الخميس 27 فبراير-شباط 2014
حاوره - قائد الحسام:
- أنتم - كبرلمانيين وأعضاء في هيئة علماء اليمن - ما موقفكم إزاء قضية تهجير سلفيي دماج وخذلان الحكومة لهم مقارنة باهتمامها بمهجري يهود بني سالم في 2007م واللاجئين الصومال الذين حددوا مراكز لاستقبالهم وإيوائهم وغير ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أولًا: أُرحّب بك وبصحيفة ’’مأرب برس’’ وبقرائها.. بالنسبة لما اتخذه البرلمان حِيال ما تم من تهجيرٍ لإخواننا في دماج يُعد أمرًا مخلًّا لا يليق ببرلمان أن يقف هذا الموقف المخزي، وسواء كان على مستوى البرلمان أم على مستوى الدولة بأكملها لاشك أن اليهود الذين هجّرهم الحوثي وقفت الدولة موقفًا أقوى؛ لأنهم يهود واليهود وراؤهم دول الغرب، لكن السلفيين أو المسلمين عمومًا في شتى بقاع الدنيا اليوم هم الأمة المهضومة سواء كانوا في بلدانهم أم حتى لو كانوا أقلّيات كما يحدث اليوم في أفريقيا الوسطى، وكما يحدث اليوم في بورما.. المسلمون لا بواكي لهم، وحتى في بلاد المسلمين الذين يحملون فكرًا إسلاميًّا هم اليوم كما تشاهد في مصر، كما تشاهد في البلدان العربية كيف يتم مطاردتهم وسجنهم، إذن نحن – اليوم - في وضع مخزٍ، وهي وإن كانت مرحلة تمايز، ولكن لا يليق بأي نظام أن يكون عاجزًا عن حماية أبنائه.. الذي حدث من تهجير لإخواننا في دماج أمر مُدان ومستغرَب ومستنكَر.. مستغرَب أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها حيال أبنائها.
- اللقاءات التي يجريها مشايخ اليمن ورؤساء القبائل فيها، والتي كان آخرها لقاءهم بالأخ الرئيس، وترك رسالة تتضمن مجموعة من المطالب باعتقادك هل ستثمر هذه اللقاءات ولقاؤهم بالرئيس تحديدًا.. وما الخيارات المتروكة أمامهم في حال تملصت الدولة من استجابتها لمطالبهم؟
لقاءات المشايخ سواء على مستوى القبائل أم على مستوى لقاءاتهم بالمنظومة السياسية من الرئيس إلى النخب السياسية تعد مبادرة صحية وتشاورية، وأتمنى أن يوفقوا في الخروج بقرارات جماعية سواء مع الرئيس أم مع الدولة بشكل عام، وهذا ما نتمناه حتى لا ينفرط العقد وتذهب الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، ونسأل الله أن يوفقهم نحن نبارك كل اجتماعات لأي مكون يسعى من خلاله في اتخاذ قرارات تهم البلد ترسخ الأمن والاستقرار.
- الجناح السلفي في تجمّع الإصلاح الشيخ الزنداني وآخرون تعرفهم أنت.. ما دورهم وأثرهم في قرار حزب الإصلاح كمنظومة سياسية؟
الحقيقة أنا لا أعترف أن هناك في حزب الإصلاح جناحًا سلفيًّا وجناحًا غير سلفي.. الإصلاح هو مكون سياسي لاشك أنه يوجد فيه التنوع الموجود في أي حزب وفقًا لاختلاف المفاهيم لكن بالإجمال وبالعموم حزب الإصلاح يتمتع بمنظومة مؤسساتية الكثير من الآراء يكون هناك حولها نوع من التوافق وهناك آراء قد يختلف فيها من مجموعة إلى مجموعة، لكن هذا لا يُعد أن هناك جناحًا يتبنى كل شيء ضد كل شيء، فهذا غير موجود.. هناك قضايا بالإجماع أو التوافق بالأغلبية سيكون أكثر، لكن أنا أقول: إن هذا التنوع يُعد بادرة صحية داخل مؤسسة سياسية تمارس حقها في إبداء الرأي، وتمارس حق إبداء التشاور والتناصح.. التجمع اليمني للإصلاح قائم على الشورى، قائم على التناصح، حتى وإن خرجت هناك آراء إلى السطح، وخرجت إلى خارج الحزب فهي ليست عيبًا، بل تُعد ظاهرة صحية.
- بالأمس أصدر الإصلاح بيانًا تبرّأ فيه من تصريح بافضل حول السعودية والرئيس السابق.. ما تعليقك.. وهل تخشى أن يحدث لك ما حدث له وأنت سياسي حاضر في المشهد السياسي؟
طبعًا.. أنا أتحدث حقيقة باسمي الشخصي، ولست أتحدث باسم الإصلاح، كما أن بافضل يتحدث باسمه وليس باسم الإصلاح، إلا ناطق رسمي وله مؤسساته لاشك بأن هناك بعض الدول العربية تلعب دورًا - للأسف - لا يليق بها، دور التخريب في العالم العربي وفق أجندة خارجية، لكن نقول لهم: إن مصير الظالم إلى الزوال، أما علاقتنا مع دول الجوار يجب أن تكون قائمة على حسن الجوار الذي أمر به الإسلام؛ لأننا سند بعضنا، فأين نحن من قول النبي - صلى الله عليه وسلم: ’’وما زال جبريل يوصيني بالجار ..’’، وجار الدار يمكن أن يتخلص من جاره وينتقل، ولكن جار الجغرافيا مستحيل أن ينتقل، إذًا فمصيرنا واحد ومشترك.
