معضلة الفساد و مكافحته
أنا قانونية ،أي نعم و موضوعي هذا لن أصيغه بالطريقة القانونية كما ألفه رجال القانون و المهتمين بقضايا الفساد من محامين و قضاة و متهمين و أبرياء ، اذن في هذا المقام ليس يهمني استحضار ترتيب منظمة الشفافية الدولية لمراتب الدول الأكثر فسادا في العالم أو مواد قانون مكافحة الفساد الجزائري 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته و القوانين الدولية و الوطنية و هي كثيرة لكن المهم هو أي لب للقضية من المعاجلة الفعلية و هل فعلا فهمنا المعنى الحقيقي للفساد ؟
فلو تصفحت أيها المهتم بالموضوع قانونا من القوانين إلا وتجد الديباجة تميع للوازم لا بد منها بالكتابة حرفيا بكلمة يجب أو على أو من الضروري و هي كلمات الهدف منها هو محاولة لسد الثغرة و سد أخطبوط الفساد من الامتداد.
فمن يقرأ هذا الموضوع و أتمناه بالدرجة الأولى أن يكون مظلوما شهد مثلي مظالما متنوعة حيث لما استندت للقانون لتحري هذا التعدي و المطالبة بحقي المتعسف فيه قوبلت برد قاس جدا ان محاولة قولي الحق أضحت فسادا في حد ذاته ، صدقا أصبت بدوار و من ثم بصداع طويل المدى ، لأن الموازين لدي اختلت و المفاهيم لم تلق لها بعدا حقيقيا من المعنى لدي ، فقلت في نفسي أو ليس الظلم و سوء الظن هو فساد ؟ أو ليس التعسف في رد الحق لأهله فساد ؟ أليس الحسد و الاهانة و المذلة فساد؟.
لذلك وضعت القوانين الوضعية جانبا و رحت أبحث عن آيات قرآنية تسكت في حاجتي لمعرفة معنى الفساد حقيقة ، و لما وجدت في سورة البقرة مساءلة الملائكة لله عز وجل في سبب خلق البشر و هي من تسبح بحمده و تستغفره و سألت : كيف أن يخلق من يعيث في الأرض فسادا؟ و في الماضي البعيد جدا قصة ولدي آدم و قتل أحدهما الآخر بسبب الحسد ، و من هنا كان المنشأ للفساد في ازهاق روح بدون وجه حق ، لأن الكثير الآن من يتصور الفساد في سرقة المال العام أو تخريب منشآت عمومية أو اتلاف مشاريع تنموية ، و الأحق في الفساد هو في ذاك التعدي على الغير المستقيم أيا كانت صفة و مظهر هذا التجاوز و ما أكثرها في هذا الزمن ، و الظاهر و الأهم منها هو الفساد الأخلاقي .
و مهما صنف الفساد الاداري و المالي و الاجتماعي فأبدا لن يحظوا بالترتيب الذي سيحتله الفساد الأخلاقي لأنه سبب بقية المفاسد تباعا .
أذكر في دردشة مع صديقتي و هي طالبة بالجامعة في سؤالها لي عن الحل في مكافحة الفساد و هو موضوع اختارته لرسالة الدكتوراه و الذي تعبت من تحضيره من البداية فقلت لها بسرعة و من غير تفكير : أن نصلح أنفسنا أولا.
فسألتني مرة أخرى : نحن لا نرقى لدرجة المفسدين الاخرين حتى تجيبيني عن سؤالي بهكذا بساطة فقلت لها اجابتي ليست بسيطة بل صعبة للغاية ، و لما أردفت علي بكيف ذلك ؟
قلت لها ان كنت اخترت مثلا هذا الموضوع كمشروع دراسي و تعبت من البداية فكيف لك ان تكملي؟ ، اذن اصلحي نفسك في ان تقبل التحدي لتستمر .
ففهمت قصدي و هو أننا باصطدامنا بكل لقطة فساد و مع صاحب الفساد علينا بتغيير منحى سلوكنا بما يجعلنا نتحداه على النحو الصحيح من التغيير و في ذاك التحدي يكمن سر المكافحة.
