مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/17 20:12
الدكتور/ عوض القرني في  حوار مع صحيفة سبق الالكترو
الشيخ الدكتور/ عوض القرني

داعية ومفكر إسلامي وأستاذ أصول الفقه بجامعة الملك خالد سابقا

حوار صحيفة سبق الالكترونية.



** قال تعالى: (وسيعـلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) على من تنطبق هذه الآية في هذه الأيام ؟.

تنطبق على كل ظالم لنفسه أو ظالم لغيره من خلق الله.

** يقال أن أفكار الشيخ عوض القرني خطيرة على النشء الجديد ..هل هي كذلك؟

أتمنى أن تكون أفكاري مما يتهادى به ويتحف به الأحباب، كما يتهادى ويتحف بماء زمزم.

** من هم البشر؟

هم الأنبياء والمصلحون والمحسنون والمبدعون والأتقياء الصادقون وهم الأكثر ضرراً على الخلق ومحادّة للرب ، وسعياً في الإفساد .

** بودي أن أسألك عما يحدث في العالم العربي هذه الأيام.. لماذا كل هذه الجلبة وعدم الاستقرار وثوران البراكين الغاضبة بعد أن ظن القوم أنها خامدة وميتة؟

انفجار الثورات العربية كان نتيجة لأسباب متعددة وعميقة تراكمت منذ عشرات السنين، وأصبحت جبالا من البارود تنتظر شرارة الانفجار، بدأت في تونس تلتها مصر ثم ليبيا واليمن فسوريا، وهي ثورات تستدعي كل واحدة منها الأخرى.

** وما هي عناوينها الرئيسة

- في رأيي أنها تتلخص في 3 عناوين رئيسة تحتها كم كبير من التفاصيل وتختلف في أمثلتها من بلد لآخر.. أول هذه العناوين الحرب الشعواء التي شنتها على الدين والهوية والأصالة الأنظمة الديكتاتورية التي خلفها الاستعمار فبقيت ضمن دائرة الاستعمار وتربى قادتها على فكره فأفسدوا تاريخ الأمة ودينها وشريعتها وكل ما تعتز به، بل كانوا أسوء من الاستعمار الذي فتت الأمة، وتفوقوا على قسوة الاستعمار وجبروته، و أصبح الإلحاد في الدول العربية مرتبطا بحاكم ضال تناسى أن هناك هوية ودين ارتبط به عزة وكرامة فصبرت الشعوب على مضض. على أمل التقدم والتحرر فكانت النتيجة سببا آخر هو الفساد بجميع صوره الأخلاقي والإداري والمالي والتخلف والفقر المستشري وأصبحت أمتنا أمثولة في تخلفها وفقرها بين الأمم الأخرى، وهاجرت عقولها وشبابها، وأصبحوا مع بعض الأفارقة طعاما لأسماك البحر الأبيض من أجل بحثهم عن لقمة العيش على سواحل أوروبا كما فتحت السجون والمعتقلات في البلاد العربية على مصراعيها للذين نبهوا من خطورة الأمر كما في ليبيا وسوريا وغيرهما. وكان السبب الثالث والأسوأ أن الأنظمة العربية كانت تدعي حرب الاستيطان الصهيوني الاستعماري في فلسطين بينما هي تستعمل ذلك من أجل السيطرة على الشعوب وإلهائها فلما وقعوا المعاهدات مع الأعداء الصهاينة كمعاهدة كامب ديفيد، واتفاقية أوسلو وغيرهما.. بل وتتحالف معه ضد الشعب الفلسطيني.. عندما تكشفت هذه الأمور تحقق المسوغات الذي جعل الشعوب تنفض أيديها من هذه الأنظمة فلم يبق فيها ما يغريهم ويجعلهم يتحملون فسادها ومظالمها وسجونها أو ينتظرون الخير من حكامها، هذه من وجهة نظري عناوين موجزة تعبر أسباب عن نهوض الشعوب العربية.

* هناك الكثير من المتغيرات يموج بها العالم العربي، فما هو أبرزها؟

- الثورات العربية المباركة قامت لتقويض الجور والظلم والفساد الذي تشكل منها ركام هائل نحتاج إلى زمن طويل لنزيل هذا الركام من الأنظمة والدساتير والفساد للنهوض بالأمة من جديد، ولقد أثبتت هذه المتغيرات أن الشعوب العربية ليست ميتة وأنها حية راغبة في الحياة الحرة الكريمة وأثبتت خلاف ما كانت الأعداء تقوله عنها وأنها لن تترك خيارها وهو الإسلام والعروبة.

