مما لا يخفى على أحد أن ما تميزت به هذه الشريعة الغراء حرصها على ما فيه سلامة عقل الإنسان وبدنه وماله، وقد تجلى ذلك من خلال التشريعات المستمدة من كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الداعية إلى وجوب تناول الحلال الطيب من المطعم والمشرب والملبس وغيره، وبينت كيف أن هذا الأمر سبب عظيم لسلامة القلب والعقل والبدن، قال صلى الله عليه وسلم «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا».
وفي هذه الأزمنة المتأخرة حينما طغت الماديات ورقّ الدين وأصبحت الدنيا هي أكبر الهمّ ومبلغ العلم، كان لزاما على المسلمين كل في موقعه أهمية العناية بإيجاد الصناعات الحلال وتوفيرها بين يدي من يطلبها، سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، خاصة إذا علمنا مدى إقبال العالم أجمع على صناعة الحلال تعبدا وتدينا عند المسلمين وسلامة وصحة عند غيرهم.
ومع تطور الصناعات وكثرة المستجدات كان لزاما على العلماء كل في تخصصه ضرورة رصد هذه المنتجات وإعطائها التكييف المناسب واللائق لها حتى يستطيع الفقيه والمجتهد إعطاءها الحكم الشرعي المناسب لها.
ولا عجب، فالشريعة التي تحدثت عن أدق التفاصيل في طريقة الأكل والذبح والاعتناء بالحيوان، وبينت آداب الطعام وشروط الذبح وكيفية لبس الإنسان وبيان ما يحل ويحرم، ووضحت طرق التداوي وما يحل فيها وما يحرم، وبينت صور الزينة الجائزة والممنوعة لا يمكنها أن تكون عاجزة عن إعطاء كل مسألة ما يناسبها من حكم الله تعالى.
وكما لا يخفى أن صناعة الحلال أمر في غاية الأهمية، والدليل هذا الاهتمام الكبير في هذا الوقت المعاصر حتى أصبحت سوقا رائجة ليس بين المسلمين والشركات المسلمة فحسب، بل وحتى في أوساط غير المسلمين وفي البلاد غير الإسلامية دافعهم إلى ذلك الحرص على طلب السلامة في الغذاء والبحث عن الجودة الغذائية والسعي وراء السلامة الصحية والطبية والتي لا يستهان بها، والتي ظهر للعالم أجمع أن هذه الأوبئة والأمراض التي غزت العالم وشلت أركانه وأفقدته الحركة عائدة إلى تجاهل وتغافل صناعة الحلال، وهذه نتيجة حتمية للبعد عن المنهج الإلهي الذي اختاره الله للبشرية جمعاء وليس للمسلمين فقط، قال تعالى (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) وبين سبحانه أن ترك هذا المنهج وعدم سلوك هذا الطريق هو اتباع طريق الشيطان، فقال بعد ذلك (ولا تتبعوا خطوات الشيطان).
أما العقبات التي تعتري صناعة الحلال منها:
1 ـ إغفال الجانب التعبدي والروحاني والمعنوي في صناعة الحلال مما سوغ لبعض المنتفعين ولوج هذا السوق سعيا وراء الربح المادي، فأصبحت عنايتهم في التدقيق والحرص على الإجراءات الفنية مجردة من مضمون الحلال العقائدي والشرعي مما أفقد الصناعة مقصودها والغاية منها.
2 ـ ضعف ثقافة التأسيس والإصرار على الإبقاء على ثقافة التكرار والتقليد لما سبق من إجراءات قد يكون واضعها أصلا ليس من المسلمين لكن لأنهم لهم السبق والأقدمية والسيطرة أصبح يقر لهذه الإجراءات بالسلامة دون الفحص والتفتيش ومدى ملاءمتها لأحكام الشريعة.
3 ـ الاختلاف في تحقيق المناط، والاختلاف في التصور والتكييف بين الشرعيين من الفقهاء والمجتهدين وبين الفنيين والكيميائيين ونتج عن هذا الخلاف الاختلاف في الحكم والنتيجة.
4 ـ عدم وجود معايير منضبطة في صناعة الحلال على غرار معايير المعاملات المالية الإسلامية (كالأيوفي) مما صعب الوصول للحكم واحتيج إلى عقد عشرات المؤتمرات لمناقشتها.
5 ـ عدم حسم الخلاف في بعض المنتجات رغم طول أمد نقاشها.
6 ـ بطء تبني الدول الإسلامية لصناعة الحلال وتفعيل المبادرات حتى قدرت نسبة صناعة الحلال بـ85% من دول غير إسلامية رغم وجود الإمكانيات المادية والخبرات والأيدي العاملة مما يجعلنا سوقا استهلاكيا بامتياز!
7 ـ عدم قيام رجال الأعمال والمستهلكين من المسلمين بدورهم في تعزيز هذه الصناعة من خلال تبني المبادرات وتنفيذها على أرض الواقع.
8 ـ ضرورة الانعقاد المستمر لمؤتمرات صناعة الحلال، مع ضرورة مشاركة المختصين من الشرعيين والفنيين ليحصل التكامل المنشود والذي سيعود بالنفع على الصناعة والطالبين لها.
9 ـ الدوران بين المُفْرِطين والمُفَرِّطين، وكلا طرف الأمور ذميم فعلى سبيل المثال إعمال قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة لا يعني تحليل الحرام الصريح بحجة العمل بالقاعدة أو التذرع بالمصلحة، كما أن التشدد أدى إلى تحريم كثير من المنتجات دون النظر في مقاصد الشريعة وقواعدها كقاعدة الأمر إذا ضاق اتسع وقاعدة رفع الحرج والمشقة وغيرها من العقبات.