- في اليمن صنفان من المليشيات المسلحة مع فارق التسليح بينهم، وهما القاعدة والحوثيون.. كيف ترى تعامل الدولة بانتقائية من حيث جديتها وحربها على القاعدة وتدليلها للحوثيين وتقديم التنازلات تلو التنازلات لهم.. كيف تقرأ ذلك ؟
أتمنى من الدولة أن تتعامل بمعيار واحد مع كل أبناء الوطن.. بالنسبة لمليشيات الحوثي نحن ندعو الحوثي أولًا: أن يكون شريكًا في إدارة اليمن، لكن بشرط أن يعترف باليمن، وبشرط أن يسمح لحكومة اليمن أن تدير حكومة صعدة، ويحل ميليشياته المسلحة، وأتمنى - أيضًا - أن يعوّض الذين أصيبوا نتيجة حروبه التي قام بها منذ بداية قيام الثورة الشبابية؛ لأننا حقيقة نريد أن نبني مجتمعًا يمنيًّا يخضع للقانون والدستور، يخضع قبل هذا وذاك لشرع الله - عزّ وجلّ - الذي يدعو للعدالة والتراحم والمحبة، أما أنك تأتي وتريد أن تفرض آراءك بقوة فهذا مرفوض، وأظن أن الشعب اليمني بأكمله سيرفضه، وأتمنى من العقلاء في الحركة الحوثية أن يتفهّموا هذا الأمر، وأننا لسنا في لبنان.
- العديد من المنظمات الحقوقية والكتّاب والصحفيين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها إزاء حالات نادرة تمت لزواج الصغيرات، والرأي الذي يرى ذلك من باب الاجتهاد، في حين صمتوا صمت القبور إزاء قتل وجرح وتشريد وتهجير الآلاف من الصغيرات مع ذويهن من قِبل الحوثي.. لماذا هذا التناقض والكيل بمكيالين؟
بالنسبة للمنظمات الحقوقية وحقوق الأطفال والقاصرات نحن لا نسمع لها صوتًا إلا في مسألة زواج القاصرات، ولا نسمع لها صوتًا في مسألة قتل الأطفال، والتي تحصل في العالم العربي اليوم، في سوريا ومصر والعراق وفلسطين، وما يحدث عندنا عندما نرى الحوثي يُجنّد الأطفال ويقودهم إلى المحرقة لا نسمع لهم صوتًا في أن الأطفال لهم حقوق تُنتهك، يتحدثون عن زواج القاصرات لأن القضية تتعلق بتدمير الأسرة، ابتداءً من تأخير تكوينها (منع الزواج المبكر) إلى كيف تتم (اللقاء والغرام قبل العقد)، ثم كم ومتى ننجب (تحديد النسل)، وكيف يتم تشريد المرأة من البيت وهكذا، والقضية تتعلق بأجندات خارجية.. بعض المنظمات تعمل عبارة عن (شُقات) مع الغرب، يُحركوهم بالريموت، وأنتم تعرفون أنهم قاموا بفبركة قصص لزواج صغيرات اتضح أنها كذب وافتراء، والهدف كله دعاية كاذبة، والهدف منه هو أنهم يتسولون بمثل هذه القضايا والافتراءات الكاذبة، ولذلك لا نراهم إذا كانت القضية قضية طفل، فعلًا كنا سنجدهم في كل ساحة يدافعون فيها عن حقوق الأطفال والقصّار والقاصرات.. هل خرجت هذه المنظمات ولو بمظاهرة واحدة أيام العدوان على غزة، أو ما يفعله النظام السوري بحق أطفال سوريا؟.. لا، لكن هم لا يدافعون إلا عندما يُطلب منهم ذلك.
