الكاتب : عبد الحافظ الفقيه
لقد عاش أبو الأحرار الزبيري رحمه الله باحثا ومدافعا عن الحرية والكرامة لليمنيين جميعا ومحاربا وفاضحا للظلم والاستبداد والطغيان وسخر كل مواهبه من أجل توعية الشعب بأهمية الحرية وعواقب الاستبداد من خلال الشعر والنثر والخطب والصحافة والرواية ... الخ
ولقد حاولت البحث عن كتبه وعمن كتب عنه فوجدت كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لمكتبة الإرشاد تقديم الدكتور عبد العزيز المقالح فوجدت أحسن من كتب (حسب معرفتي) عن الزبيري وشعره وأدبه وسياسته ففضلت أن أنقل بعضا مما كتبه المقالح فقد وفى وكفى فيما كتبه عن الشهيد أبو الأحرار رحمه الله وسنأخذ بعض المقتطفات مما كتبه ومما نقله عن الزبيري فإليه:
شاعر الحرية ومقاوم الاستبداد
قال عنه الدكتور عبد العزيز مقالح ’’ليس محمد محمود الزبيري شاعرا فحسب ولا هو مناضل فحسب بل هو كذلك صحفي وزعيم وطن وروائي وكاتب وشهيد لذلك فقبل محاولة الكتابة عنه لابد من أن يثور السؤال أو الأسئلة التالية: ما الذي يمكن أن يستحضره الذهن حين يتذكر الزبيري؟ ..هل تاريخ أول معارضة لحكم الإمامة في اليمن ثم الانقلاب 1948 م؟ أم تاريخ أو عمل صحفي حر في اليمن ثم انقلاب 1955م؟ هل كتابة أول عمل روائي أم ثورة 26 سبتمبر؟ ..ثم ذلك الجسد المضرج بالدم بعد رحلة الكفاح الطويل؟ أكل هذا لابد أن يستحضره الذهن قبل محاولة الكتابة عن الزبيري ... فمن أين تكون البداية؟...’’
وقد تكلم الدكتور المقالح عن الزبيري كشاعر فقال ’’قد أذاب محمد محمود الزبيري حقا حياته في شعره كما أذاب شعره في حياته حتى لا يمكن الفصل بينهما، يقول في مقدمة ديوانه الثاني (ثورة الشعر)...( وتفاعلت نفسي مع الشعر وتفاعل معها ونما خلال نموها، فكانت طفولتي طفولته، وشبابي شبابه، ونضجي نضجه، وكان يسير جنبا إلى جنب حيث أسير فهو ساذج في سن المراهقة، وطائش عندما أطيش، وحزين عندما أحزن، وحالم بالسعادة وقتما أحلم وإذا لعبت لعب مثلي وإذا جديت قلد جدي) ثورة الشعر ص7.
(فقد ولد الزبيري في صنعاء عام 1328م من أسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى ويشتغل بعض أفرادها بالقضاء والبعض الآخر بالتجارة وقد نشأ شاعرنا – طفولته الباكرة- نشأة متصوفة:’’بدأت حياتي طالب علم ينحو منحى الصوفية في العزوف والروحانية وتعشقت هذا اللون من الحياة رغم اليتم والشظف والقلة ونعمت به كما لم أنعم بشيء آخر بعد ذلك) ثورة الشعر ص7
ويضيف المقالح (حتى أخرجه الشعر إلى عالم الناس وربطه بحياتهم) كما يقول: (مهما يكن الأمر فان الحقيقة الواقعة أن الشعر هو الذي أخرجني من القمقم وقادني إلى عمار الحياة الواسعة الزاخرة بالمفارقات والمتناقضات) ديوان صلاة في الجحيم.
حياته السياسية:
(قد بدأ الزبيري حياته في السياسة وهو طالب في القاهرة في كلية دار العلوم وعاد إلى اليمن حاملا مشعل التنوير خلال جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ألفها بعد عودته فكان جزاءه السجن ثم الفرار إلى عدن...
