من الحالات النادرة أن نجد فيها المنتصر المكلوم بالأمس، يتسامح ويتسامى مع خصمه الظالم المهزوم، على نحو مارأيناه في الثورة السورية، وبدلا من أن ينتهز الأخير فرصة التسامح تلك للبناء عليها، وإثبات حسن نيته وصدق توبته؛ إذا به يعض اليد العليا، التي أحسنت إليه، وعفت عن كل سوابقه، فيبادلها تآمرا وغدرا وإمعانا في الانتقام المتوحش!
وحين يتذكر الشعب عقود الظلام الطويلة التي عانى فيها الأمرين في ظل حكم المخلوع الأسد؛ يهبّ طواعية للدفاع عن كرامته ومكتسب الحرية الجديد في بلده، فتقع بعض حالات انتقام فردية عابرة، وتجاوزات لايمكن إنكارها، في مثل هكذا حالات، تداخل فيها الجيش النظامي بالهبة الشعبية العامة، لكن تظل إدانة العقلاء وذوي الكرامة والشرف لمن تسبب في كل ذلك الدمار من الأساس، أما السفاهة بعينها فأن يهب كثير من التافهين، من كل صقع وزقاق، وجلّهم من أتباع نماذج مقرفة بشعة، في الاستبداد والقهر بالأمس أو اليوم، ليعظ السوريين في أخلاق التعامل مع الخصوم، ويحاضرهم في مبادئ حقوق الإنسان!
رغم هذا المنطق الهزيل المبتذل؛ فتظل سوريا الجديدة نموذجا نادرا بفضل الله وتسديده!