حاوره في القاهرة: بدر محمد بدر
في حديثه عن رؤيته للثورة، ومقارنته بين فترات حكم ثلاثة رؤساء، بدءاً من «عبدالناصر» مروراً بـ«السادات» ثم «مبارك» للوصول إلى ملامح الصورة المستقبلية، وكيفية تحديد ملامح النهضة المنشودة لمصر وشعبها، التقت «المجتمع» د. زغلول النجار لتحاوره حول هذه القضايا وغيرها في الحديث التالي: < بداية، مِنْ أي زاوية تنظر إلى «الثورة المصرية»؟ - هي فتح جديد، تحقق في فترة زمنية قصيرة وكأنه حلم، ما كنا نتخيل إمكانية التخلص من هذا الكابوس، الذي جثم على صدر مصر لأكثر من 60 عاماً، فالفساد كان امتداداً منذ 1952م، والفرحة التي غمرت المصريين لتخلصهم من حكم «أسرة محمد علي» لم تدم طويلاً، نتيجة للصراع الذي بدأ بين «عبدالناصر» واللواء «محمد نجيب». فاللواء «نجيب» كان يريد لمصر دولة مدنية، وأن دور ضباط الجيش هو مجرد القيام بانتخابات حرة نزية، ثم يعود الجيش إلى ثكناته، ولكن - للأسف الشديد - صغار الضباط الذين كانوا حول «عبدالناصر»، رأوا في الحكم متعة لم يكونوا يحلمون بها، فآثروا أن يستمر في الحكم، وانتهى الصراع بإسقاط «محمد نجيب» واعتقاله من القصر الجمهوري، وسجنه لمدة 30 عاماً في بيته بمنطقة المرج. < هل تعتبر أن «ثورة يناير» هي تصحيح لـ«ثورة يوليو»؟ - بالتأكيد.. لأنه في ظل حكم «عبدالناصر» صدرت كل القوانين الاستثنائية التي أذلت هذا الشعب، ونزعت حريته باسم «الثورة». < عاطفية المصريين جعلت البعض يطالب بالعفو عن «مبارك» لكبر سنه؛ فما تعليقك؟ - هناك فرق كبير بين الشفقة والرحمة، وبين العدالة، فالعدالة لابد أن تأخذ مجراها، وكل إنسان أخطأ لابد أن يحاسَب، حتى يكون عبرة لغيره، فلا يكفي أن يقوم برد الأموال، ولكن لابد من المحاكمة العادلة، وتحقيق العدالة أهم من استرداد الأموال، لابد للمذنب أن ينال عقابه. < هل تعتقد أن أركان النظام السابق يقفون خلف الفوضى الدائرة في البلاد؟ - بكل تأكيد لا تزال بقاياهم موجودة في كثير من إدارات الدولة؛ «الإعلام والشرطة والجيش والتعليم والثقافة والصحة وغيرها من المجالات»، فالنظام القديم نجح في تثبيت أقدامه في البلاد، و«الحزب الوطني» المنحل كان له مقر في كل مدينة ومحافظة ومركز، وحتى كل قرية، فالتخلص من هذا النظام لن يتم بسهولة، وطبعاً هو يدافع عن مصالحه المادية، وإن شاء الله تحت ضغط شباب الثورة، سوف يتم الإسراع في محاكمة بقية رؤوس النظام الفاسد. < ومتى- في رأيك - تنتهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار؟ - عدم الاستقرار هذا متوقع، ويصاحب أي ثورة من الثورات، وأتوقع أن تنتهي هذه الفوضى بعد أن يتم انتخاب برلمان نزيه، وتشكيل حكومة نزيهة، واختيار رئيس دولة قادر على قيادة البلد إلى بر الأمان. < وما الذي تحتاجه مصر لتحقيق الاستقرار في الفترة القادمة؟ - نحتاج إلى قيادة سياسية واعية، ونحتاج إلى إحساس بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا، ونحتاج إلى انتخابات يحرص كل مصري على نزاهتها، كي يتم اختيار حكومة راشدة، ورئيس دولة يستطيع العبور بنا لبر السلام والأمان من أزمات الفقر والمرض والبطالة والتخلف العلمي وانهيار الاقتصاد، وأن يستشعر كل مصري أن صوته أمانة سوف يسأله عنها رب العالمين. < هل ترى أن هناك خطراً من المواجهة المفتعلة من جانب بعض التيارات الموجودة على الساحة؟ - مصر دولة عربية، غالبية سكانها مسلمون، كما أن هناك أقلية مسيحية صغيرة لا تتعدى نسبتها 5 أو 6%، والمسيحيون عاشوا 1400 عام في كنف المسلمين، وديننا يأمرنا بذلك حتى نريهم نعمة الإسلام وفضله على السلوك، هم مواطنون حقوقهم وأموالهم وأعراضهم مصانة، والرسول [ يقول: «من آذى ذمياً فقد آذاني»، والشذوذ الذي بدأ في بعض أبناء المسلمين، وارتبطوا بمفاهيم معادية للإسلام مثل «الليبرالية» و«العلمانية» وغيرها من الشعارات، مرتبطة إما بأجندات أجنبية، أو بجهل ممن لا يعرف الإسلام الصحيح، وهؤلاء قلة صغيرة لكن صوتهم عالٍ؛ لأن دعمهم الخارجي مسموع. وعلى علماء الأمة أن يتحركوا لتوعية الشعب بالخطر الذي نمر به، نحن في مرحلة إما أن نكون أو لا نكون، وإذا لم نحسن الاختيار في هذه المرحلة، فإن الثورة لم تؤدِّ دورها على الإطلاق. < مَنْ ترشح لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر؟ - أنا لا أرى أفضل من المستشار «طارق البشري»، فهمه الإسلامي عميق، والتزامه به مشهود، رجل قانوني من الطراز الأول، ونجاحه في لجنة تعديل الدستور شهد به الجميع، شديد التواضع، وعازف عن ترشيح نفسه ولا يريد الرئاسة، وأدعو قادة الرأي والعلماء إلى تكوين وفد يذهب إلى المستشار طارق البشري لإقناعه بالترشح لانتخابات الرئاسة، فشخص كـ«البشري» سوف يجتمع عليه أغلب المصريين، وسوف يكون قادراً بحكم ثقافتيه «الإسلامية الراشدة» و«القانونية العميقة»، أن يقود البلد - إن شاء - الله إلى بر الأمان، وهذا الرجل ظُلم ظلماً شديداً في ظل الحكم السابق، لأنه كان من حقه أن يكون رئيساً لقضاء مجلس الدولة، لكن السلطة الفاسدة حرمته من ذلك، لالتزامه الإسلامي.
*المجتمع
في حديثه عن رؤيته للثورة، ومقارنته بين فترات حكم ثلاثة رؤساء، بدءاً من «عبدالناصر» مروراً بـ«السادات» ثم «مبارك» للوصول إلى ملامح الصورة المستقبلية، وكيفية تحديد ملامح النهضة المنشودة لمصر وشعبها، التقت «المجتمع» د. زغلول النجار لتحاوره حول هذه القضايا وغيرها في الحديث التالي: < بداية، مِنْ أي زاوية تنظر إلى «الثورة المصرية»؟ - هي فتح جديد، تحقق في فترة زمنية قصيرة وكأنه حلم، ما كنا نتخيل إمكانية التخلص من هذا الكابوس، الذي جثم على صدر مصر لأكثر من 60 عاماً، فالفساد كان امتداداً منذ 1952م، والفرحة التي غمرت المصريين لتخلصهم من حكم «أسرة محمد علي» لم تدم طويلاً، نتيجة للصراع الذي بدأ بين «عبدالناصر» واللواء «محمد نجيب». فاللواء «نجيب» كان يريد لمصر دولة مدنية، وأن دور ضباط الجيش هو مجرد القيام بانتخابات حرة نزية، ثم يعود الجيش إلى ثكناته، ولكن - للأسف الشديد - صغار الضباط الذين كانوا حول «عبدالناصر»، رأوا في الحكم متعة لم يكونوا يحلمون بها، فآثروا أن يستمر في الحكم، وانتهى الصراع بإسقاط «محمد نجيب» واعتقاله من القصر الجمهوري، وسجنه لمدة 30 عاماً في بيته بمنطقة المرج. < هل تعتبر أن «ثورة يناير» هي تصحيح لـ«ثورة يوليو»؟ - بالتأكيد.. لأنه في ظل حكم «عبدالناصر» صدرت كل القوانين الاستثنائية التي أذلت هذا الشعب، ونزعت حريته باسم «الثورة». < عاطفية المصريين جعلت البعض يطالب بالعفو عن «مبارك» لكبر سنه؛ فما تعليقك؟ - هناك فرق كبير بين الشفقة والرحمة، وبين العدالة، فالعدالة لابد أن تأخذ مجراها، وكل إنسان أخطأ لابد أن يحاسَب، حتى يكون عبرة لغيره، فلا يكفي أن يقوم برد الأموال، ولكن لابد من المحاكمة العادلة، وتحقيق العدالة أهم من استرداد الأموال، لابد للمذنب أن ينال عقابه. < هل تعتقد أن أركان النظام السابق يقفون خلف الفوضى الدائرة في البلاد؟ - بكل تأكيد لا تزال بقاياهم موجودة في كثير من إدارات الدولة؛ «الإعلام والشرطة والجيش والتعليم والثقافة والصحة وغيرها من المجالات»، فالنظام القديم نجح في تثبيت أقدامه في البلاد، و«الحزب الوطني» المنحل كان له مقر في كل مدينة ومحافظة ومركز، وحتى كل قرية، فالتخلص من هذا النظام لن يتم بسهولة، وطبعاً هو يدافع عن مصالحه المادية، وإن شاء الله تحت ضغط شباب الثورة، سوف يتم الإسراع في محاكمة بقية رؤوس النظام الفاسد. < ومتى- في رأيك - تنتهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار؟ - عدم الاستقرار هذا متوقع، ويصاحب أي ثورة من الثورات، وأتوقع أن تنتهي هذه الفوضى بعد أن يتم انتخاب برلمان نزيه، وتشكيل حكومة نزيهة، واختيار رئيس دولة قادر على قيادة البلد إلى بر الأمان. < وما الذي تحتاجه مصر لتحقيق الاستقرار في الفترة القادمة؟ - نحتاج إلى قيادة سياسية واعية، ونحتاج إلى إحساس بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا، ونحتاج إلى انتخابات يحرص كل مصري على نزاهتها، كي يتم اختيار حكومة راشدة، ورئيس دولة يستطيع العبور بنا لبر السلام والأمان من أزمات الفقر والمرض والبطالة والتخلف العلمي وانهيار الاقتصاد، وأن يستشعر كل مصري أن صوته أمانة سوف يسأله عنها رب العالمين. < هل ترى أن هناك خطراً من المواجهة المفتعلة من جانب بعض التيارات الموجودة على الساحة؟ - مصر دولة عربية، غالبية سكانها مسلمون، كما أن هناك أقلية مسيحية صغيرة لا تتعدى نسبتها 5 أو 6%، والمسيحيون عاشوا 1400 عام في كنف المسلمين، وديننا يأمرنا بذلك حتى نريهم نعمة الإسلام وفضله على السلوك، هم مواطنون حقوقهم وأموالهم وأعراضهم مصانة، والرسول [ يقول: «من آذى ذمياً فقد آذاني»، والشذوذ الذي بدأ في بعض أبناء المسلمين، وارتبطوا بمفاهيم معادية للإسلام مثل «الليبرالية» و«العلمانية» وغيرها من الشعارات، مرتبطة إما بأجندات أجنبية، أو بجهل ممن لا يعرف الإسلام الصحيح، وهؤلاء قلة صغيرة لكن صوتهم عالٍ؛ لأن دعمهم الخارجي مسموع. وعلى علماء الأمة أن يتحركوا لتوعية الشعب بالخطر الذي نمر به، نحن في مرحلة إما أن نكون أو لا نكون، وإذا لم نحسن الاختيار في هذه المرحلة، فإن الثورة لم تؤدِّ دورها على الإطلاق. < مَنْ ترشح لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر؟ - أنا لا أرى أفضل من المستشار «طارق البشري»، فهمه الإسلامي عميق، والتزامه به مشهود، رجل قانوني من الطراز الأول، ونجاحه في لجنة تعديل الدستور شهد به الجميع، شديد التواضع، وعازف عن ترشيح نفسه ولا يريد الرئاسة، وأدعو قادة الرأي والعلماء إلى تكوين وفد يذهب إلى المستشار طارق البشري لإقناعه بالترشح لانتخابات الرئاسة، فشخص كـ«البشري» سوف يجتمع عليه أغلب المصريين، وسوف يكون قادراً بحكم ثقافتيه «الإسلامية الراشدة» و«القانونية العميقة»، أن يقود البلد - إن شاء - الله إلى بر الأمان، وهذا الرجل ظُلم ظلماً شديداً في ظل الحكم السابق، لأنه كان من حقه أن يكون رئيساً لقضاء مجلس الدولة، لكن السلطة الفاسدة حرمته من ذلك، لالتزامه الإسلامي.
*المجتمع