وبعد ثورة 48هاجر إلى باكستان ثم بعدها إلى مصر بعد ثورة 23 يوليو 52 وأعلن قيام الاتحاد اليمني وظل بين مد وجزر يتابع أمواج السياسة العربية ويعاني من تقلباتها إلى أن قامت ثورة 26 سبتمبر فعاد إلى وطنه وزيرا للتربية والتعليم ثم نائب رئيس الوزراء لشؤون الإعلام والتربية. ولم يكن الزبيري على مدى حياته يحفل بالمناصب لذلك فقد هجر مكتبه في المدينة وذهب إلى الريف ليدافع عن منجزات الثورة الأساسية وفي مقدمتها النظام الجمهوري حتى سقط مضرجا بدمائه في30 مارس 1965م) المقالح ... وأضاف (إذا فقد تقلبت الحياة بالزبيري من شاعر إلى صحفي إلى وزير إلى مهاجر إلى زعيم سياسي وهو في كل موقف منها ذلك الوطني الجسور والثائر الزاهد وفي الأخير توج حياته المتنوعة النضال بالشهادة حين استقرت رصاصة غادرة في قلبه الكبير لتضع حدا لطموح شاعر كبير ولتحقيق حلم قديم ظل يراود الشاعر:
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني
فلم أجد لك إلا قلبي الدامي
صدق الله فصدقه الله فنال الشهادة وهو يتنقل بين القبائل ناصحا وموجها ومرشدا
الشعر في خدمة الوطن ... واضاف د.المقالح (فإنه جعل الشعر في خدمة الوطن والإنسان بعد أن كان الشعر والوطن والإنسان في خدمة الحاكم الطاغية وإليه –أي الزبيري- يعود الفضل في انتشار هذه القدر من شعر الوطنية في شعر اليمن الحديث)
الزبيري السياسي قال الدكتور المقالح (الزبيري السياسي هو الزبيري الوطني الشاعر، المتصوف الزاهد في الحياة ومناصبها، عند التضحية يريد أن يكون دوره الأول وعند اقتسام المغانم أو المناصب يأبى إلا أن يكون الأخير، وعلى الرغم من أنه كان الناطق الأول باسم القضية الوطنية، والرجل الذي تهتز لكلماته جبال اليمن، فقد كان يرتضي الأدوار الثانوية ويجعل شؤون المال والرئاسة والإدارة من اختصاص غيره. وكان بعضهم يرى –خطأ – أن مهارة الزبيري تقتصر على شاعريته لكنه فاشل كسياسي، والحقيقة أنه كان سياسيا شديد الذكاء بيد أنه في سياسته لا يعرف الكيد ولا يجيد الالتواء وكان يعيش في كل الظروف – بوجه واحد- ولسان واحد لم يحاول يوما أن يتخفى وراء الأقنعة أو المساحيق وبعبارة مختصرة كان سياسيا وطنيا ولم يكن سياسيا مصلحيا يقول ’’لا’’ في موضع ’’نعم’’ويقول ’’نعم’’ في موضع ’’لا’’على حد تعبير الساسة الحواة أو الساسة الماكرين اللاعبين على الحبال في مواقفهم اليومية من خصومهم ومن أنصارهم على السواء. ونحن عندما نقول إن الزبيري كان سياسيا لماحا شديد الذكاء فنحن نعتمد في حيثيات هذا الحكم على مواقفه النظرية والعملية ومواقفه النظرية مسجله كلها في كتاباته الكثيرة وأساليبه الأدبية، في مواجهة الحكم المباد التي فضح بها الألاعيب الإمامية وفي مقدمتها كتابه (الخدعة الكبرى) الذي يظهر فيه الزبيري كاتبا سياسيا من الطراز الفريد لقد استطاع هذا الكتاب أن يظهر إلى أي مدى كان النظام الامامي يخدع شعبه وبعد أن يئس ذلك النظام من خداع الشعب نرى كذلك كيف برع في منافقة السياسة الدولية والعربية: (إنهم متحللون من العصر الذي يعيشون فيه، فهم يعيشون صباحا القرن العشرين ومساء في القرن الخامس عشر... يتكلمون مع الزائر بلغة عبد الناصر ومع الشعب بلغة الحاكم بأمر الله) الخدعة الكبرى.
وفي مكان آخر يقول (لقد أثبتنا فيما سلف أن للحكام المتوكلين مشيئة ثابتة، تستهدف الاحتفاظ بأوضاع الشعب في اليمن كما هي، وأن هذه المشيئة ليست نتيجة جهل وأراء دينية أو جمود، وإنما هي ثمرة للإصرار الواعي والنزعة الأنانية الاستعلائية التي لا تلين ولا تتراجع) الخدعة الكبرى. لقد كان الزبيري مشعلا للثورة حيثما يحل أو يتحرك فكلامه ثورة وشعره ثورة ونثره ثورة وحياته كلها ثورة.
هو القائل:
سجل مكانك بالتاريخ يا قلم
فها هنا تبعث الأجيال والأمم
وهو الذي عاش حياته كلها ضد الظلم والاستبداد حتى أيقظ الشعب وحطم الاستبداد فقال:
لم يبق للظالمين اليوم من وزر
إلا أنوف ذليلات ستنحطم .
هذا غيظ من فيض من حياة الشهيد الزبيري وإن شاء الله لنا لقاء آخر مع مقتطفات من نثره وشعره.
