مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/11/04 14:26
ماذا لونجحت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية 2016
ماذا لو نجحت هيلاري كلينتون
 في الانتخابات الرئاسية 2016؟


سميرة بيطام

 
 
يقال أن السياسة نار يفر منها الكثير حتى لا يكتوي بلهيب النفاق منها ،  كما يقال أن لا عداوة دائمة في السياسة بين القادة و الرؤساء و الحكماء و لا صداقة دائمة ، يعني في السياسة كل شيء محتمل و كل شيء قابل للتغير بل كل شيء قابل للوقوع كما قد يخطط له أو كما لم يخطط له...هذه هي السياسة..و مضمون السياسة أجندات تحمل بين طياتها مصلحة البلد أولا و من بعد مصلحة البلد الطوفان لمن يريد فهم السياسة أو لمن يعارض برامج الأجندة السياسة..
بداية للخوض قليلا في غمار السياسة فقد صرحت في مذكراتها في مضمون كتابها  خيارات صعبة السيدة كلينتون أنها شخصية هجينة أي أنها تجمع بين الواقعية و المثالية ، أقل ما يقال عنها أنها أدت واجبها كوزيرة للخارجية و عملت جاهدة في خدمة بلدها و الحفاظ على المصالح ، وصفت على حد قولها المرأة من أنها ككيس شاي لا يمكنك معرفة حجم قوتها إلا عندما تكون في الماء الساخن ، ربما هو تمثيل و اسقاط لشخصيتها التي تخفي معها أسرارا كثيرة عن البيت الابيض و عن سياسة أمريكا القادمة فيما يخص آسيا و الصين ، هما محور الأجندة المستقبلية ان ما نجحت في الانتخابات الرئاسية .
هيلاري كلينتون السيدة المحببة لدى جماهير أمريكا يدعمها حاليا الرئيس الأمريكي و زوجته ميشال  بالتشهير في حملتها الانتخابية كما يقف خلف الكواليس الكثيرون من يدعمونها للنجاح ، تصف الجزائر أنها دولة معقدة ، و لم تفسر فيما يكمن التعقيد و لو أن التعقيد أحيانا يلخبط ارادات الفهم لدى الساسة و أهل التمثيل الديبلوماسي ، فلو طبقنا مقولة الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان حينما وصف التاريخ أنه قاض ماكر ، ربما يتخوف الساسة المقبلون على احداث انتخابية من الاخفاق أو من محاسبة التاريخ لهم..هو شعور فطري في الانسان مهما كان منصبه فما بالك ان ما كان هذا الانسان امرأة ، لا شك أن الخوف يتملك الأحاسيس و التوجس و يصنع الاحتمالات الكثيرة في الفوز أو الاخفاق ، أو في فترة ما بعد الفوز .
فإذا كان البحر هو الحلبة الأكثر اثارة لتثبت الصين وجودها و ما لها من حقوق و مطالب ، فقد اشتبكت في التسعينيات مع الفلبين على جزر أخرى ، و قد أعلنت الصين في تشرين الثاني /نوفمبر2013 عن منطقة دفاع جوي لتأكيد السيادة فوق جزء كبير من شرق بحر الصين شملت الجزر المتنازع عنها و طلبت من كل الخطوط الدولية التزام اجراءاتها ، لكن الولايات المتحدة الامريكية رفضت الاعتراف بهكذا خطوة ، و من منطلق هذا الرفض تبدو الحاجة للحفاظ على المصلحة و الهيمنة الأمريكية..و الأمثلة عديدة للبقاء على رأس العالمية..
دائما كانت السيدة تسعى لنشر فكرة الديمقراطية أينما ذهبت في تمثيلها الديبلوماسي كوزيرة للخارجية و لكن سبقها العظماء في تجسيد  هذه الفكرة
شرحا و تفصيلا منهم المفكر الجزائري الأستاذ المرحوم مالك بن نبي عن محاضرة بعنوان (الديمقراطية في الإسلام) و التي  ألقاها بنادي الطلبة بدمشق سنة 1960م، وقد نشرت في كتابيه القضايا الكبرى وتأملات ، وليركز القارئ على التاريخ الذي القيت فيه المحاضرة فهو دلالة على الأسبقية في تناول فكرة الديمقراطية و لا يمكن تجاوزها أو نسبها الى السياسيين المعاصرين حتى لا يضللنا أحد .
فمالك بن نبي* هنا لم يدخل الموضوع من باب إثارة الإشكال حول المصطلح، وإنما من زاوية وضع المشكلة في السياق الحضاري، فنحن كأمة تعيش مرحلة ما بعد حضارتها، محكوم عليها أن تكون في موضع المغلوب الذي يفرض عليه الغالب قوانينه وعاداته ومقاييسه، يقول: «ورثنا نحن معشر الشعوب الإسلامية، كما ورثت معنا وفي الظروف نفسها الشعوب الإفريقية الآسيوية التي خضعت مثلنا للدول الاستعمارية واحتكت بثقافتها وحضارتها في إطار الاستعمار ، هذا الاتصال وبحكم القانون الذي يفرض على المغلوب عادات وتقاليد الغالب، ورثنا المقاييس المرتبطة بحياة العالم الغربي وبتجربته التاريخية، وتقبلنا بعضها لنقيس بها الواقع الاجتماعي لدينا، ونقارن على ضوئها ماضينا وحاضرنا، بما يسحر أبصارنا في حاضر هذه الأمم الغريبة.
