خلال أسبوع واحد ووسط تصعيد خطير، ومخاوف من اشتعال حرب إقليمية - في أية لحظة - بشمال شرق آسيا، شهدت أجواء شبه الجزيرة الكورية موجة هستيرية محمومة من الاستفزازات، والتهديدات المتبادلة بين بيونج يانج وسول وحلفائهما، وكذلك، التجارب على إطلاق صواريخ كروز من البحر ومن الجو وبما يفوق سرعة الصوت، ومتعددة المدى، وانتهاء بـ الإستراتيجية، القادرة على حمل رؤوس نووية.
حتى صباح الجمعة الماضي ولرابع مرة هذا العام، 2024، أطلقت كوريا الشمالية دفعات متتالية من صواريخ كروز باتجاه البحر غربا وشرقا، طرازي هواسال2، وبول هواسال 3-31، ومعناهما باللغة الكورية: السهم، وسهم النار، على التوالي.
صواريخ كروز الكورية الشمالية توصف بأن تشغيلها يتم بمحركات نفاثة، وتتميز بقدرات هجومية دقيقة، وقادرة على حمل رؤوس نووية، وتتمكن من المناورة، مما يجعل من الصعب اكتشافها، وإسقاطها، بسبب تحليقها على ارتفاعات منخفضة.
وفقا لتصريحات منسوبة لمسئولين بكوريا الشمالية، تستهدف تجارب إطلاق صواريخ كروز، وغيرها، الاستعداد لحرب نووية، وقائية، كما تأتي استكمالا لخطة عام 2021، الخمسية، التي أقرها الحزب الحاكم، وتتضمن 5 مهام رئيسية لتطوير أسلحة عالية التقنية، بما في ذلك اقتناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، وتصنيع رأس حربي يفوق سرعة الصوت، وإطلاق أقمار اصطناعية للتجسس، وصواريخ مصممة لشن هجمات ضد القواعد الأمريكية، تحديدًا في اليابان وكوريا الجنوبية، وصواريخ باليستية -بعيدة المدى، يمكنها تهديد كل أراضي الولايات المتحدة.
زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، وصف العلاقات بين الكوريتين بأنها علاقات بين دولتين معاديتين لبعضهما البعض، وتعهد بالسيطرة على كل أراضي كوريا الجنوبية في حالة الطوارئ.
ودعا كيم إلى مراجعة دستور البلاد لوصف كوريا الجنوبية بأنها العدو الرئيسي لكوريا الشمالية، مشيرًا إلى تخلي بيونج يانج -كليا- عن سياسات السعي إلى المصالحة والتوحيد -التي استمرت لعقود- مع الجنوب.
في الوقت نفسه، نشرت وكالة الأنباء المركزية في بيونج يانج تقريرا منسوبا للخبير الكوري الشمالي، ري جي- سونج، جاء فيه: "إن تعزيز الأسلحة النووية الكورية الشمالية مساهمة لا غنى عنها، تستهدف الردع، وإحباط استفزازات الولايات المتحدة وحلفائها، وللحفاظ على التوازن الإستراتيجي واستقرار العالم".
كوريا الجنوبية تراقب -عن كثب- تهديدات الشطر الشمالي، بالتنسيق الأمني -الثلاثي- الكامل مع كل من الولايات المتحدة واليابان، وتشير التفسيرات الصادرة من سول إلى أن تصعيد التوتر "ما هو إلا محاولة واضحة لتحويل شبه الجزيرة الكورية إلى منطقة مخاطر مهددة باندلاع صراعات عسكرية مثل الشرق الأوسط".
وزير الوحدة الكوري الجنوبي، كيم يونج-هو، أكد أن استفزازات بيونج يانج تهدف إلى دق إسفين في مجتمع الشطر الجنوبي، ودعا إلى عدم الوقوع في مثل هذه المخططات، التي تستهدف التغطية على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالشطر الشمالي، والنقص المزمن في الغذاء، مما أدى إلى انهيار التقنين الغذائي.
أيضا، يتزامن تصعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية مع حلول عام الانتخابات، البرلمانية، بكوريا الجنوبية خلال أبريل، والرئاسية، في الولايات المتحدة أواخر العام، وتلويح الشمال بشن هجمات نووية وقائية وإجراء التجربة النووية السابعة.
في محاولة للرد على السيناريوهات الاستفزازية الكورية الشمالية، قال الرئيس الكوري الجنوبي، يون صوك-يول: "النظام الشمالي مجموعة غير عقلانية شرعت الاستخدام الوقائي للأسلحة النووية لتصبح الدولة الوحيدة التي تقوم بذلك، لو كان نظامًا عاقلا لتخلى عن أسلحته النووية، وبحث عن طريقة ليساعد بها شعبه على الحياة، ولكن النظام الشمالي مصمم -فقط- للحفاظ على نظامه الوراثي الشمولي".
أضاف: "على مدار 70 عامًا، عمل النظام الكوري الشمالي بلا كلل لإسقاط النظام الديمقراطي الليبرالي بكوريا الجنوبية، وفي السنوات التي شهدت أحداثًا سياسية مهمة، قام باستمرار بإثارة اضطرابات اجتماعية وشن حربًا نفسية واستفزازات".
وقال يون: "نتوقع هذا العام أن نرى العديد من استفزازات كوريا الشمالية التي تهدف إلى التدخل في انتخاباتنا، والتصعيد بالمناطق الحدودية وتسلل الطائرات المسيرة، والتضليل والهجمات الإلكترونية، واضطرابات في المناطق الخلفية".
*نقلاً عن بوابة الأهرام