نحن وتقنيات التواصل المعاصرة
إنّ التطور العلمي والتكنولوجي الذي يعرفه عصرنا أمر طبيعي مادام الإنسان يجتهد ويسعى ويبذل الوسع في اتجاه تجديد أفكاره وتفسيراته للظواهر على المستويين الطبيعي والاجتماعي وفي خط تغيير واقعه المعيشي من حيث أساليب العمل وأدواته ومنتجاته في مختلف قطاعات الحياة، منطلقا من الطبيعة كمادة وجغرافيا وبيئة ساعيا باستمرار إلى تحويل وتوجيه قوانينها ونظامها وظواهرها من صورة غير نافعة إلى صورة نافعة أي تحقيق هدف رئيسي في الحياة مقرر في جميع الأديان والتشريعات منذ وجد الإنسان حتى الآن وهو التسخير أي تسخير الطبيعة البشرية والمادية الموضوعية لخدمة متطلبات الإنسان وضمان راحته وسعادته.
التطور الهائل المحقق في ميدان تكنولوجيا الإعلام والاتصال والإشهار في العصرين الحديث والحاضر ارتبط أساسا بالتطور الذي حققه الإنسان في ميدان البحث العلمي نظريا وتطبيقيا، واستمر التطور عبر القرون 14 و15 و16 و 17، وجاءت الثورة الصناعية في أواخر القرن 18 إلى أن وقع الانفجار العلمي والصناعي في جميع ميادين الحياة في القرنين 19 و20 وصارت الصناعة والآلة الصناعية هي العلامة المميزة للعصر في سياق الحداثة والتحديث، تحديث وسيلة العمل والإنتاج، وتطوير كل مناحي الحياة داخل المجتمع.
التقنيات الحديثة في كافة ميادين الحياة ومنها شبكة الانترنيت كوسيلة للتواصل والإعلام والإشهار وغيره مهمة جدّا وحسّاسة وخطيرة لها وعليها بالنسبة للإنسان عامة وبالنسبة لعامنا العربي، بالنسبة للإنسان فهي تختزل المسافات وتقتصد الجهود في التواصل كما تُستخدم في التثقيف والتعليم والتكوين والمثاقفة وتسهل إنجاز المهام والمسؤوليات والمشاريع الكبرى في السياسة وفي المال والأعمال وفي كافة القطاعات من غير استثناء وبهذا فهي فتحا على الإنسانية جمعاء، ومن ناحية مباينة فهي قد تهدر الوقت والجهد في حالة الإدمان وتسبب انحراف وفساد أخلاق الناس والشباب وممارسة كل الجرائم الالكترونية السياسية والمالية والأخلاقية والنفسية وغيرها وبهذا فهي صدمة ونقمة على الإنسان.
بالنسبة للعالم العربي فمشكلته مع التقنيات الحديثة والإنترنيت أعمق وأكبر وأكثر تفاقما، لأنه عالم مستهلك غير منتج للصناعة بتاتا ولا ينتج ما يكفيه في الزراعة أو في الثقافة أو في التربية، والقطاعات متكاملة،فهو يشتري منتجات الحضارة الغربية والحضارة لا تُبنى من منتجاتها، هو في تبعية علمية وتكنولوجية واقتصادية وسياسية يفرض عليه صاحب الحضارة الراهنة ما يريد ولا مجال للحديث عن الحرية في ظل الاستبداد ولا مجال للحديث عن الاستقلال في ظل التبعية والانبطاح، في عالمنا العربي لم تُستثمر التقنيات الحديثة في تطوير البحث العلمي وفي تطوير التعليم والتكوين وفي تطوير الاقتصاد فلسفة وعمل، بل تستغل لتحقيق مطالب ظرفية وحاجات بيولوجية غريزية وفي أعمال ذات منفعة شخصية خاصة وغير أخلاقية وهذا هو حال التعامل مع النت في عالمنا العربي، إدمان على النت في السفاهات والتفاهات وفي اللاأخلاقيات وفيما يتعارض مع قيمنا وديننا ومبادئنا فكيف يمكن للأمة أن تنهض وأبناؤها في هذا الاتجاه؟، الأمم التي تحترم نفسها المتقدمة أنتجت التقنية وهي تعاني مشاكل كثيرة بسبب التقنية، فما بال العالم الذي يستهلك تقنية ليست من إنتاجه ويتفنن في العبث بها.
