كنت أقرا بنهم قصة "جريمة في ميزابيتوميا". كم تبدو لغة أغاتا كريستي قاطعة كالسكين وهي تروي تفاصيل جريمة علي لسان ممرضة محترفة.
غير أنني هذه المرة لم أعيد قراءة الرواية بغية تذكرها بعد مضي أكثر من عشرين سنة من مطالعتي لها.
كنت أبحث عن تلك الملاحظات المغلفة بنبرة إحتقار متعالية، و بالفعل عثرت علي عدة مشاهد وصفية تستعرض فيها الليدي كريستي رؤيتها للشرق المسلم.
"يجب أن تصرخي، لا يفهم العرب إذا ما تحدثنا معهم بصوت عادي."!!!!!
" بدت لنا (مدينة الحسينية) من الضفة الأخري للنهر منتصبة أمامنا بيضاء ساحرة بمآذنها العديدة. إلا أننا و بعد مرورنا علي الجسر و دخولنا لها، خاب ظننا شيئا ما، أكواخ متداعية، روائح كريهة، طين و قذارة."
و هذا غيض من فيض، فأسلوب الكاتبة البريطانية يعبر بالأساس عن إشمئزازها العميق من شرق متخلف و غبي!!!
شرق للأسف رافض للحضارة كما تفهمها أغاتا كريستي، فكثيرة هي المواضع في هذه الرواية و في روايات أخري التي تزخر بأحكام قاسية و قطعية، و كأن العرب قوم لا تصلح معهم أي محاولة جادة للتحضر.
أحيانا كثيرة و أنا أقرأ كنت أشعر بإمتعاض شديد، فتعالي الليدي كريستي كان بمثابة العنصرية الصارخة و هذا الموقف منها لم يدينه أحد من قومها و لا من قومنا.
بل قرأت أنها كانت تحب الشرق، خاصة أنها أقامت في العراق و سوريا بعد زواجها الثاني من ماكس مالوان و هو عالم أثار بريطاني، تحب الشرق علي طريقتها الخاصة، هذا ما أيقنته بعد تتبعي لرواياتها مثل "جريمة سريع الشرق" و "موعد مع الموت".
ليس هناك أشنع من عنصرية الإنجليز، و مهما تظاهروا بخلاف ذلك فأمثال أغاتا كريستي هم خير من يذكروننا بغرورهم المرضي...