مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/13 14:16
شجون الروح

شجون الروح

سميرة بيطام
 

سمعت في رقة انتباهي بانكسار جفني لصخب بالقرب من وقع أقدامي،كان لزامًا عليَّ الانتباه في سيرورة الأماني خطوات واعدة فيها خذلان الوصول أني قد أجد الباب مقفلاً، لاحظت السماء برأفة من أعيني أن لا كلام مع من لم أجدهم حضورًا منتظرًا، كم لزمني للوصول إلى هذا المكان، وكم أنهكتني مسافة الظنون أني قد لا أدخل إلى حيث ترقد أفكاري المتناثرة كوريقات الورود الشاردة العطر الذكي، فقد أسافر إلى حيث أحلامي، وقد أعود إلى حيث وقع خطواتي، لا تسكني في بيتي الصغير يا رقائق الوداع، قد لا أستمتع بنور الصباح حينما يهل تأملي، فيكفي أني وحدي ما زلت أواصل المشوار، فهل لي في رفق الفهم عند الغياب رقائق من حنان؟ ولك كان تودعي عندي يا طيور بلدي، أي أمانة تودين إخفاءها عن الظلام؟ فلست ممن يبوح بأسرار الضياء حينما ينتشر فيكشف مستور ذاك السواد من ظلمة الليل الساكت والساكن على السواء، ولك يا وريقات الشجر أن تداعبي شرودي حتى أستفيق من غفلة الراحة التي أمتعتني بخفة الرقاد، حيث لم أشعر أني هنا إلا وأنا أستفيق على ركض الخيول من بعيد، هي الأرض من أخبرتني أنه حان وقت القيام، كيف ولماذا عدت من حيث أتيت؟! وأنا بعد لم أكمل نوم الانقطاع عن صخب الدنيا التي كثيرًا ما كررت فيها رحيلي وسفري الذي كان لزامًا عليَّ الذَّهاب إلى أوطان رحبت وكررت لقائي أني أزين بالوصول مداخل الأبواب، لكني لست أرى ملامح الابتسامة ومرافق الهناء، فهل غاب كل شيء إلى أن تغيب الانضباط على عكس ما كان؟ لم أسأل أحدًا أين عنوان بيتي القديم الذي استأجرته لحين أنتهي من برنامج المهمة النبيلة والفريدة في نوعها لما دخلت وطنًا بدا لي جديدًا في ملامحه، فكانت ترفق بي الوحشة كثيرًا بعد أن أحببت ذاك الجمال الذي أسر مخيلتي، فأصبحت روحي لا تفارق الترنم عن طبيعة هادئة سكنت عقلي وقلبي معًا، فهل أنا في سفرية الروح بشجون الخطاب الموقر مني أم أني سأرحل إلى حيث مستقر فكري الذي يطالبني بالرقي في نسج ملامح الإعجاب؟ هي مهمة صعبة، فربما الافتراض الأول أو ربما الثاني، لكني لكليهما أسعى دائمًا؛ لأني سأبدو بذاك التريث إلى أن يصمد قولي في لساني.

 

أحببت الخير على مقرات العطاء، ففضلت ألا يركن التألق في ركن ما، وإلا لما كان هناك متسع لما أردت أن أسجله في مدونتي بعد أن غابت الشمس في أفقها لتودع كل ما لدي من نظرات باقية ومسترسلة إلى نهاية إشراقها الذهبي، فقد انتهى اليوم، وانتهى السر المودع لدي من وقت طويل، الآن كفي يا روح عن ذاك الشجون المفضي إلى خلاصي من قيد الانتظار؛ لأنه لم يعد يصلح بعد اليوم استمرار إلا على رزنامة جديدة تبعث فيَّ وفي كل روح تهوى الحديث الخافت حرية تنطلق من هذا الغروب وتستقر مع ذاك الشروق، ليبدو شعاعها ساطعًا جيدًا كما يحلو للكثير أن يرقبه، لكن هل ضللت الطريق حينما نشدت عدلاً وصدقًا ورحمة لم أجد لها مستقرًّا في وطني، أم أن كل الأوطان تعاني من غياب كلمات الصفاء والإحساس الآمن بالسلام؟ قد أكون فريدة في طموحي ومبالغة في أمنياتي لكني متواضعة في مطلبي؛ لأنه حق مشروع لي ولغيري ممن ينشد الوفاء بانبعاث أصوات تعاهد الأحباب.

 

أن الود والتآلف باقيان ما دام في الناس كيل من التوافق والآمال تعاهدت على تحقيق الاطمئنان في ملازم التواصل الروحي.

 

إذًا، كفيني يا عثرات الطريق ولا تشغليني بانكسار ذرات التراب من فوق صلبك، فلطالما رددت التراب إلى أصله حتى يستقر لي المسار، كفيني يا قطرات الندى انزلاقًا لعبراتي، فقد هدأت وركنت إلى ما لا مجال لأن يثار الحزن فيها من جديد، أوَلم نتفق أنه بعد اليوم لن يكون إلا الفرحة والإنجاز والأمن والسكينة؟ فلما وُجِدت اللحظة ولم أكن أدري أن حضورك فيه غفلة لي ولشجون روحي، طيبي يا ريحانة روحي لقطات الشجون من داخلي، فإني أطيب هناءً بذكر الحبيب المصطفى والصلاة والسلام عليه، وإني أهيم حبًّا وشوقًا لبيت الله العتيق، ففي كل مرة عودتي لأصل الحب هو منبع العطاء لفكري ولصرخة التكبير عندي أن لا مستقر تهنأ له روحي إلا وأنا أطوف حول الكعبة بالدعاء، هو ذا شجون روحي الصادق والأكيد، وغير ذلك من الأسفار ليست تثير الشجون فيَّ إلا وأنا أدير قلمي إيذانًا مني لختام المقال في أني أتمنى في كل ختام صحبتكم دائمًا عبر موجات الإبداع الثائرة بتطاير النغم من حروفي، فدمتم طيبين كرماء وفضلاء بتتبعكم، وأحسن الله إليكم.

 

لينتهِ فصل الشجون إلى ميعاد آخر من عبق الرحيق في فصل هو كالربيع في تلون وروده، وكالشتاء في صخب مطره، فهناك سألتقي بكم، وأكتب من جديد ما أثار فيَّ قولاً خطيبًا، وبارتجالية الإحساس والحرف على تنوع الجمال واختلاف الرأي وتوافق الوصال وديمومة التآلف، هي الروح في شجونها ليست تخفي تصريحًا لما تُكنُّه من أحاسيس، وما تتطلع إليه من آمال، دمتم أوفياء.




أضافة تعليق