مرة أخرى يجري تسريب معلومات لـ شيطنة انتصارات المقاومة الفلسطينية في "طوفان الأقصى"، بالادعاء أن تسليحها كوري شمالي، سعيًا لتوظيف هذا الربط المريب، في تبرير جريمة الإبادة الجماعية، أمام الرأي العام، بشمال شرق آسيا.
التسريب الجديد جاء فيه: أن إحدى وكالات المخابرات الآسيوية لديها معلومات حول استخدام حركة حماس أسلحة كورية شمالية، وكشفت عن صورة تضم مفجر قذيفة مكتوبًا عليه حروف كورية، موضحة أن المفجر هو جزء من الصاروخ "إف 7" الكوري الشمالي، وهي المعلومات –نفسها- التي أوردها راديو صوت أمريكا.
في تقرير منشور يوم أمس، الإثنين، ذكرت الوكالة: أن لديها أدلة تفصيلية متعلقة بحجم الأسلحة التي حصلت عليها حماس من كوريا الشمالية، وموعد تسلمها، لكنها رفضت الكشف عن مصدر الأدلة، لحماية السلامة والعلاقات الدبلوماسية!!
تسريب مماثل كنت قد أشرت إليه في مقال بتاريخ 5 نوفمبر، نسب فيه راديو آسيا الحرة لعضو سابق بوكالة المخابرات الأمريكية، بروس بيكتول، قوله: إن حماس استخدمت الصواريخ الكورية الشمالية من قبل، وقد تستخدمها في الحرب الحالية.
شيطنة "طوفان الأقصى" على هذا النحو في منطقة شمال شرق آسيا، وتحديدًا في كل من كوريا الجنوبية واليابان ربما يجد صدى لدى الرأي العام الداخلي بتلك الدولتين، بسبب ما تعانيه شعوبهما من مخاوف وجودية، نتيجة للتهديدات النووية الكورية.
كوريا الشمالية كانت قد نفت في السابق الادعاءات بتزويد حركة حماس بالأسلحة واستخدامها في الهجوم المفاجئ على الكيان العنصري الصهيوني في يوم السابع من أكتوبر الماضي، وإن كان الزعيم كيم جون أون قد أمر – في الوقت نفسه - بتقديم الدعم الكامل للفلسطينيين وتحميل واشنطن مسئولية حرب الإبادة الجماعية.
مزاعم الربط بين كوريا الشمالية وحماس لم تتوقف عند تزويد الأخيرة بالأسلحة الهجومية، بل ذهبت إلى حد تسريب تقارير إعلامية – في وقت سابق وإعادة تكرارها لاحقًا- تفيد بأن بيونج يانج يمكن أن تستخدم تكتيكات عسكرية مماثلة، كتلك التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، لشن هجوم مفاجئ على كوريا الجنوبية.
التهديد الوجودي الذي تعانيه شعوب منطقة شمال شرق آسيا، وتحديدًا في شبه الجزيرة الكورية واليابان، يجد تعاطفًا وتفهمًا من جانب الشعب العربي، بحكم المصالح والعلاقات التاريخية التي تجمع بين المنطقتين، ولعل التفهم والتعاطف يتوفران لدى الأصدقاء الآسيويين- على المستوى نفسه من الأهمية- تجاه قضية العرب المركزية في فلسطين، وما يمثله لنا الخطر الصهيوني التوسعي الوجودي.
الشعوب العربية تؤيد ضرورة التزام بيونج يانج بتنفيذ 6 قرارات، أصدرها مجلس الأمن، بخصوص برامجها النووية والصاروخية، وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من سلاح الدمار، وبالمثل صدرت العديد من قرارات الشرعية الدولية الداعية لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
على عكس التسريبات الهادفة لشيطنة المقاومة الفلسطينية و"طوفان الأقصى"، ظهرت في العاصمة الكورية الجنوبية، سول، بوادر تفهم وتعاطف إيجابية للمشاعر العربية، حينما أعلنت وزارة الخارجية في أواخر شهر ديسمبر الماضي أنه من غير المناسب أن تقوم السفارة الإسرائيلية بسول بإنتاج وتوزيع شريط فيديو يقارن -بين ما تدعيه- قتل واختطاف مدنيين بالوضع الأمني بدولة أخرى (هي كوريا الجنوبية).
كانت السفارة الإسرائيلية قد أنتجت ونشرت فيديو يصور قصة اختطاف امرأة شابة لديها ابنتان، في عمل إرهابي تخيلي، حدث في العاصمة الكورية الجنوبية -سول- يوم الاحتفال بعيد الميلاد، وفي نهاية محتوى الفيديو يظهر عنوان فرعي، نصه: "تخيلوا لو حدث لكم شيء كهذا"، وذلك عبر منصات فيسبوك ويوتيوب وإكس، بهدف -ما أسمته- نقل مشاعر الإسرائيليين بشكل أفضل إلى الشعب الكوري.
لكن السفارة اضطرت لحذف المحتوى الدعائي للفيديو بعد يوم واحد من بثه، بسبب انتقادات واسعة تعرضت لها، لأن الهدف من ورائه كان واضحًا وفجًا لتبرير حرب الإبادة الجماعية الوحشية في فلسطين. أيضًا، أنتجت -ونشرت- السفارة الإسرائيلية لدى المملكة المتحدة، فيديو بالمحتوى نفسه، باستخدام مدينة لندن كخلفية، ويُعتقد أن الكيان العنصري الصهيوني نفذ أعمالًا دعائية مماثلة في دول متعددة.
*نقلاً عن بوابة الأهرام