- هل تكشف لنا حقيقة ما جرى بينكم وبين رئيس النظام السابق من ملاسنة في أحد الاجتماعات أدت إلى غضبه منكم ومطاردة الأجهزة الأمنية لكم، واختفائكم على إثر ذلك لأيام، وكذلك صف لنا العلاقة المفترضة بين العالِم وولي الأمر؟
ما حدث بيني وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان أثناء وساطة قمنا بها، كنتم تعرفون أن هناك سبعة من العلماء وسبعة من المشايخ يقومون بالوساطة أثناء الأزمة السياسية، الرئيس السابق كانت إشكاليته، وهذه أكبر معادلة خطأ يقع فيها أي أنسان، أنك تريد الناس إما معك أو ضدك، فهذا منطق غير عقلاني في عالم السياسة أو غيرها، ونحن كنا حريصين أن نكون متزنين لا نحيد إلى هذا ولا إلى ذاك من أجل أن نقبل، وكانت هناك ظروف جعلتنا ننزل للميدان فغضب الرئيس من النزول، فأنا أقول الرئيس السابق كان حين ذاك ’’متنرفزًا’’ من الصور التي كانت تُرفع في المظاهرات، وهي صور حقيقة ما كانت تعبّر إلا عن أصحابها، يعني أن يشوّه بإنسان، وأتى بصور لا تمت إلى أخلاقنا ولا إلى ديننا، وله حق أن ’’يزعل’’، وأنا أقول: علي عبدالله صالح ليس شرًّا محضًا، وليس خيرًا محضًا، ففيه خير وفيه شر، وكذلك الحزمي وكل الناس، وهذا من باب العدل لقول الله تعالى: ’’وإذا قلتم فاعدلوا’’.. لدينا خلل في التفكير وهو يتمحور حول أننا إذا أحببنا إنسانًا تحولت كل سيئاته حسنات، وإذا كرهنا إنسانًا تحولت حسناته سيئات، فالله عز وجل أمرنا بالعدل بالقول، ومن لم يعدل بقوله لن يعدل بحكمه، حدثت مشادة كلامية عندما وجدته يتهجم على الشيخ عبدالمجيد الزنداني، بسبب نزول الشيخ إلى الساحة مع أن الشيخ الزنداني اتصل به الرئيس وكنا في هيئة العلماء ليحضر لقاء العلماء والخطباء في جامع الصالح، وكان الشيخ عبدالمجيد يقول له: أنا لا أستطيع أن أحضر، اعفني لا تظن المعارضة أني واقف معك، أنا أقوم بوساطة، فقلنا له: اذهب يا شيخ، لماذا لا تذهب، قال: ’’الرئيس يريدني أن أحضر ثم سيشتم المعارضة ويصورونا بجواره والمعارضة بتزعل مننا، فالأصل إحنا ما نحضر...’’، فأصر الرئيس السابق على الحضور فحضر الشيخ وحدث ما توقعه فكان لزامًا على الشيخ عبدالمجيد بعد هذا الحضور من أجل أن يُحدث توازنًا أن ينزل الساحة فنزل وخاطب الناس وحثهم على السلمية، وأنهم يحتاجون براءة اختراع لأنهم لم يعتدوا على المصالح العامة أو الخاصة، فهذا النزول أغضب الرئيس لذا كان يتكلم بتوتر فطلبت الكلام فقلت للأخ الرئيس الثقة صارت منعدمة بينك وبين الشعب فتنرفز وصاح قائلًا: ’’أنت تهاجمني بالميدان، وجئت تهاجمني في مكتبي.. أنا علي..’’.. المهم حدث ما حدث، نسأل الله أن يلمّ الشمل ووحدة الصف، وهمّنا بناء وطن، وأن يأمن المواطن.. أدعو إلى التجاوز عن الأخطاء، أدعو إلى تجاوز ما حدث.
- البعض يصف خُطب الشيخ الحزمي بأنها تحمل الطابع السياسي أكثر من الطابع الوعظي والإرشادي.. ما رأيكم؟
أنا أحترم أيّ رأي يتحدث عن نوع الخطاب الدعوي، وعندما أتحدث عن السياسة فهي دعوة عندما أريد توجيه الخطاب السياسي توجيهًا دعويًّا، توجيهًا محمديًّا، فهي دعوة نحن لا نؤمن بالفصل بين الخطاب السياسي والدعوي؛ لأن هذا الفصل كهنوتي عندما أخاطب الحاكم فأنا أخاطبه بخطاب الشرع، عندما أخاطب النخب السياسية فأنا أخاطبها بما قال الله وبما قال الرسول، إذًا لا ينفع أن الداعية الملم بالأوضاع يتمحور حول الحيض والنفاس والمسائل الفقهية فقط، فالناس عندما يأتون من أماكن بعيدة أو قريبة هم يريدون أن يعرفوا مواقف الشرع مما يعانوه أو يطرأ من أحداث، وهذا ما يجب على الخطيب أن يتنبه إليه أنه يعالج الحدث من منطلق الشرع بعيدًا عن الانحياز، بعيدًا عن الانتماء، يجب أن يكون عادلًا، وينطلق من منظار شرعي بحت لا أن يخاطب جمهور الحزب أو جمهورًا معيّنًا، بل يخاطب جمهور المسلمين، ولذلك أنا بقدر الإمكان أحاول أن أتلمس ما أتلمسه لخطبتي من تأصيل شرعي للحدث ومعالجته وفق هذا التأصيل اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بحيث يكون للخطبة أثر وهدف.
- يلاحظ ضُعف الإعلام الرسمي في توعية الناس بخطر الأفكار الدخيلة والمشبوهة، ويعزز الولاء للخارج ونشر ثقافة الحب والسلام والمواطنة والإخاء في مقابل إعلام ينشر ثقافة الكراهية والطائفية ويوسع الهوة بين اليمنيين؟
- للأسف أنا أقول: إن الإعلام بأغلبيته هو السبب الأول لمصائبنا.. أنا أعتبر أن بعض الإعلاميين - للأسف الشديد - لا يعبّرون عن الأمة وهويتها سواء كانت السياسية أم الثقافية التي تدعو إلى التراحم والتلاحم، والإعلام الرسمي جزء من الكل، للأسف أيضًا، الدولة لم تستطع بأن تجعل الإعلام الرسمي إعلامًا موجهًا للحقيقة والتنمية، ويساهم في الطمأنينة والتفاؤل؛ لأننا نلاحظ أن الإعلام بمجمله إعلام يزرع اليأس والإحباط في المواطن، والهزيمة النفسية، لن تنهض الأمة إثر ذلك إلا بعد فترات وعلاج طويل ومكثّف.
