د. حمدي أرسلان مسلمات تركيا «المفصولات» من الجامعات بسبب الحجاب عُدن من الخارج بأرفع الشهادات
حاوره: أحمد الشلقامي
بعد ثمانين عاماً من الاضطهاد والحرب الضروس التي ربما تعتبر أكبر حرب شنت في دولة مسلمة على مظاهر إسلامها وأسس تكوينها.. تركيا التي قبعت تحت دكتاتورية «العلمانية» البغيضة التي أرادت أن تُنسي الشعب التركي أصله وسلخه عن جذور حضارته، إلا أن الواقع يقول: إن ذلك لم يكن سوى وهْم، فالآن ها هي تقود وتتقدم باتجاه نبْعها. «المجتمع» التقت أحد رجال العلم والأدب بتركيا، د. حمدي أرسلان، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الإسلامية جامعة «السلطان محمد الفاتح»، وعضو مكتب الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو المكتب التنفيذي لعلماء أهل السُّنة. < بداية نرحب بكم وبحضوركم وتشريفكم لنا. - أولاً أحيي الإخوة العاملين في مجلة «المجتمع» الإسلامية العالمية؛ حيث تعتبر الناطق الرسمي للمسلمين، ونحن من المتابعين لنشاطات هذه المجلة المباركة منذ 40 عاماً، كما أحيي الإخوة في الكويت جميعاً، وأشكرهم على حسن الاستقبال الذي وجدته من جميع المسؤولين، وأخص بالشكر وزارة الأوقاف التي قامت بتوجيه الدعوة الكريمة للزيارة. < بعد سنوات طويلة من العزلة ومحاربة كل ما يتصل بالعروبة بتركيا، كيف هو وضع اللغة العربية الآن بصفتكم الأكاديمية؟ - حين تأسست كلية العلوم الإسلامية، وهي تتبع لجامعة «السلطان محمد الفاتح»، فكانت أول مرة في تاريخ تركيا تنشأ كلية خاصة بدراسة اللغة العربية، وهذا يثبت مدى الاهتمام الكبير باللغة العربية، وهذا الاهتمام لم يغب حتى في السنوات السابقة، ولكن بسبب الظروف السياسية، كنا نكتفي بالعمل شبه السري لتعلم ودراسة اللغة العربية، ونستطيع القول: إن أول ظهور علني للاهتمام باللغة العربية كان في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم تأسيس إدارة الأئمة والخطباء، ثم تم بعد ذلك إنشاء المعاهد الإسلامية العليا، ثم كلية الإلهيات، وقد ازداد عدد كليات الإلهيات في الآونة الأخيرة، حيث وصل عددها إلى 50 كلية في جميع أنحاء تركيا، وحسب نظام التعليم الجديد سمح المجلس الأعلى للجامعات أن تكون السنة الأولى مخصصة لتعلم اللغة العربية، بشكل إجباري، ويبلغ عدد الطلاب الذين يدرسون في هذه الكليات أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة. كما نزف بشرى بأن وزارة المعارف قد أصدرت قراراً نصه: إن القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة تم جعلهما من المواد الدراسية الاختيارية في جميع مراحل التعليم، في المدارس الحكومية في جميع أنحاء تركيا. < لكن البعض يقول: إن هذا العرض لن يجد أي رواج أو إقبال لأنه اختياري؟ - نعم، هناك من يروِّج لذلك، لكن الحقيقة قالها وزير المعارف، حيث أعلن أن القرار قد وجد إقبالاً جيداً، تمثل في أن 450 ألف ولي أمر، من أولياء الطلبة قد تقدموا بطلب الموافقة على دراسة أبنائهم للقرآن الكريم، ونحن أمامنا طريق طويل، ولا نستعجل، نعمل بشكل دؤوب ونقوم بواجبنا. < هل لديكم مشاريع تدعم نشر اللغة العربية على أرض الواقع بجانب كلية العلوم الإسلامية؟ - تم افتتاح مدرسة ثانوية في شمال قبرص، وقد يسر الله تعالى لنا هذا العمل، وبدأنا فيه في أول يوم من رمضان الماضي، وأطلقنا على هذه المدرسة اسم الصحابية الجليلة «أم حرام بنت ملحان»، ويدرس فيها حالياً 180 تلميذاً وتلميذة، وتم اختيار هؤلاء بعد اختبار من قبل وزارة المعارف في شمال قبرص، القسم التركي، وفي العام الماضي تم افتتاح كلية جديدة للإلهيات (كلية أصول الدين)، ويدرس في هذه الكلية طلبة من شمال قبرص ومن تركيا، ونحن بصدد افتتاح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم هناك، ونأمل أن يزيد عدد هذه المدارس في جميع أنحاء تركيا، والإقبال شديد جداً، والمأمول من المؤسسات التعليمية والجامعات العربية والإسلامية أن تساعد بما عندها من الإمكانات ومن الخبرات. < وماذا عن آخر تطورات قضية الحجاب؟ - مجلة «المجتمع» الغراء تراقب وتتابع ما يجري في العالم الإسلامي، وتركيا بوجه خاص، وهي تتابع قضية الحجاب منذ فترة طويلة، حينها كنا نعيش فترة صعبة وخصوصاً بعد سقوط حكومة «نجم الدين أربكان» - يرحمه الله تعالى - المؤسس الكبير للحركة الإسلامية في تركيا، حيث عشنا مرحلة صعبة، بسبب فئة من الناس ممن كان يزعمون الديمقراطية والحرية مادامت تلك الديمقراطية والحرية تصب في صالحهم فقط، حيث مارسوا ضغوطاً قوية على المؤسسات التعليمية والحكومية حين كانوا يتقلدون السلطة، وذلك كان بين عامي 1998 و2005م، الأمر الذي أدى إلى فصل عدد كبير من البنات المحجبات من الجامعات، حيث تم فصل أكثر من 45 ألف فتاة بسبب ارتدائهن للحجاب وإصرارهن عليه، حيث فصلن من جامعاتهن، من كليات الطب والصيدلة والآداب وغيرها من الكليات العلمية والأدبية، بالرغم من أن بعضهن تم فصلهن في الفصل الأخير من سنة التخرج. فبناتنا مجاهدات، وقد أصررن على التمسك بالحجاب الشرعي، وهذا الأمر قد أدى إلى نعمة أخرى، حيث ذهبت بناتنا بعد بحث مضنٍ إلى الجامعات الغربية، التي رحبت بقبولهن كطالبات، ونجحن نجاحاً باهراً، وبعد إكمالهن لدراستهن في الخارج عُدن وهن يحملن أكبر الشهادات في الطب والصيدلة والهندسة والتخطيط والآداب وغيرها. < أعتقد الآن أن الأمر لم يعد بهذه الصورة؟ - نعم في وقتنا الحاضر، فقد تمت إزالة تلك العقبة، كما أننا سمعنا في الآونة الأخيرة أنه تم سجن البروفيسور الذي كان يأمر بإخراج الفتيات المحجبات من فصولهن، بسبب ممارسته للقمع وانتهاك الحريات، ومن بينها حرية العقيدة، والكثير من أمثاله أُرغم على تقديم اعتذار رسمي على ما بدر منهم في مسائل انتهاك حرية ارتداء الحجاب. < هل هناك تعاون بينكم وبين الجامعات العربية والإسلامية؟ - بدأ التعاون منذ عامين بيننا وبين جامعة «أم القرى» في مكة المكرمة، حيث يتم تبادل المعلمين والطلاب، حيث جاءنا من مكة المكرمة أستاذان ويقومان بالتدريس منذ عامين، وفي العطلة الصيفية بعد شهر رمضان، تم إرسال 66 طالباً وطالبة ممن يدرسون في السنة الأولى إلى مكة المكرمة، وقد مكثوا مدة أربعين يوماً للدراسة والعمرة، ونحن لدينا اتفاقية تعاون مع جامعة «أم القرى» في مكة المكرمة، واتفاقية مع جامعة «السويس» في مصر، وكذلك مع جامعة «بغداد»، وجامعة «دار العلوم» في الهند، فضلاً عن جامعات أخرى، وقد أصبحت كلياتنا كلية عالمية، بمعنى أنه يوجد عدد لا بأس به من بلاد البلقان وآسيا الوسطى وروسيا وسورية وشمال أفريقيا والسنغال، وسوف نفتتح هذا العام قسماً للدراسات العليا لمنح درجة الدكتوراه، كذلك لدينا تعاون مع جامعة الأزهر في مصر، ولدينا تعاون مع الجامعات الأردنية. < كيف تقيِّم الحالة التي تمر بها «دول الربيع العربي» من واقع تجربتكم في تركيا؟ - لقد عشنا 80 عاماً من الكبت والضغوط، وقد مورس ضد الإسلام والملتزمين شتى أنواع الضغوط والانتهاكات، ولكن هذا لم يثنِ الأتراك عن التمسك بدينهم وبتقاليدهم الإسلامية، وأصبحت لدينا خبرة وعلم بأساليب الأعداء سواء أعداء الداخل أو أعداء الخارج، ولا يخفى علينا أن هناك أناساً من بني جلدتنا يتلقون التعليمات من الخارج لمحاربة الإسلام والمسلمين في تركيا، والعالم العربي يعيش حالياً نفس السيناريو الذي مر بنا في تركيا، فما يحدث في مصر وتونس وليبيا وسورية يعتبر جديداً بالنسبة للعالم العربي، أما نحن فلا يعتبر جديداً، فكل تلك المشكلات عشناها وتجاوزناها بأسلوب إنساني وإسلامي مرن. وهناك أناس قبل الثورة كانوا يتشدقون بالحرية والعدالة، ولكن الوقائع والدلائل أثبتت أنهم يطلبون ذلك من أجل المناصب فقط، دون أدنى احترام للطرف الآخر، ولكن إن شاء الله تعالى سيتجاوز العالم العربي هذه العقبة، وسيكون النصر للحق والإسلام. < هل من كلمة أخيرة نختم بها حوارنا؟ - حقيقة أريد أن أؤكد أن الله تعالى ناصر دينه وشرعه، وقد هيَّأ لذلك دعاة ورجالاً مخلصين نشكرهم على جهودهم، ونؤكد ضرورة دعمهم، وأخص هنا الحلقات العلمية التي تنتشر في الكثير من المساجد، ومن بينها حلقة شيخنا «أمين سراج»، وهو أحد خريجي جامعة الأزهر، عاصر الشيوخ المشهورين، أمثال: القرضاوي حفظه الله، والشيخ أحمد العسال يرحمه الله. والشيخ أمين سراج، جلس في مسجد «الفاتح» لتعليم العلوم الشرعية منذ عودته من مصر إلى يومنا هذا، ويأتي إليه الطلاب، صباحاً ومساء، والشيخ لا يمل ولا يكل ولا يسأم، وأصبح طلبته الآن منتشرين في ربوع الأرض.
* المجتمع
حاوره: أحمد الشلقامي
بعد ثمانين عاماً من الاضطهاد والحرب الضروس التي ربما تعتبر أكبر حرب شنت في دولة مسلمة على مظاهر إسلامها وأسس تكوينها.. تركيا التي قبعت تحت دكتاتورية «العلمانية» البغيضة التي أرادت أن تُنسي الشعب التركي أصله وسلخه عن جذور حضارته، إلا أن الواقع يقول: إن ذلك لم يكن سوى وهْم، فالآن ها هي تقود وتتقدم باتجاه نبْعها. «المجتمع» التقت أحد رجال العلم والأدب بتركيا، د. حمدي أرسلان، عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الإسلامية جامعة «السلطان محمد الفاتح»، وعضو مكتب الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو المكتب التنفيذي لعلماء أهل السُّنة. < بداية نرحب بكم وبحضوركم وتشريفكم لنا. - أولاً أحيي الإخوة العاملين في مجلة «المجتمع» الإسلامية العالمية؛ حيث تعتبر الناطق الرسمي للمسلمين، ونحن من المتابعين لنشاطات هذه المجلة المباركة منذ 40 عاماً، كما أحيي الإخوة في الكويت جميعاً، وأشكرهم على حسن الاستقبال الذي وجدته من جميع المسؤولين، وأخص بالشكر وزارة الأوقاف التي قامت بتوجيه الدعوة الكريمة للزيارة. < بعد سنوات طويلة من العزلة ومحاربة كل ما يتصل بالعروبة بتركيا، كيف هو وضع اللغة العربية الآن بصفتكم الأكاديمية؟ - حين تأسست كلية العلوم الإسلامية، وهي تتبع لجامعة «السلطان محمد الفاتح»، فكانت أول مرة في تاريخ تركيا تنشأ كلية خاصة بدراسة اللغة العربية، وهذا يثبت مدى الاهتمام الكبير باللغة العربية، وهذا الاهتمام لم يغب حتى في السنوات السابقة، ولكن بسبب الظروف السياسية، كنا نكتفي بالعمل شبه السري لتعلم ودراسة اللغة العربية، ونستطيع القول: إن أول ظهور علني للاهتمام باللغة العربية كان في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم تأسيس إدارة الأئمة والخطباء، ثم تم بعد ذلك إنشاء المعاهد الإسلامية العليا، ثم كلية الإلهيات، وقد ازداد عدد كليات الإلهيات في الآونة الأخيرة، حيث وصل عددها إلى 50 كلية في جميع أنحاء تركيا، وحسب نظام التعليم الجديد سمح المجلس الأعلى للجامعات أن تكون السنة الأولى مخصصة لتعلم اللغة العربية، بشكل إجباري، ويبلغ عدد الطلاب الذين يدرسون في هذه الكليات أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة. كما نزف بشرى بأن وزارة المعارف قد أصدرت قراراً نصه: إن القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة تم جعلهما من المواد الدراسية الاختيارية في جميع مراحل التعليم، في المدارس الحكومية في جميع أنحاء تركيا. < لكن البعض يقول: إن هذا العرض لن يجد أي رواج أو إقبال لأنه اختياري؟ - نعم، هناك من يروِّج لذلك، لكن الحقيقة قالها وزير المعارف، حيث أعلن أن القرار قد وجد إقبالاً جيداً، تمثل في أن 450 ألف ولي أمر، من أولياء الطلبة قد تقدموا بطلب الموافقة على دراسة أبنائهم للقرآن الكريم، ونحن أمامنا طريق طويل، ولا نستعجل، نعمل بشكل دؤوب ونقوم بواجبنا. < هل لديكم مشاريع تدعم نشر اللغة العربية على أرض الواقع بجانب كلية العلوم الإسلامية؟ - تم افتتاح مدرسة ثانوية في شمال قبرص، وقد يسر الله تعالى لنا هذا العمل، وبدأنا فيه في أول يوم من رمضان الماضي، وأطلقنا على هذه المدرسة اسم الصحابية الجليلة «أم حرام بنت ملحان»، ويدرس فيها حالياً 180 تلميذاً وتلميذة، وتم اختيار هؤلاء بعد اختبار من قبل وزارة المعارف في شمال قبرص، القسم التركي، وفي العام الماضي تم افتتاح كلية جديدة للإلهيات (كلية أصول الدين)، ويدرس في هذه الكلية طلبة من شمال قبرص ومن تركيا، ونحن بصدد افتتاح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم هناك، ونأمل أن يزيد عدد هذه المدارس في جميع أنحاء تركيا، والإقبال شديد جداً، والمأمول من المؤسسات التعليمية والجامعات العربية والإسلامية أن تساعد بما عندها من الإمكانات ومن الخبرات. < وماذا عن آخر تطورات قضية الحجاب؟ - مجلة «المجتمع» الغراء تراقب وتتابع ما يجري في العالم الإسلامي، وتركيا بوجه خاص، وهي تتابع قضية الحجاب منذ فترة طويلة، حينها كنا نعيش فترة صعبة وخصوصاً بعد سقوط حكومة «نجم الدين أربكان» - يرحمه الله تعالى - المؤسس الكبير للحركة الإسلامية في تركيا، حيث عشنا مرحلة صعبة، بسبب فئة من الناس ممن كان يزعمون الديمقراطية والحرية مادامت تلك الديمقراطية والحرية تصب في صالحهم فقط، حيث مارسوا ضغوطاً قوية على المؤسسات التعليمية والحكومية حين كانوا يتقلدون السلطة، وذلك كان بين عامي 1998 و2005م، الأمر الذي أدى إلى فصل عدد كبير من البنات المحجبات من الجامعات، حيث تم فصل أكثر من 45 ألف فتاة بسبب ارتدائهن للحجاب وإصرارهن عليه، حيث فصلن من جامعاتهن، من كليات الطب والصيدلة والآداب وغيرها من الكليات العلمية والأدبية، بالرغم من أن بعضهن تم فصلهن في الفصل الأخير من سنة التخرج. فبناتنا مجاهدات، وقد أصررن على التمسك بالحجاب الشرعي، وهذا الأمر قد أدى إلى نعمة أخرى، حيث ذهبت بناتنا بعد بحث مضنٍ إلى الجامعات الغربية، التي رحبت بقبولهن كطالبات، ونجحن نجاحاً باهراً، وبعد إكمالهن لدراستهن في الخارج عُدن وهن يحملن أكبر الشهادات في الطب والصيدلة والهندسة والتخطيط والآداب وغيرها. < أعتقد الآن أن الأمر لم يعد بهذه الصورة؟ - نعم في وقتنا الحاضر، فقد تمت إزالة تلك العقبة، كما أننا سمعنا في الآونة الأخيرة أنه تم سجن البروفيسور الذي كان يأمر بإخراج الفتيات المحجبات من فصولهن، بسبب ممارسته للقمع وانتهاك الحريات، ومن بينها حرية العقيدة، والكثير من أمثاله أُرغم على تقديم اعتذار رسمي على ما بدر منهم في مسائل انتهاك حرية ارتداء الحجاب. < هل هناك تعاون بينكم وبين الجامعات العربية والإسلامية؟ - بدأ التعاون منذ عامين بيننا وبين جامعة «أم القرى» في مكة المكرمة، حيث يتم تبادل المعلمين والطلاب، حيث جاءنا من مكة المكرمة أستاذان ويقومان بالتدريس منذ عامين، وفي العطلة الصيفية بعد شهر رمضان، تم إرسال 66 طالباً وطالبة ممن يدرسون في السنة الأولى إلى مكة المكرمة، وقد مكثوا مدة أربعين يوماً للدراسة والعمرة، ونحن لدينا اتفاقية تعاون مع جامعة «أم القرى» في مكة المكرمة، واتفاقية مع جامعة «السويس» في مصر، وكذلك مع جامعة «بغداد»، وجامعة «دار العلوم» في الهند، فضلاً عن جامعات أخرى، وقد أصبحت كلياتنا كلية عالمية، بمعنى أنه يوجد عدد لا بأس به من بلاد البلقان وآسيا الوسطى وروسيا وسورية وشمال أفريقيا والسنغال، وسوف نفتتح هذا العام قسماً للدراسات العليا لمنح درجة الدكتوراه، كذلك لدينا تعاون مع جامعة الأزهر في مصر، ولدينا تعاون مع الجامعات الأردنية. < كيف تقيِّم الحالة التي تمر بها «دول الربيع العربي» من واقع تجربتكم في تركيا؟ - لقد عشنا 80 عاماً من الكبت والضغوط، وقد مورس ضد الإسلام والملتزمين شتى أنواع الضغوط والانتهاكات، ولكن هذا لم يثنِ الأتراك عن التمسك بدينهم وبتقاليدهم الإسلامية، وأصبحت لدينا خبرة وعلم بأساليب الأعداء سواء أعداء الداخل أو أعداء الخارج، ولا يخفى علينا أن هناك أناساً من بني جلدتنا يتلقون التعليمات من الخارج لمحاربة الإسلام والمسلمين في تركيا، والعالم العربي يعيش حالياً نفس السيناريو الذي مر بنا في تركيا، فما يحدث في مصر وتونس وليبيا وسورية يعتبر جديداً بالنسبة للعالم العربي، أما نحن فلا يعتبر جديداً، فكل تلك المشكلات عشناها وتجاوزناها بأسلوب إنساني وإسلامي مرن. وهناك أناس قبل الثورة كانوا يتشدقون بالحرية والعدالة، ولكن الوقائع والدلائل أثبتت أنهم يطلبون ذلك من أجل المناصب فقط، دون أدنى احترام للطرف الآخر، ولكن إن شاء الله تعالى سيتجاوز العالم العربي هذه العقبة، وسيكون النصر للحق والإسلام. < هل من كلمة أخيرة نختم بها حوارنا؟ - حقيقة أريد أن أؤكد أن الله تعالى ناصر دينه وشرعه، وقد هيَّأ لذلك دعاة ورجالاً مخلصين نشكرهم على جهودهم، ونؤكد ضرورة دعمهم، وأخص هنا الحلقات العلمية التي تنتشر في الكثير من المساجد، ومن بينها حلقة شيخنا «أمين سراج»، وهو أحد خريجي جامعة الأزهر، عاصر الشيوخ المشهورين، أمثال: القرضاوي حفظه الله، والشيخ أحمد العسال يرحمه الله. والشيخ أمين سراج، جلس في مسجد «الفاتح» لتعليم العلوم الشرعية منذ عودته من مصر إلى يومنا هذا، ويأتي إليه الطلاب، صباحاً ومساء، والشيخ لا يمل ولا يكل ولا يسأم، وأصبح طلبته الآن منتشرين في ربوع الأرض.
* المجتمع