الشعور بالدونية..مرض نفسي أم خلل في الايمان؟
عبر تعاملاتي اليومية في ادارة المستشفى و في حواراتي المنوعة و مع كل المستويات لمست بعد جس النبض بداخل المجتمع مشكلة الشعور بالدونية أو بمركب النقص في مواجهة اطارات العلم و المهنة أو العكس ، و قد تساءلت بيني و بين نفسي عن دواعي ظهور تلك الآفة بما أن الاسلام هو الدين المنظم لسلوكاتنا و لو اختلفت درجة الايمان يبقى أن المتعلم و المتحصل على شهادات جامعية أكيد ناله تعب و سهر و كد و مشاكل و عقبات في طريق التحصيل ، فبأي دافع يظهر البعض من ليس لهم شهادات و لا مستوى يوافق مستويات المتخرجين من الجامعات او المعاهد ذاك الشعور ليتحول الى عقدة نفسية لها الأثر البليغ على صاحبها و على الغير؟ ، ثم الشعور بمركب النقص يأخذ ألوانا شتى مع من يتولى منصبا رفيعا أو يرتدي هنداما جميلا أو يملك سيارة جميلة اللون او جديدة ، فتقريبا من تداولوا على كرسي المسؤولية في حقيقة الأمر لا يملكون شهادات بحجم عظم تلك المسؤولية و ما نيل تلك المناصب إلا بدافع من الشعور بمركب النقص ، ربما لديهم خبرة و أقدمية و لكنها تبقى محدودة و يحرمون المتفوقين في العلم عن نيل منصب يليق بعلمهم ، فالعلم تهذبه الأخلاق و يزيد من رزانة التسيير و الابداع و التحضر و يضع حدودا و أبعادا للخلافات الادارية و كذا المنازعات المجتمعية و لكن بشرط أن يتمازج ذاك العلم مع الأخلاق دائما و في كل المواقف ، و يحضرني اللحظة موقف مع مسؤول حينما كان لي خلاف في العمل فبدل ان يستمع للمشكلة انتقل الى الضفة الأخرى ينتقد شهادتي بنوع من الغضب الذي صراحة واجهته بحكمة متناهية و هي سؤالي بالمرة : ما سبب كل هذا الانفعال و أنا بعد لم أسرد مشكلتي ؟ ،ثم ما جدوى استدعائي و الانصات الجيد غائب و تفهم لب المشكل غير وارد أصلا ، ثم لما لا ترتبون طلبات الاستدعاء ان ما تعلق الأمر بمشكل ؟ المشكل لا بد أن يحل بالنقاش بعد الاستماع ، فالتسرع بدافع الشعور بمركب النقص هو هجوم غير مبرر على نقاوة الضمير و صفاء المهنة و رفعة العلم ، ويبدي من القوة ما يغطي به النقص لصاحبه ، و هنا نقطة الجدال ، و هي تساؤلي مرة أخرى : لماذا الشعور بمركب النقص في غير موضعه و مع غير من يستحق ؟ هي آفة مدمرة اذن و نافثة لسمها خاصة حينما يؤول قرار التسيير في المؤسسات و الادارات لغير أهله ، فبدل أن يكون فيه تعلم و تبادل للأفكار لأخذ التجربة و المعلومة تحل محلها حرب و لغط و فوضى في استيعاب الموازين الضرورية للتسيير العادل و الجيد ، فمن درس 10 سنوات في الجامعة ليس كمن درس 3 سنوات ، و هي فكرة طرحتها على بعض الزملاء فيما يخص اعادة ترتيب انتماء بعض اسلاك ممارسي الصحة ، صحيح فيه واجب تؤديه كل شريحة منهم و لكن لا وجه شبه بين طبيبة عامة و من تكونت في علم النفس ،يعني لابد من فهم نقاط جوهرية لكفاءة النخب الجامعية و الادارية ، و يجب عدم اضهار الشعور بالنقص في قالب من عدائية ، لا أحد يمنع غيره من التعلم و لا من التفوق و لا من المنافسة ،فالمهم أن تكون شريفة و بغير دافع للحسد أو للمحاربة و اقصاء و تهميش الكفاءات ، و قد لا أستطيع أن ألوم الكفاءات هنا ان ما تركت أماكنها و رحلت للخارج بدافع الهروب من الواقع ، لأن معاناة التهميش صعبة للغاية ، و يتولد عنها أمراض نفسية و ضغوطات معنوية و حتى عضوية ناهيك عن الشعور بالاحتقار و هذا التهميش قد يكون سببا ثاني للشعور بالدونية ، و بالتالي يمكنني أن أدرج
سببين رئيسين للشعور بمركب النقص و هما :
*الشعور الداخلي المتولد بالإحساس بالغيرة بسبب عدم تكملة الدراسة او عدم التفاعل في المجتمع بمستوى يسمح لصاحبه بالظهور و بالتالي الشعور بالرضى عن الذات .