** لكن يقال أن ما حدث في الدول العربية هو بمثابة ارتداء ثوب جديد على جسم ’’غير نظيف’’ من الداخل، أي استبدال الوجوه والشعارات فقط لا الأفكار؟

- وما جرى في الانتخابات العربية الأخيرة بعد ثورات الشعوب في تونس ومصر جاء ليؤكد أن خيار الأمة هو إسلامها وعروبتها، حتى أنها فرضت على الغرب هذا الخيار فاضطر للتعامل معها والقبول به، وقد أثبتت الانتخابات أن هناك عقولا مخلصة ليسوا عملاء بل يتعاملون من الغرب تعامل الندية في مصالحه وعلاقته ولا يضحون بدينهم وعروبتهم من أجل حفنة من العملات، وأن الشعوب الإسلامية لديها القدرات والإمكانات الكبيرة، والغرب حاليا يبحث عن رضاها لأنه يعاني من أزمات اقتصادية وعسكرية مختلفة، والدليل ما يحدث له في العراق وغزة وأفغانستان. أما على المستوى الأخلاقي للغرب فلقد تكشفت الكثير من الفضائح للشعوب الغربية نفسها أولا.

** في ظل هذه الأوضاع الجديدة.. هل تتوقع انتهاء المشاكل بين الدول العربية كخلافات الحدود، والتوجهات السياسية..الخ؟

- كثير من الدعاوى الغربية على أمتنا تتخوف مما يظنونه عودة الناس إلى أصالتها وقيام وحدة بينها وفق أحلام وطموحات شعوبها، ونحن نرى تباشيره من خلال جولة الرئيس التونسي في الشمال الأفريقي، وما يحدث في المغرب العربي من التقارب لحل مشكلة الحدود بين الجزائر والمغرب، واتجاه للجزائر لإزالة الكثير من الجليد بينهما. كذلك استعادت الشعوب والمثقفين الثقة بأنفسهم وفي مشروعهم ونفضوا عنهم الإحباط واليأس. رغم محاولات الأعداء وكيد الدعاوى لإفساد الانتخابات في مصر وتونس ومحاولتهم إعاقتها والالتفاف عليها والعالم الغربي يرى ذلك ويدعي غلاة العلمانيين انه قد انتصر الليبراليون في هذه الثورات وسقط المتشددون الإسلاميون. حسب زعمهم وهذا ليس بمستغرب عليهم فقد كانوا يقولون الشعب اليمني شعب قتال وتخلف وكفى، الآن نرى هذا الشعب يتلقى رصاص المستبد وينجح ومئات الآلاف من النساء اليمنيات يخرجن مع الحفاظ على هويتهن وحجابهن وبوعي بهر العالم مع أعلى درجات المعاصرة والتنظيم الهائل، كذلك فعلن بنات الأرياف والقرى ليؤكدوا أن الشعوب العربية ليست متخلفة بل تعيش مع العالم المتحضر على قدم المساواة وأن آمالنا تجددت في شباب الثورات العربية الذين اظهروا وعيا وثقافة فائقة.

* يلاحظ المتابع أن التيارات والأحزاب الإسلامية هي التي تكتسح المشهد الانتخابي في الدول العربية مثل حزب الإخوان في مصر، وحزب النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في المغرب.. فهل يعني ذلك رغبة صادقة من الشعوب أم أنها ردة فعل ومرحلة وقتية وستسقط هذه الأحزاب من عين المواطن العربي عند ممارسة الحكم؟

- هذا هو خيار الشعوب قد يخفقوا هؤلاء كحزب وكجماعة وقد يخفقون في تحقيق الأحلام والطموحات فيما يسند إليهم من مسؤوليات أمام الشعوب أما المشروع الإسلامي فهو خيارها الذي تتعامل معه على انه قدرها وليس خيارها وإليك بلدين هما خير مثال تونس والجزائر اللتان وقعتا تحت الاستعمار الفرنسي لمدة مائة وثلاثين عاما ثم عندما استقلت تحكم فيها أنظمة علمانية قمعية فاسدة لمدة ستين عاما والأجيال التي نشأت لم تكن تعرف من الإسلام إلا اسمه والحكومات العلمانية كانت تدعم مصانع الخمور و البارات وتحرم الزواج الشرعي، وتؤيد دور البغاء ثم بعد كل ذلك وبعد هذه السنين الطويلة في محاربة الإسلام هاهي هذه الشعوب لا تختار غير الإسلام والمشروع الإسلامي قد يخفق وقد يخطئ العاملون لهذا المشروع أما أن تتخلى الشعوب عن الإسلام لتختار منهجا آخر فلا يمكن ذلك .

