عندما قرأ كتابي "كوة نور شجون إنسانة مسلمة"ـ طلب مقابلتي، نقلت لي أستاذته رغبته، فقبلت.
شاب في بدايات التكوين المهني، إختصاص إعلام، قمت بإهداء له الكتاب و جلست أستمع لأسئلته :
"هل ترك البلد و الهجرة عقاب لمسؤولينا، كأننا نقول لهم أف لكم و لن نسمح لكم بمزيد من الإذلال ؟" سألني الطالب.
أعد الهجرة شكل من أشكال الهروب و أنت من تعاقب نفسك و أما المسؤولين الفاسدين منهم سيفرحون فقد تركت لهم البلاد لمزيد من الإفساد. أجبته.
-كيف هروب ؟ إعترض علي الشاب، من أين لنا ذلك و نحن لا نخلف شيء ذات قيمة خلفنا ؟
-و هل تعتبر الوطن لا قيمة له تذكر ؟ رددت.
-طبعا لا لكن البقاء دون عمل و لا تسوية للوضع الإجتماعي أليس حرام ؟
-و لماذا النظر من هذه الزاوية القاتمة ؟
فتعجب، متسائلا :
-لم أتعمد ذلك إنما الواقع ينطق عن ذلك.
-يتضمن هذا الواقع إيجابيات، أولا أنت مواطن، و هذا الوطن منك فلا سبيل للفصل بينكما و طول النفس مطلوب خاصة إن كان لديك هدف تسعي إليه بجدية كاملة، المهم أن تصر و تثبت للفاسدين أنك أكثر إيمانا بهذا الوطن منهم.
-أليس هذه مثالية مفرطة ؟
صمت، فلاحظ الطالب مستطردا :
-البقاء كأنني أركض وراء سراب و ما نريده نحن الشباب إحتياجات بديهية.
-لهذا من البديهي أن تصبر و أنت تكون نفسك و تتقلب في الوظائف إلي حين ما ترسو علي العمل المناسب لك. لا نحصل علي شيء دون عناء و خيبات أمل و آلام، مع الفارق أن النجاح هنا في وطنك له طعم خاص لن تجده في أي بقعة أخري في الكون.
ساد الصمت مطولا :
-ما قولك ؟ سألته.
إبتسمت أستاذته، أخيرا تكلم :
-ما أصعب العناد.
-الأصعب مقامرة الهجرة، من ضحوا بحياتهم من أجل حريتنا يريدون منكم جد و صدق و أضعاف محبتهم لوطنهم.
-لا، لن نبلغ محبتهم تلك. إحتج الشاب.
-بلي انتم قادرون علي ذلك، بقاءكم أكبر و أصدق تعبير لرفضكم منطق المفسدين...
www.natharatmouchrika.net