أساليب دعوة النصارى للتصديق بالقرآن
د. علي محمد الصلابي
3- الدعوة إلى الإيمان بالقرآن: أدرك العلماء في عصر الحروب الصليبية الخطر الذي تتعرض له الأمة من جراء تكالب أعدائها عليها، خصوصاً النصارى، وما يقومون به من حرب عسكرية وفكرية ضد الإسلام في هذه الفترة، وبالتحديد ما يثيرونه حول القرآن من شبهات، رغبة منهم في زعزعة ثقة الأمة بكتابها، لذلك اشتدت عنايتهم بكتاب الله دفاعاً عنه أولاً، ودعوة لهؤلاء النصارى ثانياً، وذلك بتفنيد مفترياتهم حوله، وتصحيح شبههم التي قد تمنع الكثيرين منهم من التصديق به، ولا شك أن التصديق بالقرآن والإيمان به يعني الدخول في الإسلام واعتناقه؛ إذ إن القرآن والسنة بيّنا كل ما يتعلق بهذا الدين من عقائد وتشريعات يجب على المسلم الالتزام بها، والقرآن قد أمر بالأخذ بالسنة، كما قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
[الحشر: 7]. ومن ثم فإن تسليم النصارى بصحة القرآن واقتناعهم بذلك، وقبولهم لأوامره ونواهيه، يعني نبذهم لما هم عليه من عقائد باطلة ودخولهم في الإسلام، وكانت عناية الأمة في هذه الفترة بدعوة النصارى إلى الإيمان بالقرآن من خلال ما يلي:
أ- عناية القرآن بخدمة كتاب الله بشكل عام: من خلال المؤلفات في تفسيره، أو قراءته، أو إيضاح غريبه، أو بيان محكمه ومتشابهه، أو ما يتعلق بناسخه ومنسوخه، أو أحكامه أو إبراز فضائله، أو بلاغته، أو إعرابه إلى غير ذلك، ولا شك أن هذه المؤلفات حول كتاب الله سبحانه وتعالى تساعد على فهمه وإيضاحه، ولا يخفى أثر ذلك في زيادة ترسيخ إيمان المسلمين بكتاب ربهم، ومن ثم صمودهم أمام شبهات أعدائهم من النصارى وغيرهم، كما أن هذه الدراسات حول كتاب الله قد تزيل غشاوة الجهل عن كثير من النصارى فيفهمون كتاب الله سبحانه، وقد يكون ذلك سبباً في إسلامهم (46).
ب- عناية العلماء ببيان إعجاز القرآن الكريم بشكل عام وإبراز ذلك للنصارى بشكل خاص:
إذ اعتنى العلماء في هذه الفترة ببيان إعجاز القرآن بشكل عام، فظهرت مؤلفات قصرت الحديث على هـذا الجانب، ككتاب البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن (47)، وكتاب التنبيه على إعجاز القرآن (48)، ولا يخفى أن إظهار إعجاز القرآن له أثر كبير في إقناع غير المسلمين، لذلك أبرز بعض العلماء هذا الجانب للنصارى من خلال عدة أمور منها:
- إثبات إعجازه من خلال حفظه من التحريف والتبديل:
وهذا من أعظم الإعجاز، وما كان ذلك ليتحقق لو وُكل حفظه إلى البشر، وقد أشار القرافي إلى حفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه، وذلك بتهيئة أسباب ذلك، من العناية بجمعه، وألاّ يداخله غيره؛ حذراً مما وقع لأهل الكتاب، ثم نقله من السلف إلى الخلف نقلاً متواتراً، فصدق الله إذ يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). [الحجر: 9]. (49).
قال القرطبي حول هذه الآية ’’وإنّا له لحافظون’’ – من أن يُزاد فيه أو يُنقص منه (50)، وبين – رحمه الله تعالى – في
كتابه ’’الإعلام’’ حفظ الله -سبحانه وتعالى- لكتابه مقابل التحريف والتبديل الذي جرى على التوراة والإنجيل (51)، ثم أورد أمثله على ذلك (52).
- إثبات إعجازه ببيان فصاحته: وفي ذلك قال الخزرجي مخاطباً النصارى ومبيناً إعجاز القرآن بفصاحته، وأن العرب الأوائل – وهم الفصحاء – أقرّوا له بذلك: يلتفت إلى مقال العجم الجهلاء (53)، ثم وضّح أن العرب وقت نزول القرآن، وهم أشد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان منهم ما كان من سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وإيذائهم، بل وحربهم ما تكلموا في فصاحته، وقد جرى لهم التحدي أن يأتوا بمثله كما قال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء: 88]، فما استطاعوا ذلك، ثم كان التحدي بعشر سور كما قال سبحانه: (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ). [هود: 13] حتى صار التحدي إلى سورة واحدة (قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ). [يونس: 38]، ومع ذلك عجزوا، ولن يستطيعوا لو حاولوا كما أخبر سبحانه: (وَلَن تَفْعَلُواْ)، وفي مناقشة القرطبي للنصارى في كتابه ا’’لإعلام’’ بيّن أن فصاحة القرآن أمر لا يقبل الشك: حتى إن العاقل الفصيح إذا سمعه قال: ليس هذا من
كلام البشر (54)، ثم وضح نماذج من إعجازه، كقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). [الأعراف: 199]. وكيف أن هذه الآية لما نزلت قال أبو جهل: إن رب محمد لفصيح (55)، ثم لفت القرطبي النظر إلى جوانب من الفصاحة في هذه الآية؛ إذ تضمنت أحكاماً وتفسير الحلال والحرام، والإعراض عن أهل الجهل والاجترام، والأمر بالتزام أخلاق الكرام، مع ما هي عليه من اللفظ الموجز الجزل الرصين (56)، ومثال آخر أورده القرطبي هو قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). [النحل: 90].
وكيف أن الوليد بن المغيرة، لما سمع هذه الآية وهو من أفصح قريش، وكان من أشد أعداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وأن أعلاه لمثمر مورق، وما يقول هذا بشر (57)، وقد جرت مناظرة بين أحد قساوسة بلنسية بالأندلس وأبي علي بن رشيق التغلبي، حول فصاحة القرآن، حيث بدأ القسيس يتكلم حول إعجاز القرآن، وأن العرب – وهم الفصحاء والبلغاء – عجزوا عن الإتيان بشيء مثله، وأن هذا التحدي باقٍ إلى آخر الدهر، فوافقه ابن رشيق على ذلك، بعد ذلك أفصح القسيس عما يريد الوصول إليه، فذكر كتاب المقامات للحريري مدّعياً أن الأدباء والشعراء، عجزوا عن معارضته، وأن
الحريري قد أنشد بيتين اثنين في إحدى المقامات، وتحدّى أن يعززهما أحد بثالث، وإن السنين انصرفت وما أتى أحد بثالث لهما على الرغم من دَرْس الناس لتلك المقامات وتداولها بينهم، وانتهى إلى القول على ضوء ما سبق: أن ما أتى به الحريري كلام فصيح يصح أن يكون معجزة وليس هو بنبي، فإذا حصل ذلك فإن نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تثبت بمسألة التحدي المنصوص عليه بالقرآن، فلما أخذ ابن رشيق يرد عليه بالأدلة والبراهين العلمية، أخذ القسيس يرد عليه بقوله: قد سمعت هذا وناظرني فيه فلان، في تلك الأثناء انقدح في ذهن ابن رشيق بيت ثالث على شاكلة بيتي الحريري، فساقه للقسيس، الذي راح يفهمه لمن معه، وعند ذلك انقطعت حجة القسيس، وكـانت النتيجة كما يقول ابن رشيق: إنه انفصل عنهم وهُم كالمسلمين في انقطاع شبهتهم (58).