المدرسة استفادت من دون شك من تقنيات البحث والدراسة من خلال تذليل الكثير من الصعوبات التي تواجهها المنظومة التربوية في جانب العملية التعليمية التعلّمية، صعوبات لم تعد تقف أمام المعلم والمتعلم، لكن شبكة الانترنيت تركت أثرها السلبي الخطير على التربية والتعليم والتعلم في بلادنا، لم يعد الاجتهاد الدراسي قائما أصلا لدى التلاميذ وطغت مظاهر الإهمال والتهاون والتسيب على التكوين والمكوّن والمتكوّن، لم يد للكتب دور في الحياة الدراسية ولا للبحث الدراسي السليم الناجح الهادف مكانة لدى غالبية الناس، إضافة إلى انشغال شبّاننا باللعب وبأمور أكثر من اشتغالهم بالمطالعة وبالتحضير الدراسي والعلمي وبالبحوث مما جعل المنظومة التربوية في بلادنا تعاني من ضعف المستوى بسبب ضعف التكوين وضعف المتكونين، وما زاد في تفاقم الوضع "الدخول في أخطاء أخلاقية بات إخفاؤها مهمة سهلة" وأصبح من العسير على الأولياء إزالتها وتصحيحها، وأزمة مجتمعنا العربي في أصلها أخلاقية.
سؤال مهم وأساسي هو: كيف نحمي الجيل من الدخول في أخطاء أخلاقية بات إخفاؤها مهمة سهلة؟
هذا السؤال جدير بالطرح على كل إنسان، رجل وامرأة، عالم، باحث كل في تخصصه، سياسي، حاكم، وغيره، لأنّ السؤال يهمّ الجميع ويدل على خطورة الوضع بالنسبة للناشئة التي تضطلع بمهام المسؤوليات في الحاضر والمستقبل، والتغيير الإيجابي لا يحدث دفعة واحدة بل يتدرج شيئا فشيئا، ويبدأ بتغيير الأنفس انطلاقا من مبادئ وأصول وفلسفة وإستراتيجية يلتزم بها الكبار، وتُرسخ في النشء بالوسائل والمناهج والإمكانيات المتاحة المادية والبشرية والمعنوية والروحية، مع توفير الجوّ المناسب تماما لتكوين تربوي واجتماعي وعلمي يراعى فيه جانب الأصالة وجانب الإبداع ويكون خاليا من الفساد والاستبداد والتبعية، وكل هذا يجري في اتجاه أهداف وغايات كبرى تحددها فلسفة التربية العامة في المجتمع، قد يرى البعض في كلامنا الطابع النظري لكن نجرّب والتجربة خير خطاب، لأنّ المناهج التعليمية الراهنة في إطار منظوماتها التربوية في العالم العربي وبدرجات متفاوتة تقوم على الارتجال والعفوية والفوضى وغياب المتابعة وانعدام الإستراتيجية اللازمة لتعليم فعال ولتكوين مدروس والنقل الأعمى من دون مراعاة خصوصيات الأمة ولا خصوصيات المرحلة، بالتأكيد النتائج تكون وخيمة ويغيب الأمل في التصحيح والإصلاح.
جيلالي بوبكر أغسطس 2014
إنّ التطور العلمي والتكنولوجي الذي يعرفه عصرنا أمر طبيعي مادام الإنسان يجتهد ويسعى ويبذل الوسع في اتجاه تجديد أفكاره وتفسيراته للظواهر على المستويين الطبيعي والاجتماعي وفي خط تغيير واقعه المعيشي من حيث أساليب العمل وأدواته ومنتجاته في مختلف قطاعات الحياة، منطلقا من الطبيعة كمادة وجغرافيا وبيئة ساعيا باستمرار إلى تحويل وتوجيه قوانينها ونظامها وظواهرها من صورة غير نافعة إلى صورة نافعة أي تحقيق هدف رئيسي في الحياة مقرر في جميع الأديان والتشريعات منذ وجد الإنسان حتى الآن وهو التسخير أي تسخير الطبيعة البشرية والمادية الموضوعية لخدمة متطلبات الإنسان وضمان راحته وسعادته.
التطور الهائل المحقق في ميدان تكنولوجيا الإعلام والاتصال والإشهار في العصرين الحديث والحاضر ارتبط أساسا بالتطور الذي حققه الإنسان في ميدان البحث العلمي نظريا وتطبيقيا، واستمر التطور عبر القرون 14 و15 و16 و 17، وجاءت الثورة الصناعية في أواخر القرن 18 إلى أن وقع الانفجار العلمي والصناعي في جميع ميادين الحياة في القرنين 19 و20 وصارت الصناعة والآلة الصناعية هي العلامة المميزة للعصر في سياق الحداثة والتحديث، تحديث وسيلة العمل والإنتاج، وتطوير كل مناحي الحياة داخل المجتمع.
التقنيات الحديثة في كافة ميادين الحياة ومنها شبكة الانترنيت كوسيلة للتواصل والإعلام والإشهار وغيره مهمة جدّا وحسّاسة وخطيرة لها وعليها بالنسبة للإنسان عامة وبالنسبة لعامنا العربي، بالنسبة للإنسان فهي تختزل المسافات وتقتصد الجهود في التواصل كما تُستخدم في التثقيف والتعليم والتكوين والمثاقفة وتسهل إنجاز المهام والمسؤوليات والمشاريع الكبرى في السياسة وفي المال والأعمال وفي كافة القطاعات من غير استثناء وبهذا فهي فتحا على الإنسانية جمعاء، ومن ناحية مباينة فهي قد تهدر الوقت والجهد في حالة الإدمان وتسبب انحراف وفساد أخلاق الناس والشباب وممارسة كل الجرائم الالكترونية السياسية والمالية والأخلاقية والنفسية وغيرها وبهذا فهي صدمة ونقمة على الإنسان.
