❍ تَغْـرِيْبــةُ الْهَــوَى ❍
ـ ـ ـ ـ
جهاد الكريمي
ـ ـ ـ ـ
قِفِيْ لِصَبـــاهُ واسْتَثِيْــرِيْ نَســــائمَـهْ
وغَنّــيْ لِأَمْلُـــوْدِ الرُّبَـى يا حَـمــائمَـهْ
نَآكِ وحـقُّ النَّـأْيِ أنْ يَعْـــــرِكَ الحـشـا
عراكَ الرَّحَى بَيْــنًا، ويُضْنِيْ عـزائمَــهْ
فلا تعْــذِلِيْ إنَّ التَّنــــــائيْ ضَــــرُوْرةٌ
رَمَتْــهُ بِها اللَّأْواءُ صَلْفــــاءَ ظـــالِمَــة
وما لَـوْمُ شــاهِيْــنٍ تلظَّـى مَقَــامُــــهُ
بِنارِ العَـوادِيْ حيثُ وَلَّى قَوادِمَـهْ(¹)!
فأَحْنى مقـــــامٍ مهْـجَــــرٌ لا يُطِيْـقُـهُ
وأدْنـى نَدِيْـمٍ يَحْتَـــرِيْ أنْ يُنـادِمَــهْ
وإنَّ عَــــزاءَ الخِـــلِّ إغْضــــــاءُ خِـلِّهِ
إذا شَطَّهُ المَسْرَى وأَعْيى رَوَاسِمَـه(²)
******
قِفِـيْ أُمَّ أَوْسٍ هـا أرى وجْهـةَ الهــوى
تَسِيْـرُ إلى المَجْهُـوْلِ إنِ كُنْتِ عــالِـمَةْ!
كأنَّا غَـــداةَ التِّيْـــهِ والتِّيْــهُ وجْهـــــةٌ
سُكــارى مُــدامٍ أو أُســارى مُداهَمــةْ
قِفِـيْ أُمَّ أَوْسٍ إنَّمــا السَّـيْـــــرُ رِيْـبـةٌ
وإنَّ وُجُــوْهَ الرَّكْـبِ غبْــراءُ قـاتِمـــةْ
فَشــا الشَّــــرُّ ألـوانًا يُمَـنِّـــيْ هُـــواتَـهُ
وينْفُثُ فيــنا سُـمَّــــهُ وطَـلاسِـمَــــــهْ
دُعــــاةٌ، كيــاناتٌ، طُقُــوْسٌ غَرِيْــبــةٌ،
«مُنَظَّمَـةٌ» تُهْـدِي الرَّدى وهي باسِمـة
تَبُثُّ الفضـائيَّــاتُ فُحْــشًـا وفِـتْـنــــةً
وتهْزِمُنــا حَـرْبُ الهـوى وهي ناعِمـــةْ
تُعَــــرِّيْ نُهــــى قَــوْمٍ وتُزْرِيْ خِـلالَهُـمْ
فتُسْـقِطُ هــامــاتٍ وتُرْدِيْ ضَيـاغِمَـــةْ
قِفِـيْ أُمَّ أَوْسٍ فالْمَهــاوِيْ مُرِيْـبــــــــةٌ
تُضِلُّ حِجـا السَّــارِيْ وتَهْدِيْ خَوارِمَــهْ
نصُــنْ حُـــلَلَ الآدابِ إذْ حُـــلَّ نَظْمُهـا
ونَحْـمِ لِـواءَ الطُّهْـــرِ من كُلِّ راجِمَـــةْ
فمـن ســارَ في وحْــــلٍ تعلَّقْ بِرَحْــلِهِ
من الوَحْلِ ما يُصْلِيْ سَعِيْرَ المُلاوَمــةْ
وليس يُقيْمُ الحُــــرُّ في مَنْزِلِ الْخَـنـا
ولم يَفْتَـــدِ عــوْراتِهِ ومَحــــارِمَـــــــهْ