** هل المشهد الثقافي السعودي كله ’’خزي وعار’’؟

أسأل منتديات دار الندوة وشبكة الليبراليين السعوديين وإيلاف وغيرهم من منابر وشلل التغريب فعندهم الخبر اليقين.

* في كثير من الحالات نجد الاختلافات الفكرية بين تيارين، ويظهر ذلك في المناسبات الثقافية المحلية في حين لا يكاد يظهر ذلك في الأمور الاقتصادية والتنموية وغيرها، ما الأسباب؟

- إن قصور الأجهزة المعنية بالشأن الثقافي عن طموحات وأحلام الشعب ووقوعها في ما يصادم عقائد الناس واستحواذ قلة مستغربة على الشأن الثقافي يدفع الناس في المجتمع الإسلامي إلى الاحتساب الشرعي كل حسب علمه وقدرته من منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم ’’ من رأى منكم منكرا فليغيره..’’ وقصور الأجهزة المعنية يدفع الناس لسد هذا الفراغ فالنص الشرعي نص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا فهو واجب ديني وضرورة اجتماعيه.

** .. لكن بحسب ما يتردد لا يوجد قصور في أداء الأجهزة المعنية، بل هي فرض وصاية على المجتمع من قبل فئة معينة كما يقال؟

المبادرات أمر طبيعي قد يأتي بها صاحب العلم وقليل العلم ومن لا علم له أو صاحب الغرض للتضييق على ما يمثل هوية المجتمع و الخطأ يجب أن يمنع وأن لا يتخذ ذريعة، لإسقاط الفريضة الشرعية والأمر الآخر الذي يسهم في تحديد هذه الصورة هو ثقافة المجتمع في تحديد المنكر والمعروف التي تقولب وتبرمج عقول الناس في التوجه لهذه الأمور.. وكذلك تقدير الناس لماهية الأمور المخاطر المتوقعة على المجتمع من مثل هذه المناسبات الفكرية أكثر من غيرها.

* قال أحد الليبراليين السعوديين: ’’مليت من صراع المتشددين وكوابيسهم غير الحقيقية’’ فماذا ترد عليه؟

- أعتقد أن النظرة الموضوعية لا تصحح إطلاق هذا الكلام على عواهنه فهانحن نرى مثقفين من الأمة يدافعون عن التجديف والإلحاد من بعض أبنائها،ولا شك انه ليس كل ما يقوله بعض المتدينين صحيح، وليس بالحجم الذي يقولونه نحن في حاجة لمنطلقات علمية موضوعية لمعالجة الحالة بالحلول الشرعية.. أما من مل هذا فليضع قلمه وورقه ويتوقف عن صراعهم.

* ما السبب الذي يجعل شاب سعودي كـ’’حمزة كشغري’’ درس المناهج التعليمية، وتشرب قيم المجتمع المحافظ يعتنق بعض الأفكار الغريبة؟

- هذه الحالة تكشف لنا أن هناك خلل في بيئتنا الثقافية والفكرية كنا نحذر منه قبل عقود وظهرت الآن ثماره المرة، واتضح ذلك في مدى صدمة المجتمع بكل فئاته مما حدث، والكثير من أبنائنا اختطفهم التشكيك والأفكار الإلحادية عبر الجلسات واللقاءات والحوارات المبرمجة، ونحن بحاجة إلى أن نتدارك الأمر قبل فوات الأوان فهذه البلاد ليست كغيرها فهي بلاد الحرمين، وقبلة المسلمين، ومكان حجهم وعمرتهم ومهبط الوحي ومنطلق الرسالة، ودستورها القرآن الكريم، أما من يتوهم انه سيقع فيها ما وقع في بعض البلدان من مسخ وسلخ لها عن عروبتها وإسلامها ومن يدعو في المجتمع إلى ذلك فهو يحاول الانتحار ويسعى لتفجير المجتمع وهذا مستحيل وأطالب المسئولين والمثقفين العقلاء بأن يفهموا الخطط والبرامج المحكمة التي تحاك وإفشالها لتدارك جبهتنا الداخلية التي نعيش فيها ومنع اختراقها ..ونحن لا ندعو للعزلة عن العالم كما لا نرضى للذوبان في الآخر.

