرى أنها تحتاجُ إلى مزيد من الدراسة والتخطيط؛ لأن معظمَ مناهجها يغلِب عليه الطابَع النظري الغربي، ويكاد ينعدم فيه الطابَعُ الإسلامي؛ أي إن الإعلام الذي يدرس فيها ينطلق - للأسف - من مفاهيمَ ونظريات غربية قد لا تتفقُ مع مفاهيمِ وقِيَم وأخلاق المجتمع الإسلامي.
ظهرت مؤخرًا بعضُ البحوث في الإعلام الإسلامي، فهل جاءت البحوثُ بالمستوى المطلوب؟
• لقد اطَّلعت على كثيرٍ من البحوث التي أجريت في الإعلام الإسلامي، سواء أكانت هذه البحوث لنيل درجاتٍ عِلمية، أم بحوثًا قُدِّمت لندوات ومؤتمرات عِلمية حول الإعلام.
وهذه البحوث بدايةٌ طيبة، ولكن تحتاجُ إلى المزيد من العُمق والأصالة والموضوعية حتى تسُدَّ الفراغَ الكبير في المكتبة الإسلامية حول الإعلام من الناحيتين التاريخية والمعاصِرة.
يرى بعضُ المفكِّرين المسلمين أنه لا يمكن إيجاد إعلام إسلامي إلا في ظلِّ تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، فكيف ترون ذلك؟
• لا شك في أن تطبيقَ أحكام الشريعة الإسلامية المجال الأمثلُ لتكوين المجتمع الإسلامي الفاضل، الذي يُعبِّرُ إعلامُه تعبيرًا أمينًا وصادقًا عن الإسلام، بأسلوب ملتزم وبعيدٍ كلَّ البُعد عن الانحرافات.
فالجوُّ الاجتماعيُّ الذي تسُود فيه تعاليم الإسلام، وتطبَّق فيه الشريعةُ الإسلامية - يمثِّلُ البيئة الصالحة لنشوء الإعلام الإسلامي وازدهاره على النحو المثالي.
ويضيف الدكتور إمام:
... غير أنَّه قد يطول الانتظارُ حتى تطبَّقَ الشريعةُ الإسلامية في كثيرٍ من المجتمعات، فهل ننتظر في سلبيَّةٍ حتى يتم ذلك؟ الحقيقة أن الإعلامَ الإسلاميَّ يمكن أن يكونَ قوةً دافعة وأمينة للمطالبة والتعجيل بتطبيق الشريعةِ الإسلامية؛ فالإعلامُ سلاحٌ ممتاز للتأثير في الرأي العام، وبذلك تنضمُّ قوَّةُ الإعلام إلى سائر القوى الأخرى المطالِبة بحياةٍ إسلامية ساميةٍ على الوجه الذي ينصُّ عليه القرآنُ الكريم والسُّنَّة النبويَّة المطهَّرة.
هل تؤيِّدون ابتعاثَ أبناء المسلمين لدراسة العلوم الاجتماعية وغيرِها في الدول غير الإسلامية؟
• لا أحبِّذُ ابتعاثَ أبناء المسلمين إلى الدول غيرِ الإسلامية، سواء الدول الشيوعية، أو الدول الغربية.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/72818/#ixzz366bcpdF5
الألوكة