مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/17 20:12
حوار مع الشيخ الدكتور عوض بن محمد القرني
9/10/2011م

المحور الأول : القضية المنظورة أمام المحاكم المصرية
§ اتهمت إبان النظام المصري السابق في قضية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحكم عليكم غيابياً في ذلك، إلى أين وصلت هذه القضية حالياً، وما هي الإجراءات التي ستتخذونها بعد انهيار نظام مبارك؟
 لم يجد جديد في القضية من الناحية الرسمية في مصر وأيضا لم يجد شيء من جانبي فأنا أنتظر سقوط قانون الطوارئ لأتخذ بعد ذلك بعض الخطوات الإجرائية في هذا الاتجاه وهذا الحكم الظالم الجائر هو بعض ضريبة حبنا لمصر وقيامنا ببعض واجبنا في نصرة الشعب الفلسطيني وكشف الدور القذر الذي كان يقوم به النظام العميل البائد في إبادة الشعب الفلسطيني والتمكين للمشروع الصهيوني.
§ جرت تسريبات تناقلتها الأوساط الإنترنتية من أنكم تعرضتم لضغوط شديدة غير معلنة من قبل الحكومة السعودية بناء على هذه القضية ما صحة ذلك؟
 لا صحة لذلك على الإطلاق.
§ وهل حدث تواصل سابق أو لاحق أو حتى اتصال بشأن هذه القضية من قبل مسئولين سعوديين؟ نرجو التعليق بالتفصيل في ذلك؟
 اتصل عدد من المسئولين السعوديين بصفتهم الشخصية في بداية القضية يؤكدون تضامنهم الشخصي معي ويذكرون أنهم مقتنعون بكذب النظام المصري ويؤكدون أنه لا يمكن على الإطلاق التعاون مع النظام المصري في هذه القضية وأعطي الضوء الأخضر لجميع وسائل الإعلام لتبني الدفاع عني وبعد سقوط النظام البائد بادر بعضهم لتهنئتي.
المحور الثاني : تعامل السعودية مع ملفات الثورات العربية
§ باعتباركم صاحب علاقات واسعة على المستويين الإقليمي والدولي بقيادات الحركات الإسلامية، هناك من يرى أن السعودية (في الملف المصري) تحاول بناء علاقات جديدة مع الإخوان المسلمين خاصة وأنهم قوة سياسية لا يستهان بها في رسم ملامح الشارع السياسي المصري؟
 العلاقة بين السعودية والإخوان كانت إما قوية وإما عادية ولم يصبها الفتور إلا بعد الغزو الصدامي للكويت لأسباب عديدة .
§ آلا تعتقد دكتور عوض أن الرياض خسرت كثيراً في إدارة سياستها الخارجية مع ملف الثورات العربية خاصة الملف اليمني، وبخاصة مع شعوب تلك الثورات، فكيف تقيم أنت الدور السعودي في ذلك؟
 يظهر أن الموقف السعودي من الثورات العربية لم يكن واحدا لاختلاف المعطيات المحلية والإقليمية والدولية في كل ثورة عن أخرى لكنني أعتقد أن ثورات الشعوب أصبحت و ستصبح أمرا واقعا لامناص أمام الجميع إلا بالتعامل معه والقبول به وكل من بادر أولا فسيكون قراره أكثر صوابا والواجب الشرعي ومقتضيات الإخوة ومصالح الأمة الحاضرة والمستقبلية تقتضي الوقوف مع الشعوب المظلومة في وجه الطغاة والمستبدين الذين حاربوا الدين وانتهكوا الحقوق وباعوا القضايا وخضعوا للعدوا ونشروا الفساد ورسخوا التخلف ومن دعمهم لقتل شعوبهم فلن يرحمه التاريخ و لن تنسى موقفه الشعوب وحساب الله أشد وأنكى.
§ وما هي أبرز انعكاسات تلك التحركات العربية الشعبية من أجل الديمقراطية على الشارع السعودي،خاصة في أوساط الشباب السعودية.