* ماذا تم بشأن قضيتك في مصر والحكم الصادر



بحقك من محكمة مصرية بتهمة تمويل جماعة الإخوان المسلمين؟

- أحد المسئولين السعوديين يسألني عن هذا الموضوع فقلت له :’’ لقد ذهب الحمار بأمِّ عمر فلا رجعت ولا رجع الحمار. ووزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي الذي هو من فبرك التهمة ضدي، وحسني مبارك كان رأس الفتنة.. وهما الآن في قفص الاتهام وكثير من إخوتنا في مصر ذهب عنهم هذا الكابوس الإجرامي، فلقد كان هذا النظام بمثابة مخلب قذر للصهيونية في المنطقة.. والحمد لله القضية انتهت وظهرت البراءة وخرج من في السجن وبعض من تهم فيها مرشح الآن للرئاسة كعبد المنعم أبو الفتوح ..

* أما تزال عند أفكارك القديمة أم تغيرت مع المتغيرين؟

- سؤالك عام.. وابصراحة.بيعي أن التغيير في كليات الإنسان، وأصوله ورسالته وأهدافه الكبرى لا يكاد تذكر أما التفاصيل والآليات وتطبيقات هذه الأفكار.فهي قابلة. للتطوير والاختبار وقد يحصل لها معطيات تتغير أو تتعمق أفكاره معها.

* بصراحة ..متى ينتهي صراع الإسلاميين والليبراليين ؟

- حين يعود أبناؤنا من الطيور المهاجرة التي تبات في أعشاش الغرب إلى أحضان أمتهم ومجتمعهم ويبتعدون عن قيم الغرب العلماني المادي وفساد أخلاقه إلى قيم الشريعة الإسلامية السمحة التي أكرمها الله برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.. والحقيقة أن بعض هؤلاء الليبراليين مستلبين ومبهورين بالغرب وفلسفاته التي ترى الدين خرافة وأمر لا يمكن البرهنة عليه.. وحين ينتهي هذا الفكر فسينتهي الصراع.

** كان لها وهجها الذي تلاشى ..الصحوة أين اختفت ؟ .

هي في قلوب المسلمين والمسلمات، وعلى جوارحهم وفي مساجدهم، وفي مؤسساتهم الثقافية والتربوية والاقتصادية، ويعبّر عنها كل نشاط أصيل وسطي معتدل، يرفض الغلو وينبذ التحلل.ومخطئ من يظن أنها تلاشت بل نضجت وتعمقت وبل، طريقاها وقومت مسيرتها وأتت أكلها

** عزلة المجتمعات.. إلى أي مدى تولد الخوف من الآخر وتباعد المسافات ؟

ليس من المناسب الانفتاح المطلق ولا العزلة الكاملة، بل يكون الانفتاح متبصّراً رشيداً ، والانكفاء للحفاظ على الثوابت والخصوصيات .

** اختراع الخصوم.. أيعد نوعا من أنواع صراع الحضارات؟ .

قد يكون كما ذكرت ، وقد يكون في حقيقته دفاع عن الذات وحماية للحرمات والمقدسات ، وإن رآه البعض غير ذلك.

** ما الذي يبكيك ؟

- بعض الآيات من كتاب الله الكريم، ومآسي الناس وبخاصة التي تصيب النساء والأطفال.. وأحياناً أعيش أياما لا يعرف النوم إلى جفني،طريقا وقد ابكي عندما أفارق حبيبا عزيزا أثيرا عند نفسي، وعندما أحاسب نفسي وتقصيري في حق ربي، وعندما أرى بعض المعاني الإنسانية السامية بصورة باهرة كالمروءة والكرم والعطاء.والعفو

* ما هو الهدف الذي فشلت في تحقيقه؟

- مضى علي زمن أرى أن اضطرار الرجل للطلاق هو ضعف وفشل وعدم قدرة على الاحتواء، ومازال هذا الأمر عندي حتى ابتليت وطلقت قبل فترة فآلمني ذلك ألما شديدا لأني كنت أعتقد أنه ضعف في الرجل وتذوق الفشل أحيانا يجعل للنجاح قيمة أعلى.

** متى تصبر ؟ ومتى تغضب؟ ومتى تفرح؟ .

أصبر عندما يجهل الجاهل علي، وأغضب عندما تقصّر أمتي في الدفاع عن نسائها وأطفالها ومقدساتها، وأفرح عندما أستشعر أن عملي يقر بني من الله، وعندما ابذل ما أستطيع في خدمة أمتي ورفعة وطني.

** كلمة أخيرة؟

- أشكر سبق الإلكترونية.. والقراء لإعطائي بعض وقتهم ليقرؤوا ما فاه به لساني
**سبق الإلكترونية.
أضافة تعليق