موقع*الصحوة نت*
لقد عاش أبو الأحرار الزبيري رحمه الله باحثا ومدافعا عن الحرية والكرامة لليمنيين جميعا ومحاربا وفاضحا للظلم والاستبداد والطغيان وسخر كل مواهبه من أجل توعية الشعب بأهمية الحرية وعواقب الاستبداد من خلال الشعر والنثر والخطب والصحافة والرواية ... الخ
ولقد حاولت البحث عن كتبه وعمن كتب عنه فوجدت كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لمكتبة الإرشاد تقديم الدكتور عبد العزيز المقالح فوجدت أحسن من كتب (حسب معرفتي) عن الزبيري وشعره وأدبه وسياسته ففضلت أن أنقل بعضا مما كتبه المقالح فقد وفى وكفى فيما كتبه عن الشهيد أبو الأحرار رحمه الله وسنأخذ بعض المقتطفات مما كتبه ومما نقله عن الزبيري فإليه:
شاعر الحرية ومقاوم الاستبداد
قال عنه الدكتور عبد العزيز مقالح ’’ليس محمد محمود الزبيري شاعرا فحسب ولا هو مناضل فحسب بل هو كذلك صحفي وزعيم وطن وروائي وكاتب وشهيد لذلك فقبل محاولة الكتابة عنه لابد من أن يثور السؤال أو الأسئلة التالية: ما الذي يمكن أن يستحضره الذهن حين يتذكر الزبيري؟ ..هل تاريخ أول معارضة لحكم الإمامة في اليمن ثم الانقلاب 1948 م؟ أم تاريخ أو عمل صحفي حر في اليمن ثم انقلاب 1955م؟ هل كتابة أول عمل روائي أم ثورة 26 سبتمبر؟ ..ثم ذلك الجسد المضرج بالدم بعد رحلة الكفاح الطويل؟ أكل هذا لابد أن يستحضره الذهن قبل محاولة الكتابة عن الزبيري ... فمن أين تكون البداية؟...’’
وقد تكلم الدكتور المقالح عن الزبيري كشاعر فقال ’’قد أذاب محمد محمود الزبيري حقا حياته في شعره كما أذاب شعره في حياته حتى لا يمكن الفصل بينهما، يقول في مقدمة ديوانه الثاني (ثورة الشعر)...( وتفاعلت نفسي مع الشعر وتفاعل معها ونما خلال نموها، فكانت طفولتي طفولته، وشبابي شبابه، ونضجي نضجه، وكان يسير جنبا إلى جنب حيث أسير فهو ساذج في سن المراهقة، وطائش عندما أطيش، وحزين عندما أحزن، وحالم بالسعادة وقتما أحلم وإذا لعبت لعب مثلي وإذا جديت قلد جدي) ثورة الشعر ص7.
(فقد ولد الزبيري في صنعاء عام 1328م من أسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى ويشتغل بعض أفرادها بالقضاء والبعض الآخر بالتجارة وقد نشأ شاعرنا – طفولته الباكرة- نشأة متصوفة:’’بدأت حياتي طالب علم ينحو منحى الصوفية في العزوف والروحانية وتعشقت هذا اللون من الحياة رغم اليتم والشظف والقلة ونعمت به كما لم أنعم بشيء آخر بعد ذلك) ثورة الشعر ص7
ويضيف المقالح (حتى أخرجه الشعر إلى عالم الناس وربطه بحياتهم) كما يقول: (مهما يكن الأمر فان الحقيقة الواقعة أن الشعر هو الذي أخرجني من القمقم وقادني إلى عمار الحياة الواسعة الزاخرة بالمفارقات والمتناقضات) ديوان صلاة في الجحيم.
حياته السياسية:
(قد بدأ الزبيري حياته في السياسة وهو طالب في القاهرة في كلية دار العلوم وعاد إلى اليمن حاملا مشعل التنوير خلال جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ألفها بعد عودته فكان جزاءه السجن ثم الفرار إلى عدن...