 بلا شك أن العالم أصبح قرية واحدة تؤثر مكونتاها في بعضها فكيف بشعوب يوحدها التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة والمصير وكذلك لا يمكن تجاهل أن لكل بلد من الخصائص المتعددة ما يجعله يختلف عن غيره من البلدان ، و هذه النظرة الموضوعية تمكننا من رؤية متوازنة للأحداث و على هذا فقد أثرت الثورات العربية في الشعب السعودي و أفكاره لكنه تأثير لا يمكن أن يبلغ درجة استنساخ تلك الثورات كما هي و الواجب على صناع القرار في السعودية و النخب الشعبية أن يقرءوا الأحداث قراءة علمية صحيحة فلا يقفزون في الهواء تقليدا محضا للآخرين و أيضا لا يعيشون في وهم أننا مختلفون عن غيرنا جذريا وأن أسوارنا عالية ومنيعة وأننا لا يمكن أن نتأثر بما يجري حولنا .
§ هناك من يقول أن المملكة تقف ضد كل الثورات العربية خوفاً من نقل العدوى إليها؟
 بلا شك أن أغلب حكومات المنطقة و كذلك القوى العالمية كانت تتمنى عدم وقوع هذه الثورات و عندما وقعت سعوا لعدم نجاحها و عندما نجحت يحاولون منع انتشارها هذا في الجملة مع وجود استثناءات هنا و هناك لسبب أو آخر و النظام السياسي المتسم بالحيوية هو الذي يعيد تشكيل مواقفه و ردود فعله وفق مستجدات الحدث وهو ما نتمنى أن تبادر الحكومة السعودية إليها سواء في موقفها من تلك الثورات أو في الاستفادة من ذلك داخليا ولا مشكلة في وقوع القصور في الموقف السياسي كأي عمل بشري لكن المشكلة هي في استمرار القصور والإصرار عليه وعدم تطوير الموقف ومراجعته.
المحور الثالث : الإصلاح الداخلي في السعودية
§ دكتور عوض أنت كنت من مهندسي البيان الإصلاحي الشهير في عهد الملك فهد (رحمه الله)، وها قد انطلقت مؤخراً مع عودة الملك عبد الله من الرحلة العلاجية،العديد من المطالب التي جاءت تحت عناوين ليبرالية وإسلامية وشبابية، كيف تقيم تعامل الحكومة السعودية مع قضايا الإصلاح الداخلي خاصة مع فشل سلسلة الحوارات الوطنية التي بدأت منذ عام 2003؟
 أولا لا أوافق الرأي القائل بفشل الحوار الوطني بل قد حقق نجاحا نسبيا.
ثانيا المتأمل في مسيرة الإصلاح السعودية منذ بيان المطالب ثم مذكرة النصيحة قبل عشرين سنة يظهر له أن العديد من الخطوات الإصلاحية قد تم إنجازها لكن الصورة العامة لوضع الإصلاح في البلد لا زالت بعيدة عن ما يتمناه كثير من محبي هذا البلد من أبنائه ومن غيرهم .