- الحوثيون يحاورن ويحاربون.. رِجل في السلطة وأخرى في المعارضة، يدعون للسلام والأمن، يمتلكون ترسانة أسلحة ربما لا تملكها بعض الدول، وهناك مخاوف تبديها المكونات السياسية والاجتماعية من بقاء الأسلحة بأيديهم في ظل صمت الدولة وتغاضيها.. كيف تقرأ ذلك؟
نحن نتحدث حكومة الوفاق الآن هي حكومة من باب الوفاق؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يحاسبها سواء البرلمان أم الأخرى المحاسبية؛ لأنها حكومة وفاق وضعيفة، دائمًا الثورات إذا أرادت أن تنجح بالقضاء على ما ثارت عليه يجب أن تعقبها حكومة قوية، وهذا ما لم يحدث؛ لأن التوافق فرض هكذا حكومة نحن لا نعوّل عليها كثيرًا فهي حكومة مرحلة انتقالية، حكومة أزمة، نحن نعوّل على حكومة يختارها الشعب ضمن انتخابات نزيهة وحرة، وهو من يحاسب ويراقب، نحن نقول الآن للذين يطالبون بإسقاط الحكومة، فماذا إذا سقطت الحكومة، ماذا بعد سقوطها؟.. أقول: حكومة ضعيفة خير من لا حكومة، هذا ما يجب أن نفكر فيه.. نحن في الإصلاح لدينا أربعة وزراء، وليس أربع وزارات، أربعة وزراء فقط، والوزارات لا نملك الحكومة، لكن نحن نتكلم عن وفاق ماذا إذا هدمنا هذا الوفاق، أتمنى من الرئيس أن يتراجع عن قراره بعدم مساءلة الوزراء، ويترك لنا نحن في البرلمان أن نحاسب ما استطعنا ونقلل الفساد، ونحن سنحاسب الوزراء الفاسدين أينما كانوا.
- نظرتكم لمخرجات الحوار الوطني والنظام الفيدرالي؟
في مخرجات الحوار الوطني لا يوجد شرّ محض، ولا خير محض، فليس كما يقول البعض إنها نور على نور أو ظلام على ظلام، نكون واقعيين، ونقول: فيها إيجابيات وفيها سلبيات، وهذه السلبيات يجب أن لا تتحول إلى نصوص دستورية لأنها ستكون كارثية أخلاقية وتشريعية على المجتمع، وعلى الشرعية - أيضًا - ولن نستطيع أن نغيّرها في ما بعد بسهولة، إننا إذا أصّلنا للسلبيات اليوم وجعلناها إيجابيات فكيف سنغيرها مستقبلًا؟.. نتمنى من الكل أن يتعاون أو نخرج نصوصًا تكون صالحة لإرساء يمن عادل يستغل إمكاناته، يمن يجد المواطن فيه أمنًا، ويحافظ فيه على حقوق المواطنين، الحقوق الشرعية لإرسائها، وبالنسبة للأقاليم فأنا أراها عبئًا سيضاف إلى أعبائنا الحالية، وقد تكون كارثة مستقبلية إذا تحولت إلى أقاليم نفسية بدلًا من أقاليم إدارية.. وأتمنى أن لا تتحول من بعد ذلك إلى بداية عقاب من الله لإعراضنا عن شرعه فنكون كما كان أجدادنا من أهل سبأ عندما أعرضوا عن شرع الله كانت نهايتهم الفرقة والتمزق كما قال تعالى: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ أن فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور).
- كيف تقرأ حمى الاغتيالات من قائمة السياسيين والضباط والقادة إلى قائمة العلماء الشيخ باوزير في المكلا مثالًا؟
حقيقة بالنسبة للاغتيالات أسلوب ليس شرعيًّا ولا أخلاقيًّا، إباحة الدماء وبعض الاغتيالات تدل على مدى الحقد لدى الذين يؤمنون بهذه الطريقة، نحن ضد الاغتيالات، ونرجو أن لا يقوم المواطن بمهام الدولة بأخذ حقه وفق تصوره، فهذا أمر غير مطلوب؛ فالدولة هي من تعاقب المواطن وتحاسبه وفقًا للقانون والضوابط الشرعية والأخلاقية والقانونية، وحقيقة الاغتيالات - كما ذكرت - ليست داعية للاستقرار في الوطن إنما هي تزيد من الاحتقان المناطقي والطائفي، وهذا أمر مرفوض شرعًا وقانونًا وأخلاقًا.
- الكاتب الصحفي علي الجرادي يدعو حزب الإصلاح إلى إعلان الحرب على الفساد، واستغرب دفاع الإصلاح عن حكومة الوفاق التي بعض وزرائها ضالعين في الفساد.. ما رأيكم بدعوته وما الذي يجب على الإصلاح اليوم؟
الثورة الشبابية لم تكن موجهة ضد شخص ولا ضد حزب، هي موجهة ضد منظومة فساد يجب أن تستمر حتى اقتلاع هذا الفساد، وهذه الثورة يجب أن يفهم الكل أنها ثورة شعب تهدف إلى تحسين أوضاعه بمحاربة الفساد لا أن يأتي فساد آخر ويحل محلها؛ لأن الذي يثور على شيء لا يأتي بمثله، وهذا أملنا بالله عز وجل، ونسال الله أن يوفق الجميع.
