بأي حال عدت يا عيد
لكم هو جميل أن نأخذ قسطًا من التمتع الروحاني ضمن مناسبات دينية أضحت اليوم بعنوان خال من تفاعلات الانسجام المختلفة التي يتبادلها أفراد المجتمع الإسلامي فيما بينهم، لربما بالتكرار يصبح المألوف شيئًا عاديًا حتى لو كان هذا المألوف مناسبة دينية.
لكنني على يقين أن بداخل كل مسلم شوق بل اشتياق للبس حلي الطقوس الدينية الإسلامية فوق لباس يطرز عيد الأضحى وروده كعنوان للسلام والمحبة والخير، فهو عيد ليس ككل الأعياد، لأن الفضل في سن هذا العيد بإرادة من الله لسيدنا إسماعيل، كانت شجاعة منه أن يقبل عرض والده سيدنا إبراهيم عليهما السلام كقربان لله عز وجل وكتلبية لنداء رؤيا صادقة لم تكن لا بالخاطئة ولا بالكاذبة، لأن سيدنا إبراهيم نبي، وهذا النبي ينفذ أوامر الله عز وجل حتى لو كان الفداء ابنه إسماعيل عليهما السلام.
إذًا، فعيد الأضحى المبارك جاء بعد تلبية نداء السماء، فكان من حسن خلق سيدنا إسماعيل أن نطق على الفور بحكمة متناهية، أن يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين... كان حوارا رائعا بين ابن ووالده، حوار قدت كلماته من إيمان صادق انبعث من وجدان السمع والطاعة لأمر الله، فكان نداء السماء أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، إنا كذلك نجزي المحسنين، فإذا به كبش ينزل من السماء جزاءًا لسيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام.
أي شجاعة هذه تجعل النبي إبراهيم يهم بذبح ابنه؟ ثم أي صبر من النبي إسماعيل وتسليمه لنداء السماء؟.
كانت حكمة أضحت اليوم مناسبة عظيمة، لكن أين نحن من واجبات وحقوق هذه المناسبة؟.
أشعر أننا في هذا الزمان فقدنا العديد من جواهر الأمور والتعاليم الإسلامية، فكامتداد لسيرة سيدنا إبراهيم، كان ما يجمل عيد الأضحى المبارك هو صلة الأرحام والصدقات والتهادي فيما بين الأحباب.. كلها مكارم أخلاق سنت لنا كامتداد لسيرة الأنبياء عليه السلام. فلماذا أصبحنا في عصر أكاد أقول أن ملامح هذه المكارم قد تلاشت، نعم تلاشت، فأصبح الهاتف المحمول يقوم بالنيابة عما نريد تأديته من واجب التهاني للأهل والأصدقاء.. ثم أين نحن من مجامع الرحمة والتوادد داخل بيوتنا أو في بيوت الله ومجالس الذكر؟...أعتقد أن معالما كثيرة اضمحلت والسبب في ذلك هو أننا لم نحافظ على عهودنا لأنبيائنا عليهم السلام، والخطر من ذلك أننا لم نكن آذانا صاغية كلها سمع وطاعة للقدوة خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وهو القائل: "تركت فيكم شيئين، لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنتي".
إذاً ربما سبب فقدان الأمة الإسلامية لدعائم الاعتزاز الإسلامي هو هذا الصدود عن العمل بما أمرنا الله تعالى به ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم.
أخشى أن يقابل العيد بسؤال الناس له: بأي حال عدت يا عيد، لكنني على يقين أن الإجابة في قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران:132، 133].