مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/12/28 16:19
فوضى في التكلم باسم القانون..ما الحل؟
فوضى في التكلم باسم القانون..ما الحل؟
سميرة بيطام
 
في الحقيقة أشعر بتعب كبير حينما أمشي على كوكب الأرض بنظام واحترام شديد للوقت أجد نفسي وسط كوم هائل من أعين  تنظر للنظام بتعجب فأراقب حركاتي بدقة ربما أخطأت المشي أين لا بد أن لا أمشي أو مشيت مشيا مضطربا لم يرتب الفواصل جيدا...كل شيء صحيح لا يوجد خطأ و لا تجاوز سوى أني لما أردت قطع الطريق و به الخطوط البيضاء و التي تعني للفاهمين و لغير الفاهمين أن الممر للمشاة و العجيب أني لي فوبيا عدم الثقة في السائق لأني على علم مسبق أنه لن يسمح لي بالمرور باحترام و بأولوية لي  فسرعته المفرطة و أنانيته المتجبرة جعلتني أساءل شرطي المرور مرة : فضلا الممر لنا نحن المشاة قد قطعته بصعوبة و لم يقلل السائقون من سرعتهم  فأجاب  صحيح و لكن عليك الاحتراس قبل أن تتخطيه..نظرت اليه بتعجب و لم أعلق ، و من وقتها و أنا أحترس عند ممر المشاة و الذي في بلدان أخرى أكثر انفتاحا على احترام الاخر أمشي مغمضة العينين...أين الخلل اذا و العقل تركيبته واحدة و الاختلاف فقط في الحجم و اللون و اللغة البشرية ؟؟؟.
فكرت مليا في سبب تأخرنا و نحن لانزال نعاكس القوانين ، قوانين الطبيعة و قوانين وضعية و قانون القرآن الذي أمرنا بالاستقامة و التعامل بالأخلاق ، لكنها صارت  مزعجة في هذا العصر ،ان كان كذلك ربما  سنبني مدنا خصيصا لأهل النظام و الاحترام و التحية الساحرة و الابتسامة العطرة و النظرة المتفائلة ليعيشوا في سلام ، و ربما نظل نتساءل لما هذا الخلط و لما يتهم البعض أصحاب الاستقامة بأنهم اشخاص غريبوا الطباع و صارمون في الحوار و الاقناع ؟ ، ألهذه الدرجة المستقيمين و المنظمين و الجادين يؤرقون الكسالى في نومهم ؟
الحل موجود بالنسبة لحركة المرور و هي السير على دراجة منها رياضة و منها اختزال للطاقة و كفاية للتلوث البيئي و الله عالم ان ما كانت الشاحنات و السيارات العملاقة لن تدوس على عجلتين مسكينتين لها من الطاقة ما تحمي صاحبها من فوضى حركة المرور و فقط و لا تقوى على منافسة من هو اقوى ،  اذا هذا ليس حلا...ما العمل يا ترى؟
قد يكون المشي على الأقدام أفضل حل و حينما يراد بالمسافات الطويلة نحمل زادا لليلة أو ليلتين و خيمة لنصبها حين يجن الليل علينا ..ربما العودة الى سابق نشأة الانسان أوفر حظا من صخب التكنولوجيا  الغريب والذي لا تحترم قوانينه ...أو ربما العيش في قمة جبل وسط طبيعة خلابة مع حيوانات أليفة توصد عنا صداع الرأس من منبهات السيارات و دخان السجائر و سباقات الجنون ..لأن القانون عجز على التنظيم و انسان هذا العصر لا يسمع و لا يرى و لا يعقل..يعني حتى العاقل أصبح لا يفهم كيف يحترم قانون المرور...صدقا عصر عجيب و الأعجب انه لو تم احترام الآخر أو احترام القانون تقع مشكلة..ما العمل إذن؟.
