الأخطاء الطبية بالجزائر تحليل و تعقيب (4)
ان الطبيب في موقع عمله الخاص هو مجند لخدمة المجتمع من خلال مهنته و بكل امكانياته و طاقاته و بحسب كل الظروف ( السلم و الحرب)، فهو يساهم في دراسة و حل المشكلات الصحية للمجتمع و يتعاون مع أجهزة الدولة الصحية ( وزارة ، وحدات صحية ، نقابات) فيما يطلب منه من بيانات و احصائيات لتسطير السياسة الصحية للبلاد و لقد نصت المادة 195 من قانون الصحة الجزائري على " يتعين على الأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان القيام يما يأتي :
*السهر على حماية السكان بتقديم العلاج الملائم لهم.
*المشاركة في التربية الصحية .
*القيام بتكوين مستخدمي الصحة و تحسين مستواهم و تجديد معلوماتهم و المشاركة في البحث العلمي طبقا للتنظيم الجاري العمل به.
و على الطبيب أيضا أن يكون قدوة في مجتمعه في دعم الأفكار و القيم و أمينا على حقوق المواطنين برعايتهم صحيا بعيدا عن الاستغلال المادي لمرضاه.
و هذه تنبع من آداب و شرف مهنة الطب على اعتبار أنها من أسمى المهن التي تتعلق بالنفس البشرية و التي تحظى بالرعاية و الاهتمام.
لذا فمن أولى تلك الآداب أنه عندما يتعهد الطبيب أمام المريض بميعاد معين أن يلتزم بذلك من بديهيات المحافظة على شرف المهنة لاهتمامه بالمريض و التعهد بمراعاة المواعيد التي أخذها الطبيب على نفسه ، فانه حين يرتبط بموعد معين في يوم و ساعة محددين يكون عليه التزام بنتيجة ، فعندما يحدد للمريض ميعادا لعملية جراحية في وقت معين فيجب عليه أن يلتزم بذلك التزاما وثيقا لأنه من أولى ضرورات مهنته الانسانية و الأخلاقية.
و لكن ان ما نظرنا للواقع نجد ظاهرة المريض المتجول تستفحل يوما بعد يوم و هذا يناقض الكلام السابق في احترام المواعيد و عدم تأجيلها لميعاد لاحق .فأين هي المصداقية؟
لذا فان مراعاة الأمانة و الدقة تستلزم عدم القيام بما يلي :
*لا يحرر الطبيب شهادة مغايرة للحقيقة أو أن يستعين بوسطاء لاستغلال مهنته سواء كان ذلك بأجر أو بدونه.
*لا يحق له استعمال وسائل غير علمية في مزاولة مهنته
*لا يمكنه بأي وسيلة من وسائل الاعلام التشهير عن طريقة جديدة للتشخيص بقصد استخدامها اذا لم يكتمل اختبارها و ثبتت صلاحيتها .
*التقيد بالحد المضبوط لأتعاب العلاج وفق ما هو مصرح به قانونا.
*و لقد نصت المادة 27 من مدونة اخلاقيات مهنة الطب الجزائري على أنه " يمنع الطبيب ، جراح الأسنان القيام بإجراء فحوصات في مقرات تجارية أو في أي مكان تباع فيه المواد أو الأجهزة أو الأودية
اذا كحوصلة لهذا السرد الفني و القانوني ، قبل توجيه أصابع الاتهام لأي كان لابد من توفير القوانين اللازمة و سد الثغرات الموجودة حتى لا يتم استغلال الفراغ القانوني للإضرار بالمرضى ، و على العدالة و رجال القانون أن يكونوا متطلعين كفاية بالقضية و بكل جوانبها و محاولة كشف اللبس عما خفي منها ، و لا بد من التسريع في الفصل في قضايا الأخطاء الطبية و احترام مشاعر المريض المتضرر و انصافه ورد حقه و ان كان ردا أو تعويضا ماليا فهو لن يعوض كلية انتزعت خطأ أو رحما استئصل خطأ فحرمت المرأة من الولادة او عينا عولجت بالخطأ ، لأن الأعضاء البشرية لا تعوض بثمن .
و لا يجب توجيه التهمة من غير أدلة للأطباء لإفراغ غضب فشل العملية الجراحية فلربما نسبة نجاحها ضئيلة ، هذا لا يمنع من قولي للأطباء بأخذ الحيطة و الحذر و التكوين الجيد في الطب و توظيف القيم و الأخلاق بعيدا عن كل استغلال كما يحدث في بعض العيادات الخاصة أين تتم المتاجرة بالمهنة لأجل مصالح شخصية بحتة .
فتوجيه الاتهام لأصحاب المآزر البيضاء يجب أن يكون له أساس من صحة الأدلة لأنه لولا الأطباء لقضت علينا الأمراض و على أصحاب الجبب السوداء تحري الحقيقة و عدم قبول الرشوة لتغطية الفعل الشنيع عن الطبيب أو الجراح او من ينتمي لسلك الصحة.