فإصلاح النفس هو بتقوية العزيمة فيها أن لا تخشى الفساد و أهله و لو أن الظاهر أصعب بكثير من تخيلات منطقية ، لأن الكثير ممن يتعرض للمضايقات بسبب الفساد يختار أيسر الطرق لتفاديه و بالتالي يسكت عقله من وجع التفكير و يريح نفسه من ولوج دهاليزه المظلمة ، و حتى لو سلب منه حقه فهو يتنازل عنه بسهولة تفاديا لتطور أمر العناد و المشاحنات و التي قد لا تحتمل عقباها..
و الظاهر في متنازعي الفساد السياسي هم أكثر الناس توترا في الحياة اليومية و أكثرهم قلقا و هوسا و لو ان السبب الحقيقي لهذا النوع من الفساد هو المنصب و المادة ، أما الفساد الاقتصادي فجله مطامع خارجية يتم توظيف أياد وطنية لتسهيل مهمة تخريب المال العام و لن يكون من السهل على أي شخص أجنبي أن يقهر أخلاقك ما لم تسمح له بذلك و هنا مكمن العقيدة الاسلامية الصحيحة في توثيق عرى التمسك بالمبادئ و القيم و عدم التنازل عليها بسهولة و الأكثرية من أصحاب هذه المبادئ يستقيلون من مناصبهم على أن يتنازلوا عن شرف الأخلاق الذي مثلته ارادتهم منذ نعومة أظافرهم ، و حتى المستقيلين من الحياة المهنية صنفين من الناس فمعظم من سألتهم عن السبب كان أكثرهم قليل الصحة أو يعاني مرضا مزمنا و بالتالي وضعه الصحي لا يسمح له بالصمود فيختار له التقاعد المسبق أو الاستقالة حتى يختم مساره المهني بنقاوة ، و البعض الاخر و اكثرهم الجنس اللطيف يرى في التصدي لظاهرة الفساد تعرضا لمساومات و متاعب نفسية و بالتالي يكون التسليم بالانسحاب من ميدان التحدي أفضل بكثير من المواجهة و أرى أن وجهات النظر هذه منطقية و لها كل الحق بحسب مقدورها و الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، أما الصنف المثالي من قبل التحدي و ثبت في الاستمرار في مواجهة الفساد فهذا نوع نادر جدا و سيماههم أنهم المخيرون لآداء رسالة احقاق الحق و ما أصعبها من رسالة لأن صاحبها سمح في كل ما يملك نصرة لدينه و له كل التقدير و الاحترام على هذه الشجاعة الأدبية و النفسية و الأخلاقية و الفكرية من منطلق انها مبدأ ، و هم قلة مقارنة بمن يسلك أيسر الطرق.
و الفساد من منظر التخلف التنموي و تأخر الانبعاث الحضاري هو في اقصاء الكفاءات المؤهلة و القادرة على البناء و الانتاج بقوة و كذا المحسوبية و سوء استخدام السلطة و الابتزاز و عدم المحافظة على المال العام كل أسبابها تعود لغياب الأخلاق ، لأن هذه الأخيرة هي من تقوم السلوك المنحرف و تردعه بل تمنعه من أي تجاوز و ان حدث و حصل فالأخلاق بصحوة الضمير هي من تصحح الأخطاء و بغير أخلاق لن تنفع القوانين في مكافحة الفساد مهما تنوعت و مهما كان مصدرها من أكبر الدول المصدرة للقوانين ،فالمعضلة ليست في تطبيق النص القانوني بقدر ما هي في تربية النفس على أن تلتزم الاستقامة في مجالات الحياة من عمل و دراسة و تنافس مهني أو تجاري و الفهم الجيد أن ايلاء المسؤوليات ليس تشريفا بقدر ما هو تكليف و في ذاك الفهم للتكليف يكمن عبء الابتعاد عن الفساد بكل مظاهره..و الموضوع متشعب و سأكمل لاحقا بحسب حاجة الموضوع للمادة القانونية و الأدبية حتى يأخذ حقه من الطرح فابقوا معي.....
