بغداد و انتفاضة التغيير
إن أهمية التاريخ في حياة الشعوب ليست تحتاج لشرح و تفسير من خلال إعادة تقديمه لأصحابه و المنتمين لإرثه من الوطنيين و المواطنين الأصليين لأي مجتمع ، لأن صورة الجذور التي ينتمي إليها ذلك الشعب هي ممتدة إلى العمق من الأرض الأم ، و الأمة التي تجهل تاريخها هي حتما بلا هوية و من لا هوية له يمكن أن يقع فريسة في أفخاخ الآخرين و يتخبط بذلك في تحديات مستمرة و محاولات عديدة لمسخ تلك الهوية و بشتى الطرق ، و من هنا تختل القناعة بدور التاريخ الذي يعد ركيزة و لبنة أساسية للحفاظ على الانتماء و حفاظا على الدولة و كيانها.
و ما يحدث في بغداد اليوم من هزات و انتفاضات للمطالبة بأدنى الحقوق إنما هو تعبير صريح و رافض لأي انتهاك يمس بحرية العراقيين و بحقهم في العيش من مسترزقات العراق ، و نتذكر بذلك الحلم الأمريكي في هذا البلد و كيف بدأ في غزوه تدريجيا للنيل من حضارته و عزيمة شعبه و نهب خيراته ، لكن الشعب العراقي الأبي يرفض إلا أن يتمسك بحقوقه و على مر السنين و في شتى المواقف و الظروف المعاشة سواء منها ما تيسر أو منها ما استصعب التكيف معه ، إلا انه شعب صامد و للأبد.
و لا يخفى على أحد أن العالم المستقبلي هو امتداد للعامل القديم و هو تطور منه و هنا يبرز دور التاريخ في عملية الانتعاش للمبادئ لأنه المرجعية الصحيحة لأي ولادة جديدة للفكر و لامتداد الحضارة.
و الذين روجوا للعولمة و لا يزالون إنما هي محاولة لصهر الحضارات العريقة و التبشير بظهور نظام سياسي جديد عالمي واحد يلغي تعددية الأمم و يلغي اتصال القيم بالمبادئ و بالتاريخ حتى لا يعرف أي شعب عربي انتمائه الحقيقي و أنه مطالب لأن ينغمس في تيار العولمة لأنها شر لا بد منه ،حتى يبقى هناك نظام شمولي واحد و اقتصاد واحد و دولة واحدة تفرض هيمنتها على العالم كله ، لكن المنطق البشري يحلل على أن إلغاء هذا التعدد هو إلغاء للعالم و انتهائه بالتدريج في حين أن هناك من الدول المتقدمة من لا تزال تحافظ على كيانها و تقدمها ، مثلا اليابان التي لا تزال تحافظ على ريادتها بتكنولوجيا عالية و متطورة و الصين كذلك ، إذ لم يتوقف الأمر على المنافسة الصناعية و الإنتاجية فقط و إنما على الاستثمار المالي و اللغوي ، هذا الأخير الذي يطلق عليه اسم الاستعمار الجديد ، لكن ما يلاحظ في العراق و ما يحدث من صراعات ما هو إلا محاولات متكررة لإلغاء هذه الهيمنة و محاولة الرجوع بالعراق و بالعراقيين إلى مصف الازدهار و رقي الحضارة العريقة الممتدة من بابل ووصولا إلى بلاد الرافدين ، و ما يعجب له المشاهد أو المتتبع للأحداث هو التفاف العراقيين حول حضن العراق لحمايته على اختلاف الطوائف و المذاهب إذ لم يكن يطفو مذهب أمام آخر ليسبق مصلحة العراق و العراقيين فأصبحت السنة و الشيعة يدا واحدة تعمل و تحاول و تستمر في المحاولة لتخليص العراق من أيدي
الطامعين و العابثين بمصيره و بمصير شعبه العريق ، و هذا هو المطلوب الآن حينما تتكالب الدول الطامعة لنهب خيرات هذا البلد و تشتيته و تفريق شمله ، فعلى الشعب العراقي أن يعي شيئا واحدا و هو أن مصلحة العراق تذيب كل الفوارق و تصهر كل الطائفية في بوتقة واحدة يطلق عليها اسم مصلحة العراق.