وبعد ثورة 48هاجر إلى باكستان ثم بعدها إلى مصر بعد ثورة 23 يوليو 52 وأعلن قيام الاتحاد اليمني وظل بين مد وجزر يتابع أمواج السياسة العربية ويعاني من تقلباتها إلى أن قامت ثورة 26 سبتمبر فعاد إلى وطنه وزيرا للتربية والتعليم ثم نائب رئيس الوزراء لشؤون الإعلام والتربية. ولم يكن الزبيري على مدى حياته يحفل بالمناصب لذلك فقد هجر مكتبه في المدينة وذهب إلى الريف ليدافع عن منجزات الثورة الأساسية وفي مقدمتها النظام الجمهوري حتى سقط مضرجا بدمائه في30 مارس 1965م) المقالح ... وأضاف (إذا فقد تقلبت الحياة بالزبيري من شاعر إلى صحفي إلى وزير إلى مهاجر إلى زعيم سياسي وهو في كل موقف منها ذلك الوطني الجسور والثائر الزاهد وفي الأخير توج حياته المتنوعة النضال بالشهادة حين استقرت رصاصة غادرة في قلبه الكبير لتضع حدا لطموح شاعر كبير ولتحقيق حلم قديم ظل يراود الشاعر:
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني
فلم أجد لك إلا قلبي الدامي
صدق الله فصدقه الله فنال الشهادة وهو يتنقل بين القبائل ناصحا وموجها ومرشدا
الشعر في خدمة الوطن ... واضاف د.المقالح (فإنه جعل الشعر في خدمة الوطن والإنسان بعد أن كان الشعر والوطن والإنسان في خدمة الحاكم الطاغية وإليه –أي الزبيري- يعود الفضل في انتشار هذه القدر من شعر الوطنية في شعر اليمن الحديث)
الزبيري السياسي قال الدكتور المقالح (الزبيري السياسي هو الزبيري الوطني الشاعر، المتصوف الزاهد في الحياة ومناصبها، عند التضحية يريد أن يكون دوره الأول وعند اقتسام المغانم أو المناصب يأبى إلا أن يكون الأخير، وعلى الرغم من أنه كان الناطق الأول باسم القضية الوطنية، والرجل الذي تهتز لكلماته جبال اليمن، فقد كان يرتضي الأدوار الثانوية ويجعل شؤون المال والرئاسة والإدارة من اختصاص غيره. وكان بعضهم يرى –خطأ – أن مهارة الزبيري تقتصر على شاعريته لكنه فاشل كسياسي، والحقيقة أنه كان سياسيا شديد الذكاء بيد أنه في سياسته لا يعرف الكيد ولا يجيد الالتواء وكان يعيش في كل الظروف – بوجه واحد- ولسان واحد لم يحاول يوما أن يتخفى وراء الأقنعة أو المساحيق وبعبارة مختصرة كان سياسيا وطنيا ولم يكن سياسيا مصلحيا يقول ’’لا’’ في موضع ’’نعم’’ويقول ’’نعم’’ في موضع ’’لا’’على حد تعبير الساسة الحواة أو الساسة الماكرين اللاعبين على الحبال في مواقفهم اليومية من خصومهم ومن أنصارهم على السواء. ونحن عندما نقول إن الزبيري كان سياسيا لماحا شديد الذكاء فنحن نعتمد في حيثيات هذا الحكم على مواقفه النظرية والعملية ومواقفه النظرية مسجله كلها في كتاباته الكثيرة وأساليبه الأدبية، في مواجهة الحكم المباد التي فضح بها الألاعيب الإمامية وفي مقدمتها كتابه (الخدعة الكبرى) الذي يظهر فيه الزبيري كاتبا سياسيا من الطراز الفريد لقد استطاع هذا الكتاب أن يظهر إلى أي مدى كان النظام الامامي يخدع شعبه وبعد أن يئس ذلك النظام من خداع الشعب نرى كذلك كيف برع في منافقة السياسة الدولية والعربية: (إنهم متحللون من العصر الذي يعيشون فيه، فهم يعيشون صباحا القرن العشرين ومساء في القرن الخامس عشر... يتكلمون مع الزائر بلغة عبد الناصر ومع الشعب بلغة الحاكم بأمر الله) الخدعة الكبرى.
وفي مكان آخر يقول (لقد أثبتنا فيما سلف أن للحكام المتوكلين مشيئة ثابتة، تستهدف الاحتفاظ بأوضاع الشعب في اليمن كما هي، وأن هذه المشيئة ليست نتيجة جهل وأراء دينية أو جمود، وإنما هي ثمرة للإصرار الواعي والنزعة الأنانية الاستعلائية التي لا تلين ولا تتراجع) الخدعة الكبرى. لقد كان الزبيري مشعلا للثورة حيثما يحل أو يتحرك فكلامه ثورة وشعره ثورة ونثره ثورة وحياته كلها ثورة.
هو القائل:
سجل مكانك بالتاريخ يا قلم
فها هنا تبعث الأجيال والأمم
وهو الذي عاش حياته كلها ضد الظلم والاستبداد حتى أيقظ الشعب وحطم الاستبداد فقال:
لم يبق للظالمين اليوم من وزر
إلا أنوف ذليلات ستنحطم .
هذا غيظ من فيض من حياة الشهيد الزبيري وإن شاء الله لنا لقاء آخر مع مقتطفات من نثره وشعره.
موقع*الصحوة نت*