بالنسبة للعالم العربي فمشكلته مع التقنيات الحديثة والإنترنيت أعمق وأكبر وأكثر تفاقما، لأنه عالم مستهلك غير منتج للصناعة بتاتا ولا ينتج ما يكفيه في الزراعة أو في الثقافة أو في التربية، والقطاعات متكاملة،فهو يشتري منتجات الحضارة الغربية والحضارة لا تُبنى من منتجاتها، هو في تبعية علمية وتكنولوجية واقتصادية وسياسية يفرض عليه صاحب الحضارة الراهنة ما يريد ولا مجال للحديث عن الحرية في ظل الاستبداد ولا مجال للحديث عن الاستقلال في ظل التبعية والانبطاح، في عالمنا العربي لم تُستثمر التقنيات الحديثة في تطوير البحث العلمي وفي تطوير التعليم والتكوين وفي تطوير الاقتصاد فلسفة وعمل، بل تستغل لتحقيق مطالب ظرفية وحاجات بيولوجية غريزية وفي أعمال ذات منفعة شخصية خاصة وغير أخلاقية وهذا هو حال التعامل مع النت في عالمنا العربي، إدمان على النت في السفاهات والتفاهات وفي اللاأخلاقيات وفيما يتعارض مع قيمنا وديننا ومبادئنا فكيف يمكن للأمة أن تنهض وأبناؤها في هذا الاتجاه؟، الأمم التي تحترم نفسها المتقدمة أنتجت التقنية وهي تعاني مشاكل كثيرة بسبب التقنية، فما بال العالم الذي يستهلك تقنية ليست من إنتاجه ويتفنن في العبث بها.
المدرسة استفادت من دون شك من تقنيات البحث والدراسة من خلال تذليل الكثير من الصعوبات التي تواجهها المنظومة التربوية في جانب العملية التعليمية التعلّمية، صعوبات لم تعد تقف أمام المعلم والمتعلم، لكن شبكة الانترنيت تركت أثرها السلبي الخطير على التربية والتعليم والتعلم في بلادنا، لم يعد الاجتهاد الدراسي قائما أصلا لدى التلاميذ وطغت مظاهر الإهمال والتهاون والتسيب على التكوين والمكوّن والمتكوّن، لم يد للكتب دور في الحياة الدراسية ولا للبحث الدراسي السليم الناجح الهادف مكانة لدى غالبية الناس، إضافة إلى انشغال شبّاننا باللعب وبأمور أكثر من اشتغالهم بالمطالعة وبالتحضير الدراسي والعلمي وبالبحوث مما جعل المنظومة التربوية في بلادنا تعاني من ضعف المستوى بسبب ضعف التكوين وضعف المتكونين، وما زاد في تفاقم الوضع "الدخول في أخطاء أخلاقية بات إخفاؤها مهمة سهلة" وأصبح من العسير على الأولياء إزالتها وتصحيحها، وأزمة مجتمعنا العربي في أصلها أخلاقية.
سؤال مهم وأساسي هو: كيف نحمي الجيل من الدخول في أخطاء أخلاقية بات إخفاؤها مهمة سهلة؟
هذا السؤال جدير بالطرح على كل إنسان، رجل وامرأة، عالم، باحث كل في تخصصه، سياسي، حاكم، وغيره، لأنّ السؤال يهمّ الجميع ويدل على خطورة الوضع بالنسبة للناشئة التي تضطلع بمهام المسؤوليات في الحاضر والمستقبل، والتغيير الإيجابي لا يحدث دفعة واحدة بل يتدرج شيئا فشيئا، ويبدأ بتغيير الأنفس انطلاقا من مبادئ وأصول وفلسفة وإستراتيجية يلتزم بها الكبار، وتُرسخ في النشء بالوسائل والمناهج والإمكانيات المتاحة المادية والبشرية والمعنوية والروحية، مع توفير الجوّ المناسب تماما لتكوين تربوي واجتماعي وعلمي يراعى فيه جانب الأصالة وجانب الإبداع ويكون خاليا من الفساد والاستبداد والتبعية، وكل هذا يجري في اتجاه أهداف وغايات كبرى تحددها فلسفة التربية العامة في المجتمع، قد يرى البعض في كلامنا الطابع النظري لكن نجرّب والتجربة خير خطاب، لأنّ المناهج التعليمية الراهنة في إطار منظوماتها التربوية في العالم العربي وبدرجات متفاوتة تقوم على الارتجال والعفوية والفوضى وغياب المتابعة وانعدام الإستراتيجية اللازمة لتعليم فعال ولتكوين مدروس والنقل الأعمى من دون مراعاة خصوصيات الأمة ولا خصوصيات المرحلة، بالتأكيد النتائج تكون وخيمة ويغيب الأمل في التصحيح والإصلاح.
جيلالي بوبكر أغسطس 2014