******
أفيقُــوْا بَنِيْ قَوْمِـيْ أرى الغَـيَّ ناشِـطًا
يحلُّ عُـرَى الأخْـــلاقِ والناسُ نـائمـــةْ
إذا نــام حُــــرَّاسُ المَكــــــارمِ هُدِّمَـتْ
ومن لمْ يُهاجِمْ جَحْفلَ الخَصْمِ هاجَمَهْ
ولا يرْعوي الأعْــــداءُ عن سَبْيِ أُمَّــــةٍ
إذا جَنَحَــتْ حُــرَّاسُـهـا للمُســـالَمَـــــةْ
تصدّوْا لِفَــوْجِ الزَّيْـغِ نُصْحًــا ودَعْــوَةً
وهدُّوْا قِلاعَ الشَّـــرِّ وامْحَــوْا مَعالِمَــهْ
فلا بلْسَــمٌ يُجْـــدِيْ وقَدْ عَشَّشَ الْوَبـا
إذا لمْ نُعـاجِــــلْ بالدَّواءِ تَفَــاقُـــمَـــهْ
******
حَـذارِ ابْنَـةَ الإسـلامِ منْ لُجَّــةِ الهـوى
فلُجَّتُــهُ غَــــــوْرٌ وعُقْبــــاهُ قاصِمــــةْ
يريدُ بِكِ الأشْـــرارُ سُــوْءاً لِتُصْبِحـيْ
قَـنــــاةَ عُـــرُوْضٍ أوْ أداةَ مُســـاوَمةْ
وما أنْـتِ الا حُـــــــرَّةٌ منْ أرُوْمَــــــةٍ
مُمَجَّدَةِ الأحْســابِ، غَـــــرَّاءُ عاصِمَـةْ
جــمالُكِ أخْـــلاقٌ وحِفْـــظٌ وعِفَّـــــةٌ
ورَوْضُـكِ بَيْــتٌ تُنْشِئـيْــنَ بَراعِمَــــهْ
لَكَمْ عَرَضَـتْ غِيْــــدٌ أَكالِيْـــلَ حُسْنِهـا
فلا حُمِـــــدَتْ فِعْـلًا ولا هي ســـالِمَةْ
ولا نَــدَمٌ يُغْنــي امْــرَأً بعد خُسْـــــرِهِ
ولوْ عَـــضَّ كَفَّيْـــهِ وأَدْمَـى بَرَاجِمَــهْ
وما قِيْمــةُ الْـهَيْفـــا تُضِيْـعُ التِــزامَــها
وتَقْفُـــوْ هـواهــــا لِلمَلَـذَّاتِ هائمــــةْ؟!
وتَخْتالُ في لُبْسٍ شَفِيْـــفٍ، وتزْدَهِـيْ
بِتقْلِيْدِ عاهاتِ العِجـامِ الطَّماطِمَـةْ(³)
وتُبْــدِعُ أصْبــــاغَ المُحَيَّـــا فتغْـتَـدِيْ
على سِكَكِ الأحْيـاءِ كالذَّوْدِ سائمةْ(⁴)
ومن كــان هــذا خُلْقَـها بِئْـسَ خُلْقُهــا
فأنَّى تُرَبِّي الفاتِحِيْنَ الضمَاضِمَةْ(5)؟!
(¹) القوادم: كبار الريش في مقدمة جناح الطائر.
(²) الرواسم: الجِمال المسرعة.
(³) الطَمَاطِمَةْ: يُقَالُ لِكُلّ أَعْجَمِيّ: طُمْطُمَانِيّ، والطمطم: الذي في لسانه عجمة.
(⁴) الذَّوْدِ السائمةْ: القطيع من الإبل تُرسَل للرعي ولا تُعلف.
(5) الضمَاضِمَة: الشجعان الأقوياء.