*تهميش الكفاءات و عدم اشعارها بدورها الفاعل في البناء و التشييد و تكتفي بذلك بالتنحي جانبا او مغادرة مناصب العمل مبكرا قبل حلول سن التقاعد بسبب ما يشكله التهميش من ضغط نفسي على صاحبه.
و يمكنني ان اشير الى عامل الفتنة و ما تحدثه من خلافات لا مستوى لها من النقاش
أمورا كثيرة عايشتها بنفسي فتساءلت ان ما كان لدينا وقت لنكتب عن مثل هكذا مسائل ،او نتحاور مع هكذا عينات من الناس ، نعم لا بد من التحاور لأننا نتفاعل معهم بشكل يومي ، فان ما كان الحوار غائبا و انفجر الشعور بالدونية فهنا يصبح للقضية بعد آخر و هي تشكيل كتل ضد كتل و المجتمع له هوية واحدة و انتماء واحد و قرار واحد هو بناء الوطن ، غير ذلك من النزاعات تحل بالقانون و بالتحكيم للمسؤولين بشرط ان يكونوا عادلين ، هؤلاء المسؤولين اما أن يكونوا ممثلين للقانون بعدل و اما ان يكونوا مخالفين له ببيروقراطية و استغلال غير عادل للقانون، اذن الشعور بالدونية لها أبعاد مستقبلية و ليست آنية فقط ،فعلى من له كفاءة ان يوضع في مكانه المناسب الذي يليق به فعلا ليؤدي دوره كما ينبغي لأنه في الحقيقة يملك زادا من المعرفة و التجربة و الحكمة ، و من لا يمتلك هذا الزاد فعليه أن يركن للمكان الذي يناسب قدراته و طاقته و من غير شعور بالدونية ، فكم من رؤساء العالم ابتدؤوا مسيرتهم و لم يكونوا شيئا أو ربما كانوا تجارا أو ممتهنين لمهن متواضعة ، لكن بالتفتح على تقبل الواقع و عدم اشعار الآخرين بالتعالي و اشراك الناس همومهم تكونت كتلة و لحمة غير قابلة للانفصال و لو أن الرئيس في مرتبته له مكانة رفيعة لكنه يمشي في وسط جموع الناس و يتكلم مع كل الفئات و من غير بروتوكولات و النموذج التركي خير مثال .
لنصل في النهاية الى أن المجتمع الناجح في صنع حضارته هو ذاك المجتمع الذي تسوده الألفة و التقبل و الحوار و حل الخلافات بالتواصل و النقاش و تقبل الرأي و الرأي الآخر و من كان قادرا على القيادة يولى هذا الدور و من لم يكن قادرا فلا داعي للمزاحمة بما قد يعود عليه بالضرر في مواجهة الواقع المحمل بكثير من الرهانات و الذهنيات المختلفة و الآراء المتنوعة..هذا و لابد من ترويض النفس بالإيمان لان الايمان أحد أهم العلاجات المناسبة للشعور بمركب النقص أو الدونية.