- إثبات إعجازه يلفت النظر إلى طريقة نظمه وأسلوبه الغريب:
وفي معرض مناقشة القرطبي للنصارى لفت أنظارهم إلى نظم القرآن وأسلوبه الغريب: ... والذي خالف به أسلوب كلام العرب، حتى كأنه ليس بينه وبينه نسب ولا سبب، فلا هو كمنظوم كلامهما فيكون شعراً موزوناً، ولا كمنثوره فيكون نثراً عرياً عن الفواصل محروماً، بل تشبه رؤوس آيته وفواصله قوافي النظم، ولا تدانيها، وتخالف آيه متفرقات النثر، وتناويها، فصار لذلك أسلوباً خارجاً عن كلامهم، ومنهاجاً خارجاً لعادة خطابهم (59). ثم ضرب القرطبي مثالاً على ذلك موجهاً إلى النصارى وهو قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً). [مريم: 16] إلى قوله تعالى: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً). [مريم:33]، طالباً منهم التأمل في معاني هذه الآيات، ولافتاً أنظارهم إلى نظمها البديع المنيف الذي عجزت العرب عن معارضته(60).
- إعجاز القرآن بإخباره عن بعض المغيبات فتقع كما أخبر:
ومن ذلك بيان الخزرجي لأحد القساوسة النصارى أن من إعجاز القرآن إخباره عن بعض المغيبات فتحصل كما أخبر، حيث أورد العديد من الأمثلة منها قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).[الروم: 1 – 6] فما كان بضع سنين حتى تحقق ذلك وغلبت الروم الفرس (61).
ومثال آخر هو قوله تعالى: (َقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)[الفتح، آية:27]. فصدق وعده فدخلوا مكة وتحقق الفتح القريب وهو فتح خيبر (62). ومن الأمثلة التي أوردها الخزرجي قوله تعالى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ). [الأنفال:7].(63) فيظفر المسلمون بالنصر على قريش في بدر، وما كذب خبر القرآن، وبعد عدة أمثلة ذكرها الخزرجي على ذلك خاطب النصارى متعجباً من عدم تصديقهم بالقرآن، وبما جاء به على الرغم من إعجازه، وذلك بقوله: ومن أعجب الأشياء أنكم تؤمنون بنبوة مريم وحنة وهما امرأتان، بلا كتاب ومعجزة، ولا ذكرتا في صحف الأنبياء، وتكفرون بسيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم - وله كتاب يعجز الإنس والجن (64)
وأكد القرطبي في رده على النصارى في كتابه ’’الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام’’أن الإخبار عن المغيبات في القرآن فتقع كما أخبر به من وجوه إعجازه (65)، ثم عرض أمثلة كثيرة على ذلك(66).
وفي هذا السياق قال ابن الأنبارى: فإنه لما كان لا يجوز أن يقع ذلك على وجه الاتفاق دل على أنه من عند علاّم الغيوب(67)، ثم أورده أمثلة عديدة على ذلك(68).
- إعجاز القرآن بإخباره عن بعض الأمم السابقة:
تحدث القرطبي عن وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم، وهو ما تضمنه من الأخبار عن الأمم السالفة التي يشهد العلماء بصحتها، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينل ذلك بتعليم بشري (69)، حيث أورد في رده على النصارى أمثلة على ذلك.خصوصاً ما كان يثيره أهل الكتاب في عهده -صلى الله عليه وسلم- من أسئلة ينزل القرآن مجيباً عليها، فما ينكرون منها شيئاً، مع شدة عداوتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحرصهم على تكذيبه ومن ذلك: سؤالهم عن الروح وعن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن عيسى عليه السلام، وعن حكم الرجم، وعمّا حرم إسرائيل على نفسه، وغير ذلك من أمورهم، التي نزل القرآن مجيباً
عنها فلم ينكروا منها شيئاً (70).
ج- الدعوة إلى الإيمان بالقرآن من خلال رد الشبه التي أثيرت حوله:
وما أكثر الشبه والمفتريات التي أثارها ويثيرها أعداء الإسلام على القرآن، عبر التاريخ الإسلامي وأعداء الإسلام من النصارى في فترة الحروب الصليبية رددوا شبه من كان قبلهم، وافتروا غيرها طعناً في الدين، وإضعافاً للمسلمين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وقد تصدى علماء الأمة في فترة الحروب الصليبية للرد على مطاعن النصارى ومفترياتهم حول كتاب الله، كالقرافي، والخزرجي، وابن الأنباري، وابن رشيق التغلبي، وغيرهم (71). ولا يخفى أثر إزالة الشبه في قبول الحق لدى من يمنعه من الهدى سوء فهم، أو تضليل معاند، يقول القرطبي في مقدمة نبذة كتبها عن محاسن الإسلام: .. إنه لا يبعد أن يقف على هذا الكتاب نصراني أو
يهودي لم يسمع قط من ديننا تفصيلاً، ولا تصريحاً، بل إنما سمع له سباً وتقبيحاً، فأردت أن أسرده على الجملة، لتبيين حسنه لمن كان ذكي العقل صحيح الفطرة، فلعل ذلك أن يكون سبب هداه وجلاء عماه (72).
س- الدعوة إلى الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم:
نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- كانت ولا تزال أساس الحوارات والمناظرات التي تجري بين المسلمين وغيرهم؛ ففي الوقت الذي يسعى الدعاة المسلمون إلى الإقناع بصدقه صلى الله عليه وسلم، وصحة رسالته يسعى المعاندون إلى تكذيب ذلك بل وإثارة الشبه حول شخصه صلى الله عليه وسلم وحول رسالته، لذلك ما ترك علماء الأمة صغيرة ولا كبيرة في حياته صلى الله عليه وسلم إلاّ كتبوا عنها، وما غادروا شيئاً من أقواله وأفعاله إلاّ قيدوه وميزوا صحيحه من ضعيفه، فكتبوا في سيرته، ومغازيه، وأخلاقه، وشمائله، ومناقبه، وفضائله، وحقوقه ودلائل نبّوته، ومعجزاته، وهديه، وصنفوا في أقواله وأفعاله فظهرت الموسوعات الحديثية كالصحيحين والسنن والمسانيد، والمصنفات، وغيرها من كتب الحديث، فصار القارئ في أي جانب من هذه الجوانب المتعلقة به صلى الله عليه وسلم كأنه عاش معه لدقة ما نُقِل عنه، وفي عصر الحروب الصليبية كان من أهم الأمور التي دعا المسلمون النصارى إليها الإيمان بنبّوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا شك أن تصديق النصارى بذلك، وإيمانهم به يعني بالضرورة نبذهم لما هم عليه من الكفر والضلال والدخول في الإسلام، وقد كانت الدعوة إلى الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- من خلال إثبات نبوّته صلى الله عليه
وسلم، ورد الشبه التي يثيرها النصارى حول شخصه أو نبوّته (73).
