رئيس الهيئة العليا للرشاد :الحزب رحب باختياري في لجنة الحوار ويتحفّظ لنفسه بالتمثيل العادل
محمد العامري العامري
في بضعة تساؤلات مهمة ومركزة حول مجريات الأحداث الجارية في بلادنا، وأخرى عامة ومفتوحة متصلة باللجنة الفنية للحوار الوطني، وإتحاد الرشاد السلفي وواقع العمل السياسي للإسلاميين والسلفيين، والعلاقة الأمريكية الإيرانية والتناغم الحاصل بينهما في الشأن العالمي واليمني عموماً.. التقينا رئيس الهيئة العليا لاتحاد الرشاد السلفي اليمني، وعضو هيئة علماء اليمن ورابطة علماء المسلمين، وعضو اللجنة الفنية للحوار الوطني الدكتور محمد بن موسى العامري؛ فكان هذا الحوار
حاوره: سلمان العماري
> كيف تقرؤون مجريات الأحداث وتواليها في اليمن مؤخرا؟
- مجريات الأحداث تقول: إن هناك ولادة جديدة لابد أن يصحبها آلام ومخاض، وهذا المولود المنتظر يمكن أن يكون مولوداً سليماً صحيحاً كامل الخلق، ويمكن لا قدر الله أن يكون مولوداً مشوهاً. يمكن أن يكون مولوداً صحيحاً في حال ما إذا أدرك اليمنيون أن مصالحهم العليا تتمثل في مصلحة الدين والنفس والعقل والمال والنسل، وهي المصالح المراعاة في كل ملة والمعتبرة في الحياة، إذا أدركنا ذلك، وترفعنا عن المصالح الشخصية والحزبية الضيقة؛ فإن الخروج من أزماتنا سيكون وشيكاً بإذن الله. ويمكن أن يكون مولودا صحيحا متى ما جعلنا نصب أعيننا الاعتزاز بهويتنا، وبشريعتنا وديننا ورفضنا كل أشكال التبعية العمياء، والانصياع للوصايات الأجنبية التي وإن بدت أنها في مصلحتنا أحياناً إلا أن إثمها أكبر من نفعها عاجلا وآجلا، وهذه مسؤولية تاريخية ونظرة مستقبلية فاحصة. ويمكن أن يكون مولوداً سليما متى ما صدقنا مع الله والتزمنا بشريعته وحك�’منا الله في أنفسنا أولا، وحرصنا على جمع الكلمة وتوحيد الجهود أو تنسيقها في أقل الأحوال وبخاصة أنصار المشروع الإسلامي، والقوى الخيرة التي تتطلع لخدمة دينها ووطنها. وأحبَ أن أضيف على مستوى المجريات اليومية أن الحكومة معنية اليوم بإثبات جدارتها في قيادة المجتمع، والتطاوع ما أمكن ونشر ثقافة التسامح فيما بينهم ونسيان جراحات الماضي وتغليب المصلحة العليا على مصالح أحزابهم، والحذر من المشاريع الوافدة التي تستهدف أمن اليمن واستقراره، وتسعى جاهدة لنشر الفوضى وخلق التوترات لكي يتحقق لها فرض مشاريعها العنصرية وأفكارها المتطرفة سواءاً كانت تغريبية أو مذهبية طائفية سلالية فكلاهما مشروعان وافدان على اليمن، ويعملان على استغلال الظروف الراهنة لتقوية نفوذهما.
> كيف تنظرون للتقاسم الحاصل في المناصب والمقاعد الوزارية، والمحاصصة بين الأحزاب الحاكمة حالياً؟
- التقاسم الحاصل جاء نتيجة المبادرة الخليجية، وقد قبل الناس بها كمخرج للبلاد من محنته والإشكال ليس في هذا التقاسم، وإنما في وجود شركاء متشاكسين كل ينزع إلى مصلحته الخاصة وحزبه وانتمائه، وهو ما يعرقل سير العملية السياسية في اليمن. والذي نتمناه من حكومة الوفاق الوطني أن يتحلى الجميع فيها بروح المسؤولية وأن يجعلوا نصب أعينهم مصالح اليمن قبل مصالحهم الخاصة والحزبية الضيقة.