*مأرب برس
حاوره - قائد الحسام:
- أنتم - كبرلمانيين وأعضاء في هيئة علماء اليمن - ما موقفكم إزاء قضية تهجير سلفيي دماج وخذلان الحكومة لهم مقارنة باهتمامها بمهجري يهود بني سالم في 2007م واللاجئين الصومال الذين حددوا مراكز لاستقبالهم وإيوائهم وغير ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أولًا: أُرحّب بك وبصحيفة ’’مأرب برس’’ وبقرائها.. بالنسبة لما اتخذه البرلمان حِيال ما تم من تهجيرٍ لإخواننا في دماج يُعد أمرًا مخلًّا لا يليق ببرلمان أن يقف هذا الموقف المخزي، وسواء كان على مستوى البرلمان أم على مستوى الدولة بأكملها لاشك أن اليهود الذين هجّرهم الحوثي وقفت الدولة موقفًا أقوى؛ لأنهم يهود واليهود وراؤهم دول الغرب، لكن السلفيين أو المسلمين عمومًا في شتى بقاع الدنيا اليوم هم الأمة المهضومة سواء كانوا في بلدانهم أم حتى لو كانوا أقلّيات كما يحدث اليوم في أفريقيا الوسطى، وكما يحدث اليوم في بورما.. المسلمون لا بواكي لهم، وحتى في بلاد المسلمين الذين يحملون فكرًا إسلاميًّا هم اليوم كما تشاهد في مصر، كما تشاهد في البلدان العربية كيف يتم مطاردتهم وسجنهم، إذن نحن – اليوم - في وضع مخزٍ، وهي وإن كانت مرحلة تمايز، ولكن لا يليق بأي نظام أن يكون عاجزًا عن حماية أبنائه.. الذي حدث من تهجير لإخواننا في دماج أمر مُدان ومستغرَب ومستنكَر.. مستغرَب أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها حيال أبنائها.
- اللقاءات التي يجريها مشايخ اليمن ورؤساء القبائل فيها، والتي كان آخرها لقاءهم بالأخ الرئيس، وترك رسالة تتضمن مجموعة من المطالب باعتقادك هل ستثمر هذه اللقاءات ولقاؤهم بالرئيس تحديدًا.. وما الخيارات المتروكة أمامهم في حال تملصت الدولة من استجابتها لمطالبهم؟
لقاءات المشايخ سواء على مستوى القبائل أم على مستوى لقاءاتهم بالمنظومة السياسية من الرئيس إلى النخب السياسية تعد مبادرة صحية وتشاورية، وأتمنى أن يوفقوا في الخروج بقرارات جماعية سواء مع الرئيس أم مع الدولة بشكل عام، وهذا ما نتمناه حتى لا ينفرط العقد وتذهب الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، ونسأل الله أن يوفقهم نحن نبارك كل اجتماعات لأي مكون يسعى من خلاله في اتخاذ قرارات تهم البلد ترسخ الأمن والاستقرار.
- الجناح السلفي في تجمّع الإصلاح الشيخ الزنداني وآخرون تعرفهم أنت.. ما دورهم وأثرهم في قرار حزب الإصلاح كمنظومة سياسية؟
الحقيقة أنا لا أعترف أن هناك في حزب الإصلاح جناحًا سلفيًّا وجناحًا غير سلفي.. الإصلاح هو مكون سياسي لاشك أنه يوجد فيه التنوع الموجود في أي حزب وفقًا لاختلاف المفاهيم لكن بالإجمال وبالعموم حزب الإصلاح يتمتع بمنظومة مؤسساتية الكثير من الآراء يكون هناك حولها نوع من التوافق وهناك آراء قد يختلف فيها من مجموعة إلى مجموعة، لكن هذا لا يُعد أن هناك جناحًا يتبنى كل شيء ضد كل شيء، فهذا غير موجود.. هناك قضايا بالإجماع أو التوافق بالأغلبية سيكون أكثر، لكن أنا أقول: إن هذا التنوع يُعد بادرة صحية داخل مؤسسة سياسية تمارس حقها في إبداء الرأي، وتمارس حق إبداء التشاور والتناصح.. التجمع اليمني للإصلاح قائم على الشورى، قائم على التناصح، حتى وإن خرجت هناك آراء إلى السطح، وخرجت إلى خارج الحزب فهي ليست عيبًا، بل تُعد ظاهرة صحية.
- بالأمس أصدر الإصلاح بيانًا تبرّأ فيه من تصريح بافضل حول السعودية والرئيس السابق.. ما تعليقك.. وهل تخشى أن يحدث لك ما حدث له وأنت سياسي حاضر في المشهد السياسي؟
طبعًا.. أنا أتحدث حقيقة باسمي الشخصي، ولست أتحدث باسم الإصلاح، كما أن بافضل يتحدث باسمه وليس باسم الإصلاح، إلا ناطق رسمي وله مؤسساته لاشك بأن هناك بعض الدول العربية تلعب دورًا - للأسف - لا يليق بها، دور التخريب في العالم العربي وفق أجندة خارجية، لكن نقول لهم: إن مصير الظالم إلى الزوال، أما علاقتنا مع دول الجوار يجب أن تكون قائمة على حسن الجوار الذي أمر به الإسلام؛ لأننا سند بعضنا، فأين نحن من قول النبي - صلى الله عليه وسلم: ’’وما زال جبريل يوصيني بالجار ..’’، وجار الدار يمكن أن يتخلص من جاره وينتقل، ولكن جار الجغرافيا مستحيل أن ينتقل، إذًا فمصيرنا واحد ومشترك.