عبر تعاملاتي اليومية في ادارة المستشفى و في حواراتي المنوعة و مع كل المستويات لمست بعد جس النبض بداخل المجتمع مشكلة الشعور بالدونية أو بمركب النقص في مواجهة اطارات العلم و المهنة أو العكس ، و قد تساءلت بيني و بين نفسي عن دواعي ظهور تلك الآفة بما أن الاسلام هو الدين المنظم لسلوكاتنا و لو اختلفت درجة الايمان يبقى أن المتعلم و المتحصل على شهادات جامعية أكيد ناله تعب و سهر و كد و مشاكل و عقبات في طريق التحصيل ، فبأي دافع يظهر البعض من ليس لهم شهادات و لا مستوى يوافق مستويات المتخرجين من الجامعات او المعاهد ذاك الشعور ليتحول الى عقدة نفسية لها الأثر البليغ على صاحبها و على الغير؟ ، ثم الشعور بمركب النقص يأخذ ألوانا شتى مع من يتولى منصبا رفيعا أو يرتدي هنداما جميلا أو يملك سيارة جميلة اللون او جديدة ، فتقريبا من تداولوا على كرسي المسؤولية في حقيقة الأمر لا يملكون شهادات بحجم عظم تلك المسؤولية و ما نيل تلك المناصب إلا بدافع من الشعور بمركب النقص ، ربما لديهم خبرة و أقدمية و لكنها تبقى محدودة و يحرمون المتفوقين في العلم عن نيل منصب يليق بعلمهم ، فالعلم تهذبه الأخلاق و يزيد من رزانة التسيير و الابداع و التحضر و يضع حدودا و أبعادا للخلافات الادارية و كذا المنازعات المجتمعية و لكن بشرط أن يتمازج ذاك العلم مع الأخلاق دائما و في كل المواقف ، و يحضرني اللحظة موقف مع مسؤول حينما كان لي خلاف في العمل فبدل ان يستمع للمشكلة انتقل الى الضفة الأخرى ينتقد شهادتي بنوع من الغضب الذي صراحة واجهته بحكمة متناهية و هي سؤالي بالمرة : ما سبب كل هذا الانفعال و أنا بعد لم أسرد مشكلتي ؟ ،ثم ما جدوى استدعائي و الانصات الجيد غائب و تفهم لب المشكل غير وارد أصلا ، ثم لما لا ترتبون طلبات الاستدعاء ان ما تعلق الأمر بمشكل ؟ المشكل لا بد أن يحل بالنقاش بعد الاستماع ، فالتسرع بدافع الشعور بمركب النقص هو هجوم غير مبرر على نقاوة الضمير و صفاء المهنة و رفعة العلم ، ويبدي من القوة ما يغطي به النقص لصاحبه ، و هنا نقطة الجدال ، و هي تساؤلي مرة أخرى : لماذا الشعور بمركب النقص في غير موضعه و مع غير من يستحق ؟ هي آفة مدمرة اذن و نافثة لسمها خاصة حينما يؤول قرار التسيير في المؤسسات و الادارات لغير أهله ، فبدل أن يكون فيه تعلم و تبادل للأفكار لأخذ التجربة و المعلومة تحل محلها حرب و لغط و فوضى في استيعاب الموازين الضرورية للتسيير العادل و الجيد ، فمن درس 10 سنوات في الجامعة ليس كمن درس 3 سنوات ، و هي فكرة طرحتها على بعض الزملاء فيما يخص اعادة ترتيب انتماء بعض اسلاك ممارسي الصحة ، صحيح فيه واجب تؤديه كل شريحة منهم و لكن لا وجه شبه بين طبيبة عامة و من تكونت في علم النفس ،يعني لابد من فهم نقاط جوهرية لكفاءة النخب الجامعية و الادارية ، و يجب عدم اضهار الشعور بالنقص في قالب من عدائية ، لا أحد يمنع غيره من التعلم و لا من التفوق و لا من المنافسة ،فالمهم أن تكون شريفة و بغير دافع للحسد أو للمحاربة و اقصاء و تهميش الكفاءات ، و قد لا أستطيع أن ألوم الكفاءات هنا ان ما تركت أماكنها و رحلت للخارج بدافع الهروب من الواقع ، لأن معاناة التهميش صعبة للغاية ، و يتولد عنها أمراض نفسية و ضغوطات معنوية و حتى عضوية ناهيك عن الشعور بالاحتقار و هذا التهميش قد يكون سببا ثاني للشعور بالدونية ، و بالتالي يمكنني أن أدرج
سببين رئيسين للشعور بمركب النقص و هما :
*الشعور الداخلي المتولد بالإحساس بالغيرة بسبب عدم تكملة الدراسة او عدم التفاعل في المجتمع بمستوى يسمح لصاحبه بالظهور و بالتالي الشعور بالرضى عن الذات .