> تم مؤخراً انعقاد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الرشاد اليمني ما هي مخرجاته وخطواتكم العملية؟
- المؤتمر التأسيسي انعقد لمقصدين أساسين الأول: إعطاء رؤية أولية لموقف الرشاد من مجريات الأحداث العامة في اليمن من خلال اللقاء التشاوري مع أعضاء الهيئة التأسيسية ومداولة مفردات ومحاور الحوار الوطني. الثاني: استكمال الإجراءات القانونية لاتحاد الرشاد اليمني فقد أقر النظام الأساسي والبرنامج السياسي واللائحة المالية، وتم انتخاب الهيئة العليا للرشاد كل ذلك بحضور لجنة شؤون الأحزاب. وأما الخطوة التالية فتتلخص في استكمال دوائر الرشاد وترتيبها وتأسيس الفروع في المحافظات، وتنسيب الأعضاء، وإعداد الرؤية الشاملة التي سيتقدم بها الرشاد إلى مؤتمر الحوار الوطني، وكيفية تناوله لقضايا الشأن اليمني. وفي المرحلة الحالية سيتم التركيز على الدوائر الأساسية كدائرة التنظيم، ودائرة الإعلام، ودائرة التدريب والتأهيل، والدائرة السياسية، والدائرة المالية، ودائرة الفروع.
> ما هي توجهات الرشاد والقضايا التي سوف يرتكز عليها في إطار لجنة الحوار الوطني؟
- الرشاد سوف يقدم رؤيته بإذن الله في مجمل القضايا المحورية في الحوار الوطني، والتي منها هوية الدولة ومرتكزاتها ودستورها، وكذلك قضية الجنوب وسبل علاجها وقضية صعدة، ولن يغفل قضية الجيش وأسس بنائه إلى غير ذلك من القضايا المحورية في الحوار الوطني، إضافةً إلى رؤيته التنموية الشاملة سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
> يطرح البعض أن الإصلاح تأسس مقابل الاشتراكي، وأن الرشاد جاء مقابل حزب الأمة كيف تنظرون لمثل هذا؟
- لا أظن الإصلاح تأسس مقابل الاشتراكي فقط لأن الإصلاح هو الوجه السياسي للإخوان المسلمين وهم حركة عالمية معروفة لديهم أحزاب في عموم البلدان التي يتواجدون فيها سواء كان فيها اشتراكيون أم لا؟ وكذلك السلفيون أو كثير منهم يمارسون السياسة بدون وجود أحزاب شيعية في كثير من البلدان كما في مصر وتونس والجزائر وغيرها من البلدان، والواقع أن الرشاد جاء نتيجة للمتغيرات التي أحدثتها ثورات الربيع العربي من جهة ومن جهة أخرى شعوراً بالمسؤولية التي رأى أن لا يسعه إلا أن يكون مشاركا في الحياة السياسية، وليس لأجل وجود حزب الأمة ولا غيره.
> في ظل التحالفات الموجودة أين يضع الرشاد نفسه؟ وهل تفضلون العمل خارجها؟
- الرشاد يضع نفسه مع مصلحة الشعب دائما سواء الدينية أو الدنيوية ومن ثم فنحن نفضل في هذه المرحلة أن نقف من جميع القوى السياسية والاجتماعية على مسافة واحدة بحيث نقترب أو نبتعد من أي جهة بحسب قربها أو بعدها من مصالح الشعب وضرورياته وثوابته وهذا لا يعني أننا لن نتوافق مع أي جهة أو نتعاون على قضايا محددة نرى فيها تحقيق التعاون على البر والتقوى لأن هذا من صميم ديننا، وواجباتنا.
> ما العلاقة القائمة حالياً بينكم وبقية الأحزاب وهل لديكم مساعي وقضايا مشتركة مع الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى ؟
- العلاقة بيننا وبين بقية الأحزاب سوف تقوم بإذن الله على التناصح والتعاون على البر والتقوى وليس لدينا أي تحفظ على أي علاقة تقوم على خدمة المجتمع ونهضته الشاملة، والمحافظة على ثوابته وقيمه وأخلاقه كما أننا لا نحبذ أن يكون بيننا وبين أي مكون سياسي أو اجتماعي أي خصومة لا معنى لها، فنحن شركاء في هذا المجتمع، ومن واجبنا جميعاً أن نسعى جاهدين لصالحه، وأن نحذر جميعا من المنافذ الخارجية التي تهدف إلى فرض أجندتها على المجتمع اليمني وأن نحذر كذلك من تسويق المشاريع الوافدة التي تتعارض مع ثوابتنا الإسلامية ومصالحنا الوطنية.
