تبـاريْـح
يقولُ أسِيفٌ بالتَّباريْح() مُثْخَـنُ:
مقامِيْ خَــــواءٌ والتَّهـاوِيْـلُ موطِـنُ
أفتِّشُ أحْلاميْ فترتابُ في مدىً
غريْـــبِ الثّواني عابسٍ لا يُطَمْئِـــنُ
يُجفِّفُ سَلْواها ويقتاتُ روْحها
ولمْ يُؤْوِها شبرٌ من الأرض تَسْكنُ
كأنّ لهُ ثــأرًا علَيَّ اقْترَفْتُـــهُ
فَبتُّ شريدَ البالِ أخْبُوْ وأظْعـــنُ
سئمتُ ارْتِحَالًا والبلايا تَلُوْكُنِي
وحَرُّ الطَّوَى يُنْكِي الحَنايا ويُوْهِنُ
فقُلْتُ لهُ صبْرًا على البؤس والطَّوَى
فما لامرئٍ من ضيقةِ العيشِ مَأْمَنُ
سترضى كَفافًا حيثُ صادَفْتَ سائلًا
يذُوبُ انْكِسارًا إذْ يُواسِيْهِ مُحْسِـنُ
يهونُ افْتِقارُ المرءِ ما دام صَيِّنًا
وما قِيْــمةُ الإنســــانِ إلا التّصـــوُّنُ
وقَطْعُ القِفارِ البِيْدِ خيرٌ مِن الوَنى
وحمْلُ جِبـالِ«الأَلْبِ» مِنْ ذاك أهْوَنُ
وتُغْنِيْ لُقيماتٌ تُقَوِّيْهِ للسُّـــرى
ألذُّ من النّعْمــى بما النّــــاسُ تَمْنُــنُ
وكهفٌ يُكِنُّ المرءَ من لفْحةِ العَرا
يفُوقُ الحُصُوْنَ الشُّمَّ، والعِزُّ أحْصَنُ
وطِمْرٌ خَلِيْقٌ() يسترُ الجسْمَ سابِغٌ
أَجَـــــلُّ من الخَـــزِّ الحـــرِيْرِ وأزْيَنُ
******
أُخَيَّ تبَسَّــمْ للمُنـى ما تجهَّمَـتْ
ولُذْ بالَّذي يُغْني البرايا ويُسْمـــنُ
وسِرْ في بلادِ اللهِ سعيًا إلى الغِنى
وبالجِـــدِّ تأتِيْك الأمـــانيْ وتُذْعِـــنُ
متى رَكِبَ الإنسانُ عزمًا وهِمّةً
فكُلُّ عَصِـيٍّ مُمْكِنُ النَّيْـــلِ هيِّـــــنُ
ولنْ تُرْجعَ الأحـــزانُ حُلْمًا فقدْتَهُ
وإنْ طالت الشَّكْوى وطالَ التّكـهُّنُ
() التباريح: الشدائد والهموم.
() طِمْرٌ خَلِيْقٌ: ثوبٌ بالٍ.
ـــــــ