لتبقى مثل هذه الأطروحات تثير نوعا من الحساسية من جهة ، و من جهة اخرى تجذب اليها فضول المتطلعين لإلقاء النظرة على الشريحة المجتمعية ،شريحة أصحاب الأخطاء الطبية التي تضررت بسبب مقصود أو غير مقصود لتبقى تعاني طول العمر ، هذا ان لم يكن الموت لها بالمرصاد .
ففي تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية "القسم العربي" في مقال لمجلة بريطانية مختصة بالشؤون الطبية أشارت الى أن عددا قد يصل الى 30.000 شخصا يتوفون سنويا في بريطانيا بسبب أخطاء طبية.
و دعت المجلة الى اعادة النظر في اجراءات السلامة الطبية و الى مزيد من التدرب للأطباء للتقليل من أخطاءهم و الوصول الى حد أخطاء الطيارين أو عمال المحطات النووية.
و أوضح محرر المجلة " ريتشارد سميث " في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية الى أن عدد المتضررين سيرتفع اذا ما أضيف اليه من يعانون من عواقب وخيمة من جراء تلك الأخطاء دون أن يصل بهم الى حد الوفاة موضحا أن تلك النسبة قدرت مقارنة بالنسبة الأمريكية التي يتصل الى حد مائة ألف شخص هناك ، يتوفون نتيجة أخطاء يمكن تجاوزها (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيف سالم ،احذروا أخطاء الأطباء ، قصص و مقالات لها علاقة ببعض الأخطاء الطبية عن مقال لهيئة الاذاعة البريطانية "القسم العربي" بتاريخ 20/03/2000
.BBC-on-line
فإذا كان الحق في الحياة و سلامة الجسم من الحقوق اللصيقة بشخص الانسان ، فان أي فعل مخالف للقانون و لأدبيات و أخلاقيات المهنة يشكل مساسا بهذه الحقوق ، و بالتالي هو اعتداء على مصلحة يحميها القانون ، قد ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي يلزم مرتكبه بالتعويض.
لنتذكر جميعنا أن السلامة الجسدية و الصحية هي تاج على رأس كل واحد منا و حينما نسلم أجسادنا للأطباء نكون قد وضعنا كل ثقتنا فيهم ، فالزموا الحيطة أيها الأطباء و صونوا أمانة البشر بكل صدق وصحوة ضمير .
ان الطبيب في موقع عمله الخاص هو مجند لخدمة المجتمع من خلال مهنته و بكل امكانياته و طاقاته و بحسب كل الظروف ( السلم و الحرب)، فهو يساهم في دراسة و حل المشكلات الصحية للمجتمع و يتعاون مع أجهزة الدولة الصحية ( وزارة ، وحدات صحية ، نقابات) فيما يطلب منه من بيانات و احصائيات لتسطير السياسة الصحية للبلاد و لقد نصت المادة 195 من قانون الصحة الجزائري على " يتعين على الأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان القيام يما يأتي :
*السهر على حماية السكان بتقديم العلاج الملائم لهم.
*المشاركة في التربية الصحية .
*القيام بتكوين مستخدمي الصحة و تحسين مستواهم و تجديد معلوماتهم و المشاركة في البحث العلمي طبقا للتنظيم الجاري العمل به.
و على الطبيب أيضا أن يكون قدوة في مجتمعه في دعم الأفكار و القيم و أمينا على حقوق المواطنين برعايتهم صحيا بعيدا عن الاستغلال المادي لمرضاه.
و هذه تنبع من آداب و شرف مهنة الطب على اعتبار أنها من أسمى المهن التي تتعلق بالنفس البشرية و التي تحظى بالرعاية و الاهتمام.
لذا فمن أولى تلك الآداب أنه عندما يتعهد الطبيب أمام المريض بميعاد معين أن يلتزم بذلك من بديهيات المحافظة على شرف المهنة لاهتمامه بالمريض و التعهد بمراعاة المواعيد التي أخذها الطبيب على نفسه ، فانه حين يرتبط بموعد معين في يوم و ساعة محددين يكون عليه التزام بنتيجة ، فعندما يحدد للمريض ميعادا لعملية جراحية في وقت معين فيجب عليه أن يلتزم بذلك التزاما وثيقا لأنه من أولى ضرورات مهنته الانسانية و الأخلاقية.
و لكن ان ما نظرنا للواقع نجد ظاهرة المريض المتجول تستفحل يوما بعد يوم و هذا يناقض الكلام السابق في احترام المواعيد و عدم تأجيلها لميعاد لاحق .فأين هي المصداقية؟
لذا فان مراعاة الأمانة و الدقة تستلزم عدم القيام بما يلي :
*لا يحرر الطبيب شهادة مغايرة للحقيقة أو أن يستعين بوسطاء لاستغلال مهنته سواء كان ذلك بأجر أو بدونه.