> تم اختياركم ضمن التشكيلة الجديدة لأعضاء اللجنة الفنية للحوار الوطني كيف تقيم هذه الإضافة؟
- اتحاد الرشاد رحب�’ بإضافتي إلى هذه اللجنة، وتحف�’ظ لنفسه في المطالبة بالتمثيل العادل له، ولبقية المكونات السياسية والاجتماعية.
> ما هي رؤية اتحاد الرشاد في الحوار الوطني؟
- الرشاد سيقدم رؤيته في وقتها للحوار الوطني بإذن الله؟
> ما عوامل نجاح مؤتمر الحوار الوطني من وجهة نظرك ؟
- في ورشة أقامها منتدى التمنية السياسية بتاريخ 12 سبتمبر 2012م في صنعاء فندق موفنبيك يتحدث فيها الضيف خبير المؤتمرات الوطنية في الحوارات من جنوب أفريقيا يقول إن 70% فشلت لأسباب وتحدث عن أقرب تجربة في سيرلانكا مبينا سبب الفشل وذكر منها: أن كل طرف يظن أنه سينتصر، وكل طرف متمسك بالسلاح، اللاعبون الأساسيون لم يتم تمثيلهم، عدم توحيد الجيش ووجود مليشيات. لذلك إذا أردنا أن يتم النجاح لهذا المؤتمر يجب أن نضع نصب أعيننا هذه الاعتبارات، وأنا متفائل أنه إذا تغلبت الحكمة اليمانية على التمترس خلف المشاريع الصغيرة وغلبنا المصالح العليا ولم نقص أي طرف من الأطراف المؤثرة في الحوار إذا تم ذلك فلا شك أن الحوار سيكتب له النجاح بإذن الله.
> برأيك ما جدوى مشاركة السلفيين في الحياة السياسية؟
- السلفيون يمثلون شريحة كبيرة في المجتمع اليمني ولديهم الكثير من الرؤى والتصورات للأوضاع السياسية والاجتماعية وغيرها وهم كغيرهم يتطلعون إلى صورة مشرقة لأبناء اليمن وينطلقون في رؤآهم من محكمات الشريعة الإسلامية ومسلماتها، ولا شك أن من جعل نصب عينيه المنهج الإسلامي الأصيل سوف يكون أسعد الناس حظا بتقديم كل ما هو نافع للبشرية لأن الشريعة الإسلامية بمفهومها الشامل قد اشتملت على كل خير، وكل ما فيه إسعاد البشرية في دينهم ودنياهم سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي والتعليمي وغير ذلك، وهذه مقدمة إجمالية وتفصيلها يحتاج إلى شرح يطول ذكره لا يناسب هذا المقام.
> لماذا برأيك لا يتحد الإسلاميون جبهة وكتلة سياسية موحدة، وما المانع؟
- علينا أن نسعى جميعاً إلى ذلك، وفي أقل الأحوال أن يكون هناك تنسيق في القضايا العادلة التي تتعلق بمصلحة البلاد. وفي ظني أن أكبر العوائق في طريق هذا القدر من التعاون يكمن في عدم إدراك المخاطر التي تحاك ضد المشروع الإسلامي الكبير وضد الأمة بكاملها هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك ضعف في مسألة الحوار الإسلامي الإسلامي مما يجعل الظنون تعمل عملها لدى كثير من العاملين للإسلام إضافة إلى ذلك العصبية المذمومة التي توجد لدى قطاع لا بأس به نتيجة الضحالة الفكرية والجهل بمقاصد الشريعة وغاياتها. وقبل ذلك كله تأتي مسألة الصدق مع الله وإلى ومحاسبة النفوس والتخلص من الحظوظ التي غالبا ما تشكل ألوانا من الحجب بين النفس وهواها وبين الوصول إلى مرضات الله ورضوانه نسأل الله لنا وللجميع اللطف والسداد.