وقد اتجه العلماء في هذه الفترة إلى إثبات نبّوته عليه الصلاة والسلام من خلال ما يلي:
- من خلال تأليف الكتب عنه صلى الله عليه وسلم بشكل عام، خاصة ما يتعلق بدلائل نبّوته ومعجزاته، وشمائله وأخلاقه ومناقبه وفضائله والمؤلفات في ذلك كثيرة والحمد لله على ذلك.
- من خلال المؤلفات الموجهة إلى النصارى وفي ثناياها الحديث عن نبوَّته صلى الله عليه وسلم وكانت طريقة العلماء في ذلك على النحو التالي:
- إثبات نبّوته -صلى الله عليه وسلم- من خلال دعواه النبّوة، حيث وضّح الجعفري في كتابه الرد على النصارى أن مجيء محمد صلى الله عليه وسلم ودعواه النبّوة أمر مقطوع به، قد ثبت عن طريق التواتر فلا يسوغ النزاع فيه، وإن من أنكر ذلك كمن جحد وجود بغداد ومكة (74).
- إثبات نبّوتَه من خلال ذكر البشارات به صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل، وقد أسهب العلماء في هذه الفترة بذكر البشارات بمحمد -صلى الله عليه وسلم- من التوراة والإنجيل، وذلك إلزاماً للمعاندين من النصارى بما لا يستطيعون إنكاره وإيضاحاً لمن يجهل ذلك منهم، أو حال بينه وبين فهمه تضليل مبطل من قساوستهم، وقد ساق الجعفري مثلاً أربعاً وثمانين بشارة بنبوةّ محمد -صلى الله عليه وسلم- من التوراة والإنجيل، ويسرد القرافي إحدى وخمسين بشارة في كتابه الأجوبة الفاخرة، وقد أسهب الخزرجي والقرطبي والمتطبب في معـرض ردودهم على النصـارى بذكر البشارات به صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل (75).
وقد انبرى كثير من علماء عصر الحروب الصليبية للرد على علماء النصارى الذين جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبوّته غرضاً لهم، فاستفرغوا الوسع في تفنيد شبههم ورد باطلهم، انتصاراً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطمعاً في هداية من كانت مثل هذه الشبه حجاباً بينه وبين قبول الحق (76).
ك- الدعوة إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام: .
اعتنى الإسلام بالمسيح عيسى بن مريم -عليه السلام - بصفته أحد أولي العزم من الرسل، فجاء القرآن بتكريمه وأمه وحتى عائلته وصحح الأخطاء ورد الاتهامات والافتراءات الباطلة التي كان يوجهها اليهود والنصارى للمسيح وأمه. فمن تكريم القرآن للمسيح عليه السلام أن جاءت إحدى السور باسم عائلته، وهي سورة آل عمران، وسورة أخرى هي سورة مريم باسم أمه التي ورد اسمها في القرآن في مواضع كثيرة، كلها تتحدث عنها بكل التقدير والاحترام والتبجيل ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ
اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ).[آل عمران:42] وقوله تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).[التحريم:12].
وتحدث القرآن عن حياة المسيح منذ ولادته وحتى رفعه إلى السماء؛ فهو بشر مخلوق عبد للخالق عزّ وجل، قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ).[الزخرف:59]، وهو نبي ورسول من عند الله عز وجل، قال تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ). [المائدة:75]. والمسيح بارُّ بوالدته وليس بجبار ولا شقي قال تعالى :( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ).[مريم:32].
وهو قدوة صالحة في العبادة والإخلاص لله سبحانه وتعالى: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً).[مريم: 30 -31].
وقد أرسله الله إلى بني إسرائيل وأيده بالمعجزات التي منها إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، ونزول المائدة من السماء، وغير ذلك قال تعالى: (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ).(آل عمران:49].
ولما بلغ رسالة ربه، وأراد به أعداؤه كيداً نجّاه الله من كيدهم فتوفاه ورفعه إليه (77).(إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ).[آل عمران:55].
وقال سبحانه :(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ ).[النساء:157]. هذا هو مجمل اعتقاد المسلمين بالمسيح عليه السلام، وقد ضل النصارى في ذلك ضلالاً بعيداً بجعلهم المسيح عيسى عليه السلام ابناً لله، تعالى الله عن ذلك، قال سبحانه:(وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ).[التوبة:30]، بل ادعوا أن الله سبحانه هو المسيح بن مريم قال جلّ وعلا:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ).[المائدة:72].وقد كانت نبّوة المسيح -عليه السلام- منذ ظهور الإسلام إلى الوقت الحاضر من القضايا الرئيسة التي تناولها العلماء المسلمون في مناقشاتهم مع النصارى رجاء هدايتهم للحق في ذلك، وقد اعتنى العلماء في عصر الحروب الصليبية ببيان ذلك للنصارى ودعوتهم إلى الإيمان بنبوته عليه السلام، ونبذ معتقداتهم الباطلة حوله، وذلك من خلال ما يلي:
- الدعوة إلى الإيمان بنبوّة المسيح -عليه السلام- من خلال بيان معتقد المسلمين فيه على الإجمال، فما كتب أحد من علماء عصر الحروب الصليبية في مناقشة النصارى إلاّ ووضح معتقد المسلمين في المسيح صلى الله عليه وسلم، ونعى على النصارى ضلالهم في ذلك. قال ابن الجوزي عند قوله تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ).[المائدة: 75]. فيه رد على اليهود في تكذيبهم رسالته، وعلى النصارى في ادّعائهم إلهيته والمعنى:أنه ليس بإله، وإنما حكمه حكمم من سبق من الرسل (78).
وقال البغوي:أي ليس بإله، بل هو كالرسل الذين مضوا لم يكونوا آلهة (79).
وقال الرازي:أي ما هو إلاّ رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبل (80)، وعند قوله تعالى :(كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ).[المائدة :75].قال: واعلم أن المقصود من ذلك الاستدلال على فساد قول النصارى (81). أي نفيهم نبّوته وادعاؤهم الألوهية له. وهكذا كل مفسري هذا العصر لم يغفلوا بيان عقيدة المسلمين في المسيح عليه السلام وفضح ضلال النصارى فيه، وذلك في تفسيرهم للآيات التي تتحدث عن عيسى -عليه السلام- أو النصارى بشكل عام (82). وبعد أن بين القرطبي حيرة اليهود والنصارى في عيسى عليه السلام، وتضارب أقوالهم حوله، وضَّح رحمة الله -سبحانه وتعالى- ومنّه علينا – نحن المسلمين – وعلى النصارى بأن بعث سيد المرسلين لينزه الله المسيح وأمه على لسان نبيه مما قالته اليهود فيهما، ويشهد ببراءتهما مما نسب إليهما،
قال سبحانه. (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ).[المائدة:75]. ثم ذكّر القرطبي النصارى بموقف النجاشي من عقيدة المسلمين بعيسى -عليه السلام- حينما أخبره بها جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-
بقوله: نقول فيه – أي المسيح عليه السلام – الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فلما سمع النجاشي ذلك ضرب بيده الأرض، وأخذ عوداً منها وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقة حوله فقال: وإن نخرتم والله (83). ثم خاطب القرطبي النصارى بعد ذلك قائلاً: ... فهذا – أي رأي النجاشي – قول أهل العلم من قبلكم، العارفين بشريعتكم، وما عدا ذلك فشجرته غثاء(وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ).[إبراهيم:26].