و لا يخفى على أحد أن المخطط الاستعماري الأمريكي للعراق الهدف الأسمى منه هو إلغاء وجود العراق كلية و لذلك هناك من الشعوب و من هذا المنطلق من أصبحت مهددة بالانقراض كما هو الحال في إفريقيا المهددة بالانتهاء بسبب المجاعات و الحروب الأهلية ، و لذل كان لزاما على الشعوب العربية أن تفهم دور الوعي و دور العمل للنهوض من جديد بالدول المتفتتة و المتناثر مصيرها هنا و هناك لتؤمن جيدا بأهمية فكرة الانبعاث الحضاري و كيف يجب أن تطبق هذه الفكرة بثوابتها و بمنطلقاتها الأكيدة للحفاظ على وجود الدول و شعوبها و مبادئها و تاريخا الذي هو بوصلة البقاء و نقطة التمركز و الثبات إزاء كل اضطراب و تذبذب في الثوابت و القيم .
و القارئ لتاريخ العراق و حضارته حتما سيعي و يفهم أن العراق لم يكن مستهدفا إلا لقوته و قوة شعبه و عظمة حضارته ، و لكن التاريخ يمنح العراق و شعبه تجديدا أفقيا آخرا و طموحا عموديا مغايرا لذاك الذي كان سابقا حينما انتاب العراق ضعف و سقوط لدولة ريادية بسقوط نظام صدام حسين ، هذا ليس معناه أن العراق انتهى أو سلبت منه حضارته و تماسك شعبه ، إنما الشعب العراقي اليوم أصبح أكثر وعيا و أكثر إدراكا للخطر المحدق على بلده ، فانتفض في تلاحم كبير بين شرائح أبنائه ليرفعوا صرح بغداد عاليا أن لا للهيمنة و لا للفساد و لا للمفسدين ، و حينما تتوحد هذه الصرخة تصبح معاقل الأمريكان و حلفائها مهددة بالفشل و في عقر دارهم ، فليحذر الذين يظنون أن الشعب العراقي سهل تكسيره و ليحذر الطامعون الذين يسيل لعابهم ظنا أن العراق كعكة سهل أكلها لأن القادم أصعب و أمر ، و الصعوبة تكمن في طوفان الشعوب إن هي انتفضت و توحدت و صدح صوت الحق منها فذاك تسونامي التغيير يبدأ بالتدريج و إن هو بلغ ذروته فحتما يقع التغيير و ينتصر الحق على الباطل و تقادم دولة بغداد المتينة و يعود الضعف و الفشل و الجبن لأهله و في عقر داره ..
إن أهمية التاريخ في حياة الشعوب ليست تحتاج لشرح و تفسير من خلال إعادة تقديمه لأصحابه و المنتمين لإرثه من الوطنيين و المواطنين الأصليين لأي مجتمع ، لأن صورة الجذور التي ينتمي إليها ذلك الشعب هي ممتدة إلى العمق من الأرض الأم ، و الأمة التي تجهل تاريخها هي حتما بلا هوية و من لا هوية له يمكن أن يقع فريسة في أفخاخ الآخرين و يتخبط بذلك في تحديات مستمرة و محاولات عديدة لمسخ تلك الهوية و بشتى الطرق ، و من هنا تختل القناعة بدور التاريخ الذي يعد ركيزة و لبنة أساسية للحفاظ على الانتماء و حفاظا على الدولة و كيانها.
و ما يحدث في بغداد اليوم من هزات و انتفاضات للمطالبة بأدنى الحقوق إنما هو تعبير صريح و رافض لأي انتهاك يمس بحرية العراقيين و بحقهم في العيش من مسترزقات العراق ، و نتذكر بذلك الحلم الأمريكي في هذا البلد و كيف بدأ في غزوه تدريجيا للنيل من حضارته و عزيمة شعبه و نهب خيراته ، لكن الشعب العراقي الأبي يرفض إلا أن يتمسك بحقوقه و على مر السنين و في شتى المواقف و الظروف المعاشة سواء منها ما تيسر أو منها ما استصعب التكيف معه ، إلا انه شعب صامد و للأبد.
و لا يخفى على أحد أن العالم المستقبلي هو امتداد للعامل القديم و هو تطور منه و هنا يبرز دور التاريخ في عملية الانتعاش للمبادئ لأنه المرجعية الصحيحة لأي ولادة جديدة للفكر و لامتداد الحضارة.
