مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2024/10/22 18:35
لجوء نص شعري


❍ لُـجُــــــــــوْء ❍

 
د. جهاد الكريمي. 
 
إلى اللّهِ قَلْـبٌ شَـفَّــهُ البُـعْـــدُ والْوَلَـهْ
     أضـــاءتْ نُهـاهُ حيْــثُ أذْكــى تأمُّلَــهْ
رأى اللّهَ عَيْــنًـا في تجَلِّـيْ صَنِيْـعِـــهِ
    وفي كُـلِّ خَلْقٍ بـارئُ الحُسْـنِ جَمَّـلَـهْ
رآه بإبْــداعِ السَّـــمــــــاواتِ والـورى
    وألْسِــــنـــةٍ شَتَّـــــى وآيٍ مُــــرَتَّـلَـــةْ
رآهُ.. وفي عيْنَـيْــهِ فجْـــــــرٌ مُبَــــرَّحٌ
   وفي رُوْحِـهِ الحَــرَّا شمــوسٌ مُعَطَّلَةْ
فيَمَّــمَـــــــهُ شَــوْقًا وولَّـى إنــابــــــةً
   ومُهْجتُـهُ الحَيْــرى جُــؤارٌ وأسْـئــلـةْ
                                ******
إلى اللّهِ إخْباتِيْ، لُجُـوْئيْ، ضراعتِـيْ،
     تُـرابٌ من التَّحْنــانِ تعْــرُوْهُ صَلْصـلَةْ
إلى اللّهِ في حَرْفِي الذي ضاق بحْرُهُ
    وقافِيَـتِي العَرْجـا وخَطْـوِي المُكَبَّلَــةْ
رحـــالُ انْعِتَـاقِـيْ بِالتَّنـــائيْ كَلِيْــــلَةٌ 
    ورُوْحُ اشْتِيــاقِيْ بالتَّـــلاقِيْ مُــعَلَّلـةْ
عَـلَـيَّ من الأوزارِ حِـمْــــلٌ يُنِيْـــؤُنِيْ
    وفي عَبَـــراتِي الجَمْــــرِ ذاتٌ مُبَــلَّلَةْ
أجُـرُّ طُمُـوْحـاتِيْ، جُرُوْحِـيْ، صبــابةً
    تُذَكِّـرُنِيْ في شُقَّـــــةِ السَّيْـرِ بالصِّـلـةْ
وإنَّ حُــــداءَ الصَّـبِّ تَذْكــارُهُ اللِّقـــا
    إذا شَقَّـــــهُ بُعْـدٌ وأعْـيَـتْـــهُ مُعْضِــلَةْ
وأنْـتَ لِتَـحْـنــانِـيْ ســــلامٌ وبَـلْســمٌ
    وأنْــتَ لإجْفــــالِيْ سُكُـــوْنٌ ومَوْئـلَةْ    
وأنْتَ مَـــلاذُ الـرُّوْحِ يا ربُّ والمُـنــى
      وبحْـرُ العطـايـا والهِـبـــاتِ المُؤمَّلَـــةْ
                               ******
أتَيْــــــــناك يا اللّـهُ شَعْــــبًـا مُمَــــزَّقًا
     يُبَــــرِّحُــــهُ جُــــــوعٌ ورَوْعٌ وقَلْقلـةْ  
يحلُّ «جَنُـوْبٌ» أصْرَهُ عنْ «شمــالِهِ»
      ويـرْمِيْ شمـالٌ في جَنُــوْبٍ تَشَمْؤلَهْ
يرى يَمَـنَ الأمْجادِ كلْمى على الطَّوى
      وخَيْــــــراتُها للخَصْـــــمِ رِفْدٌ مُحَـلَّلةْ
بِمـأْدُبـةِ الذِّكْـرى تُـداريْ جِيـــــــاعَـها
        ولمْ تَـدَّخِـــرْ إلَّا عـــوِيْلًا وحَــوْقَـــلَـة
                                 ******      
أتيـــــــناك شَعْــــبًا عـاثِـــرًا لا يُقِـلُّنـا 
       مِهــادٌ ولا تحْـــنُــوْ سمـــــــاءٌ مُظَلِّلَة
مَنــــازِلُنا فَيْــحُ المَنـــــافِيْ.. سُراتُنـا
        إلى التِّـيْهِ لا تَلْــويْ على أيِّ بَـوْصَلَةْ
تنـاءتْ بِنا الأسْفــارُ في غيرِ وِجْهــةٍ
      وحَلَّ الثَّرى مَنْ كانت الشَّمْسُ مَنْزِلَهْ  
ويا جَـوْرَ ما يَشْقَى كرِيْمٌ إذا انْحَنى
     بهِ الدَّهْرُ أوْ حلَّتْ صُـرُوْفٌ مُجَلْجِلةْ!
                                ******
إلى اللَّـهِ نشْـكُــوْ فِتْـــنـةً ذات بَيْـنِـنا
      وسِــرْبًا من الأوْجَـــاعِ نَصْلَى تَغَـوُّلَـه