وقد دعا الخزرجي القسيس الذي طلب منه الإيمان بألوهية عيسى إلى الإيمان بنبّوته بعد إيضاح عقيدة المسلمين فيه -عليه السلام-
حيث قال: ونحن بالمسيح ابن مريم رسول الله أولى، قدّرناه حق قدره، وقلنا بفضله المعلوم وفخره، واعتقدناه بمنزلة تقبلها الأفهام وتليق بالعقول... (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً ).[النساء:175]، وتبرأنا من قوم غدوا فيه على طُرفي نقيض: مفتون به ضال، وظالم بغيض (84)...
ثم دعاه إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام قائلاً: ... ما أزين بك أن تقول: إن الله خلق عيسى وأمه آية للناس، عبداً ورسولاً، وهي صديقة مباركة وكانا يأكلان الطعام (85).
- الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ المسيح عليه السلام من خلال ذكر الأدلة على ذلك من كتب النصارى:
- تصريح المسيح نفسه في الإنجيل بأنه نبيّ مرُسل من الله سبحانه وتعالى، حيث أورد ابن الأنباري نقولاً من الأنجيل صرح فيها المسيح بعبوديته ونبوته، ومن ذلك قول المسيح للحواريين: .. أخرجوني من هذه المدينة، فإنه ما أُكرم نبيّ في مدينته، حيث أورد هذا النص، مع شيء من الاختلاف اليسير، الخزرجي في إثباته لنبّوة المسيح عليه السلام (86).
- شهادة بعض أنبياء بني إسرائيل له بالنبوَّة، ومنهم أشعيا. قال لوقا: جاء يسوع إلى الناصرة حيث تربى، ودخل كعادته في مجامعهم يوم السبت ليقرأ، فدفع إليه سفر أشعيا النبي، فلما فتحه إذا فيه مكتوب (روح الرب عليّ من أجل هذا مسحني وأرسلني لأبشر المساكين، وأشفي منكسري القلوب، وأنذر المأسورين بالتخلية، والعميان بالنظر، وأبشر بالسنة المقبولة، ثم طوى السفر، ودفعه إلى الخادم فجعلوا ينظرون إليه، فقال: اليوم كمل هذا المكتوب في سماعكم (87)، قال الجعفري معلقاً على ذلك: فهذه نبوءة من أشعيا على تصديق ودعوى النبّوة والرسالة (88).
- شهادة بعض تلامذته وحوارييه له بالنبّوة: فهذا يوحنا الإنجيلي تلميذ المسيح -عليه السلام- وحبيبه وأحد مدوني الإنجيل يقول:كان الناس إذا رأوا يسوع وسمعوا كلامه يقولون:هذا النبيّ حقاً (89). قال الجعفري:هذا هو يوحنا الإنجيلي الذي سُمّي حبيب المسيح يشهد بنبّوته، وهو أحسن أقوال أهل زمانه فيه (90).
- اعتراف أهل زمانه له بالنبوة، وإقراره لهم وعدم الإنكار عليهم، ومن ذلك قول متى في إنجيله: لما دنا المسيح وأصحابه من أورشليم، أرسل من جاءه بأتان وجحش، فركب وفرش الناس له ثيابهم، وارتجت المدينة لدخوله، فقال الجميع:هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الخليل (91). وقد وضح الجعفري وجه الدلالة من هذا النص، وهو الشهادة للمسيح من أصحابه وأهل زمانه بالنّبوة وعدم إنكاره عليهم، وذلك رضاً بما يقولون(92).
ثم توجه الجعفري باستفهام إلى النصارى غايته دعوتهم إلى الإيمان بنبوة المسيح -عليه السلام- وذلك بقوله: كيف يسمع – أي المسيح – آلافاً من الناس يشهدون أنه النبيّ الآتي من الناصرة، ويقرهم على ذلك، ولا تقوم به الحجة؟ أفيظن متأخرو النصارى في يومنا هذا أنهم أعلم بالمسيح ممن رآه وشاهده وصحبه(93)؟. وقد ورد في الإنجيل: أن امرأة رأت المسيح فقالت له: أنت ذاك النبي الذي كنا ننتظر مجيئه؟ فقال لها المسيح:صدقت، طوبى لك أيتها المرأة (94)، فهذه المرأة تسأل المسيح هل هو النبيّ المنتظر؟ ويصدقها المسيح إذ أقرت له بالنبوة، حيث أورد هذا النص المتطبب مستدلاً به على نبوّة المسيح، وذلك في مناقشته للنصارى
في كتابه النصيحة الإيمانية (95).
- الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ عيسى -عليه السلام- من خلال نفي الألوهية عنه، وإثبات عبوديته لله سبحانه وتعالى، وتفنيد شبه النصارى وأدلتهم على ألوهيته، حيث أسهب علماء هذه الفترة في بحث هذه القضايا ومناقشاتها من خلال ما أورده من أدلة نقلية وعقلية على ذلك (96).
لمطالعة المقال السابق، ’’الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية’’
الهوامش
(46) المصدر نفسه (1/189)
(47) لكمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني المتوفى سنة 651.
(48) لمحمد بن أبي القاسم البقالي الخوارزمي المتوفى سنة 562.
(49) الأجوبة الفاخرة، أحمد بن إدريس القارفي ص 95.
(50) الجامع لأحكام القرآن (5/5).
(51) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 189.
(52) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/190).
(53) المصدر نفسه (1/190).
(54) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 327.
(55) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/191).
(56) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 329 - 330.
(57) المستدرك للحاكم (2/506)صحيح الإسناد على شرط البخاري.
(58) المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والأندلس (11/157).
(59) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 333.
(60) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 333 -334.
(61) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 207.
(62) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 208.
(63) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/195).
(64) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 213.
(65) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 195.
(66) الداعي إلى الإسلام ص 424.
(67) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(68) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 343.
(69) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(70) المصدر نفسه.
(71) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(72) المصدر نفسه (1/196).
(73) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/199).
(74) المصدر نفسه (1/201).
(75) المصدر نفسه (1/201).
(76) المصدر نفسه (1/222).
(77) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/224).
(78) زاد المسير في علم التفسير (2/306).
(79) معالم التنزيل (3/82).
(80) التفسير الكبير (6/51- 52).
(81) المصدر نفسه (6/52).
(82) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/226).
(83) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام، ص 256.
(84) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 128.
(85) دعوة المسلمين للنصّارى في عصر الحروب الصليبية ( 1/228).
(86) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 131.
(87) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/228).
(88) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل للجعفري (1/198).
(89) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/229).
(90) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل (1/207).
(91) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/230).
(92) الرد على النصارى، صالح بن الحسين ص 88 .
(93) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/230).
(94) المصدر نفسه (1/230)
(95) النصيحة الإيمانية ص 109.
(96) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/231).
