مِن ، فرضاً ، لو ، متى ، حتماً ، إن ، وإذاً .. مواجهة حرجة بين الالتفات بقوة إلى الخلف وتحديق النظر إلى الأمام !
فرضية واقع يعيشونه بإصرار ، إنهم لا يمتلكون الشعور بالأمن النفسي و الروحي فيبحثون عن مقدس مفقود .
المقدس المفقود آلية من آليات اليهود للتخفيف من ضغوط نفسية تأزمية قديمة وحديثة على الرغم من الترسانة الحربية التي يمتلكونها والمتكئ السياسي الذي يستندون عليه الآن !
التابوت هو مقدسهم المفقود الذي يراهنون عليه ، بل هو أقدس مقدساتهم .
(إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ على عيني) طه : 38- 39
( وقال لهم نبيهم إنّ آية مُلكِه أن يأتيكم التابوتُ فيه سكينة من ربكم وبقيّة مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ) البقرة 248
في اللغة ، التابوت :
الصندوق الذي يُحرز فيه المتاع أو غيره ، ويقال : ما أودعت تابوتي شيئاً ففقدته ، أي صدري .
تعريف التابوت في الموضعين السابقين من القرآن الكريم
يدلّ على كونه مشخّصا معيّن "
ويظهر من سفر الخروج 25/ 10- أنّ موسى (عليه السلام) صنعه بأمر من اللّه تعالى على كيفيّة مخصوصة وغشيّه بذهب من داخله وخارجه
ويظهر من الرسالة إلى العبرانيّين الإصحاح التاسع- أنّ موسى وضع المنّ وعصاه ولوحا العهد فيه. وأيضا أمر اللاويّين أن يضعوا كتاب التوراة بجانب عهد الرّب في التابوت كما في سفر التثينه- 31/ 25.
ويظهر من بعض الروايات : أنّ التابوت هذا أصله ، هو التابوت الذي وضُع موسى فيه وقذف في اليّم " - حسن مصطفوي ، التحقيق في كلمات القرآن الكريم – .
وللتوضيح فإن اللاويين نسبة إلى (لاوي ) أحد الأسباط الإثنى عشر لبني إسرائيل والذين عهد إليهم بالخدمة الكهنوتية بشكل حصري .
ولعل من هنا جاءت كلمة تابو : كل ما هو محرم ولا يجوز انتهاكه .
وعلى اختلاف بين أن يكون تابوت موسى - عليه السلام - الذي وضع فيه أو الذي صنعه فإن هذا الرمز ( التابوت ) يمثل الحقل الذي يتقن اليهود حرثه حيث تشرع نوافذ الحلم على عوالم الحكاية الآسرة للتابوت .
تابوت موسى الرضيع السائل مع الماء إلى قصر الطاغية .
تابوت تأتي به الملائكة بعد أن استولى عليه أعداؤهم فيه بقية من آثار موسى وهارون - عليهما السلام - وتوارثه الصالحون من بني إسرائيل ، فيأتي علامة على صحة اختيار و قدرة الملك ( طالوت ) حين طلبوا من نبيهم أن يجمعهم ويوحد كلمتهم به وعليه للانتصار على عدوهم .
هذا المشخص المعين كفيل بأن يجعل الطمأنينة والسكينة قوة في نفوسهم المضطربة في لحظات بعمر التاريخ مشحونة بالخوف ! مجرد أن يتقدمهم التابوت نحو العدو في جيش طالوت بداية انتصارهم على عدوهم وقبل أن تبدأ الحرب .
من البقاع الأقل إضاءة في المشهد الانغلاقي التابوتي إلى الحجرات السرية في كيان الشخصية اليهودية ، إلى الباحثين عنه الآن في ساحات الأقصى ! بل والمحاولين كما يقول البعض إخفاء شئ ما يوصف بأنه صندوق تضامناً مع البحث عن هيكل سليمان – عليه السلام – المزعوم إلى الرغبة المطلقة في ملء الفراغ في علم الآثار اليهودي الخالي إلا من الأماني ! إلى أسئلة ما بعد التابوت ؟ وإعادة بناء العالم اليهودي خَلق عالماً آخر للتابوت والمؤمنين به .