حقيقة التغيير مبدأ لا يتبدل
أ.سميرة بيطام
الله حقيقة عظمى و سيدنا ابراهيم علمنا كيف نعرف الله حق المعرفة كيف أنه نشأ في بيئة كافرة لكنه ابى الا ان يبحث و يعرف حقيقة غابت عن الكثيرين في وقته ، و النص القرآني يوضح تلك النية و تلك الارادة في التوجه الى الله " اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا ، و ما انا من المشركين " ..سورة الانعام الآية 79 ..
فمن هذا البيان القرآني نفهم ان نبينا ابراهيم عليه السلام ابى الا ان يعرف الحق فكان هذا الأمر حقيقة و لبها هي معرفة الله .
فان كان مفهوم التغيير هو تغير الحال من واقع نعيش فيه الى تصور نرغبه و نريده ان يتحقق في الواقع ، فالتغيير النمطي يعني التحول من وضع الى وضع آخر فيه متغيرات طرأت على الحال المعاش و تحدوه سمات لتحولات مرغوب فيها لأنها تحقق لنا توازنا نفسيا و تقبلا منطقيا لوضع يحقق لنا آمالنا و طموحاتنا التي نسعى اليها و أكيد الى الأحسن و الأصلح و النفع و الأدوم .
و من طبيعة السنة التي نعيشها و التي تفرض علينا مبدأ لا يتغير و هو مآل المتناقضات و الصراعات و التنافس وراء فرض فكرة السيطرة الوجودية و بنسق لا يمت بصلة لغير ما يدعو اليه ديننا الحنيف فكان الدافع الأكبر لأن يصر أصحاب الرسالة القوية على التمسك و التشبث بقواعد الاسلام النزيهة و الداعية الى ترسيخ الفكر و الاعتقاد بوحدانية الله تعالى و أنه تمكين آيل للديمومة و الاستمرار ما استمر تواتر الأجيال المتعاقبة ، فبعد كل مئة سنة يأتي من يجدد في الأمة و على نهج الصالحين و في ذلك تأدية لواجب الحفاظ على الرسالة المحمدية الدائمة و المستمرة ما بقيت الحياة تدب على وجه المعمورة قاطبة ، هي سنة لا تتغير و مبدأ لا يتبدل مهما طالت و تطاولت امواج التغريب ضاربة ارادة الشعوب للتنازل عن موروثها الحضاري الذي اكتسبه بفضل تضحيات جسام ادت ما عليها من واجب التحضر و التقدم لولا نوبات الضعف التي انتابت شعوبا كثيرة و على مراحل مختلفة من الزمن كالدولة العثمانية التي تكبدتها هزات غيرت من أوج قوتها الى ذبذبات في استقرار القوة و هي الان تستعيد عافيتها في عصر تحرري أكثر منه مضطرب وسط فكر علماني ليس يقبل بفكرة منسوجة بنسق قد لا يقتنع به الكثير من اّفراد المجتمع التركي و لكن لن يكون فيه تنازل عن موروثها الأعلى بل كل ما للإسلام ينتمي او يحمل نبرة من حروفه الندية و التي منحت دولا فترة بحبوحة سلطوية كبلاد الأندلس و غيرها من الدول التي افتخرت بأوج حضارتها في حقبة ذهبية من الزمن.
هي هكذا متطلبات الديمومة الحضارية الآن ، يريد لها المنادون بها عودة بل تقدما الى مستقبل لامع فيه الكثير من الطموحات المحققة و بأضواء لامعة من اشراق بعيدا عن مجال تكرار الأخطاء و الخوف من ركب الخطر و الصعب ، فلكل انجاز مميز تضحياته المميزة و لكل نجاح اعلى نصيبا من الضريبة التي تدفع مسبقا للظفر بتحقيق الهدف الغالي .