.نوافذ
د. علي محمد الصلابي
3- الدعوة إلى الإيمان بالقرآن: أدرك العلماء في عصر الحروب الصليبية الخطر الذي تتعرض له الأمة من جراء تكالب أعدائها عليها، خصوصاً النصارى، وما يقومون به من حرب عسكرية وفكرية ضد الإسلام في هذه الفترة، وبالتحديد ما يثيرونه حول القرآن من شبهات، رغبة منهم في زعزعة ثقة الأمة بكتابها، لذلك اشتدت عنايتهم بكتاب الله دفاعاً عنه أولاً، ودعوة لهؤلاء النصارى ثانياً، وذلك بتفنيد مفترياتهم حوله، وتصحيح شبههم التي قد تمنع الكثيرين منهم من التصديق به، ولا شك أن التصديق بالقرآن والإيمان به يعني الدخول في الإسلام واعتناقه؛ إذ إن القرآن والسنة بيّنا كل ما يتعلق بهذا الدين من عقائد وتشريعات يجب على المسلم الالتزام بها، والقرآن قد أمر بالأخذ بالسنة، كما قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
[الحشر: 7]. ومن ثم فإن تسليم النصارى بصحة القرآن واقتناعهم بذلك، وقبولهم لأوامره ونواهيه، يعني نبذهم لما هم عليه من عقائد باطلة ودخولهم في الإسلام، وكانت عناية الأمة في هذه الفترة بدعوة النصارى إلى الإيمان بالقرآن من خلال ما يلي:
أ- عناية القرآن بخدمة كتاب الله بشكل عام: من خلال المؤلفات في تفسيره، أو قراءته، أو إيضاح غريبه، أو بيان محكمه ومتشابهه، أو ما يتعلق بناسخه ومنسوخه، أو أحكامه أو إبراز فضائله، أو بلاغته، أو إعرابه إلى غير ذلك، ولا شك أن هذه المؤلفات حول كتاب الله سبحانه وتعالى تساعد على فهمه وإيضاحه، ولا يخفى أثر ذلك في زيادة ترسيخ إيمان المسلمين بكتاب ربهم، ومن ثم صمودهم أمام شبهات أعدائهم من النصارى وغيرهم، كما أن هذه الدراسات حول كتاب الله قد تزيل غشاوة الجهل عن كثير من النصارى فيفهمون كتاب الله سبحانه، وقد يكون ذلك سبباً في إسلامهم (46).
ب- عناية العلماء ببيان إعجاز القرآن الكريم بشكل عام وإبراز ذلك للنصارى بشكل خاص:
إذ اعتنى العلماء في هذه الفترة ببيان إعجاز القرآن بشكل عام، فظهرت مؤلفات قصرت الحديث على هـذا الجانب، ككتاب البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن (47)، وكتاب التنبيه على إعجاز القرآن (48)، ولا يخفى أن إظهار إعجاز القرآن له أثر كبير في إقناع غير المسلمين، لذلك أبرز بعض العلماء هذا الجانب للنصارى من خلال عدة أمور منها:
- إثبات إعجازه من خلال حفظه من التحريف والتبديل:
وهذا من أعظم الإعجاز، وما كان ذلك ليتحقق لو وُكل حفظه إلى البشر، وقد أشار القرافي إلى حفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه، وذلك بتهيئة أسباب ذلك، من العناية بجمعه، وألاّ يداخله غيره؛ حذراً مما وقع لأهل الكتاب، ثم نقله من السلف إلى الخلف نقلاً متواتراً، فصدق الله إذ يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). [الحجر: 9]. (49).
قال القرطبي حول هذه الآية ’’وإنّا له لحافظون’’ – من أن يُزاد فيه أو يُنقص منه (50)، وبين – رحمه الله تعالى – في
كتابه ’’الإعلام’’ حفظ الله -سبحانه وتعالى- لكتابه مقابل التحريف والتبديل الذي جرى على التوراة والإنجيل (51)، ثم أورد أمثله على ذلك (52).
- إثبات إعجازه ببيان فصاحته: وفي ذلك قال الخزرجي مخاطباً النصارى ومبيناً إعجاز القرآن بفصاحته، وأن العرب الأوائل – وهم الفصحاء – أقرّوا له بذلك: يلتفت إلى مقال العجم الجهلاء (53)، ثم وضّح أن العرب وقت نزول القرآن، وهم أشد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان منهم ما كان من سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وإيذائهم، بل وحربهم ما تكلموا في فصاحته، وقد جرى لهم التحدي أن يأتوا بمثله كما قال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء: 88]، فما استطاعوا ذلك، ثم كان التحدي بعشر سور كما قال سبحانه: (قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ). [هود: 13] حتى صار التحدي إلى سورة واحدة (قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ). [يونس: 38]، ومع ذلك عجزوا، ولن يستطيعوا لو حاولوا كما أخبر سبحانه: (وَلَن تَفْعَلُواْ)، وفي مناقشة القرطبي للنصارى في كتابه ا’’لإعلام’’ بيّن أن فصاحة القرآن أمر لا يقبل الشك: حتى إن العاقل الفصيح إذا سمعه قال: ليس هذا من
كلام البشر (54)، ثم وضح نماذج من إعجازه، كقوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). [الأعراف: 199]. وكيف أن هذه الآية لما نزلت قال أبو جهل: إن رب محمد لفصيح (55)، ثم لفت القرطبي النظر إلى جوانب من الفصاحة في هذه الآية؛ إذ تضمنت أحكاماً وتفسير الحلال والحرام، والإعراض عن أهل الجهل والاجترام، والأمر بالتزام أخلاق الكرام، مع ما هي عليه من اللفظ الموجز الجزل الرصين (56)، ومثال آخر أورده القرطبي هو قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). [النحل: 90].
وكيف أن الوليد بن المغيرة، لما سمع هذه الآية وهو من أفصح قريش، وكان من أشد أعداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وأن أعلاه لمثمر مورق، وما يقول هذا بشر (57)، وقد جرت مناظرة بين أحد قساوسة بلنسية بالأندلس وأبي علي بن رشيق التغلبي، حول فصاحة القرآن، حيث بدأ القسيس يتكلم حول إعجاز القرآن، وأن العرب – وهم الفصحاء والبلغاء – عجزوا عن الإتيان بشيء مثله، وأن هذا التحدي باقٍ إلى آخر الدهر، فوافقه ابن رشيق على ذلك، بعد ذلك أفصح القسيس عما يريد الوصول إليه، فذكر كتاب المقامات للحريري مدّعياً أن الأدباء والشعراء، عجزوا عن معارضته، وأن
الحريري قد أنشد بيتين اثنين في إحدى المقامات، وتحدّى أن يعززهما أحد بثالث، وإن السنين انصرفت وما أتى أحد بثالث لهما على الرغم من دَرْس الناس لتلك المقامات وتداولها بينهم، وانتهى إلى القول على ضوء ما سبق: أن ما أتى به الحريري كلام فصيح يصح أن يكون معجزة وليس هو بنبي، فإذا حصل ذلك فإن نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تثبت بمسألة التحدي المنصوص عليه بالقرآن، فلما أخذ ابن رشيق يرد عليه بالأدلة والبراهين العلمية، أخذ القسيس يرد عليه بقوله: قد سمعت هذا وناظرني فيه فلان، في تلك الأثناء انقدح في ذهن ابن رشيق بيت ثالث على شاكلة بيتي الحريري، فساقه للقسيس، الذي راح يفهمه لمن معه، وعند ذلك انقطعت حجة القسيس، وكـانت النتيجة كما يقول ابن رشيق: إنه انفصل عنهم وهُم كالمسلمين في انقطاع شبهتهم (58).