أنا قانونية ،أي نعم و موضوعي هذا لن أصيغه بالطريقة القانونية كما ألفه رجال القانون و المهتمين بقضايا الفساد من محامين و قضاة و متهمين و أبرياء ، اذن في هذا المقام ليس يهمني استحضار ترتيب منظمة الشفافية الدولية لمراتب الدول الأكثر فسادا في العالم أو مواد قانون مكافحة الفساد الجزائري 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته و القوانين الدولية و الوطنية و هي كثيرة لكن المهم هو أي لب للقضية من المعاجلة الفعلية و هل فعلا فهمنا المعنى الحقيقي للفساد ؟
فلو تصفحت أيها المهتم بالموضوع قانونا من القوانين إلا وتجد الديباجة تميع للوازم لا بد منها بالكتابة حرفيا بكلمة يجب أو على أو من الضروري و هي كلمات الهدف منها هو محاولة لسد الثغرة و سد أخطبوط الفساد من الامتداد.
فمن يقرأ هذا الموضوع و أتمناه بالدرجة الأولى أن يكون مظلوما شهد مثلي مظالما متنوعة حيث لما استندت للقانون لتحري هذا التعدي و المطالبة بحقي المتعسف فيه قوبلت برد قاس جدا ان محاولة قولي الحق أضحت فسادا في حد ذاته ، صدقا أصبت بدوار و من ثم بصداع طويل المدى ، لأن الموازين لدي اختلت و المفاهيم لم تلق لها بعدا حقيقيا من المعنى لدي ، فقلت في نفسي أو ليس الظلم و سوء الظن هو فساد ؟ أو ليس التعسف في رد الحق لأهله فساد ؟ أليس الحسد و الاهانة و المذلة فساد؟.
لذلك وضعت القوانين الوضعية جانبا و رحت أبحث عن آيات قرآنية تسكت في حاجتي لمعرفة معنى الفساد حقيقة ، و لما وجدت في سورة البقرة مساءلة الملائكة لله عز وجل في سبب خلق البشر و هي من تسبح بحمده و تستغفره و سألت : كيف أن يخلق من يعيث في الأرض فسادا؟ و في الماضي البعيد جدا قصة ولدي آدم و قتل أحدهما الآخر بسبب الحسد ، و من هنا كان المنشأ للفساد في ازهاق روح بدون وجه حق ، لأن الكثير الآن من يتصور الفساد في سرقة المال العام أو تخريب منشآت عمومية أو اتلاف مشاريع تنموية ، و الأحق في الفساد هو في ذاك التعدي على الغير المستقيم أيا كانت صفة و مظهر هذا التجاوز و ما أكثرها في هذا الزمن ، و الظاهر و الأهم منها هو الفساد الأخلاقي .
و مهما صنف الفساد الاداري و المالي و الاجتماعي فأبدا لن يحظوا بالترتيب الذي سيحتله الفساد الأخلاقي لأنه سبب بقية المفاسد تباعا .
أذكر في دردشة مع صديقتي و هي طالبة بالجامعة في سؤالها لي عن الحل في مكافحة الفساد و هو موضوع اختارته لرسالة الدكتوراه و الذي تعبت من تحضيره من البداية فقلت لها بسرعة و من غير تفكير : أن نصلح أنفسنا أولا.
فسألتني مرة أخرى : نحن لا نرقى لدرجة المفسدين الاخرين حتى تجيبيني عن سؤالي بهكذا بساطة فقلت لها اجابتي ليست بسيطة بل صعبة للغاية ، و لما أردفت علي بكيف ذلك ؟
قلت لها ان كنت اخترت مثلا هذا الموضوع كمشروع دراسي و تعبت من البداية فكيف لك ان تكملي؟ ، اذن اصلحي نفسك في ان تقبل التحدي لتستمر .
ففهمت قصدي و هو أننا باصطدامنا بكل لقطة فساد و مع صاحب الفساد علينا بتغيير منحى سلوكنا بما يجعلنا نتحداه على النحو الصحيح من التغيير و في ذاك التحدي يكمن سر المكافحة.