- في اليمن صنفان من المليشيات المسلحة مع فارق التسليح بينهم، وهما القاعدة والحوثيون.. كيف ترى تعامل الدولة بانتقائية من حيث جديتها وحربها على القاعدة وتدليلها للحوثيين وتقديم التنازلات تلو التنازلات لهم.. كيف تقرأ ذلك ؟
أتمنى من الدولة أن تتعامل بمعيار واحد مع كل أبناء الوطن.. بالنسبة لمليشيات الحوثي نحن ندعو الحوثي أولًا: أن يكون شريكًا في إدارة اليمن، لكن بشرط أن يعترف باليمن، وبشرط أن يسمح لحكومة اليمن أن تدير حكومة صعدة، ويحل ميليشياته المسلحة، وأتمنى - أيضًا - أن يعوّض الذين أصيبوا نتيجة حروبه التي قام بها منذ بداية قيام الثورة الشبابية؛ لأننا حقيقة نريد أن نبني مجتمعًا يمنيًّا يخضع للقانون والدستور، يخضع قبل هذا وذاك لشرع الله - عزّ وجلّ - الذي يدعو للعدالة والتراحم والمحبة، أما أنك تأتي وتريد أن تفرض آراءك بقوة فهذا مرفوض، وأظن أن الشعب اليمني بأكمله سيرفضه، وأتمنى من العقلاء في الحركة الحوثية أن يتفهّموا هذا الأمر، وأننا لسنا في لبنان.
- العديد من المنظمات الحقوقية والكتّاب والصحفيين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها إزاء حالات نادرة تمت لزواج الصغيرات، والرأي الذي يرى ذلك من باب الاجتهاد، في حين صمتوا صمت القبور إزاء قتل وجرح وتشريد وتهجير الآلاف من الصغيرات مع ذويهن من قِبل الحوثي.. لماذا هذا التناقض والكيل بمكيالين؟
بالنسبة للمنظمات الحقوقية وحقوق الأطفال والقاصرات نحن لا نسمع لها صوتًا إلا في مسألة زواج القاصرات، ولا نسمع لها صوتًا في مسألة قتل الأطفال، والتي تحصل في العالم العربي اليوم، في سوريا ومصر والعراق وفلسطين، وما يحدث عندنا عندما نرى الحوثي يُجنّد الأطفال ويقودهم إلى المحرقة لا نسمع لهم صوتًا في أن الأطفال لهم حقوق تُنتهك، يتحدثون عن زواج القاصرات لأن القضية تتعلق بتدمير الأسرة، ابتداءً من تأخير تكوينها (منع الزواج المبكر) إلى كيف تتم (اللقاء والغرام قبل العقد)، ثم كم ومتى ننجب (تحديد النسل)، وكيف يتم تشريد المرأة من البيت وهكذا، والقضية تتعلق بأجندات خارجية.. بعض المنظمات تعمل عبارة عن (شُقات) مع الغرب، يُحركوهم بالريموت، وأنتم تعرفون أنهم قاموا بفبركة قصص لزواج صغيرات اتضح أنها كذب وافتراء، والهدف كله دعاية كاذبة، والهدف منه هو أنهم يتسولون بمثل هذه القضايا والافتراءات الكاذبة، ولذلك لا نراهم إذا كانت القضية قضية طفل، فعلًا كنا سنجدهم في كل ساحة يدافعون فيها عن حقوق الأطفال والقصّار والقاصرات.. هل خرجت هذه المنظمات ولو بمظاهرة واحدة أيام العدوان على غزة، أو ما يفعله النظام السوري بحق أطفال سوريا؟.. لا، لكن هم لا يدافعون إلا عندما يُطلب منهم ذلك.
