ما جرى في جنيف من محادثات لحل الأزمة السورية برعاية الأمم المتحدة كان مهزلة بكل ما تحمله المعنى؛ فالمعارضة السورية قبل السفر إلى جنيف أصرت على ضمانات محددة من أجل توفير أجواء مناسبة لتحقيق تقدم ملموس إلا أن الطرف الآخر عاند وواصل القصف والقتل لفرض أمر واقع على الأرض في ظل صمت دولي مريب...
المبعوث الدولي لسوريا موقفه أيضا كان غاية في الخذلان فرغم تأكيده على ضرورة وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن المدنيين وتطبيق قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن إلا أنه لم يمارس أي ضغط على نظام الأسد وحلفائه واكتفى بالتصريحات الوردية أحيانا والهلامية في معظم الوقت...المعارضة السورية أرادت قطع الطريق على نظام السفاح القابع في دمشق حتى لا يقال أنها لا تريد حلا سياسيا يعصم دماء الأبرياء ورغم كل المماطلات والانتهاكات سافرت إلى جنيف فما كان من نظام الأسد وحلفائه من الروس إلا أن زادوا من وحشيتهم في قصف وقتل المدنيين وحاصروا حلب وأجبروا الآلاف من سكانها على النزوح وقطعوا الممر الإنساني الوحيد الذي يسمح بمرور المساعدات إليها...
أسباب فشل المفاوضات كان واضحا وجليا وأكده وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عندما حمل النظام السوري مسؤولية تعليق محادثات جنيف مع المعارضة، وأشار الجبير في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى أن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وصل لقناعة بأن النظام السوري ليس جادا في المباحثات الحالية مع المعارضة. وأكد أن الحكومة السورية رفضت التعاون مع مبعوث الأمم المتحدة في محادثات السلام السورية، واعتبر أن تكثيف العمليات العسكرية الروسية في سوريا استهدف استفزاز المعارضة.....
رئيس اللجنة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، شدد على أن وقد المعارضة لن يعود إلى جنيف دون تحقيق مطالب الشعب السوري الإنسانية...وناشد حجاب المجتمع الدولي بالعمل لوقف "جرائم النظام"، قائلا إن نظام بشار الأسد، وحليفته روسيا، "لا يؤمن بالحل السلمي"، مضيفا: "النظام وحلفاؤه كثفوا القصف وصعّدوه بشكل عنيف جدا، وتشهدون ما يحصل في سوريا من اتباع سياسة الأرض المحروقة من قبل القوات الروسية والقوات الإيرانية، إذ ضاعفوا غاراتهم بشكل مذهل." وتابع حجاب قائلا إن سلاح الطيران الروسي شن في يوم واحد في منطقة محدودة شمال حلب 215 غارة جوية، استخدم فيها القنابل العنقودية والصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة والغازات السامة، واستهدفت مناطق شملت حمص واللاذقية ودير الزور، كما طالت مخيمات اللاجئين...
هذه الجرائم وغيرها قبل وبعد وأثناء المحادثات الأخيرة في جنيف مع التهاون بل التحالف الواضح بين الغرب وروسيا وغض الطرف عن جرائمها في سوريا وبالتبعية غض الطرف عن جرائم مليشيات الأسد يزيد من حرج الوضع الإنساني في سوريا ويجبر الثوار على الاستمرار في القتال دون النظر لأية دعوات كاذبة للحوار تشرف عليها شخصيات متورطة مع النظام الفاشي وتريد إجهاض الثورة وبيعها لأصحاب أحلام الإمبراطورية الشيعية الفارسية..