من يسر الإسلام وسماحته وعظمته , واهتمامه بالناس جميعا , بالضعفاء خصوصا والمرضى والفقراء وغيرهم , رغب في أعمال للبر والصلاح يكون عمادها عون الضعيف والفقير وذا الحاجة .
والعوز والجوع من اشد ما يمكن أن يجد الفقير في حياته , فقد يدعوه ذلك الى الأخطاء والمعاصي .
لذا فقد اهتم الإسلام بهؤلاء اهتماما كبيرا وشرع نظاما اقتصاديا عظيما قوامه الزكاة والصدقة والوقف وغيرها مما يجعل النظام الإسلامي أعلى وأعظم نظام اهتم بشأن الإنسان في قضايا الفقر والحاجة .
وإطعام الطعام عبادة صالحة , وقيمة مهمة أمر بها الشارع العظيم , لعلمه بأثرها وفضلها , وظلالها الإيجابية على المجتمعات .
لدرجة أن جعلها عبادة دالة بذاتها على مبادئه والخير فيه , فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال :«تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» متفق عليه
بل إنه جعل خير الناس من أدى هذه العبادة , ففضله وميزه ورفع مقامه وقدره , إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :«خياركم من أطعم الطعام» أحمد وصححه الألباني .
بل جعله من أحب الأعمال إلى الله سبحانه , قال صلى الله عليه وسلم :«أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا» الطبراني وصححه الألباني .
إنها إذن اللقمة المباركة , التي ترفع درجة صاحبها , وتقربه إلى الله سبحانه , فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمْ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ» أخرجه أحمد
بل إن الله سبحانه وتعالى جعل من صفات الصالحين الذين وقاهم شر يوم الحشر أنهم يطعمون الطعام ويكثرون من ذلك على كل وجه وشكل , قال تعالى :{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورً} .
كما جعله صلى الله عليه وسلم طريقا للجنة فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام» الترمذي .
إنها لقمة مغلفة بغلاف الرحمة , والمحبة في الله , والإيثار , والعطاء المتدفق , وحب الخير للمؤمنين , والرغبة في إدخال السرورعليهم , ابتغاء وجهه سبحانه .
إن الأمر لايقتصر على مائدة كبيرة تدعو اليها الفقراء , ولا طعام تطعمهم به , بل إن في ذلك تسابق في الابتكار والإبداع , لتصل تلك اللقمة الى في الفقير والمحتاج .
وأفضل تلك اللقم ما كان خفيا سخيا , فقد كان زين العابدين بن علي يحمل أجولة الدقيق والسمن على كتفه ليلا فيطرق الابواب ويضعها ويعود , ولم يكن أصحاب البيوت يعرفون من يفعل ذلك ..
ومع ذلك الخير كله فيجب أن نحذر , فإنها طاعة معرضة لغزو الرياء , وحب السمعة , والمن بالعمل , وغيرها من محبطات الأعمال ,, فليحذر الصالحون .
موقع المسلم