- هل تكشف لنا حقيقة ما جرى بينكم وبين رئيس النظام السابق من ملاسنة في أحد الاجتماعات أدت إلى غضبه منكم ومطاردة الأجهزة الأمنية لكم، واختفائكم على إثر ذلك لأيام، وكذلك صف لنا العلاقة المفترضة بين العالِم وولي الأمر؟
ما حدث بيني وبين الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان أثناء وساطة قمنا بها، كنتم تعرفون أن هناك سبعة من العلماء وسبعة من المشايخ يقومون بالوساطة أثناء الأزمة السياسية، الرئيس السابق كانت إشكاليته، وهذه أكبر معادلة خطأ يقع فيها أي أنسان، أنك تريد الناس إما معك أو ضدك، فهذا منطق غير عقلاني في عالم السياسة أو غيرها، ونحن كنا حريصين أن نكون متزنين لا نحيد إلى هذا ولا إلى ذاك من أجل أن نقبل، وكانت هناك ظروف جعلتنا ننزل للميدان فغضب الرئيس من النزول، فأنا أقول الرئيس السابق كان حين ذاك ’’متنرفزًا’’ من الصور التي كانت تُرفع في المظاهرات، وهي صور حقيقة ما كانت تعبّر إلا عن أصحابها، يعني أن يشوّه بإنسان، وأتى بصور لا تمت إلى أخلاقنا ولا إلى ديننا، وله حق أن ’’يزعل’’، وأنا أقول: علي عبدالله صالح ليس شرًّا محضًا، وليس خيرًا محضًا، ففيه خير وفيه شر، وكذلك الحزمي وكل الناس، وهذا من باب العدل لقول الله تعالى: ’’وإذا قلتم فاعدلوا’’.. لدينا خلل في التفكير وهو يتمحور حول أننا إذا أحببنا إنسانًا تحولت كل سيئاته حسنات، وإذا كرهنا إنسانًا تحولت حسناته سيئات، فالله عز وجل أمرنا بالعدل بالقول، ومن لم يعدل بقوله لن يعدل بحكمه، حدثت مشادة كلامية عندما وجدته يتهجم على الشيخ عبدالمجيد الزنداني، بسبب نزول الشيخ إلى الساحة مع أن الشيخ الزنداني اتصل به الرئيس وكنا في هيئة العلماء ليحضر لقاء العلماء والخطباء في جامع الصالح، وكان الشيخ عبدالمجيد يقول له: أنا لا أستطيع أن أحضر، اعفني لا تظن المعارضة أني واقف معك، أنا أقوم بوساطة، فقلنا له: اذهب يا شيخ، لماذا لا تذهب، قال: ’’الرئيس يريدني أن أحضر ثم سيشتم المعارضة ويصورونا بجواره والمعارضة بتزعل مننا، فالأصل إحنا ما نحضر...’’، فأصر الرئيس السابق على الحضور فحضر الشيخ وحدث ما توقعه فكان لزامًا على الشيخ عبدالمجيد بعد هذا الحضور من أجل أن يُحدث توازنًا أن ينزل الساحة فنزل وخاطب الناس وحثهم على السلمية، وأنهم يحتاجون براءة اختراع لأنهم لم يعتدوا على المصالح العامة أو الخاصة، فهذا النزول أغضب الرئيس لذا كان يتكلم بتوتر فطلبت الكلام فقلت للأخ الرئيس الثقة صارت منعدمة بينك وبين الشعب فتنرفز وصاح قائلًا: ’’أنت تهاجمني بالميدان، وجئت تهاجمني في مكتبي.. أنا علي..’’.. المهم حدث ما حدث، نسأل الله أن يلمّ الشمل ووحدة الصف، وهمّنا بناء وطن، وأن يأمن المواطن.. أدعو إلى التجاوز عن الأخطاء، أدعو إلى تجاوز ما حدث.
- البعض يصف خُطب الشيخ الحزمي بأنها تحمل الطابع السياسي أكثر من الطابع الوعظي والإرشادي.. ما رأيكم؟
أنا أحترم أيّ رأي يتحدث عن نوع الخطاب الدعوي، وعندما أتحدث عن السياسة فهي دعوة عندما أريد توجيه الخطاب السياسي توجيهًا دعويًّا، توجيهًا محمديًّا، فهي دعوة نحن لا نؤمن بالفصل بين الخطاب السياسي والدعوي؛ لأن هذا الفصل كهنوتي عندما أخاطب الحاكم فأنا أخاطبه بخطاب الشرع، عندما أخاطب النخب السياسية فأنا أخاطبها بما قال الله وبما قال الرسول، إذًا لا ينفع أن الداعية الملم بالأوضاع يتمحور حول الحيض والنفاس والمسائل الفقهية فقط، فالناس عندما يأتون من أماكن بعيدة أو قريبة هم يريدون أن يعرفوا مواقف الشرع مما يعانوه أو يطرأ من أحداث، وهذا ما يجب على الخطيب أن يتنبه إليه أنه يعالج الحدث من منطلق الشرع بعيدًا عن الانحياز، بعيدًا عن الانتماء، يجب أن يكون عادلًا، وينطلق من منظار شرعي بحت لا أن يخاطب جمهور الحزب أو جمهورًا معيّنًا، بل يخاطب جمهور المسلمين، ولذلك أنا بقدر الإمكان أحاول أن أتلمس ما أتلمسه لخطبتي من تأصيل شرعي للحدث ومعالجته وفق هذا التأصيل اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بحيث يكون للخطبة أثر وهدف.
- يلاحظ ضُعف الإعلام الرسمي في توعية الناس بخطر الأفكار الدخيلة والمشبوهة، ويعزز الولاء للخارج ونشر ثقافة الحب والسلام والمواطنة والإخاء في مقابل إعلام ينشر ثقافة الكراهية والطائفية ويوسع الهوة بين اليمنيين؟
- للأسف أنا أقول: إن الإعلام بأغلبيته هو السبب الأول لمصائبنا.. أنا أعتبر أن بعض الإعلاميين - للأسف الشديد - لا يعبّرون عن الأمة وهويتها سواء كانت السياسية أم الثقافية التي تدعو إلى التراحم والتلاحم، والإعلام الرسمي جزء من الكل، للأسف أيضًا، الدولة لم تستطع بأن تجعل الإعلام الرسمي إعلامًا موجهًا للحقيقة والتنمية، ويساهم في الطمأنينة والتفاؤل؛ لأننا نلاحظ أن الإعلام بمجمله إعلام يزرع اليأس والإحباط في المواطن، والهزيمة النفسية، لن تنهض الأمة إثر ذلك إلا بعد فترات وعلاج طويل ومكثّف.