و عليه تسكن فكرة السيطرة بداخل عقول عنيدة تريد ان تفرض الهيمنة التحضرية بمفهوم التغيير أو التجديد لان كلاهما ينتمي الى موسوعة الانجاز و التحديث ، و هي حق مشروع للشعوب الأملة و الحالمة بموجب الانتماء و بفضل ما دونه التاريخ من شواهد حية عاشها ذاك المجتمع الطموح فتواترت الرؤية و اتسعت نقاط التركيز على الاستراتيجية المعتدلة و الموزونة في الواجهة الأخرى حيث انطلقت ارادات الرد المتوازنة متضمنة قوة مرنة تحاول ان تجد لها خلاصا مما يحاك ضدها لتغيير ملامح الانتماء و بعث العادات الغريبة عليها لتجد لها سكنا و مستقرا ، و لكن لا استقرار لما يعيق حرية الاحتفاظ بالهوية و العادات و التقاليد التي نشأ عليها أفراد أي مجتمع حقق في ذاته نصيبه من الطموح.
و عليه فان التغيير كرغبة انسانية هو في مضمونه حقيقة و ليس حلما او خيالا ، فالفكرة التي كانت بالأمس مجرد حلم تحولت اليوم الى شيء ملموس و معاش و ارتدت لها رداءا من الواقعية بعيدا عن الضبابية و التمويه و ما كان حقيقة اليوم سيكبر كل يوم ليصبح مبدأ لا يتغير و غير قابل لأي تعديل أو حذف أو اضافة ، لأن مشروع الأمس نال قسطا كافيا من الوقت و التخطيط و الاستعداد النفسي و البسيكولوجي و الاستراتيجي و كذا العدة من المعرفة و الثقافة التي تكفي لاكتمال مرحلة الانجاز لينتهي البناء و ينتهي قرار المشروع في آخر محطة من التمام .
و التغيير في خطته يأخذ عدة اشكال بحسب ما ترقى له الأنفس و تريده العقول ، فدرجة الادراك تختلف بحسب الخطط و التوجهات و كذا التصورات و بعد عملية الاسقاط يتضح الانجاز اما بالتوفيق و اما بالخسارة ، و ما كان مقترنا بمواصلة نسق الاصلاح و الخير و النهضة في شمولية أبعادها يقينا يحظى بنتائج ايجابية و يظهر ذلك في السلوك و الاقبال على ما ينمي الفضيلة و يقضي على الرذيلة و بدافع التجديد دائما تتحقق الأهداف و تصبح تلك الأحلام حقيقة ، اما ما كان مقترانا بمصلحة دنيوية أو غاية شخصية فالنتائج تكون ضيقة و لا تتحقق الا القدر الذي بنيت عليه الأفكار و سعت اليه الطاقات ولو على كثرتها فالعبرة بالنوايا و بمنهجية التخطيط و الهدف المنشود و ليس العبرة بالعدد او الميولات الفردية التي تسيطر عليها الأنانية بنسب متفاوتة على اختلاف قناعة أفراد المجتمع و بحسب توفر عوامل التحضر و الانبعاث الحضاري ، فهذا التنظيم يحتاج الى شروط لتحقيق النتائج المرجوة ، و من شروطه توضيح الرؤية المستقبلية جيدا و توفير ركائز البناء المتينة، و بقدر توفر عامل الوعي و التقبل عن قناعة لدى الأفراد بقدر ما يتيسر العمل و يختزل الوقت و تضبط اجندة التواصل و الحوار و تبادل الآراء بانفتاح في ذهنيات الجماعات التي سخرت طاقاتها لأجل عملية التغيير.
و لا يخفى ان عنصر القيادة يسند لعقل ذكي و مميز تتوفر فيه خصال الصبر و التخطيط و التريث و الانطلاقة الأكيدة بعيدا عن عوامل الخوف و التردد و التفكير باحتمالات قد تربك المخطط فتجعله بين رغبة و بين مجرد فكرة ميتة في العقل لم تغادر بعد مجال التفكير الى ميدان التطبيق ، ليبقى مبدأ التغيير فكرة و منطق لا بد له ان ينطلق من ذات كل واحد فينا حتى تكتمل في النهاية حقيقة التغيير الشاملة ، فما صدر من فرد تكرر أضعافا مضاعفة و شكل وحدة موحدة ترسمها طموحات كثيرة لكنها متفقة على الهدف و توجهها احلام متنوعة لكنها متفقة على التوقيت و الحرية في ان يتحول الحلم الى حقيقة و بكل هدوء و سلام بعيدا عن منغصات الهدم و العرقلة التي اتعبت عقولا مفكرة و شتت طاقات هائلة ، فلتكن القبلة واحدة و الهدف واحد موسومان بعنوان الانبعاث الحضاري .
