أن يرتبط اسم السلام بأسماء الله الحسنى المتعبد بها و ان يقترن ذلك الاسم بالسلامة و الأمن و الأمان ، فربنا موصوف بكل صفات الكمال ، و أن يقترن هذا اللفظ المعجز بأسماء الجنة لتلك الدار الطيبة ، التي تهنأ فيها النفس من متاعب الحياة و صراعاتها و تقلباتها ، فتكون الإقامة في جنة بلا أحقاد و أضغان ، أو نزاعات و حروب ، يدخلها المسلم بسلام و أمن ، ثم يرتقي معنى السلام أن يكون عنوانا لهذا الدين ، فيكون الإسلام دين سلم و سلام ، و أمن و أمان في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ .
و ليس عجبا أن يرتبط السلام و السلم في رسالة الإسلام فيكون شعار المسلم المعتدل الوسطي السني السلفي ، فحين تربط تحية الإسلام بهذا اللفظ الموحى لكل المعاني و المقاصد بكلمة السلام ، لفظ دال لا يحتاج صاحبه لطول شرح ، فكل من تبادله التحية محاط بالسلامة و الأمن ، فلا يلحقه منك أذى أو غدر ، فهو عقد آمان يشعر معه صاحبه بالمطمئنة و الراحة و السكينة ، ليس معها خوف ، هذه هي رسالة الإسلام للدنيا ، إنها رسالة نحمل دعوة للإنسانية ، تحمل الخير للبرية ، رسالة تحمل الأمان للناس ، رسالة لا خوف معها ، رسالة تحمل التباشير و الهداية ، رسالة تبشر بها الأحاديث النبوية الشريفة الراقية في قيمها . يروي ذلك البراء بن عازب يقول : " أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلَام " [صحيح البخاري عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ]
هذه هي رسالة الإسلام السمحة النقية ، المتبرئة من الغلو و التطرف و الانحراف و الشطط ، رسالة مبرئه من زيف المنتحلين و العملات المزيفة ، رسالة نقية بلغها صاحبها محمد رسول الله في كمال دون تحريف أو تشويه ، إن رسالة الإسلام عم نفعها للجميع ، فكانت رسالة رحمة للحيوانات فقد دخلت امرأة النار من أجل حبس هرة بمنعها الطعام و الماء ، فرسالة الإسلام سبقت مواثيق جمعيات الرفق بالحيوان ليتنا نتصفح صفحات تاريخنا ، ومن النصوص الداعمة ما جاء في البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر)..
إن رسالة الإسلام رسمت في مقاصدها الشرعية حماية حياة الإنسان بكل أبعادها ، رسالة صانت الشرائع السماوية فحرمت الأمور التي تمس سلامة المعتقد ، فالإنسان لا يستطيع العيش بلا دين أو معتقد فكان الإسلام رسالة تثبيت الإيمان و محاربة الشرك بجميع صوره ، رسالة حمت شعائر التعبد ، وحضت الأتباع الدعوة إلى الفضائل ، و من رسائل الإسلام لتحقيق السلام الحفاظ على حرمة أدمية الإنسان ، فحرمت دمه و ماله و عرضه فأحقت له حق الوجود ، فلا يحق لأحد أن يمس سلامة حياته ، إلا في الإطار الشرعي القانوني حماية للمصالح ، و قد تميزت رسالة الإسلام عن غيرها حفاظا على السلم حماية العقل الإنساني ، فكانت كل الأحكام و التشريعات تنص على حرمة ما يضر هذا العقل ، من المسكرات بكل انواعها ، و المخدرات و سمومها ، و رفع قدر العلم و شأنه و البحث و النظر و التفكير، فكان الإسلام رسالة تنوير ، يرفض الجمود و التخلف و التبعية العمياء ، يعلي حق الاجتهاد فلا يحجر على العقول ، رفضا لمخلفات العصور الوسطى التي ذاقت أروبا مرارتها ، فرسالة الإسلام لم تقم محاكم التفتيش للعلماء و لم تصلبهم ، إن رسالة الإسلام في أـبعادها تركت بصمات واضحة في التاريخ و غي الحضارات و الأمم إن رسالة الإسلام حملت الروائع فالإسلام دين سلام و حرية و عدل ، دين محبة و وئام ، و ليس دين عنف و إرهاب إن رسالة الإسلام أقامت صرح الحياة و خلدته في كتاب محكم من آياته " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً " من سورة المائدة 32).
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 06 / 06 / 2017