§ هل جاء هذا الإصلاح تحت ضغوط خارجية ياترى؟
 في العصر الحاضر من الموضوعية أن نذكر أن أي قرار هام لابد قبل إصداره من إجراء حسابات متعددة بعضها داخلي وبعضها خارجي ولا إشكال في ذلك إذا توفر شرطان:
1) أن يكون القرار مشروعا
2) أن يحقق القرار مصلحة أو يسهم في حل مشكلة للناس
§أكثر التقارير عدت ذلك القرار بأنه نجاح للمفاهيم الليبرالية وناشطيها، ونكسة واضحة على الإسلاميين، الذين وقفوا ضد السماح لإعطاء المرأة السعودية حقوقها المشروعة، والدليل على ذلك أدبياتهم المختلفة الممانعة لذلك؟
 أرى أن من الإجحاف تصوير الأمر بهذه الكيفية فهذه القضايا متعددة وليس الموقف منها واحدا لا من الإسلاميين ولا من الليبراليين لكن المؤكد أن في الساحة صراعا متعدد الجوانب بين الإسلاميين وما يمثلونه والتيار العلماني بجميع فصائله وما يمثله وأن قضية المرأة هي لافتة الجانب الاجتماعي من هذا الصراع وأن العديد من القضايا إذا نظر إليها بمعزل عن هذه السياقات لن تكون محل خلاف أو سيكون الخلاف فيها محدودا وثانويا لكن عند النظر إلى ما وراء الأكمة سيتجلى الموقف الحقيقي لكل فريق ولماذا؟ التيار العلماني يحظى في بعض الأوقات بنفوذ متزايد في بعض دوائر صنع القرار إما تكيفا مع ضغوط خارجية أو تحجيما للتيار الأخر داخليا أو حتى بتأثير علاقات شخصية أما التيار الإسلامي فهو صاحب النفوذ الواسع والقاعدة العريضة شعبيا وبخاصة في قطاع المرأة واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك والتي يجري أكثرها مؤسسات بحثية غربية إذ لم يحظى التوجه العلماني في أحسن الأحوال بأكثر من عشرة في المائة ورأيي الشخصي أن القرارات التي صدرت أخيرا لا تغير كثيرا في وضع المرأة وأنه لا محذور فيها من الناحية الشرعية.
§ هل تتفق مع من يقول أن ملف ’’المرأة السعودية’’ أضحى المنقذ السياسي للحكومة، كلما أحست بازدياد حركات المطالب الإصلاحية؟
 لعل المقاربة السابقة تكفي للإجابة عن هذا السؤال
§ كيف سيتعامل الإسلاميون السعوديون مع مؤشرات التغيرات الداخلية السياسية، فهناك من يقول أنه مرحلة جديدة مختلفة كلياً عن السابق، فلم تعد معايير القيادة السياسية هي نفسها في الأخذ بحسابات الإسلاميين عند أي قرار يخص السياسة الاجتماعية للمجتمع السعودي.
 دعني أحاول اختصار الإجابة على هذا السؤال المتشعب في النقاط التالية:
1) الإسلاميون في السعودية لا يمتلكون لا مشروعا ولا رؤية ولا برنامجا سياسيا محددا لأسباب لا يتسع المقام لذكرها وبالتالي فالإسلاميون في السعودية لا يصنعون الحدث وإنما ينحصر دورهم في ردود الأفعال والتي تكون متعددة وقد تكون مختلفة والتي تفتقد غالبا إلى النضج والاستمرار لأن الإسلاميين لا يجمعهم جامع وليس لديهم مؤسسات ولا خبرة سياسية وكذلك بسب ضيق هامش الحريات السياسية بمفاهيمها العصرية في البلد.
2) الدولة السعودية تستند تاريخيا وشرعيا وشعبيا وعالميا إلى الإسلام لا غير والقاعدة الشعبية الواسعة وبصورة تفوق أي بلد آخر خيارها الأوحد الإسلام وبالتالي فلا مجال منطقيا على الإطلاق لاستبعاد البعد الإسلامي عند اتخاذ أي قرار ذي شأن وهذا يسلم به حتى عقلاء غلاة العلمانيين
§ في اعتقادك هل يمكن أن تتحول المملكة إلى ملكية دستورية؟
 إن كان يراد بذلك الملكية الدستورية وفق الأعراف العالمية فلا أظن ذلك ممكنا في المدى المنظور وفق معطيات الموقف موضوعيا إلا إن وقعت أحداث مفاجئة وغير متوقعة أما إن كان المقصود إجراء تغيير في المشهد السياسي الرسمي المحلي بنكهة وخبرة محلية ثم يسمى ذلك بأي تسمية فأظن أن ذلك قادم ولابد...
*الجزيرةنت
أضافة تعليق