فإصلاح النفس هو بتقوية العزيمة فيها أن لا تخشى الفساد و أهله و لو أن الظاهر أصعب بكثير من تخيلات منطقية ، لأن الكثير ممن يتعرض للمضايقات بسبب الفساد يختار أيسر الطرق لتفاديه و بالتالي يسكت عقله من وجع التفكير و يريح نفسه من ولوج دهاليزه المظلمة ، و حتى لو سلب منه حقه فهو يتنازل عنه بسهولة تفاديا لتطور أمر العناد و المشاحنات و التي قد لا تحتمل عقباها..
و الظاهر في متنازعي الفساد السياسي هم أكثر الناس توترا في الحياة اليومية و أكثرهم قلقا و هوسا و لو ان السبب الحقيقي لهذا النوع من الفساد هو المنصب و المادة ، أما الفساد الاقتصادي فجله مطامع خارجية يتم توظيف أياد وطنية لتسهيل مهمة تخريب المال العام و لن يكون من السهل على أي شخص أجنبي أن يقهر أخلاقك ما لم تسمح له بذلك و هنا مكمن العقيدة الاسلامية الصحيحة في توثيق عرى التمسك بالمبادئ و القيم و عدم التنازل عليها بسهولة و الأكثرية من أصحاب هذه المبادئ يستقيلون من مناصبهم على أن يتنازلوا عن شرف الأخلاق الذي مثلته ارادتهم منذ نعومة أظافرهم ، و حتى المستقيلين من الحياة المهنية صنفين من الناس فمعظم من سألتهم عن السبب كان أكثرهم قليل الصحة أو يعاني مرضا مزمنا و بالتالي وضعه الصحي لا يسمح له بالصمود فيختار له التقاعد المسبق أو الاستقالة حتى يختم مساره المهني بنقاوة ، و البعض الاخر و اكثرهم الجنس اللطيف يرى في التصدي لظاهرة الفساد تعرضا لمساومات و متاعب نفسية و بالتالي يكون التسليم بالانسحاب من ميدان التحدي أفضل بكثير من المواجهة و أرى أن وجهات النظر هذه منطقية و لها كل الحق بحسب مقدورها و الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، أما الصنف المثالي من قبل التحدي و ثبت في الاستمرار في مواجهة الفساد فهذا نوع نادر جدا و سيماههم أنهم المخيرون لآداء رسالة احقاق الحق و ما أصعبها من رسالة لأن صاحبها سمح في كل ما يملك نصرة لدينه و له كل التقدير و الاحترام على هذه الشجاعة الأدبية و النفسية و الأخلاقية و الفكرية من منطلق انها مبدأ ، و هم قلة مقارنة بمن يسلك أيسر الطرق.
و الفساد من منظر التخلف التنموي و تأخر الانبعاث الحضاري هو في اقصاء الكفاءات المؤهلة و القادرة على البناء و الانتاج بقوة و كذا المحسوبية و سوء استخدام السلطة و الابتزاز و عدم المحافظة على المال العام كل أسبابها تعود لغياب الأخلاق ، لأن هذه الأخيرة هي من تقوم السلوك المنحرف و تردعه بل تمنعه من أي تجاوز و ان حدث و حصل فالأخلاق بصحوة الضمير هي من تصحح الأخطاء و بغير أخلاق لن تنفع القوانين في مكافحة الفساد مهما تنوعت و مهما كان مصدرها من أكبر الدول المصدرة للقوانين ،فالمعضلة ليست في تطبيق النص القانوني بقدر ما هي في تربية النفس على أن تلتزم الاستقامة في مجالات الحياة من عمل و دراسة و تنافس مهني أو تجاري و الفهم الجيد أن ايلاء المسؤوليات ليس تشريفا بقدر ما هو تكليف و في ذاك الفهم للتكليف يكمن عبء الابتعاد عن الفساد بكل مظاهره..و الموضوع متشعب و سأكمل لاحقا بحسب حاجة الموضوع للمادة القانونية و الأدبية حتى يأخذ حقه من الطرح فابقوا معي.....