> كيف تنظرون إلى موقف حركة النهضة السلفية في الجنوب وانحيازها التام إلى الحراك الانفصالي برغم وجود رموز ومشايخ مثل الشيخ حسين عمر محفوظ بن شعيب والشيخ عبدالرب السلامي وغيرهما؟
- بخصوص ما يجري في جنوب البلاد من دعوات الانفصال سبق وأن أوضحنا موقفنا من هذه القضية أكثر من مرة وقلنا إننا مع إخواننا في جنوب اليمن في رفع جميع المظالم التي لحقت بهم وسنظل بعون الله تع إلى ننادي ونسعى إلى رد الحقوق إلى أهلها و إلى إيجاد حلول عادلة ومرضية لإخواننا في الجنوب لكن مسألة الانفصال نحن نؤكد أن هذا لا يصب في مصلحة اليمن لا شماله ولا جنوبه وأن اعتصام المسلمين وجمع كلمتهم وتأليف قلوبهم من مقاصد الإسلام التي لا تخفى كما أن دعوات العصبية والمناطقية والإقليمية لا تخدم إلا أعداء الإسلام واليمن الذين يتربصون بأمة الإسلام الدوائر إضافة إلى أن العصبيات والنعرات ليست من الإسلام في شيء. وأما ما ذكرت من موقف بعض السلفيين وميلهم إلى الطرح الانفصالي فالذي أقوله لك يتلخص في أن هؤلاء الإخوة الأجلاء قد انطلقوا من نية حسنة وإن كنا لا نوافقهم فيما ذهبوا إليه ونرى أن حسن المقصد لا يكفي ما لم يضف إليه استقامة العمل وسداد المواقف.
وبحسب علمي أن هؤلاء الأفاضل ما سلكوا هذا المسلك إلا لعدة أسباب منها: حرصهم في مبدأ الأمر على التأثير في مجاميع الحراك ودفع هذه المجاميع إلى القبول بالمشروع الإسلامي وعدم ترك المجال للآخرين يتفردوا بالتأثير على الشارع العام الجنوبي لكن الذي حصل هو العكس بمعنى أنهم تأثروا بالطرح الآخر للقضية الجنوبية ولم يستطيعوا أن يفرضوا على مجاميع الحراك طرحهم كشأن الذين أرادوا أن يردوا على الفلاسفة فتأثروا بهم ولم يستطيعوا فيما بعد أن يتقيئوا ما بلعوه.
أيضاً ظنهم وتقديرهم أن الانفصال قادم لا محالة وأن من الخير أن يكون لهم موطئ قدم من الآن في حال ما إذا كان هناك تسوية سياسية، وحقائب وزارية وقد أقر بعضهم بأن هذا هو محور السير في طريق الحراك الانفصالي.
كما أن بعضهم يقول إن الوحدة مطلب لا نريد به بديلا ولكنه يرى المطالبة بالانفصال كسقف أعلى للحصول على نظام الفيدرالية، وهناك إشكالية في فهم هذه القضية لدى البعض إذ يجعلها قضية سياسية لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية ويفصلها تماما عن الدين، وإنما هي أمور مصلحية بشرية محضة سواء كانت وحدة أو انفصالا، وبالتالي يقولون كما كنا ننادي بالوحدة سابقا لكونها كانت في صالحنا فإننا اليوم ننادي بالانفصال لأنه في صالحنا وهكذا، وبالجملة فإن علماء الجنوب وأغلب التوجهات الإسلامية بما فيهم أكثر السلفيين ليست موافقة للحراك الانفصالي، ونحن بدورنا سنعمل ما بوسعنا للتحاور مع كل هؤلاء الإخوة واستعمال الرفق معهم حتى نصل وإياهم إلى رؤية عامة تخدم اليمن.
> وجهة نظرك حول واقع التناغم الأمريكي الإيراني في اليمن، وعن أجندتهما الخاصة بهما؟
- الأمريكان لديهم تفاهم مشترك وتحالف شبه استراتيجي مع النظام الإيراني رغم مزاعمه أنه عدو للأمريكان إلا أنه في الواقع العملي يناقض الشعارات التي يعلنها كما رأينا ذلك في أفغانستان وفي العراق، ومن ثم فإن العلاقة بينهما وإن شابها بعض التوترات أحيانا إلا أنها علاقة حميمة في مجملها إذ يرى الأمريكان في النظام الإيراني ومشاريعه في المنطقة القائمة على النعرات والطائفية مدخلا ينفذون من خلاله إلى خلق بؤر الصراعات والنزاعات وإشعال الفتن وصولاً إلى إشغال الأمة عن البناء والتنمية كما أن المشروع الإيراني المذهبي خير من يمنح الشعوب والجهات الغربية الصورة المشوهة عن الإسلام وتعاليمه، وهذا الأمر ليس بجديد ومن قرأ تاريخ هذين القطبين لن يجد أي ريبة في صحة ما ذكرته هنا.