*لا يحق له استعمال وسائل غير علمية في مزاولة مهنته
*لا يمكنه بأي وسيلة من وسائل الاعلام التشهير عن طريقة جديدة للتشخيص بقصد استخدامها اذا لم يكتمل اختبارها و ثبتت صلاحيتها .
*التقيد بالحد المضبوط لأتعاب العلاج وفق ما هو مصرح به قانونا.
*و لقد نصت المادة 27 من مدونة اخلاقيات مهنة الطب الجزائري على أنه " يمنع الطبيب ، جراح الأسنان القيام بإجراء فحوصات في مقرات تجارية أو في أي مكان تباع فيه المواد أو الأجهزة أو الأودية
اذا كحوصلة لهذا السرد الفني و القانوني ، قبل توجيه أصابع الاتهام لأي كان لابد من توفير القوانين اللازمة و سد الثغرات الموجودة حتى لا يتم استغلال الفراغ القانوني للإضرار بالمرضى ، و على العدالة و رجال القانون أن يكونوا متطلعين كفاية بالقضية و بكل جوانبها و محاولة كشف اللبس عما خفي منها ، و لا بد من التسريع في الفصل في قضايا الأخطاء الطبية و احترام مشاعر المريض المتضرر و انصافه ورد حقه و ان كان ردا أو تعويضا ماليا فهو لن يعوض كلية انتزعت خطأ أو رحما استئصل خطأ فحرمت المرأة من الولادة او عينا عولجت بالخطأ ، لأن الأعضاء البشرية لا تعوض بثمن .
و لا يجب توجيه التهمة من غير أدلة للأطباء لإفراغ غضب فشل العملية الجراحية فلربما نسبة نجاحها ضئيلة ، هذا لا يمنع من قولي للأطباء بأخذ الحيطة و الحذر و التكوين الجيد في الطب و توظيف القيم و الأخلاق بعيدا عن كل استغلال كما يحدث في بعض العيادات الخاصة أين تتم المتاجرة بالمهنة لأجل مصالح شخصية بحتة .
فتوجيه الاتهام لأصحاب المآزر البيضاء يجب أن يكون له أساس من صحة الأدلة لأنه لولا الأطباء لقضت علينا الأمراض و على أصحاب الجبب السوداء تحري الحقيقة و عدم قبول الرشوة لتغطية الفعل الشنيع عن الطبيب أو الجراح او من ينتمي لسلك الصحة.
لتبقى مثل هذه الأطروحات تثير نوعا من الحساسية من جهة ، و من جهة اخرى تجذب اليها فضول المتطلعين لإلقاء النظرة على الشريحة المجتمعية ،شريحة أصحاب الأخطاء الطبية التي تضررت بسبب مقصود أو غير مقصود لتبقى تعاني طول العمر ، هذا ان لم يكن الموت لها بالمرصاد .
ففي تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية "القسم العربي" في مقال لمجلة بريطانية مختصة بالشؤون الطبية أشارت الى أن عددا قد يصل الى 30.000 شخصا يتوفون سنويا في بريطانيا بسبب أخطاء طبية.
و دعت المجلة الى اعادة النظر في اجراءات السلامة الطبية و الى مزيد من التدرب للأطباء للتقليل من أخطاءهم و الوصول الى حد أخطاء الطيارين أو عمال المحطات النووية.
و أوضح محرر المجلة " ريتشارد سميث " في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية الى أن عدد المتضررين سيرتفع اذا ما أضيف اليه من يعانون من عواقب وخيمة من جراء تلك الأخطاء دون أن يصل بهم الى حد الوفاة موضحا أن تلك النسبة قدرت مقارنة بالنسبة الأمريكية التي يتصل الى حد مائة ألف شخص هناك ، يتوفون نتيجة أخطاء يمكن تجاوزها (1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيف سالم ،احذروا أخطاء الأطباء ، قصص و مقالات لها علاقة ببعض الأخطاء الطبية عن مقال لهيئة الاذاعة البريطانية "القسم العربي" بتاريخ 20/03/2000
.BBC-on-line
فإذا كان الحق في الحياة و سلامة الجسم من الحقوق اللصيقة بشخص الانسان ، فان أي فعل مخالف للقانون و لأدبيات و أخلاقيات المهنة يشكل مساسا بهذه الحقوق ، و بالتالي هو اعتداء على مصلحة يحميها القانون ، قد ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي يلزم مرتكبه بالتعويض.
لنتذكر جميعنا أن السلامة الجسدية و الصحية هي تاج على رأس كل واحد منا و حينما نسلم أجسادنا للأطباء نكون قد وضعنا كل ثقتنا فيهم ، فالزموا الحيطة أيها الأطباء و صونوا أمانة البشر بكل صدق وصحوة ضمير .