- إثبات إعجازه يلفت النظر إلى طريقة نظمه وأسلوبه الغريب:
وفي معرض مناقشة القرطبي للنصارى لفت أنظارهم إلى نظم القرآن وأسلوبه الغريب: ... والذي خالف به أسلوب كلام العرب، حتى كأنه ليس بينه وبينه نسب ولا سبب، فلا هو كمنظوم كلامهما فيكون شعراً موزوناً، ولا كمنثوره فيكون نثراً عرياً عن الفواصل محروماً، بل تشبه رؤوس آيته وفواصله قوافي النظم، ولا تدانيها، وتخالف آيه متفرقات النثر، وتناويها، فصار لذلك أسلوباً خارجاً عن كلامهم، ومنهاجاً خارجاً لعادة خطابهم (59). ثم ضرب القرطبي مثالاً على ذلك موجهاً إلى النصارى وهو قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً). [مريم: 16] إلى قوله تعالى: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً). [مريم:33]، طالباً منهم التأمل في معاني هذه الآيات، ولافتاً أنظارهم إلى نظمها البديع المنيف الذي عجزت العرب عن معارضته(60).
- إعجاز القرآن بإخباره عن بعض المغيبات فتقع كما أخبر:
ومن ذلك بيان الخزرجي لأحد القساوسة النصارى أن من إعجاز القرآن إخباره عن بعض المغيبات فتحصل كما أخبر، حيث أورد العديد من الأمثلة منها قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).[الروم: 1 – 6] فما كان بضع سنين حتى تحقق ذلك وغلبت الروم الفرس (61).
ومثال آخر هو قوله تعالى: (َقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)[الفتح، آية:27]. فصدق وعده فدخلوا مكة وتحقق الفتح القريب وهو فتح خيبر (62). ومن الأمثلة التي أوردها الخزرجي قوله تعالى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ). [الأنفال:7].(63) فيظفر المسلمون بالنصر على قريش في بدر، وما كذب خبر القرآن، وبعد عدة أمثلة ذكرها الخزرجي على ذلك خاطب النصارى متعجباً من عدم تصديقهم بالقرآن، وبما جاء به على الرغم من إعجازه، وذلك بقوله: ومن أعجب الأشياء أنكم تؤمنون بنبوة مريم وحنة وهما امرأتان، بلا كتاب ومعجزة، ولا ذكرتا في صحف الأنبياء، وتكفرون بسيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وسلم - وله كتاب يعجز الإنس والجن (64)
وأكد القرطبي في رده على النصارى في كتابه ’’الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام’’أن الإخبار عن المغيبات في القرآن فتقع كما أخبر به من وجوه إعجازه (65)، ثم عرض أمثلة كثيرة على ذلك(66).
وفي هذا السياق قال ابن الأنبارى: فإنه لما كان لا يجوز أن يقع ذلك على وجه الاتفاق دل على أنه من عند علاّم الغيوب(67)، ثم أورده أمثلة عديدة على ذلك(68).
- إعجاز القرآن بإخباره عن بعض الأمم السابقة:
تحدث القرطبي عن وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم، وهو ما تضمنه من الأخبار عن الأمم السالفة التي يشهد العلماء بصحتها، مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينل ذلك بتعليم بشري (69)، حيث أورد في رده على النصارى أمثلة على ذلك.خصوصاً ما كان يثيره أهل الكتاب في عهده -صلى الله عليه وسلم- من أسئلة ينزل القرآن مجيباً عليها، فما ينكرون منها شيئاً، مع شدة عداوتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحرصهم على تكذيبه ومن ذلك: سؤالهم عن الروح وعن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن عيسى عليه السلام، وعن حكم الرجم، وعمّا حرم إسرائيل على نفسه، وغير ذلك من أمورهم، التي نزل القرآن مجيباً
عنها فلم ينكروا منها شيئاً (70).
ج- الدعوة إلى الإيمان بالقرآن من خلال رد الشبه التي أثيرت حوله:
وما أكثر الشبه والمفتريات التي أثارها ويثيرها أعداء الإسلام على القرآن، عبر التاريخ الإسلامي وأعداء الإسلام من النصارى في فترة الحروب الصليبية رددوا شبه من كان قبلهم، وافتروا غيرها طعناً في الدين، وإضعافاً للمسلمين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وقد تصدى علماء الأمة في فترة الحروب الصليبية للرد على مطاعن النصارى ومفترياتهم حول كتاب الله، كالقرافي، والخزرجي، وابن الأنباري، وابن رشيق التغلبي، وغيرهم (71). ولا يخفى أثر إزالة الشبه في قبول الحق لدى من يمنعه من الهدى سوء فهم، أو تضليل معاند، يقول القرطبي في مقدمة نبذة كتبها عن محاسن الإسلام: .. إنه لا يبعد أن يقف على هذا الكتاب نصراني أو
يهودي لم يسمع قط من ديننا تفصيلاً، ولا تصريحاً، بل إنما سمع له سباً وتقبيحاً، فأردت أن أسرده على الجملة، لتبيين حسنه لمن كان ذكي العقل صحيح الفطرة، فلعل ذلك أن يكون سبب هداه وجلاء عماه (72).
س- الدعوة إلى الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم:
نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- كانت ولا تزال أساس الحوارات والمناظرات التي تجري بين المسلمين وغيرهم؛ ففي الوقت الذي يسعى الدعاة المسلمون إلى الإقناع بصدقه صلى الله عليه وسلم، وصحة رسالته يسعى المعاندون إلى تكذيب ذلك بل وإثارة الشبه حول شخصه صلى الله عليه وسلم وحول رسالته، لذلك ما ترك علماء الأمة صغيرة ولا كبيرة في حياته صلى الله عليه وسلم إلاّ كتبوا عنها، وما غادروا شيئاً من أقواله وأفعاله إلاّ قيدوه وميزوا صحيحه من ضعيفه، فكتبوا في سيرته، ومغازيه، وأخلاقه، وشمائله، ومناقبه، وفضائله، وحقوقه ودلائل نبّوته، ومعجزاته، وهديه، وصنفوا في أقواله وأفعاله فظهرت الموسوعات الحديثية كالصحيحين والسنن والمسانيد، والمصنفات، وغيرها من كتب الحديث، فصار القارئ في أي جانب من هذه الجوانب المتعلقة به صلى الله عليه وسلم كأنه عاش معه لدقة ما نُقِل عنه، وفي عصر الحروب الصليبية كان من أهم الأمور التي دعا المسلمون النصارى إليها الإيمان بنبّوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا شك أن تصديق النصارى بذلك، وإيمانهم به يعني بالضرورة نبذهم لما هم عليه من الكفر والضلال والدخول في الإسلام، وقد كانت الدعوة إلى الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- من خلال إثبات نبوّته صلى الله عليه
وسلم، ورد الشبه التي يثيرها النصارى حول شخصه أو نبوّته (73).
