عصمت عمر
تدبر في اللغة هو تأمل دُبُر الأمر أي عاقبته، وتدبر القرآن هو تحديق القلب في معانيه، وجمع الفكر على معرفته وتفهمه وهو الغرض من إنزاله. قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها، فإذا لم يكن ذلك، فاتت الحكمة من إنزال القرآن.. وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها.. ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه.. قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {29}) (ص). حقيقة التدبر: إن تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف.. وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم.. وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته (ابن سعدي). فقد علم أنه من قرأ كتاباً في الطب أو الحساب أو غيرهما، فإنه لابد أن يكون راغباً في فهمه وتصور معانيه.. فكيف بمن يقرأ كتاب الله تعالى الذي به هداه وبه يعرف الحق والباطل والخير والشر؟ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا يحصل معها المقصود، إذ اللفظ إنما يراد للمعنى) ابن تيمية). قال الحسن البصري: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله.. وما تدبر آياته إلا باتباعه.. وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده.. حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما استطعت منه حرفاً وقد - والله - أسقطه كله.. ما يرى القرآن له في خلق ولا عمل. في غيبة التدبر: يجب أن تخشى من أن تدخل فيمن عناهم الله بقوله: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {5}) (الجمعة). قال ابن القيِّم: ’’فقاس من حمَّله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه، ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب، فقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتِّباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على ظهره زاملة أسفار؛ لا يدري ما فيها، وحظه منها حمله على ظهره ليس إلا، فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره، فهذا المثل وإن كان قد ضُرِب لليهود، فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به، ولم يؤدِّ حقه، ولم يرعه حق رعايته’’. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه أبو مالك الأشعري: ’’والقرآن حُجَّة لك أو عليك:. قال النووي:’’ فمعناه ظاهر؛ أي: تنتفع به إن تلوته وعملت به، وإلا فهو حجة عليك’’. قال العلامة ابن قيم الجوزية يرحمه الله: إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: )إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ {37}) (ق). لذا فإن المؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرضه، فكان كالمرآة يرى بها ما حسن من فعله وما قبح، فما خوفه به مولاه من عقابه خافه، وما رغب فيه مولاه رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته - أو ما قاربها - فقد تلاه حق تلاوته، وكان له القرآن شاهداً وشفيعاً، وأنيساً وحرزاً، ونفع نفسه، وأهله، وعاد على والديه وولده كل خير في الدنيا والآخرة (الإمام الآجري).
*مجلة المجتمع
تدبر في اللغة هو تأمل دُبُر الأمر أي عاقبته، وتدبر القرآن هو تحديق القلب في معانيه، وجمع الفكر على معرفته وتفهمه وهو الغرض من إنزاله. قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها، فإذا لم يكن ذلك، فاتت الحكمة من إنزال القرآن.. وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها.. ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه.. قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {29}) (ص). حقيقة التدبر: إن تدبر كتاب الله مفتاح للعلوم والمعارف.. وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم.. وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته (ابن سعدي). فقد علم أنه من قرأ كتاباً في الطب أو الحساب أو غيرهما، فإنه لابد أن يكون راغباً في فهمه وتصور معانيه.. فكيف بمن يقرأ كتاب الله تعالى الذي به هداه وبه يعرف الحق والباطل والخير والشر؟ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا يحصل معها المقصود، إذ اللفظ إنما يراد للمعنى) ابن تيمية). قال الحسن البصري: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله.. وما تدبر آياته إلا باتباعه.. وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده.. حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما استطعت منه حرفاً وقد - والله - أسقطه كله.. ما يرى القرآن له في خلق ولا عمل. في غيبة التدبر: يجب أن تخشى من أن تدخل فيمن عناهم الله بقوله: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {5}) (الجمعة). قال ابن القيِّم: ’’فقاس من حمَّله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه، ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب، فقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتِّباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على ظهره زاملة أسفار؛ لا يدري ما فيها، وحظه منها حمله على ظهره ليس إلا، فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره، فهذا المثل وإن كان قد ضُرِب لليهود، فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به، ولم يؤدِّ حقه، ولم يرعه حق رعايته’’. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه أبو مالك الأشعري: ’’والقرآن حُجَّة لك أو عليك:. قال النووي:’’ فمعناه ظاهر؛ أي: تنتفع به إن تلوته وعملت به، وإلا فهو حجة عليك’’. قال العلامة ابن قيم الجوزية يرحمه الله: إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: )إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ {37}) (ق). لذا فإن المؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرضه، فكان كالمرآة يرى بها ما حسن من فعله وما قبح، فما خوفه به مولاه من عقابه خافه، وما رغب فيه مولاه رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته - أو ما قاربها - فقد تلاه حق تلاوته، وكان له القرآن شاهداً وشفيعاً، وأنيساً وحرزاً، ونفع نفسه، وأهله، وعاد على والديه وولده كل خير في الدنيا والآخرة (الإمام الآجري).
*مجلة المجتمع