- الحوثيون يحاورن ويحاربون.. رِجل في السلطة وأخرى في المعارضة، يدعون للسلام والأمن، يمتلكون ترسانة أسلحة ربما لا تملكها بعض الدول، وهناك مخاوف تبديها المكونات السياسية والاجتماعية من بقاء الأسلحة بأيديهم في ظل صمت الدولة وتغاضيها.. كيف تقرأ ذلك؟
نحن نتحدث حكومة الوفاق الآن هي حكومة من باب الوفاق؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يحاسبها سواء البرلمان أم الأخرى المحاسبية؛ لأنها حكومة وفاق وضعيفة، دائمًا الثورات إذا أرادت أن تنجح بالقضاء على ما ثارت عليه يجب أن تعقبها حكومة قوية، وهذا ما لم يحدث؛ لأن التوافق فرض هكذا حكومة نحن لا نعوّل عليها كثيرًا فهي حكومة مرحلة انتقالية، حكومة أزمة، نحن نعوّل على حكومة يختارها الشعب ضمن انتخابات نزيهة وحرة، وهو من يحاسب ويراقب، نحن نقول الآن للذين يطالبون بإسقاط الحكومة، فماذا إذا سقطت الحكومة، ماذا بعد سقوطها؟.. أقول: حكومة ضعيفة خير من لا حكومة، هذا ما يجب أن نفكر فيه.. نحن في الإصلاح لدينا أربعة وزراء، وليس أربع وزارات، أربعة وزراء فقط، والوزارات لا نملك الحكومة، لكن نحن نتكلم عن وفاق ماذا إذا هدمنا هذا الوفاق، أتمنى من الرئيس أن يتراجع عن قراره بعدم مساءلة الوزراء، ويترك لنا نحن في البرلمان أن نحاسب ما استطعنا ونقلل الفساد، ونحن سنحاسب الوزراء الفاسدين أينما كانوا.
- نظرتكم لمخرجات الحوار الوطني والنظام الفيدرالي؟
في مخرجات الحوار الوطني لا يوجد شرّ محض، ولا خير محض، فليس كما يقول البعض إنها نور على نور أو ظلام على ظلام، نكون واقعيين، ونقول: فيها إيجابيات وفيها سلبيات، وهذه السلبيات يجب أن لا تتحول إلى نصوص دستورية لأنها ستكون كارثية أخلاقية وتشريعية على المجتمع، وعلى الشرعية - أيضًا - ولن نستطيع أن نغيّرها في ما بعد بسهولة، إننا إذا أصّلنا للسلبيات اليوم وجعلناها إيجابيات فكيف سنغيرها مستقبلًا؟.. نتمنى من الكل أن يتعاون أو نخرج نصوصًا تكون صالحة لإرساء يمن عادل يستغل إمكاناته، يمن يجد المواطن فيه أمنًا، ويحافظ فيه على حقوق المواطنين، الحقوق الشرعية لإرسائها، وبالنسبة للأقاليم فأنا أراها عبئًا سيضاف إلى أعبائنا الحالية، وقد تكون كارثة مستقبلية إذا تحولت إلى أقاليم نفسية بدلًا من أقاليم إدارية.. وأتمنى أن لا تتحول من بعد ذلك إلى بداية عقاب من الله لإعراضنا عن شرعه فنكون كما كان أجدادنا من أهل سبأ عندما أعرضوا عن شرع الله كانت نهايتهم الفرقة والتمزق كما قال تعالى: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ أن فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور).
- كيف تقرأ حمى الاغتيالات من قائمة السياسيين والضباط والقادة إلى قائمة العلماء الشيخ باوزير في المكلا مثالًا؟
حقيقة بالنسبة للاغتيالات أسلوب ليس شرعيًّا ولا أخلاقيًّا، إباحة الدماء وبعض الاغتيالات تدل على مدى الحقد لدى الذين يؤمنون بهذه الطريقة، نحن ضد الاغتيالات، ونرجو أن لا يقوم المواطن بمهام الدولة بأخذ حقه وفق تصوره، فهذا أمر غير مطلوب؛ فالدولة هي من تعاقب المواطن وتحاسبه وفقًا للقانون والضوابط الشرعية والأخلاقية والقانونية، وحقيقة الاغتيالات - كما ذكرت - ليست داعية للاستقرار في الوطن إنما هي تزيد من الاحتقان المناطقي والطائفي، وهذا أمر مرفوض شرعًا وقانونًا وأخلاقًا.
- الكاتب الصحفي علي الجرادي يدعو حزب الإصلاح إلى إعلان الحرب على الفساد، واستغرب دفاع الإصلاح عن حكومة الوفاق التي بعض وزرائها ضالعين في الفساد.. ما رأيكم بدعوته وما الذي يجب على الإصلاح اليوم؟
الثورة الشبابية لم تكن موجهة ضد شخص ولا ضد حزب، هي موجهة ضد منظومة فساد يجب أن تستمر حتى اقتلاع هذا الفساد، وهذه الثورة يجب أن يفهم الكل أنها ثورة شعب تهدف إلى تحسين أوضاعه بمحاربة الفساد لا أن يأتي فساد آخر ويحل محلها؛ لأن الذي يثور على شيء لا يأتي بمثله، وهذا أملنا بالله عز وجل، ونسال الله أن يوفق الجميع.
*مأرب برس