و الذين روجوا للعولمة و لا يزالون إنما هي محاولة لصهر الحضارات العريقة و التبشير بظهور نظام سياسي جديد عالمي واحد يلغي تعددية الأمم و يلغي اتصال القيم بالمبادئ و بالتاريخ حتى لا يعرف أي شعب عربي انتمائه الحقيقي و أنه مطالب لأن ينغمس في تيار العولمة لأنها شر لا بد منه ،حتى يبقى هناك نظام شمولي واحد و اقتصاد واحد و دولة واحدة تفرض هيمنتها على العالم كله ، لكن المنطق البشري يحلل على أن إلغاء هذا التعدد هو إلغاء للعالم و انتهائه بالتدريج في حين أن هناك من الدول المتقدمة من لا تزال تحافظ على كيانها و تقدمها ، مثلا اليابان التي لا تزال تحافظ على ريادتها بتكنولوجيا عالية و متطورة و الصين كذلك ، إذ لم يتوقف الأمر على المنافسة الصناعية و الإنتاجية فقط و إنما على الاستثمار المالي و اللغوي ، هذا الأخير الذي يطلق عليه اسم الاستعمار الجديد ، لكن ما يلاحظ في العراق و ما يحدث من صراعات ما هو إلا محاولات متكررة لإلغاء هذه الهيمنة و محاولة الرجوع بالعراق و بالعراقيين إلى مصف الازدهار و رقي الحضارة العريقة الممتدة من بابل ووصولا إلى بلاد الرافدين ، و ما يعجب له المشاهد أو المتتبع للأحداث هو التفاف العراقيين حول حضن العراق لحمايته على اختلاف الطوائف و المذاهب إذ لم يكن يطفو مذهب أمام آخر ليسبق مصلحة العراق و العراقيين فأصبحت السنة و الشيعة يدا واحدة تعمل و تحاول و تستمر في المحاولة لتخليص العراق من أيدي
الطامعين و العابثين بمصيره و بمصير شعبه العريق ، و هذا هو المطلوب الآن حينما تتكالب الدول الطامعة لنهب خيرات هذا البلد و تشتيته و تفريق شمله ، فعلى الشعب العراقي أن يعي شيئا واحدا و هو أن مصلحة العراق تذيب كل الفوارق و تصهر كل الطائفية في بوتقة واحدة يطلق عليها اسم مصلحة العراق.
و لا يخفى على أحد أن المخطط الاستعماري الأمريكي للعراق الهدف الأسمى منه هو إلغاء وجود العراق كلية و لذلك هناك من الشعوب و من هذا المنطلق من أصبحت مهددة بالانقراض كما هو الحال في إفريقيا المهددة بالانتهاء بسبب المجاعات و الحروب الأهلية ، و لذل كان لزاما على الشعوب العربية أن تفهم دور الوعي و دور العمل للنهوض من جديد بالدول المتفتتة و المتناثر مصيرها هنا و هناك لتؤمن جيدا بأهمية فكرة الانبعاث الحضاري و كيف يجب أن تطبق هذه الفكرة بثوابتها و بمنطلقاتها الأكيدة للحفاظ على وجود الدول و شعوبها و مبادئها و تاريخا الذي هو بوصلة البقاء و نقطة التمركز و الثبات إزاء كل اضطراب و تذبذب في الثوابت و القيم .
و القارئ لتاريخ العراق و حضارته حتما سيعي و يفهم أن العراق لم يكن مستهدفا إلا لقوته و قوة شعبه و عظمة حضارته ، و لكن التاريخ يمنح العراق و شعبه تجديدا أفقيا آخرا و طموحا عموديا مغايرا لذاك الذي كان سابقا حينما انتاب العراق ضعف و سقوط لدولة ريادية بسقوط نظام صدام حسين ، هذا ليس معناه أن العراق انتهى أو سلبت منه حضارته و تماسك شعبه ، إنما الشعب العراقي اليوم أصبح أكثر وعيا و أكثر إدراكا للخطر المحدق على بلده ، فانتفض في تلاحم كبير بين شرائح أبنائه ليرفعوا صرح بغداد عاليا أن لا للهيمنة و لا للفساد و لا للمفسدين ، و حينما تتوحد هذه الصرخة تصبح معاقل الأمريكان و حلفائها مهددة بالفشل و في عقر دارهم ، فليحذر الذين يظنون أن الشعب العراقي سهل تكسيره و ليحذر الطامعون الذين يسيل لعابهم ظنا أن العراق كعكة سهل أكلها لأن القادم أصعب و أمر ، و الصعوبة تكمن في طوفان الشعوب إن هي انتفضت و توحدت و صدح صوت الحق منها فذاك تسونامي التغيير يبدأ بالتدريج و إن هو بلغ ذروته فحتما يقع التغيير و ينتصر الحق على الباطل و تقادم دولة بغداد المتينة و يعود الضعف و الفشل و الجبن لأهله و في عقر داره ..