عودة الى سلوكات الحياة اليومية و العادية جدا...صادف و أن منعت من زيارة مريضة صديقة علي غالية جدا و هي في حالة غيبوبة راقدة في غرفة انعاش ..طيب مفهوم أن غرفة الانعاش لا يدخلها الا الطاقم الطبي و من له صلاحية متابعة المريض منعا لنقل العدوى و احتراما لراحة المريض  و لكن في الدول المتقدمة تقدم الانسانية  يسمح لأهل المريض ان ينظر لمريضه من خلف زجاج ليطمئن عليه بتلكم النظرة البريئة ، لما سالت عن أساسيات المنع و المريض لا يعي يعني حتى الازعاج لن يؤثر في حواسه لأنه لا حول و لا قوة له : فسالت عن قانون المنع و خلفياته و مبادئه الجوهرية فأجابني أحد المتخصصين في الموانع  : قانون و علينا بتطبيقه ، فذهبت أبحث عن مواثيق الصحة في العالم فلم اجد بندا يمنع النظر الى المريض من خلفية زجاج و القوانين الوطنية لا تحتوي عن أدنى عبارة نظام سواء للمستخدمين او للمرضى فقلت في نفسي قالوا قانون فلنردد قانون حتى ترهبنا الكلمة و هي فارغة من محتوى الصرامة..لكني أتساءل في حيرة عن فوضى في لباس الطاقم الصحي و لماذا لم يمنع القانون الاختلاط في اللباس ؟ فبالكاد أفرق بين الطبيب و الممرض و علي بالسؤال عن المهنة حتى ارتب جملي للكلام و أعرف مع من أتكلم  ... ما الحل ؟؟؟؟.
الحل هو اعادة دراسة الذهنيات و الغوص في امخاخها لمعرفة  كيف تفكر و اعادة جس نبض الانسانية ان ما كانت فعلا حية و اعادة رسم خريطة التحضر على أسس متينة و بتفعيل القانون على الجميع و بصرامة الى جانب التواصل بالأخلاق و درأ المساوئ بالتصحيح الفوري بالنصح و التعليمات و التدريب على تقبل النصح و المشورة و مشاركة الكل في عملية التجديد...و الأهم من كل ما سبق اعطاء كل ذي حق حقه بميزان الاعتدال و العدالة.
أكتفي بهذا القدر من فوضى القوانين لأنها تصدع رأسي كثيرا لتفاهة التمثيل بها بغير حقيقتها العلمية و الأدبية و الأخلاقية...ربما صار العقل نقمة على انسان هذا العصر بعد أن كان ذو فائدة فيما مضى حينما كان  يراد بالنور الحضارة و بالحب السلامة و بالعمل الريادة و بالعلم سلم التفوق..هنيئا لنا و لو لم نتطور بعد لأننا فهمنا أنه لا بد ان نتحضر و لو قليلا.....فربما نسكت عن الكلام حينما لم تفد القوانين في وضع النظام في كل شيء و حينما ينظر للمنتظم أنه انسان شاذ في مجتمع تعود على المنافسة و فقط...فاصل تفكير بعد علامة استفهام و البقية تأتي ان نحن أردنا التغيير و التجديد و الانتقال من نمط الفوضى الى نمط النظام و الصرامة و الاستقامة...كل شيء يبدو مستحيلا لكن هذا المستحيل هو أسهل ما يكون فقط يتحقق حينما تنفتح العقول على كلمة تغيير...تقبلوها فضلا فهي مفتاح سعادتكم و طمأنينتكم..و بغيرها لن تتذوقوا طعم الحياة الحقيقي..فالله لم يخلقنا عبثا و لم يميزنا عن الحيوان بالعقل بغير حكمة..قليل من الصرامة مع كثير من الاستقامة نرى مجتمعنا مدينة فاضلة من الجمال و الاحترام و الإنسانية..
محبتكم : سميرة بيطام.
 
 

أضافة تعليق