*الأهالي نت
محمد العامري العامري
في بضعة تساؤلات مهمة ومركزة حول مجريات الأحداث الجارية في بلادنا، وأخرى عامة ومفتوحة متصلة باللجنة الفنية للحوار الوطني، وإتحاد الرشاد السلفي وواقع العمل السياسي للإسلاميين والسلفيين، والعلاقة الأمريكية الإيرانية والتناغم الحاصل بينهما في الشأن العالمي واليمني عموماً.. التقينا رئيس الهيئة العليا لاتحاد الرشاد السلفي اليمني، وعضو هيئة علماء اليمن ورابطة علماء المسلمين، وعضو اللجنة الفنية للحوار الوطني الدكتور محمد بن موسى العامري؛ فكان هذا الحوار
حاوره: سلمان العماري
> كيف تقرؤون مجريات الأحداث وتواليها في اليمن مؤخرا؟
- مجريات الأحداث تقول: إن هناك ولادة جديدة لابد أن يصحبها آلام ومخاض، وهذا المولود المنتظر يمكن أن يكون مولوداً سليماً صحيحاً كامل الخلق، ويمكن لا قدر الله أن يكون مولوداً مشوهاً. يمكن أن يكون مولوداً صحيحاً في حال ما إذا أدرك اليمنيون أن مصالحهم العليا تتمثل في مصلحة الدين والنفس والعقل والمال والنسل، وهي المصالح المراعاة في كل ملة والمعتبرة في الحياة، إذا أدركنا ذلك، وترفعنا عن المصالح الشخصية والحزبية الضيقة؛ فإن الخروج من أزماتنا سيكون وشيكاً بإذن الله. ويمكن أن يكون مولودا صحيحا متى ما جعلنا نصب أعيننا الاعتزاز بهويتنا، وبشريعتنا وديننا ورفضنا كل أشكال التبعية العمياء، والانصياع للوصايات الأجنبية التي وإن بدت أنها في مصلحتنا أحياناً إلا أن إثمها أكبر من نفعها عاجلا وآجلا، وهذه مسؤولية تاريخية ونظرة مستقبلية فاحصة. ويمكن أن يكون مولوداً سليما متى ما صدقنا مع الله والتزمنا بشريعته وحك�’منا الله في أنفسنا أولا، وحرصنا على جمع الكلمة وتوحيد الجهود أو تنسيقها في أقل الأحوال وبخاصة أنصار المشروع الإسلامي، والقوى الخيرة التي تتطلع لخدمة دينها ووطنها. وأحبَ أن أضيف على مستوى المجريات اليومية أن الحكومة معنية اليوم بإثبات جدارتها في قيادة المجتمع، والتطاوع ما أمكن ونشر ثقافة التسامح فيما بينهم ونسيان جراحات الماضي وتغليب المصلحة العليا على مصالح أحزابهم، والحذر من المشاريع الوافدة التي تستهدف أمن اليمن واستقراره، وتسعى جاهدة لنشر الفوضى وخلق التوترات لكي يتحقق لها فرض مشاريعها العنصرية وأفكارها المتطرفة سواءاً كانت تغريبية أو مذهبية طائفية سلالية فكلاهما مشروعان وافدان على اليمن، ويعملان على استغلال الظروف الراهنة لتقوية نفوذهما.
> كيف تنظرون للتقاسم الحاصل في المناصب والمقاعد الوزارية، والمحاصصة بين الأحزاب الحاكمة حالياً؟
- التقاسم الحاصل جاء نتيجة المبادرة الخليجية، وقد قبل الناس بها كمخرج للبلاد من محنته والإشكال ليس في هذا التقاسم، وإنما في وجود شركاء متشاكسين كل ينزع إلى مصلحته الخاصة وحزبه وانتمائه، وهو ما يعرقل سير العملية السياسية في اليمن. والذي نتمناه من حكومة الوفاق الوطني أن يتحلى الجميع فيها بروح المسؤولية وأن يجعلوا نصب أعينهم مصالح اليمن قبل مصالحهم الخاصة والحزبية الضيقة.