وقد اتجه العلماء في هذه الفترة إلى إثبات نبّوته عليه الصلاة والسلام من خلال ما يلي:
- من خلال تأليف الكتب عنه صلى الله عليه وسلم بشكل عام، خاصة ما يتعلق بدلائل نبّوته ومعجزاته، وشمائله وأخلاقه ومناقبه وفضائله والمؤلفات في ذلك كثيرة والحمد لله على ذلك.
- من خلال المؤلفات الموجهة إلى النصارى وفي ثناياها الحديث عن نبوَّته صلى الله عليه وسلم وكانت طريقة العلماء في ذلك على النحو التالي:
- إثبات نبّوته -صلى الله عليه وسلم- من خلال دعواه النبّوة، حيث وضّح الجعفري في كتابه الرد على النصارى أن مجيء محمد صلى الله عليه وسلم ودعواه النبّوة أمر مقطوع به، قد ثبت عن طريق التواتر فلا يسوغ النزاع فيه، وإن من أنكر ذلك كمن جحد وجود بغداد ومكة (74).
- إثبات نبّوتَه من خلال ذكر البشارات به صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل، وقد أسهب العلماء في هذه الفترة بذكر البشارات بمحمد -صلى الله عليه وسلم- من التوراة والإنجيل، وذلك إلزاماً للمعاندين من النصارى بما لا يستطيعون إنكاره وإيضاحاً لمن يجهل ذلك منهم، أو حال بينه وبين فهمه تضليل مبطل من قساوستهم، وقد ساق الجعفري مثلاً أربعاً وثمانين بشارة بنبوةّ محمد -صلى الله عليه وسلم- من التوراة والإنجيل، ويسرد القرافي إحدى وخمسين بشارة في كتابه الأجوبة الفاخرة، وقد أسهب الخزرجي والقرطبي والمتطبب في معـرض ردودهم على النصـارى بذكر البشارات به صلى الله عليه وسلم من التوراة والإنجيل (75).
وقد انبرى كثير من علماء عصر الحروب الصليبية للرد على علماء النصارى الذين جعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبوّته غرضاً لهم، فاستفرغوا الوسع في تفنيد شبههم ورد باطلهم، انتصاراً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطمعاً في هداية من كانت مثل هذه الشبه حجاباً بينه وبين قبول الحق (76).
ك- الدعوة إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام: .
اعتنى الإسلام بالمسيح عيسى بن مريم -عليه السلام - بصفته أحد أولي العزم من الرسل، فجاء القرآن بتكريمه وأمه وحتى عائلته وصحح الأخطاء ورد الاتهامات والافتراءات الباطلة التي كان يوجهها اليهود والنصارى للمسيح وأمه. فمن تكريم القرآن للمسيح عليه السلام أن جاءت إحدى السور باسم عائلته، وهي سورة آل عمران، وسورة أخرى هي سورة مريم باسم أمه التي ورد اسمها في القرآن في مواضع كثيرة، كلها تتحدث عنها بكل التقدير والاحترام والتبجيل ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ
اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ).[آل عمران:42] وقوله تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).[التحريم:12].
وتحدث القرآن عن حياة المسيح منذ ولادته وحتى رفعه إلى السماء؛ فهو بشر مخلوق عبد للخالق عزّ وجل، قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ).[الزخرف:59]، وهو نبي ورسول من عند الله عز وجل، قال تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ). [المائدة:75]. والمسيح بارُّ بوالدته وليس بجبار ولا شقي قال تعالى :( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ).[مريم:32].
وهو قدوة صالحة في العبادة والإخلاص لله سبحانه وتعالى: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً).[مريم: 30 -31].
وقد أرسله الله إلى بني إسرائيل وأيده بالمعجزات التي منها إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، ونزول المائدة من السماء، وغير ذلك قال تعالى: (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ).(آل عمران:49].
ولما بلغ رسالة ربه، وأراد به أعداؤه كيداً نجّاه الله من كيدهم فتوفاه ورفعه إليه (77).(إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ).[آل عمران:55].
وقال سبحانه :(وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ ).[النساء:157]. هذا هو مجمل اعتقاد المسلمين بالمسيح عليه السلام، وقد ضل النصارى في ذلك ضلالاً بعيداً بجعلهم المسيح عيسى عليه السلام ابناً لله، تعالى الله عن ذلك، قال سبحانه:(وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ).[التوبة:30]، بل ادعوا أن الله سبحانه هو المسيح بن مريم قال جلّ وعلا:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ).[المائدة:72].وقد كانت نبّوة المسيح -عليه السلام- منذ ظهور الإسلام إلى الوقت الحاضر من القضايا الرئيسة التي تناولها العلماء المسلمون في مناقشاتهم مع النصارى رجاء هدايتهم للحق في ذلك، وقد اعتنى العلماء في عصر الحروب الصليبية ببيان ذلك للنصارى ودعوتهم إلى الإيمان بنبوته عليه السلام، ونبذ معتقداتهم الباطلة حوله، وذلك من خلال ما يلي:
- الدعوة إلى الإيمان بنبوّة المسيح -عليه السلام- من خلال بيان معتقد المسلمين فيه على الإجمال، فما كتب أحد من علماء عصر الحروب الصليبية في مناقشة النصارى إلاّ ووضح معتقد المسلمين في المسيح صلى الله عليه وسلم، ونعى على النصارى ضلالهم في ذلك. قال ابن الجوزي عند قوله تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ).[المائدة: 75]. فيه رد على اليهود في تكذيبهم رسالته، وعلى النصارى في ادّعائهم إلهيته والمعنى:أنه ليس بإله، وإنما حكمه حكمم من سبق من الرسل (78).
وقال البغوي:أي ليس بإله، بل هو كالرسل الذين مضوا لم يكونوا آلهة (79).
وقال الرازي:أي ما هو إلاّ رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبل (80)، وعند قوله تعالى :(كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ).[المائدة :75].قال: واعلم أن المقصود من ذلك الاستدلال على فساد قول النصارى (81). أي نفيهم نبّوته وادعاؤهم الألوهية له. وهكذا كل مفسري هذا العصر لم يغفلوا بيان عقيدة المسلمين في المسيح عليه السلام وفضح ضلال النصارى فيه، وذلك في تفسيرهم للآيات التي تتحدث عن عيسى -عليه السلام- أو النصارى بشكل عام (82). وبعد أن بين القرطبي حيرة اليهود والنصارى في عيسى عليه السلام، وتضارب أقوالهم حوله، وضَّح رحمة الله -سبحانه وتعالى- ومنّه علينا – نحن المسلمين – وعلى النصارى بأن بعث سيد المرسلين لينزه الله المسيح وأمه على لسان نبيه مما قالته اليهود فيهما، ويشهد ببراءتهما مما نسب إليهما،
قال سبحانه. (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ).[المائدة:75]. ثم ذكّر القرطبي النصارى بموقف النجاشي من عقيدة المسلمين بعيسى -عليه السلام- حينما أخبره بها جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-
بقوله: نقول فيه – أي المسيح عليه السلام – الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فلما سمع النجاشي ذلك ضرب بيده الأرض، وأخذ عوداً منها وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقة حوله فقال: وإن نخرتم والله (83). ثم خاطب القرطبي النصارى بعد ذلك قائلاً: ... فهذا – أي رأي النجاشي – قول أهل العلم من قبلكم، العارفين بشريعتكم، وما عدا ذلك فشجرته غثاء(وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ).[إبراهيم:26].
