مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/07/07 12:52
الإسلام و رسالة السلام العالمي      بقلم الأستاذ حشاني زغيدي

       أن يرتبط  اسم السلام بأسماء  الله الحسنى  المتعبد بها  و ان يقترن ذلك الاسم   بالسلامة و الأمن  و الأمان  ،  فربنا موصوف بكل صفات الكمال   ،  و أن يقترن هذا اللفظ المعجز بأسماء الجنة  لتلك الدار الطيبة  ،  التي تهنأ فيها النفس من متاعب الحياة  و صراعاتها  و تقلباتها  ،  فتكون الإقامة في جنة بلا أحقاد و أضغان ،  أو نزاعات و حروب  ،   يدخلها  المسلم بسلام  و أمن  ،   ثم يرتقي معنى السلام  أن يكون عنوانا  لهذا الدين  ،  فيكون الإسلام  دين سلم و سلام  ،  و أمن و أمان  في قوله تعالى  :  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ .

       و ليس عجبا أن يرتبط السلام و السلم في رسالة الإسلام  فيكون شعار المسلم المعتدل  الوسطي  السني  السلفي  ،   فحين تربط  تحية الإسلام بهذا اللفظ  الموحى لكل المعاني و المقاصد  بكلمة السلام   ،  لفظ دال  لا يحتاج صاحبه لطول شرح  ،  فكل من تبادله التحية  محاط  بالسلامة  و الأمن  ،  فلا يلحقه منك أذى أو غدر  ،  فهو عقد آمان  يشعر معه صاحبه بالمطمئنة  و الراحة   و السكينة  ،   ليس معها خوف  ،  هذه هي رسالة الإسلام للدنيا  ،  إنها رسالة  نحمل دعوة  للإنسانية   ،  تحمل الخير للبرية   ،   رسالة  تحمل الأمان للناس ،   رسالة لا خوف معها  ،  رسالة تحمل التباشير و الهداية   ، رسالة تبشر بها الأحاديث النبوية الشريفة  الراقية في قيمها  . يروي ذلك البراء بن عازب  يقول :   " أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلَام  "  [صحيح البخاري عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ] 

        هذه هي رسالة الإسلام السمحة النقية ، المتبرئة من الغلو و التطرف و الانحراف و الشطط  ، رسالة مبرئه من زيف المنتحلين و العملات المزيفة ،   رسالة نقية بلغها صاحبها محمد رسول الله  في كمال دون تحريف أو تشويه ، إن  رسالة الإسلام  عم نفعها للجميع  ، فكانت رسالة رحمة  للحيوانات   فقد دخلت امرأة النار من أجل حبس  هرة  بمنعها الطعام و الماء ، فرسالة  الإسلام  سبقت مواثيق جمعيات الرفق بالحيوان  ليتنا نتصفح صفحات تاريخنا ، ومن  النصوص الداعمة  ما جاء في البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقالفي كل كبد رطبة أجر)..

إن  رسالة الإسلام  رسمت في مقاصدها الشرعية  حماية  حياة الإنسان بكل أبعادها ، رسالة  صانت   الشرائع  السماوية  فحرمت الأمور التي تمس سلامة المعتقد ، فالإنسان لا يستطيع العيش بلا دين أو معتقد  فكان الإسلام   رسالة  تثبيت  الإيمان و محاربة الشرك بجميع صوره  ، رسالة  حمت  شعائر التعبد  ، وحضت  الأتباع  الدعوة إلى الفضائل ، و من رسائل الإسلام لتحقيق السلام الحفاظ على حرمة  أدمية الإنسان ،  فحرمت دمه  و ماله و عرضه  فأحقت  له حق الوجود ، فلا يحق لأحد  أن يمس   سلامة حياته  ، إلا  في الإطار الشرعي  القانوني حماية للمصالح ،  و قد تميزت رسالة الإسلام عن غيرها  حفاظا على السلم  حماية  العقل  الإنساني ،  فكانت كل الأحكام و  التشريعات  تنص على حرمة ما يضر هذا العقل ،  من المسكرات بكل انواعها ، و المخدرات و سمومها ،  و رفع قدر العلم و  شأنه  و البحث و النظر و التفكير،  فكان الإسلام  رسالة تنوير ،  يرفض الجمود و التخلف و التبعية العمياء ،  يعلي  حق الاجتهاد  فلا يحجر  على العقول ،  رفضا لمخلفات العصور الوسطى التي ذاقت أروبا مرارتها ،  فرسالة الإسلام لم تقم  محاكم التفتيش  للعلماء و لم تصلبهم  ، إن رسالة الإسلام في أـبعادها تركت بصمات  واضحة  في التاريخ  و غي  الحضارات  و الأمم  إن رسالة  الإسلام  حملت الروائع  فالإسلام دين سلام و حرية و عدل ، دين محبة    و وئام  ،  و ليس دين عنف  و إرهاب  إن رسالة الإسلام  أقامت صرح الحياة  و خلدته في كتاب محكم  من آياته    "    مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً   "      من سورة  المائدة 32)


و الله أكبر و لله الحمد     الجزائر  في   06    / 06  / 2017


أضافة تعليق