*تهميش الكفاءات و عدم اشعارها بدورها الفاعل في البناء و التشييد و تكتفي بذلك بالتنحي جانبا او مغادرة مناصب العمل مبكرا قبل حلول سن التقاعد بسبب ما يشكله التهميش من ضغط نفسي على صاحبه.
و يمكنني ان اشير الى عامل الفتنة و ما تحدثه من خلافات لا مستوى لها من النقاش
أمورا كثيرة عايشتها بنفسي فتساءلت ان ما كان لدينا وقت لنكتب عن مثل هكذا مسائل ،او نتحاور مع هكذا عينات من الناس ، نعم لا بد من التحاور لأننا نتفاعل معهم بشكل يومي ، فان ما كان الحوار غائبا و انفجر الشعور بالدونية فهنا يصبح للقضية بعد آخر و هي تشكيل كتل ضد كتل و المجتمع له هوية واحدة و انتماء واحد و قرار واحد هو بناء الوطن ، غير ذلك من النزاعات تحل بالقانون و بالتحكيم للمسؤولين بشرط ان يكونوا عادلين ، هؤلاء المسؤولين اما أن يكونوا ممثلين للقانون بعدل و اما ان يكونوا مخالفين له ببيروقراطية و استغلال غير عادل للقانون، اذن الشعور بالدونية لها أبعاد مستقبلية و ليست آنية فقط ،فعلى من له كفاءة ان يوضع في مكانه المناسب الذي يليق به فعلا ليؤدي دوره كما ينبغي لأنه في الحقيقة يملك زادا من المعرفة و التجربة و الحكمة ، و من لا يمتلك هذا الزاد فعليه أن يركن للمكان الذي يناسب قدراته و طاقته و من غير شعور بالدونية ، فكم من رؤساء العالم ابتدؤوا مسيرتهم و لم يكونوا شيئا أو ربما كانوا تجارا أو ممتهنين لمهن متواضعة ، لكن بالتفتح على تقبل الواقع و عدم اشعار الآخرين بالتعالي و اشراك الناس همومهم تكونت كتلة و لحمة غير قابلة للانفصال و لو أن الرئيس في مرتبته له مكانة رفيعة لكنه يمشي في وسط جموع الناس و يتكلم مع كل الفئات و من غير بروتوكولات و النموذج التركي خير مثال .
لنصل في النهاية الى أن المجتمع الناجح في صنع حضارته هو ذاك المجتمع الذي تسوده الألفة و التقبل و الحوار و حل الخلافات بالتواصل و النقاش و تقبل الرأي و الرأي الآخر و من كان قادرا على القيادة يولى هذا الدور و من لم يكن قادرا فلا داعي للمزاحمة بما قد يعود عليه بالضرر في مواجهة الواقع المحمل بكثير من الرهانات و الذهنيات المختلفة و الآراء المتنوعة..هذا و لابد من ترويض النفس بالإيمان لان الايمان أحد أهم العلاجات المناسبة للشعور بمركب النقص أو الدونية.