أ.سميرة بيطام
الله حقيقة عظمى و سيدنا ابراهيم علمنا كيف نعرف الله حق المعرفة كيف أنه نشأ في بيئة كافرة لكنه ابى الا ان يبحث و يعرف حقيقة غابت عن الكثيرين في وقته ، و النص القرآني يوضح تلك النية و تلك الارادة في التوجه الى الله " اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا ، و ما انا من المشركين " ..سورة الانعام الآية 79 ..
فمن هذا البيان القرآني نفهم ان نبينا ابراهيم عليه السلام ابى الا ان يعرف الحق فكان هذا الأمر حقيقة و لبها هي معرفة الله .
فان كان مفهوم التغيير هو تغير الحال من واقع نعيش فيه الى تصور نرغبه و نريده ان يتحقق في الواقع ، فالتغيير النمطي يعني التحول من وضع الى وضع آخر فيه متغيرات طرأت على الحال المعاش و تحدوه سمات لتحولات مرغوب فيها لأنها تحقق لنا توازنا نفسيا و تقبلا منطقيا لوضع يحقق لنا آمالنا و طموحاتنا التي نسعى اليها و أكيد الى الأحسن و الأصلح و النفع و الأدوم .
و من طبيعة السنة التي نعيشها و التي تفرض علينا مبدأ لا يتغير و هو مآل المتناقضات و الصراعات و التنافس وراء فرض فكرة السيطرة الوجودية و بنسق لا يمت بصلة لغير ما يدعو اليه ديننا الحنيف فكان الدافع الأكبر لأن يصر أصحاب الرسالة القوية على التمسك و التشبث بقواعد الاسلام النزيهة و الداعية الى ترسيخ الفكر و الاعتقاد بوحدانية الله تعالى و أنه تمكين آيل للديمومة و الاستمرار ما استمر تواتر الأجيال المتعاقبة ، فبعد كل مئة سنة يأتي من يجدد في الأمة و على نهج الصالحين و في ذلك تأدية لواجب الحفاظ على الرسالة المحمدية الدائمة و المستمرة ما بقيت الحياة تدب على وجه المعمورة قاطبة ، هي سنة لا تتغير و مبدأ لا يتبدل مهما طالت و تطاولت امواج التغريب ضاربة ارادة الشعوب للتنازل عن موروثها الحضاري الذي اكتسبه بفضل تضحيات جسام ادت ما عليها من واجب التحضر و التقدم لولا نوبات الضعف التي انتابت شعوبا كثيرة و على مراحل مختلفة من الزمن كالدولة العثمانية التي تكبدتها هزات غيرت من أوج قوتها الى ذبذبات في استقرار القوة و هي الان تستعيد عافيتها في عصر تحرري أكثر منه مضطرب وسط فكر علماني ليس يقبل بفكرة منسوجة بنسق قد لا يقتنع به الكثير من اّفراد المجتمع التركي و لكن لن يكون فيه تنازل عن موروثها الأعلى بل كل ما للإسلام ينتمي او يحمل نبرة من حروفه الندية و التي منحت دولا فترة بحبوحة سلطوية كبلاد الأندلس و غيرها من الدول التي افتخرت بأوج حضارتها في حقبة ذهبية من الزمن.
هي هكذا متطلبات الديمومة الحضارية الآن ، يريد لها المنادون بها عودة بل تقدما الى مستقبل لامع فيه الكثير من الطموحات المحققة و بأضواء لامعة من اشراق بعيدا عن مجال تكرار الأخطاء و الخوف من ركب الخطر و الصعب ، فلكل انجاز مميز تضحياته المميزة و لكل نجاح اعلى نصيبا من الضريبة التي تدفع مسبقا للظفر بتحقيق الهدف الغالي .