> تم مؤخراً انعقاد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الرشاد اليمني ما هي مخرجاته وخطواتكم العملية؟
- المؤتمر التأسيسي انعقد لمقصدين أساسين الأول: إعطاء رؤية أولية لموقف الرشاد من مجريات الأحداث العامة في اليمن من خلال اللقاء التشاوري مع أعضاء الهيئة التأسيسية ومداولة مفردات ومحاور الحوار الوطني. الثاني: استكمال الإجراءات القانونية لاتحاد الرشاد اليمني فقد أقر النظام الأساسي والبرنامج السياسي واللائحة المالية، وتم انتخاب الهيئة العليا للرشاد كل ذلك بحضور لجنة شؤون الأحزاب. وأما الخطوة التالية فتتلخص في استكمال دوائر الرشاد وترتيبها وتأسيس الفروع في المحافظات، وتنسيب الأعضاء، وإعداد الرؤية الشاملة التي سيتقدم بها الرشاد إلى مؤتمر الحوار الوطني، وكيفية تناوله لقضايا الشأن اليمني. وفي المرحلة الحالية سيتم التركيز على الدوائر الأساسية كدائرة التنظيم، ودائرة الإعلام، ودائرة التدريب والتأهيل، والدائرة السياسية، والدائرة المالية، ودائرة الفروع.
> ما هي توجهات الرشاد والقضايا التي سوف يرتكز عليها في إطار لجنة الحوار الوطني؟
- الرشاد سوف يقدم رؤيته بإذن الله في مجمل القضايا المحورية في الحوار الوطني، والتي منها هوية الدولة ومرتكزاتها ودستورها، وكذلك قضية الجنوب وسبل علاجها وقضية صعدة، ولن يغفل قضية الجيش وأسس بنائه إلى غير ذلك من القضايا المحورية في الحوار الوطني، إضافةً إلى رؤيته التنموية الشاملة سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
> يطرح البعض أن الإصلاح تأسس مقابل الاشتراكي، وأن الرشاد جاء مقابل حزب الأمة كيف تنظرون لمثل هذا؟
- لا أظن الإصلاح تأسس مقابل الاشتراكي فقط لأن الإصلاح هو الوجه السياسي للإخوان المسلمين وهم حركة عالمية معروفة لديهم أحزاب في عموم البلدان التي يتواجدون فيها سواء كان فيها اشتراكيون أم لا؟ وكذلك السلفيون أو كثير منهم يمارسون السياسة بدون وجود أحزاب شيعية في كثير من البلدان كما في مصر وتونس والجزائر وغيرها من البلدان، والواقع أن الرشاد جاء نتيجة للمتغيرات التي أحدثتها ثورات الربيع العربي من جهة ومن جهة أخرى شعوراً بالمسؤولية التي رأى أن لا يسعه إلا أن يكون مشاركا في الحياة السياسية، وليس لأجل وجود حزب الأمة ولا غيره.
> في ظل التحالفات الموجودة أين يضع الرشاد نفسه؟ وهل تفضلون العمل خارجها؟
- الرشاد يضع نفسه مع مصلحة الشعب دائما سواء الدينية أو الدنيوية ومن ثم فنحن نفضل في هذه المرحلة أن نقف من جميع القوى السياسية والاجتماعية على مسافة واحدة بحيث نقترب أو نبتعد من أي جهة بحسب قربها أو بعدها من مصالح الشعب وضرورياته وثوابته وهذا لا يعني أننا لن نتوافق مع أي جهة أو نتعاون على قضايا محددة نرى فيها تحقيق التعاون على البر والتقوى لأن هذا من صميم ديننا، وواجباتنا.
> ما العلاقة القائمة حالياً بينكم وبقية الأحزاب وهل لديكم مساعي وقضايا مشتركة مع الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى ؟
- العلاقة بيننا وبين بقية الأحزاب سوف تقوم بإذن الله على التناصح والتعاون على البر والتقوى وليس لدينا أي تحفظ على أي علاقة تقوم على خدمة المجتمع ونهضته الشاملة، والمحافظة على ثوابته وقيمه وأخلاقه كما أننا لا نحبذ أن يكون بيننا وبين أي مكون سياسي أو اجتماعي أي خصومة لا معنى لها، فنحن شركاء في هذا المجتمع، ومن واجبنا جميعاً أن نسعى جاهدين لصالحه، وأن نحذر جميعا من المنافذ الخارجية التي تهدف إلى فرض أجندتها على المجتمع اليمني وأن نحذر كذلك من تسويق المشاريع الوافدة التي تتعارض مع ثوابتنا الإسلامية ومصالحنا الوطنية.