فاللقاء مع الغرب (الآخر/الغالب) ومن موقعنا كمغـلوبين، أنشأ لدينا - كما يرى بن نبي - مركب نقص، جعلنا نضم إلى إسلامنا (خصوصيتنا/أصالتنا/ذاتنا) كل ما نعتقده ذا قيمة في حضارة الغرب، ومن هنا يعطينا بن نبي تفسيرا لتلك الكتابات التي ظهرت في مرحلة الخمسينيات والستينيات وحتى مطلع السبعينيات، والتي تتحدث عن (اشتراكية الإسلام) و(الإسلام والعدالة الاجتماعية) و(الحرية بالمفهوم الليبرالي في الإسلام)... فالمسألة أقرب إلى رد الفعل العـاطفي منها إلى الاختيار العقلاني الذي يختبر ما لديه أو ما يفد عليه من الآخر. 
ولذلك فهو يرى أن عنوانا كـ (الديمقراطية في الإسلام) يدل على هذه الآلية التي تتحكم في العقل المسلم، الذي يقف في هذه المرحلة من تاريخه، منبهرا بقوة الغرب (المفهومية) بقدر ما هو منبهر بسطوته المادية... فتراه يبحث عن المفاهيم يضيفها إلى تراثه، بالكيفية ذاتها التي يبحث بها عن الوسائل المادية لتحقيق الرفاهية في الواقع. 
وبهذا المنطق تغدو «الديمقراطية من تلك العناصر التي نتقبلها لنضيفها إلى التراث الإسلامي، مقتنعين بما يبرر هذه الإضافة ولو بصورة شكلية، حتى يصبح الموضوع لا يفتح بابه على نقطة استفهام (هل توجد ديمقراطية في الإسلام؟) بل ندخل فيه مباشرة من باب المسلمات فنقول: (صفوا لنا الديمقراطية الموجودة في الإسلام). 
فبن نبي لم يشغـله التضـاد أو التوافق بين الشـورى والديمقراطية، وإنما شغله التعامل مع الصيغة المركبة الناتجة عن إضافة مفهوم (غريب) إلى الإسلام، باعتبارها مسلمة، تنتفي لدى المتلقي غرابتها، فينتقل إلى مستوى البحث عن توصيفها بعد أن سلم بوجودها
وما أكثر ما أدخلنا هذا الربط غير الواعي، بين الإسلام ومفاهيم وافدة، في متاهات لم نتمكن بعدها من الإمساك بالمفهوم الوافد والاستفادة منه، ولا بتطوير فهمنا ونظرتنا إلى الإسلام.
هذا مثال موجز ضربته لمعرفة أصول المصطلحات و مكان أخذها و من تكلم عنها بداية ، فالكثيرون معجبون بالحضارة الغربية لما لها من عدة سلاح و تقدم تكنولوجي و سياسة تستعمل فيها القوتين المرنة و القوية و ان كان تصريحات كلينتون في كتابها تشير الى أن القوة في الأخير هي اختيار أمريكا حينما قالت أن القوة هي الملاذ الأخير ووحدهم الأمريكيون من يستطيعون اتخاذ قرار كهذا ...فهل هذا صحيح؟؟..
السيدة الأمريكية قالت في كتابها المعنون أعلى في الصفحة 445 منه :
كان احباطي يزداد في صميمي لكني لم أفصح عنه و عندما اصطدمنا بالجدار الروسي في الأمم المتحدة تابعت الضغط في اتجاه مسارات من خارج الأمم المتحدة عاقدة أكبر من الاجتماعات تحت راية أصدقاء الشعب السوري ،و قد شملت حتى الآن قرابة مئة دولة، كان التحدي قائما على اقناع جميع الأطراف –الأسد و داعميه الروس و الايرانيين من جهة و الثوار و الدول العربية من جهة أخرى-بأن النصر العسكري الحاسم و النهائي غير وارد و بأن من الضروري التركيز على التوصل الى حل ديبلوماسي...
هذا الاحباط جعلها تصف سوريا من أنها المعضلة الشريرة ،و هي عبارة يلجأ اليها خبراء التخطيط .
و سآخذ العبارة كاملة عن وصفها للقوة في كتابها من الصفحة 578 حينما قالت :
تعلمنا في شكل أليم أن القوة هي ملاذنا الأخير ،لا نلجأ اليها أبدا في البداية ،بل على العكس هو نداء للوقوف حازمين و موحدين في سعينا الى عالم أكثر عدالة و حرية و سلاما ، وحدهم الأمريكيون من يستطيعون اتخاذ قرار كهذا ..
هل توافقونها الرأي في أن استخدام أمريكا وحدها من تملك القوة و هل  استعمالهم للقوة هو لأجل احقاق العدالة و السلام ؟، طيب نحن ننتظر سلاما في فلسطين من سنوات حتى هرمنا  و لم يحدث و ننتظر عدالة في سوريا و لم تحدث و ننتظر استرجاعا لحقوق الانسان المسلوبة في كل أرض اشتعلت بنار الحرب و لم يحدث...
هذه تصريحاتها حينما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية ، فماذا لو نجحت في الانتخابات الرئاسية فهل ستستبدل مصطلح القوة بمصطلح آخر لتحقق أجندة أمريكا  القادمة ؟؟..و هل لسنها 69 كفاية و قدرة  للتركيز على تطبيق الأجندة و الهيمنة العالمية كما تعودت أمريكا مع باقي الرؤساء و هل سيكون هناك أقوياء من العالم سيتحدون سياسة كلينتون القادمة ان ما نجحت في الانتخابات الرئاسية القادمة ؟؟..


و حدها الأيام كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة...و تذكروا جيدا كل شيء متوقع في السياسة..أليس كذلك؟
 
 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*للأمانة العلمية يمكن تحميل محاضرة مالك بن نبي من الموقع الذي نقلت منه  :
http://library.islamweb.net/ 
أضافة تعليق