**نقلاً عن جريدة الأنباء
وفي هذه الأزمنة المتأخرة حينما طغت الماديات ورقّ الدين وأصبحت الدنيا هي أكبر الهمّ ومبلغ العلم، كان لزاما على المسلمين كل في موقعه أهمية العناية بإيجاد الصناعات الحلال وتوفيرها بين يدي من يطلبها، سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، خاصة إذا علمنا مدى إقبال العالم أجمع على صناعة الحلال تعبدا وتدينا عند المسلمين وسلامة وصحة عند غيرهم.
ومع تطور الصناعات وكثرة المستجدات كان لزاما على العلماء كل في تخصصه ضرورة رصد هذه المنتجات وإعطائها التكييف المناسب واللائق لها حتى يستطيع الفقيه والمجتهد إعطاءها الحكم الشرعي المناسب لها.
ولا عجب، فالشريعة التي تحدثت عن أدق التفاصيل في طريقة الأكل والذبح والاعتناء بالحيوان، وبينت آداب الطعام وشروط الذبح وكيفية لبس الإنسان وبيان ما يحل ويحرم، ووضحت طرق التداوي وما يحل فيها وما يحرم، وبينت صور الزينة الجائزة والممنوعة لا يمكنها أن تكون عاجزة عن إعطاء كل مسألة ما يناسبها من حكم الله تعالى.
وكما لا يخفى أن صناعة الحلال أمر في غاية الأهمية، والدليل هذا الاهتمام الكبير في هذا الوقت المعاصر حتى أصبحت سوقا رائجة ليس بين المسلمين والشركات المسلمة فحسب، بل وحتى في أوساط غير المسلمين وفي البلاد غير الإسلامية دافعهم إلى ذلك الحرص على طلب السلامة في الغذاء والبحث عن الجودة الغذائية والسعي وراء السلامة الصحية والطبية والتي لا يستهان بها، والتي ظهر للعالم أجمع أن هذه الأوبئة والأمراض التي غزت العالم وشلت أركانه وأفقدته الحركة عائدة إلى تجاهل وتغافل صناعة الحلال، وهذه نتيجة حتمية للبعد عن المنهج الإلهي الذي اختاره الله للبشرية جمعاء وليس للمسلمين فقط، قال تعالى (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) وبين سبحانه أن ترك هذا المنهج وعدم سلوك هذا الطريق هو اتباع طريق الشيطان، فقال بعد ذلك (ولا تتبعوا خطوات الشيطان).
أما العقبات التي تعتري صناعة الحلال منها:
1 ـ إغفال الجانب التعبدي والروحاني والمعنوي في صناعة الحلال مما سوغ لبعض المنتفعين ولوج هذا السوق سعيا وراء الربح المادي، فأصبحت عنايتهم في التدقيق والحرص على الإجراءات الفنية مجردة من مضمون الحلال العقائدي والشرعي مما أفقد الصناعة مقصودها والغاية منها.
2 ـ ضعف ثقافة التأسيس والإصرار على الإبقاء على ثقافة التكرار والتقليد لما سبق من إجراءات قد يكون واضعها أصلا ليس من المسلمين لكن لأنهم لهم السبق والأقدمية والسيطرة أصبح يقر لهذه الإجراءات بالسلامة دون الفحص والتفتيش ومدى ملاءمتها لأحكام الشريعة.
3 ـ الاختلاف في تحقيق المناط، والاختلاف في التصور والتكييف بين الشرعيين من الفقهاء والمجتهدين وبين الفنيين والكيميائيين ونتج عن هذا الخلاف الاختلاف في الحكم والنتيجة.
4 ـ عدم وجود معايير منضبطة في صناعة الحلال على غرار معايير المعاملات المالية الإسلامية (كالأيوفي) مما صعب الوصول للحكم واحتيج إلى عقد عشرات المؤتمرات لمناقشتها.
5 ـ عدم حسم الخلاف في بعض المنتجات رغم طول أمد نقاشها.
6 ـ بطء تبني الدول الإسلامية لصناعة الحلال وتفعيل المبادرات حتى قدرت نسبة صناعة الحلال بـ85% من دول غير إسلامية رغم وجود الإمكانيات المادية والخبرات والأيدي العاملة مما يجعلنا سوقا استهلاكيا بامتياز!
7 ـ عدم قيام رجال الأعمال والمستهلكين من المسلمين بدورهم في تعزيز هذه الصناعة من خلال تبني المبادرات وتنفيذها على أرض الواقع.
8 ـ ضرورة الانعقاد المستمر لمؤتمرات صناعة الحلال، مع ضرورة مشاركة المختصين من الشرعيين والفنيين ليحصل التكامل المنشود والذي سيعود بالنفع على الصناعة والطالبين لها.
9 ـ الدوران بين المُفْرِطين والمُفَرِّطين، وكلا طرف الأمور ذميم فعلى سبيل المثال إعمال قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة لا يعني تحليل الحرام الصريح بحجة العمل بالقاعدة أو التذرع بالمصلحة، كما أن التشدد أدى إلى تحريم كثير من المنتجات دون النظر في مقاصد الشريعة وقواعدها كقاعدة الأمر إذا ضاق اتسع وقاعدة رفع الحرج والمشقة وغيرها من العقبات.
**نقلاً عن جريدة الأنباء