يستمر الحوار في جنيف بشأن الأزمة اليمنية وسط أجواء قاتمة لا تبشر بخير حيث يصر الحوثيون على موقفهم الرافض للقرار الأممي حول اليمن وهم يحاولون إطالة أمد المفاوضات قدر المستطاع لأسباب عدة من أهمها:إنهم يعتبرون إطالة أمد الأزمة يشكل عبئا دوليا على التحالف العربي الذي تقوده السعودية مع محاولة إبراز المزاعم بشأن استهداف طائرات التحالف للمدنيين والضغط على مسألة التدهور الإنساني الذي يعاني منه ملايين اليمنيين والادعاء بأنه بسبب التحالف والمقاومة الشعبية وليس بسبب انتهاكاتهم...كذلك يرى الحوثيون أن التفاوض يمنحهم فرصة لالتقاط الأنفاس والحصول على دعم متزايد من إيران وكسب تعاطف عالمي..
الحكومة اليمنية من جهتها أكدت على أن المفاوضات تسير في اتجاه مسدود بسبب تعنت الحوثيين, ولخص وزير خارجية اليمن رياض ياسين المشكلة في أن الحكومة الشرعية تعاملت مع الدعوة المقدمة من الأمم المتحدة لحضور مؤتمر جنيف بهدف تنفيذ القرار الاممى 2216 باعتباره جوهر حل الأزمة اليمنية والذى حظى بدعم يمنى وخليجى وعربى وعالمي, بينما يسعى الحوثيون لافشال مؤتمر جنيف وإطالة أمد التفاوض..
لقد ظهرت رغبة الحوثيين في التلاعب واستغلال الحوار لتحقيق مصالحهم الضيقة منذ اللحظة الأولى عندما أطلقوا تصريحات متضاربة بشأن المشاركة ثم التأخر في الوصول للمؤتمر والإصرار على عدد كبير من المحاورين وكأنهم في احتفالية ونزهة مما أدى إلى استفزاز الأطراف الأخرى حيث ضاع وقت طويل من أجل الاتفاق على تخفيض عدد الوفد الحوثي إلى 7 أشخاص حتى يماثل الوفد الحكومي اليمني..
لقد استمر الحوثيون في مهاتراتهم خلال المؤتمر الحواري عندما أصروا على الانطلاق من نقطة الصفر وليس من قرار الأمم المتحدة وهي نقطة جوهرية قد تفجر المؤتمر في أي لحظة...الأمم المتحدة من جهتها تريد الحصول على أي قرار إيجابي من المؤتمر ولو بهدنة قصيرة حتى تحفظ ماء وجهها ولكن الهدنة الأولى أظهرت نوايا الحوثيين من ورائها حيث استمروا في القصف والقتال ومحاولة اختراق الحدود السعودية مستغلين وقف القصف الجوي وإذا كانت الهدنة الثانية مثل الأولى فستكون بلا فائدة للشعب اليمني بل ستصب في تقوية جانب المتمردين الذين يريدون إعادة التمركز الميداني في أكثر من منطقة تعرضوا فيها للخسائر خلال الفترة الأخيرة...
لقد تسربت أنباء عن مسودة أممية لاتفاق في جنيف سيقدمه المبعوث الأممي للطرفين اليوم وينص على بعض المحاور الرئيسية مثل وقف إطلاق النار بالارتباط بانسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها تنفيذاً للقرار الأممي, ووضع آلية للهدنة وتنفيذ الانسحاب ومنع حصول فراغ أمني, وتشكيل آلية دولية لمراقبة احترام الهدنة والانسحاب, وإرسال فريق فني متخصص لتنفيذ بنود الاتفاق, و استئناف تقديم الخدمات الضرورية للشعب اليمني, وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وغير مقيد, وإقرار آلية الأمم المتحدة لتفتيش البضائع التجارية الوافدة عبر البحر والبر والجو, ولكن لا يبدو أن هذه المسودة ستلقى قبولا عند الحوثيين رغم مد أجل المفاوضات للأسبوع المقبل من أجل المزيد من النقاش..إن استمرار حوار الطرشان هو هدف الحوثيين الأساسي ومن يدعمهم ولن يتغير هذا الواقع إلا بضرية قاصمة لهم في الميدان.
موقع المسلم