ونارُ اخْتِصـامِ الأهْــلِ أوْرَى شَــرارَةً
     تثُـــــوْرُ بِنُشَّــابٍ وتفْـــرِيْ بِكِلْكِلَـةْ(¹) 
ونحْـنُ أُولُوْ بــأْسٍ وفِقْــــهٍ وحِكْـمَــةٍ
     بِنا المَجْـدُ باهـى والمعــالي المُـؤثَّلَـة
ولكن إذا الشحْناءُ مسَّتْ أُولي النُّهَى
      طَـوتْ حِلْــمَ أَنْهــاهُمْ ووارَتْ تَعَقُّلَـهْ
وإنَّ رَبِيْــبَ المَـجْـــدِ إنْ لمْ يَقُــمْ بـهِ
      محـــا آخِــــــرُ الوُرَّاثِ مـــا زَانَ أوَّلَـهْ
                                  ******
رَمـانا العِــدا عن كُلِّ قـوْسٍ حقُــوْدَةٍ
     ومَزَّقَنـا مِن كُـلِّ دَهْــمَـــاءَ مِقْصَــــلةْ
فلا «مَجْلِسُ الأمْنِ» احْتوانا غِطاؤُهُ
      ولا «قِمَّـةٌ» أفْضَتْ إلى حَـلِّ مُشْكِلةْ
يَـرَوْنَ المــآسِـيْ ناشِبــــاتٍ ولا نَـرى
      سِوى خُطَـبِ التَّنْدِيْـدِ شَجْـبًا وبَلْـبَـلَةْ
فَمٌ يشْجُبُ الْبَـلْوَى، يَدٌ تَـزْرعُ الأسى
     وأُخْرى تزيْـدُ الجَمْـرَ«جـازًا» لِتُشْعِـلَهْ
وما قيْـمـــةُ التَّنْـــدِيْــدِ إنْ لمْ تُزَكِّـــهِ
     فِعالٌ وإنْ لمْ تَرْدَعِ البَغْيَ جَحْفَــلَةْ؟!
وحَـظُّ الذي يَسْتَنْصِرُ الخصْمَ نجْـدَةً
     كحَظِّ الذي يُلْقِي على الرِّيحِ مِنْجَـلَهْ
ومُسْتَرْشِـدُ الأغْــرابِ عن وِرْدِ عِـــزِّهِ
      قضـى باحِــثًا عن مَسْـلَكٍ لنْ يُوَصِّلَهْ
ومُسْتَـدْفِـعُ الأدْنَـى بِيُمْـنـى غَرِيْمِــهِ
      كَمَنْ يُسْكِتُ الضَّـوْضَـا بِتَفْجِيْرِ قُنْبُـلَةْ
فأيْدِي الأعـادِيْ إنْ تَطَلْ طُهْـرَ مَوْطِنٍ
      تُمَزِّقْــهُ بِالتَّحْــرِيْـشِ حتَّـــى تُعَطِّـلَــهْ
وفِتْـنـــةُ ذاتِ البَــيْـــنِ ليسـتْ تَحلُّهـا
     أيَــــــادٍ دَخِيْــلاتٌ وحَـــــرْبٌ مُمَـــوَّلَةْ
ولا يُصْلِـحُ الإخــــوانَ إلَّا الْتِـحــامُهُمْ
     على رايـــةِ القُــــرْآنِ في كُـلِّ مسألَـةْ
                               ******
شكونـاك يا اللّـهُ أوْجــــــــاعَ أُمَّــــــةٍ 
     مُمَـزَّعـةِ الأوْصـالِ حيْــرى مُخَــــذَّلَـةْ
نلُــوْذُ بك اللَّهُـــمَّ حصْـــنًا من الـرَّدى
     وجَــوْرِ البَــرايـا والخُطـوْبِ المُـزَلْزِلة
أَزِلْ سُدْفَةَ الْبَأْسا وأسْبِـلْ جَـدا المُنى
     وأرْخِ عليــنا سُبْحـــةَ الأمْنِ مُسْــدَلَـة
وهَبْـنـا حيــاةً في الأعاليْ كــريْمــــةً
    وخـاتِمـةً حُسْنى إلى الفَــوْزِ مُوْصِـلَةْ
رجُـوْنـاك بالحُـــبِّ الذي نحْتفـيْ بــهِ 
     تعــالَيْـتَ أنْ تَجْفُــــوْ رَجـاءً وتَخْـذُلَهْ
وَنَيْنــا ومَنْ إلَّاكَ يشْـفـي جِـــراحَـنــا
      ويُـرْخِـيْ عليــــنا لُطْـفَــهُ وتَفَضُّــلَـهْ!
لك الحمْـــدُ حُــــبًّا وابْتِهـــالًا وقُـرْبـةً
      بما عَــجَّ ملْهُــــــوْفٌ ولَبَّـــتْ مُـهلِّـلَـة
وقرَّتْ عُيُــوْنٌ، وانْتشَتْ ذاتُ بهْجـةٍ 
      وسَحَّ الحَيا(²) واخْضَرَّ حَقْلٌ بِسُنْبُلَةْ 
 
(¹) الكِلْكِلَـةْ: الجماعة من الناس.
(²) سح الحيا: هطل المطر. 
 
مقالات اخرى
أضافة تعليق