و عليه تسكن فكرة السيطرة بداخل عقول عنيدة تريد ان تفرض الهيمنة التحضرية بمفهوم التغيير أو التجديد لان كلاهما ينتمي الى موسوعة الانجاز و التحديث ، و هي حق مشروع للشعوب الأملة و الحالمة بموجب الانتماء و بفضل ما دونه التاريخ من شواهد حية عاشها ذاك المجتمع الطموح فتواترت الرؤية و اتسعت نقاط التركيز على الاستراتيجية المعتدلة و الموزونة في الواجهة الأخرى حيث انطلقت ارادات الرد المتوازنة متضمنة قوة مرنة تحاول ان تجد لها خلاصا مما يحاك ضدها لتغيير ملامح الانتماء و بعث العادات الغريبة عليها لتجد لها سكنا و مستقرا ، و لكن لا استقرار لما يعيق حرية الاحتفاظ بالهوية و العادات و التقاليد التي نشأ عليها أفراد أي مجتمع حقق في ذاته نصيبه من الطموح.
و عليه فان التغيير كرغبة انسانية هو في مضمونه حقيقة و ليس حلما او خيالا ، فالفكرة التي كانت بالأمس مجرد حلم تحولت اليوم الى شيء ملموس و معاش و ارتدت لها رداءا من الواقعية بعيدا عن الضبابية و التمويه و ما كان حقيقة اليوم سيكبر كل يوم ليصبح مبدأ لا يتغير و غير قابل لأي تعديل أو حذف أو اضافة ، لأن مشروع الأمس نال قسطا كافيا من الوقت و التخطيط و الاستعداد النفسي و البسيكولوجي و الاستراتيجي و كذا العدة من المعرفة و الثقافة التي تكفي لاكتمال مرحلة الانجاز لينتهي البناء و ينتهي قرار المشروع في آخر محطة من التمام .
و التغيير في خطته يأخذ عدة اشكال بحسب ما ترقى له الأنفس و تريده العقول ، فدرجة الادراك تختلف بحسب الخطط و التوجهات و كذا التصورات و بعد عملية الاسقاط يتضح الانجاز اما بالتوفيق و اما بالخسارة ، و ما كان مقترنا بمواصلة نسق الاصلاح و الخير و النهضة في شمولية أبعادها يقينا يحظى بنتائج ايجابية و يظهر ذلك في السلوك و الاقبال على ما ينمي الفضيلة و يقضي على الرذيلة و بدافع التجديد دائما تتحقق الأهداف و تصبح تلك الأحلام حقيقة ، اما ما كان مقترانا بمصلحة دنيوية أو غاية شخصية فالنتائج تكون ضيقة و لا تتحقق الا القدر الذي بنيت عليه الأفكار و سعت اليه الطاقات ولو على كثرتها فالعبرة بالنوايا و بمنهجية التخطيط و الهدف المنشود و ليس العبرة بالعدد او الميولات الفردية التي تسيطر عليها الأنانية بنسب متفاوتة على اختلاف قناعة أفراد المجتمع و بحسب توفر عوامل التحضر و الانبعاث الحضاري ، فهذا التنظيم يحتاج الى شروط لتحقيق النتائج المرجوة ، و من شروطه توضيح الرؤية المستقبلية جيدا و توفير ركائز البناء المتينة، و بقدر توفر عامل الوعي و التقبل عن قناعة لدى الأفراد بقدر ما يتيسر العمل و يختزل الوقت و تضبط اجندة التواصل و الحوار و تبادل الآراء بانفتاح في ذهنيات الجماعات التي سخرت طاقاتها لأجل عملية التغيير.
و لا يخفى ان عنصر القيادة يسند لعقل ذكي و مميز تتوفر فيه خصال الصبر و التخطيط و التريث و الانطلاقة الأكيدة بعيدا عن عوامل الخوف و التردد و التفكير باحتمالات قد تربك المخطط فتجعله بين رغبة و بين مجرد فكرة ميتة في العقل لم تغادر بعد مجال التفكير الى ميدان التطبيق ، ليبقى مبدأ التغيير فكرة و منطق لا بد له ان ينطلق من ذات كل واحد فينا حتى تكتمل في النهاية حقيقة التغيير الشاملة ، فما صدر من فرد تكرر أضعافا مضاعفة و شكل وحدة موحدة ترسمها طموحات كثيرة لكنها متفقة على الهدف و توجهها احلام متنوعة لكنها متفقة على التوقيت و الحرية في ان يتحول الحلم الى حقيقة و بكل هدوء و سلام بعيدا عن منغصات الهدم و العرقلة التي اتعبت عقولا مفكرة و شتت طاقات هائلة ، فلتكن القبلة واحدة و الهدف واحد موسومان بعنوان الانبعاث الحضاري .