5 يوليو، الساعة 11:54 ص ·
عنيد أنت ايها الشهر، ثابت الحضور، متواضع، مكتمل.. تمر، تاركا لكل منا خياره، يؤمن بك ويفرح، أو يغاضبك ويكره.
فقط، تمر، كغيمة، تبعث قبلاتها مطرا، سقى زرعا أو غسل حجرا، أو كان مجرد عابر لايلتفطه عابر مثله.
تبدأ، ضاحكا من غضبة رافض للتغيير، مستثقل ان تمسه هو، اذ عند كثير منا التغيير، مطلب يريده من غيره، فيما أنت كالسيف القاطع، تجعل التغيير دفعا ذاتيا، مهما تفاوتت فرصه.
وتنتهي، ضاحكا، من كثير، عبدوك، كال ابراهيم، اله قائم بذاتك، صنم يمنحونه وهم الادعاء بالعبادة.
تنشر ألفتك، في موائد المعدمين، وتحيي ليل المسبحين، وتربت على اكتاف ملايين من ذوي الحاجة، لاتفرق بين حاجة كفيف في مسكن لايسع سواه، أو عابر سبيل، أو تاجر، قل ماله أو كثر، في كل أسواق الدنيا برمتها..
يسهر بعضك، بين جدران مساجد تكون مقفرة في غيرك، ويتسلل بعضك الاخر في كل سوق وحي وقرية ومدينة..
تمنح الشمس، فرصة لترى طرقات الارض، خالية من زحام العام، وتفرح القمر، اذ تقربه للناس أنيسا وجليسا.
أتدري، أيها الشهر، الذي يثقل علينا مطلعه، ويوجعنا رحيله، بمن تذكرني؟
يا راحلا، نؤمن بعودته للناس، رغم أننا ننساه منذ لحظة رحيله.. تشبهك بلادي، هذه العامرة بكل حب ووجع..
مثلك، بلادي، ايها الشهر، رحلت منا، ومثلك تنتظر عودتنا.
مثلك، هي حقيقة لايخالطه شك، ومثلك هي وهم لايقين فيه.
ايها الشهر الكريم، وداعا.. سينتظرك، من لعمره بقية، أما من كانت دورتك هذه، آخر حضور له في الدنيا، فسترى في دورتك القادمة، ان كان بقي له من ذكر في قلب أحب.
لي، في آخر ساعاتك أمنية وحيدة، لأمي، أمي كوطن، او وطني كأم..
ان يقوى قلبها، على التماسك، حتى يعود لابنائها رشدهم، والسلام..