وقد دعا الخزرجي القسيس الذي طلب منه الإيمان بألوهية عيسى إلى الإيمان بنبّوته بعد إيضاح عقيدة المسلمين فيه -عليه السلام-
حيث قال: ونحن بالمسيح ابن مريم رسول الله أولى، قدّرناه حق قدره، وقلنا بفضله المعلوم وفخره، واعتقدناه بمنزلة تقبلها الأفهام وتليق بالعقول... (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً ).[النساء:175]، وتبرأنا من قوم غدوا فيه على طُرفي نقيض: مفتون به ضال، وظالم بغيض (84)...
ثم دعاه إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام قائلاً: ... ما أزين بك أن تقول: إن الله خلق عيسى وأمه آية للناس، عبداً ورسولاً، وهي صديقة مباركة وكانا يأكلان الطعام (85).
- الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ المسيح عليه السلام من خلال ذكر الأدلة على ذلك من كتب النصارى:
- تصريح المسيح نفسه في الإنجيل بأنه نبيّ مرُسل من الله سبحانه وتعالى، حيث أورد ابن الأنباري نقولاً من الأنجيل صرح فيها المسيح بعبوديته ونبوته، ومن ذلك قول المسيح للحواريين: .. أخرجوني من هذه المدينة، فإنه ما أُكرم نبيّ في مدينته، حيث أورد هذا النص، مع شيء من الاختلاف اليسير، الخزرجي في إثباته لنبّوة المسيح عليه السلام (86).
- شهادة بعض أنبياء بني إسرائيل له بالنبوَّة، ومنهم أشعيا. قال لوقا: جاء يسوع إلى الناصرة حيث تربى، ودخل كعادته في مجامعهم يوم السبت ليقرأ، فدفع إليه سفر أشعيا النبي، فلما فتحه إذا فيه مكتوب (روح الرب عليّ من أجل هذا مسحني وأرسلني لأبشر المساكين، وأشفي منكسري القلوب، وأنذر المأسورين بالتخلية، والعميان بالنظر، وأبشر بالسنة المقبولة، ثم طوى السفر، ودفعه إلى الخادم فجعلوا ينظرون إليه، فقال: اليوم كمل هذا المكتوب في سماعكم (87)، قال الجعفري معلقاً على ذلك: فهذه نبوءة من أشعيا على تصديق ودعوى النبّوة والرسالة (88).
- شهادة بعض تلامذته وحوارييه له بالنبّوة: فهذا يوحنا الإنجيلي تلميذ المسيح -عليه السلام- وحبيبه وأحد مدوني الإنجيل يقول:كان الناس إذا رأوا يسوع وسمعوا كلامه يقولون:هذا النبيّ حقاً (89). قال الجعفري:هذا هو يوحنا الإنجيلي الذي سُمّي حبيب المسيح يشهد بنبّوته، وهو أحسن أقوال أهل زمانه فيه (90).
- اعتراف أهل زمانه له بالنبوة، وإقراره لهم وعدم الإنكار عليهم، ومن ذلك قول متى في إنجيله: لما دنا المسيح وأصحابه من أورشليم، أرسل من جاءه بأتان وجحش، فركب وفرش الناس له ثيابهم، وارتجت المدينة لدخوله، فقال الجميع:هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الخليل (91). وقد وضح الجعفري وجه الدلالة من هذا النص، وهو الشهادة للمسيح من أصحابه وأهل زمانه بالنّبوة وعدم إنكاره عليهم، وذلك رضاً بما يقولون(92).
ثم توجه الجعفري باستفهام إلى النصارى غايته دعوتهم إلى الإيمان بنبوة المسيح -عليه السلام- وذلك بقوله: كيف يسمع – أي المسيح – آلافاً من الناس يشهدون أنه النبيّ الآتي من الناصرة، ويقرهم على ذلك، ولا تقوم به الحجة؟ أفيظن متأخرو النصارى في يومنا هذا أنهم أعلم بالمسيح ممن رآه وشاهده وصحبه(93)؟. وقد ورد في الإنجيل: أن امرأة رأت المسيح فقالت له: أنت ذاك النبي الذي كنا ننتظر مجيئه؟ فقال لها المسيح:صدقت، طوبى لك أيتها المرأة (94)، فهذه المرأة تسأل المسيح هل هو النبيّ المنتظر؟ ويصدقها المسيح إذ أقرت له بالنبوة، حيث أورد هذا النص المتطبب مستدلاً به على نبوّة المسيح، وذلك في مناقشته للنصارى
في كتابه النصيحة الإيمانية (95).
- الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ عيسى -عليه السلام- من خلال نفي الألوهية عنه، وإثبات عبوديته لله سبحانه وتعالى، وتفنيد شبه النصارى وأدلتهم على ألوهيته، حيث أسهب علماء هذه الفترة في بحث هذه القضايا ومناقشاتها من خلال ما أورده من أدلة نقلية وعقلية على ذلك (96).
لمطالعة المقال السابق، ’’الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية’’
الهوامش
(46) المصدر نفسه (1/189)
(47) لكمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني المتوفى سنة 651.
(48) لمحمد بن أبي القاسم البقالي الخوارزمي المتوفى سنة 562.
(49) الأجوبة الفاخرة، أحمد بن إدريس القارفي ص 95.
(50) الجامع لأحكام القرآن (5/5).
(51) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 189.
(52) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/190).
(53) المصدر نفسه (1/190).
(54) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 327.
(55) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/191).
(56) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 329 - 330.
(57) المستدرك للحاكم (2/506)صحيح الإسناد على شرط البخاري.
(58) المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والأندلس (11/157).
(59) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 333.
(60) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 333 -334.
(61) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 207.
(62) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 208.
(63) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/195).
(64) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 213.
(65) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 195.
(66) الداعي إلى الإسلام ص 424.
(67) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(68) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص 343.
(69) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(70) المصدر نفسه.
(71) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/196).
(72) المصدر نفسه (1/196).
(73) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/199).
(74) المصدر نفسه (1/201).
(75) المصدر نفسه (1/201).
(76) المصدر نفسه (1/222).
(77) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/224).
(78) زاد المسير في علم التفسير (2/306).
(79) معالم التنزيل (3/82).
(80) التفسير الكبير (6/51- 52).
(81) المصدر نفسه (6/52).
(82) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/226).
(83) الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام، ص 256.
(84) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 128.
(85) دعوة المسلمين للنصّارى في عصر الحروب الصليبية ( 1/228).
(86) مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان ص 131.
(87) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/228).
(88) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل للجعفري (1/198).
(89) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/229).
(90) تخجيل من حرف التوراة والإنجيل (1/207).
(91) دعوة المسلمين للنصارى في عصر الحروب الصليبية (1/230).
(92) الرد على النصارى، صالح بن الحسين ص 88 .
(93) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/230).
(94) المصدر نفسه (1/230)
(95) النصيحة الإيمانية ص 109.
(96) دعوة المسلمين للنّصارى في عصر الحروب الصليبية (1/231).
.نوافذ