رغم أن الأطراف المؤيدة للثورة السورية في العالم العربي وافقت على الدخول في مفاوضات من أجل حل سياسي في سوريا التي تشهد معارك طاحة طوال 5 سنوات بين الثوار من جهة وقوات الأسد والمليشيات الشيعية الموالية له من جهة أخرى, إلا أن الأطراف الأخرى ما زالت تماطل وتضع العراقيل أمام هذه التسوية...
تتعرض السعودية لقنص مستمر من الجهات المؤيدة لنظام الأسد مثل حزب الله اللبناني وإيران, بمزاعم تأييدها لاستمرار الصراع في سوريا ودعمها لمن يصفونهم بـ "الإرهابيين" ومع ذلك جمعت الرياض الفصائل السورية المعارضة للنظام على أرضها وتوصلوا لاتفاق على تشكيل هيئة مفاوضات مع النظام في جنيف برعاية الامم المتحدة..في هذا الوقت بدأ التحرش من الحلف المؤيد لنظام الأسد لبعض أطراف المعارضة في محاولة لتشتيتها وإفشال المفاوضات التي لم تبدأ بعد كما حدث في الجولات السابقة والتي كان النظام يستخدمها لإطالة أمد النزاع والتقاط الأنفاس وتدارك الخسائر التي لحقت به..
كانت بداية التحرش من التحالف الأسدي بعد مؤتمر الرياض بشأن وضع بشار الأسد ووضع ذلك كشرط قبل أي محادثات بدعوى أنها إرادة الشعب السوري وأن رحيله مرهون بطلب الشعب وهي حجة واهية لأن الشعب السوري أكثر من نصفه نازح أو مهاجر أو محاصر في ظروف غير إنسانية فكيف لهذا الشعب أن يقرر أو يتم التوصل لقراره بشفافية؟! ..
بعد ذلك ضربت طائرات روسية اجتماعا لقادة جيش الإسلام الذي كان مشاركا في مؤتمر الرياض ووافق على الدخول في المفاوضات, وقد أدى القصف إلى استشهاد قائد جيش الإسلام زهران علوش مما عقّد طريق المفاوضات خصوصا أن جيش الإسلام يحارب داعش التي تزعم روسيا أن هدفها من التدخل في سوريا القضاء عليه وهو ما يكشف حقيقة أغراضها من التدخل...
تداعيات استهداف علوش ظهرت سريعا في تصريحات الدكتور رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشق عن النظام، والمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، الذي قال: ان جيش الإسلام هو أحد أهم مكونات الهيئة العليا للمفاوضات التي انبثقت عن مؤتمر الرياض يوم 10 يناير 2015. وشدد حجاب على ان استهداف أي مكون من مكونات الهيئة العليا للمفاوضات هو استهداف للهيئة بأكملها، ولا يخدم هذا العدوان الخارجي (الروسي والإيراني) أية عملية سياسية. كما وعد المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات ببذل الجهد في المحافل الدولية والحقوقية والقانونية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، مشيرًا إلى أن هذا الحادث الجلل له تبعات على المعترك السياسي والدبلوماسي, كما أكد على أن الإمعان في استهداف الشعب الأعزل بجرائم القصف الهمجي في إدلب وحمورية والمعضمية وغيرها من مدن ومناطق سورية من شأنه تقويض الجهود الدولية لدفع مسار العملية السياسية...
التحرش استمر من خلال تصريحات لروسيا بأن جيش الإسلام وأحرار الإسلام "جماعات إرهابية" ولن توافق على مشاركتهم في المفاوضات القادمة وهو نوع من المصادرة على حقوق الطرف الآخر وفرض رؤية النظام على سير المفاوضات من أجل إفشالها أو وضعها في إطار يخدم مصالحها..
نوايا النظام الأسدي واضحة تماما وتتلخص في إجهاض المفاوضات أو تفريغها من محتواها وتشكيل حلف دولي في صفها للقضاء على الثوار بدعوى مكافحة "الإرهاب" والإبقاء على الأوضاع كما هي دون تغير.