مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/25 11:25
سأظل أنتظر و لن أمل الانتضار

سأظل أنتظر ولن أمل الانتظار

 سميرة بيطام
 

أنتِ في قلبي، وفي عيني، تسكنين بالقرب من أنفاسي التي خانت في لقطات من ائتمان، كنت يا أَمَلُ كالعاصفة التي أحرقتني لما هبت فجأة فحسبت أنَّ الألم زال، والانكسارُ استقامَ والصُّلبُ لأنكِ بين يدي.

 

ربما الفراق يجعلني أندم على ساعةِ حبٍّ لي لكل ما بدا لي جميلاً، هل أخطأت باندفاعي حين قررت قبول صداقة وأُخُوة أسكتت فيما بعد كل أمر غير مستحق للجدال؟

 

سأرحل رغم أن حقيقة الرحيل ليس يعلمها إلا الله، سأرحل رغم أني أحمل أحمالاً من إبداع حين يهزني الندم أوتارًا من عرق على جبيني أني تاركةٌ ورائي مستحيلاً غير قابل للنسيان؛ فلقد امتد موج البحر إلى ما أمام الرمال، ليسحب معه كل مستقر ومقام، لست هكذا أُحدث فوضى لغيري من دون استئذان، لكن حين أندم أنتفض حزنًا وأسى أني لم أُحسن الاختيار ولا التدبير، فهل فعلاً قاومت الضعف بهذا الإقرار؟

 

ربما الفراق سيجعل مَن أحبني يبحث عني في ساحة غير لاهية الأحداث، بل خالية المعالم؛ عسى عاصفة الأشواق تحضر معها ما لم يكن في الحسبان؛ لقاء ثم صفح ثم فراق مرة أخرى، فليست الجرة تنصلح بعد انكسارها إلا ما كان جبرًا مؤقتًا، وليس يعيد للألفة مقامها المعتاد؛ لذلك سأرفع جبيني بعد سجودي وأردد تسابيح النهار وأختم الورد في مسائي ليدلني على ختام العتاب.

 

أتدثر بثوب ليس يدفيني من برد الانهيار، وأتسلق منطقًا ليس يعطيني تأشيرة لفهم ما صار، لكني أحببتك أختي وشمس الوفاء ما زالت تسطع كل يوم ما دمت أخلصت في قراري؛ لكني سأرحل لأنه قد يكون في بُعدي راحة لكل من ظن بي سوءًا أو دمارًا.

 

نعم، قد يكون دمارًا لسوء الظن أو لتأويل ما لم يكن باديًا في الأول من تعاريف للحيل والخداع التي أوهمتني أن الدنيا تخلو من هذه المشاهد، والتي لم أفكر فيها بالمرة، ولعمري سأتعثر في رحيلي إلى مصير مجهول؛ لأني أعرف أنكِ تحبينني أختي في كل يوم تسمعين اسمي أو تقرئين حرفًا انطلق سهمًا صادقًا لم يُحدث أي خراب إلا ليستقر في قلب من عرفني، فيحدث الفهم ويركب الجمل ويعطي العبر أنه ليس كل من قال حقًّا هو في غير وعي منه، أو ليس كل من انتفض ألمًا أنه تألم عمدًا ومن غير سبب؛ لأن الحياة ليست تخلو من حقائق ليست تظهر إلا بعد مرور وقت على الظنون والإساءة والتجريح المستبان.

 

فعلاً ستظل العواصف تحرقني ما لم آخذ حقي الضائع ولو طال الزمن، سأرحل وربما بعدها لن تجديني، سأرحل لأنك لاهية عن فهم شوك أيقظ الكثير من متاعبي، ولكن لا أنتِ ولا غيركِ استمع لصراخي لحظة التألم، فهل ستسمعون إبداعي بعد ركون العراقيل المدمرة لي عبر لفاف الزمن العابر؟

نعم، هي هكذا تفاصيل الحكاية ولن يكون لها ختام؛ لأني أترقب الأمل ولو طال الدهر مضيًّا، سأنتظر ولن أمل الانتظار؛ حتى لا أنساكِ عليَّ الانتظار مددًا من الوقت ولن أعُد ثوانيَه من دقائقه، فالمهم أني في كل يوم في انتظار، فمن كان في قلبي وفي عيني حيث تتجدد صورته أمامي لن يكون من السهل عليَّ قطع الأمل أبدًا مهما طال العذاب، سأرحل حتى تروا جميعكم ما لم تروه لما كنت قريبة منكم، سأرحل وأبقى أنقش حروفي وبصمتي الذي أدبني في أكثر من ظرف وفي أصعب المواقف، لكني تعلمت أن أرفض الظلم مهما تلونت طرائقه، وتعلمت أن أبقى أنتظر الأمل حتى لو رحلت عن أنظاركم، لست أتعثر في المجهول؛ لأني أعلم أنكِ وغيركِ تحبونني في كل يوم ومع رفعة من جبيني سيبدو لكم أثري قريبًا وأنا في حقيقتي بعيدة عنكم، هكذا كان لتعداد رحلة الحياة معي، وهكذا تغير مجرى حياتي ولم أكن أنتظر ما حدث.

 

في كل ليلة وبمزيد من الحنان أسمع آهاتي وأحتويها بكثير من الصبر؛ لأني أتقوى بها هكذا، لقطة تنسيني حاجتي لمن رسمت فيهم الأمل فأصحح منطقي أن لا حاجة إلا لمن خلقني مهما كلفني الغدر من خسارة.

 

في كل نهار أسقي ورودي بدموعي وأنا أبتسم؛ لأني في قمة القوة حينما لا أبدي ضعفًا أو حزنًا، كل ما في الأمر أن السقيا ستجد لها منبعًا أخاذًا من الشراب لورودي التي صارحتني أن الأمل آتٍ ولو طال نموها، لكنه الرحيل من يسكب تعابير الملل على وريقات فتية لم تتألق بعد للعلا.

 

صحيح أن الصبر على الفرج أصعب من الصبر على المحنة؛ لأن انتظار الخلاص ليس يعرف حينه إلا ويأتي على حين انتظار، وإن كنت أبغي العلم حتى أستعد للاستقبال، لكن لن يكون لي ما أريد إلا في وقت هو مخصص للانتظار، وإلا فلمَ نأمل في بزوغ فجر بعد ظلام دامس؟ لأننا متيقنون أن بعد العسر يسرًا، فلن يدوم سواد من غير انفتاح للبياض بلباس الإخلاص والبشرى لكل من ضاق ذرعًا من دنيا لم يشاهد فيها إلا أحداثًا تسقط الكيان عمدًا...

 

سأرحل حتى يزداد الشوق منك ومن غيرك، ولكن اعلمي أني لن أمل الانتظار مهما طال الظلام ومهما انسكب الحزن عليَّ تباعًا وعلى أطباق من افتقار للحنان والمواساة؛ يكفيني فخرًا أني مع الصبر أزداد انتظارًا.




أضافة تعليق