> تم اختياركم ضمن التشكيلة الجديدة لأعضاء اللجنة الفنية للحوار الوطني كيف تقيم هذه الإضافة؟
- اتحاد الرشاد رحب�’ بإضافتي إلى هذه اللجنة، وتحف�’ظ لنفسه في المطالبة بالتمثيل العادل له، ولبقية المكونات السياسية والاجتماعية.
> ما هي رؤية اتحاد الرشاد في الحوار الوطني؟
- الرشاد سيقدم رؤيته في وقتها للحوار الوطني بإذن الله؟
> ما عوامل نجاح مؤتمر الحوار الوطني من وجهة نظرك ؟
- في ورشة أقامها منتدى التمنية السياسية بتاريخ 12 سبتمبر 2012م في صنعاء فندق موفنبيك يتحدث فيها الضيف خبير المؤتمرات الوطنية في الحوارات من جنوب أفريقيا يقول إن 70% فشلت لأسباب وتحدث عن أقرب تجربة في سيرلانكا مبينا سبب الفشل وذكر منها: أن كل طرف يظن أنه سينتصر، وكل طرف متمسك بالسلاح، اللاعبون الأساسيون لم يتم تمثيلهم، عدم توحيد الجيش ووجود مليشيات. لذلك إذا أردنا أن يتم النجاح لهذا المؤتمر يجب أن نضع نصب أعيننا هذه الاعتبارات، وأنا متفائل أنه إذا تغلبت الحكمة اليمانية على التمترس خلف المشاريع الصغيرة وغلبنا المصالح العليا ولم نقص أي طرف من الأطراف المؤثرة في الحوار إذا تم ذلك فلا شك أن الحوار سيكتب له النجاح بإذن الله.
> برأيك ما جدوى مشاركة السلفيين في الحياة السياسية؟
- السلفيون يمثلون شريحة كبيرة في المجتمع اليمني ولديهم الكثير من الرؤى والتصورات للأوضاع السياسية والاجتماعية وغيرها وهم كغيرهم يتطلعون إلى صورة مشرقة لأبناء اليمن وينطلقون في رؤآهم من محكمات الشريعة الإسلامية ومسلماتها، ولا شك أن من جعل نصب عينيه المنهج الإسلامي الأصيل سوف يكون أسعد الناس حظا بتقديم كل ما هو نافع للبشرية لأن الشريعة الإسلامية بمفهومها الشامل قد اشتملت على كل خير، وكل ما فيه إسعاد البشرية في دينهم ودنياهم سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي والثقافي والتعليمي وغير ذلك، وهذه مقدمة إجمالية وتفصيلها يحتاج إلى شرح يطول ذكره لا يناسب هذا المقام.
> لماذا برأيك لا يتحد الإسلاميون جبهة وكتلة سياسية موحدة، وما المانع؟
- علينا أن نسعى جميعاً إلى ذلك، وفي أقل الأحوال أن يكون هناك تنسيق في القضايا العادلة التي تتعلق بمصلحة البلاد. وفي ظني أن أكبر العوائق في طريق هذا القدر من التعاون يكمن في عدم إدراك المخاطر التي تحاك ضد المشروع الإسلامي الكبير وضد الأمة بكاملها هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك ضعف في مسألة الحوار الإسلامي الإسلامي مما يجعل الظنون تعمل عملها لدى كثير من العاملين للإسلام إضافة إلى ذلك العصبية المذمومة التي توجد لدى قطاع لا بأس به نتيجة الضحالة الفكرية والجهل بمقاصد الشريعة وغاياتها. وقبل ذلك كله تأتي مسألة الصدق مع الله وإلى ومحاسبة النفوس والتخلص من الحظوظ التي غالبا ما تشكل ألوانا من الحجب بين النفس وهواها وبين الوصول إلى مرضات الله ورضوانه نسأل الله لنا وللجميع اللطف والسداد.
