لا شك أن العملية العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين الشيعة بمشاركة عدد من الدول العربية والمسماه "عاصفة الحزم", أحيت الكثير من الآمال في نفوس الشعوب العربية بشأن الوحدة والتخطيط المشترك لمواجهة المؤمرات التي تتعرض لها المنطقة من قبل عدة جهات خارجية وإقليمية...ظلت الجامعة العربية التي تضم جميع الدول العربية لسنوات طويلة جسدا بلا روح رغم المحاولات المستمرة لتطويرها ولكن كانت دائما تقف عاجزة أمام التحديات التي تشهدها المنطقة حتى أنها عجزت عن الوقوف بجدية أمام أهم قضية عربية في الوقت الحالي وهي قضية فلسطين ومواصلة تهويد القدس والأقصى...
كانت الدول العربية ترهن اتخاذ خطوات جدية بهذا الشأن بالجامعة العربية وكانت الجامعة ترهن ذلك باستعداد أعضائها لتطوير بالموافقة على تطوير آلياتها وظلت الملفات تدور في حلقة مفرغة حتى أوشك اليمن على السقوط في شبكة الفرس فاستيقظت الملفات القديمة ومن أهمها القوة العربية المشتركة..
رغم أن هناك الكثير من المشاكل تعتري موضوع القوة العربية المشتركة تتركز في الأهداف وكيفية اتخاذ القرارات والتمويل وعدد الجنود من كل دولة ومركز تجمع القوات إلا أنها خطوة هامة في ظل تصاعد المد المجوسي الفارسي والذي تجاوز الحدود بعد أن تمكن من فتح معابر للحوار والتفاهم بشكل علني مع القوى الكبرى..القضية لا تقف فقط عند مسألة القوة العربية المشتركة ولكنها تتعدى ذلك للوقوف مليا أمام المنطلقات التي جعلت عملية مثل عاصفة الحزم ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل وهل هي تعرض دولة عربية للانقلاب على سلطتها الشرعية بمساعدة خارجية؟ أم أن العرب فعلا فطنوا للمخططات التي تدور في المنطقة والتي لن تقف بأي حال على اليمن حتى ولو اسقرت الأوضاع فيها وعادت الأمور إلى نصابها؟...
العرب عليهم أن يواجهوا أنفسهم ويعترفوا بأخطائهم المتتالية في عدة ملفات شائكة لا تقل خطور عن اليمن وعلى رأسها العراق وسوريا وتركهم الدفة في أيدي إيران والغرب يتلاعبون سويا ويتقاسمون المصالح بينهم فالأهمية الحقيقية لعاصفة الحزم ليست في قدرتها على حسم الأمور في اليمن فحسب ولكن في أن تكون نواة لعمل عربي مشترك وحاسم في ملفات أخرى هامة وليس بالضرورة عن طريق التدخل العسكري المباشر ...
إيران منذ اللحظة الأولى لغزو العراق في عهد صدام حسين عرفت ماذا تريد وبدأت في تشكيل مليشياتها وفتح أبواب الصفقات مع الاحتلال الذي سلمها العراق تدريجيا لتحكمه من خلال الموالين لها في حين وقف العرب موقف المتفرج على أهل السنة وهم يذبحون ويهمشون واكتفوا ببيانات الاستنكار, وعندما اندلعت الثورة في سوريا أعلنت طهران بوضوح وقوفها بجانب الأسد ليس نظريا فحسب بل عمليا من خلال قوات ومستشارين عسكريين وأموال ضخمة تضخ في حين اكتفى العرب بالتأييد النظري للثورة ومساعدات ضئيلة للثوار بدأت تنعدم تدريجيا جراء ضغوط خارجية باستخدام فزاعة "الإرهاب" ثم بدأت عدد من الدول العربية التراجع عن موقفها وبدأت تتقرب إلى نظام الأسد وتفتح معه أبواب الحوار وهو تخبط واضح في المواقف يبين الفارق بين أجندة جاهزة ومرتبة وواضحة الأهداف وأجندة أخرى مضطربة تتصارعها الرياح..إن نظرة العرب لعاصفة الحزم واستغلال الحالة التي صنعتها هي البداية لموقف عربي أكثر نضوجا وفعالية في المستقبل القريب بعيدا عن ردود الأفعال التي تأتي دائما متاخرة وبطيئة.
*موقع المسلم*