> كيف تنظرون إلى موقف حركة النهضة السلفية في الجنوب وانحيازها التام إلى الحراك الانفصالي برغم وجود رموز ومشايخ مثل الشيخ حسين عمر محفوظ بن شعيب والشيخ عبدالرب السلامي وغيرهما؟
- بخصوص ما يجري في جنوب البلاد من دعوات الانفصال سبق وأن أوضحنا موقفنا من هذه القضية أكثر من مرة وقلنا إننا مع إخواننا في جنوب اليمن في رفع جميع المظالم التي لحقت بهم وسنظل بعون الله تع إلى ننادي ونسعى إلى رد الحقوق إلى أهلها و إلى إيجاد حلول عادلة ومرضية لإخواننا في الجنوب لكن مسألة الانفصال نحن نؤكد أن هذا لا يصب في مصلحة اليمن لا شماله ولا جنوبه وأن اعتصام المسلمين وجمع كلمتهم وتأليف قلوبهم من مقاصد الإسلام التي لا تخفى كما أن دعوات العصبية والمناطقية والإقليمية لا تخدم إلا أعداء الإسلام واليمن الذين يتربصون بأمة الإسلام الدوائر إضافة إلى أن العصبيات والنعرات ليست من الإسلام في شيء. وأما ما ذكرت من موقف بعض السلفيين وميلهم إلى الطرح الانفصالي فالذي أقوله لك يتلخص في أن هؤلاء الإخوة الأجلاء قد انطلقوا من نية حسنة وإن كنا لا نوافقهم فيما ذهبوا إليه ونرى أن حسن المقصد لا يكفي ما لم يضف إليه استقامة العمل وسداد المواقف.
وبحسب علمي أن هؤلاء الأفاضل ما سلكوا هذا المسلك إلا لعدة أسباب منها: حرصهم في مبدأ الأمر على التأثير في مجاميع الحراك ودفع هذه المجاميع إلى القبول بالمشروع الإسلامي وعدم ترك المجال للآخرين يتفردوا بالتأثير على الشارع العام الجنوبي لكن الذي حصل هو العكس بمعنى أنهم تأثروا بالطرح الآخر للقضية الجنوبية ولم يستطيعوا أن يفرضوا على مجاميع الحراك طرحهم كشأن الذين أرادوا أن يردوا على الفلاسفة فتأثروا بهم ولم يستطيعوا فيما بعد أن يتقيئوا ما بلعوه.
أيضاً ظنهم وتقديرهم أن الانفصال قادم لا محالة وأن من الخير أن يكون لهم موطئ قدم من الآن في حال ما إذا كان هناك تسوية سياسية، وحقائب وزارية وقد أقر بعضهم بأن هذا هو محور السير في طريق الحراك الانفصالي.
كما أن بعضهم يقول إن الوحدة مطلب لا نريد به بديلا ولكنه يرى المطالبة بالانفصال كسقف أعلى للحصول على نظام الفيدرالية، وهناك إشكالية في فهم هذه القضية لدى البعض إذ يجعلها قضية سياسية لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية ويفصلها تماما عن الدين، وإنما هي أمور مصلحية بشرية محضة سواء كانت وحدة أو انفصالا، وبالتالي يقولون كما كنا ننادي بالوحدة سابقا لكونها كانت في صالحنا فإننا اليوم ننادي بالانفصال لأنه في صالحنا وهكذا، وبالجملة فإن علماء الجنوب وأغلب التوجهات الإسلامية بما فيهم أكثر السلفيين ليست موافقة للحراك الانفصالي، ونحن بدورنا سنعمل ما بوسعنا للتحاور مع كل هؤلاء الإخوة واستعمال الرفق معهم حتى نصل وإياهم إلى رؤية عامة تخدم اليمن.
> وجهة نظرك حول واقع التناغم الأمريكي الإيراني في اليمن، وعن أجندتهما الخاصة بهما؟
- الأمريكان لديهم تفاهم مشترك وتحالف شبه استراتيجي مع النظام الإيراني رغم مزاعمه أنه عدو للأمريكان إلا أنه في الواقع العملي يناقض الشعارات التي يعلنها كما رأينا ذلك في أفغانستان وفي العراق، ومن ثم فإن العلاقة بينهما وإن شابها بعض التوترات أحيانا إلا أنها علاقة حميمة في مجملها إذ يرى الأمريكان في النظام الإيراني ومشاريعه في المنطقة القائمة على النعرات والطائفية مدخلا ينفذون من خلاله إلى خلق بؤر الصراعات والنزاعات وإشعال الفتن وصولاً إلى إشغال الأمة عن البناء والتنمية كما أن المشروع الإيراني المذهبي خير من يمنح الشعوب والجهات الغربية الصورة المشوهة عن الإسلام وتعاليمه، وهذا الأمر ليس بجديد ومن قرأ تاريخ هذين القطبين لن يجد أي ريبة في صحة ما ذكرته هنا.
*الأهالي نت