سيف بن علي العصري
***
تكلمت مراراً عن أنَّ السواد الأعظم من علماء الإسلام، رجال المذاهب الأربعة، (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأتباعهم) الذين أظهر الله مذاهبهم على أمصار البلاد الإسلامية، قد أسسوا بنيان مذاهبهم، وأرسوا قواعد فهمهم على أصول ثابتة راسخة، لا يمكن لأيِّ فكر نابت أن يثلمَ بنيانهم، أو يُوهنَ كيانهم، وهم من يقومون على منهاج الأزهر الشريف، والزيتونة، والقرويين، ومحاظر شنقيط، والأحساء وزبيد وتعز وحضرموت، والشام والهند.
وفي عصرنا هذا ظهرت تيارات تنكرت لتلك المذاهب السَّنِيَّةِ، وحادت عن طريق أئمة الإسلام وفقهاء الملة، وهذه التيارات وإنْ كانت متباينة في مواقفها، ومتخالفة في طرائقها؛ إلا أنَّه يجمعها مفارقة جمهور الأمة، وتَنَكُّب طريق أهل الحق والاعتدال، ومن هذه التيارات:
تيار من المفكرين:
وهم طائفة لم ترسخ قواعد العلم في نفوسهم، ولم يرتاضوا بالعلوم العقلية والنقلية، وهؤلاء يميلون مع طبائعهم حيناً، ومعَ ما يُمْلِيْهِ البحث الجزئي المنفصم عن القواعد والمقاصد حيناً آخر، فإنْ غلبتهم الغَيْرَةُ والشدَّةُ مالوا إلى شدائد ابن حزم، وأفكار الخوارج، وتناقضات المعتزلة.
وإنْ انفتحوا على رياح التغريب مالوا إلى شذوذات الأقوال، والتلفيق بينها، وخرق الإجماع المتيقن، وهذا التيار مع تخبطه وتقلبه ينظر إلى الفقهاء الراسخين بعين النقص والازدراء، ويصفهم بالجمود على الكتب الصفراء.
تيار اللامذهبيين:
وهم علماءُ أو طلابُ علمٍ تعلقوا بظاهر الأدلة، وجهلوا أصول الفقه، وأهملوا النظر في المقاصد والمآلات والعواقب، بضاعتهم في علوم اللغة مزجاة، فأنظارهم كاسدة، ونتائجهم فاسدة، حَجَّرُوا واسعاً، وأخذوا بأشدِّ الأقوال وأثقلها، وقالوا في مسائل العقائد بأقوال المشبهة، وتجرؤوا على البوح بأقوالٍ منكرة، وتمسكوا بشبهات متهافتة.
وهم مع ذلك يتهمون الفقهاء والأصوليين – ظُلماً وعدواناً - بالجهل والتقليد، وعدم تعظيم نصوص الكتاب والسنة.
تيار المتصوفة:
وهم طائفة لم تتذوق العلم، ولا عرفت طريق الاتباع، وعشقت الإغراب والابتداع،
هجروا مجاهدات الصحابة والتابعين، ومنازلات بشر الحافي والحارث المحاسبي والإمام الجنيد،
لا نصيب لهم في صدق سيدي عبد القادر الجيلاني والشاذلي والرفاعي،
حظُّهم الرسومُ والرقص، والخفَّةُ في العقل، والتكالب على حُطام الدنيا،
لا يرفعون للمذاهب السنية في الفروع رأساً، يجالسون النساء بلا حشمة ولا أدب، ونساؤهم متبرجات سافرات،
ولا يبالون بمخالفة عقائد أهل السنة، فمنهم المصرِّح بالحلول والاتحاد، ومنهم المجاهر بالتجسيم والتشبيه، وربما وصل الحال ببعضهم إلى إسقاط التكاليف.
وهذا الصنف من المتصوفة مع جهلهم وظلمهم وزهدهم في العلوم ينظرون إلى الفقهاء بعين النقص، ويصفونهم بأنهم أهل الظاهر، ويصفون أنفسهم بأنهم أهل الحقيقة والباطن.
وكلُّ هذا التيارات سيخبوا شأنها حين يقوم أهل العلم العدول بدورهم في توعية الأمة، ونشر العلم والمعرفة، فينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
ومن أهمِّ ما ينبغي للعلماء السائرين على المناهج الأصيلة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) أنْ يستمسكوا بمناهج الفقهاء، ويستوعبوا قضايا عصرهم، وما كان مِنْ أقوال السابقين مبنياً على فقهٍ مرحلي، أو مناسباً لبلدٍ أو زمنٍ أو أشخاص فينبغي إعادة النظر فيه، وفي مدى مناسبته للزمان والمكان.
***
تكلمت مراراً عن أنَّ السواد الأعظم من علماء الإسلام، رجال المذاهب الأربعة، (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأتباعهم) الذين أظهر الله مذاهبهم على أمصار البلاد الإسلامية، قد أسسوا بنيان مذاهبهم، وأرسوا قواعد فهمهم على أصول ثابتة راسخة، لا يمكن لأيِّ فكر نابت أن يثلمَ بنيانهم، أو يُوهنَ كيانهم، وهم من يقومون على منهاج الأزهر الشريف، والزيتونة، والقرويين، ومحاظر شنقيط، والأحساء وزبيد وتعز وحضرموت، والشام والهند.
وفي عصرنا هذا ظهرت تيارات تنكرت لتلك المذاهب السَّنِيَّةِ، وحادت عن طريق أئمة الإسلام وفقهاء الملة، وهذه التيارات وإنْ كانت متباينة في مواقفها، ومتخالفة في طرائقها؛ إلا أنَّه يجمعها مفارقة جمهور الأمة، وتَنَكُّب طريق أهل الحق والاعتدال، ومن هذه التيارات:
تيار من المفكرين:
وهم طائفة لم ترسخ قواعد العلم في نفوسهم، ولم يرتاضوا بالعلوم العقلية والنقلية، وهؤلاء يميلون مع طبائعهم حيناً، ومعَ ما يُمْلِيْهِ البحث الجزئي المنفصم عن القواعد والمقاصد حيناً آخر، فإنْ غلبتهم الغَيْرَةُ والشدَّةُ مالوا إلى شدائد ابن حزم، وأفكار الخوارج، وتناقضات المعتزلة.
وإنْ انفتحوا على رياح التغريب مالوا إلى شذوذات الأقوال، والتلفيق بينها، وخرق الإجماع المتيقن، وهذا التيار مع تخبطه وتقلبه ينظر إلى الفقهاء الراسخين بعين النقص والازدراء، ويصفهم بالجمود على الكتب الصفراء.
تيار اللامذهبيين:
وهم علماءُ أو طلابُ علمٍ تعلقوا بظاهر الأدلة، وجهلوا أصول الفقه، وأهملوا النظر في المقاصد والمآلات والعواقب، بضاعتهم في علوم اللغة مزجاة، فأنظارهم كاسدة، ونتائجهم فاسدة، حَجَّرُوا واسعاً، وأخذوا بأشدِّ الأقوال وأثقلها، وقالوا في مسائل العقائد بأقوال المشبهة، وتجرؤوا على البوح بأقوالٍ منكرة، وتمسكوا بشبهات متهافتة.
وهم مع ذلك يتهمون الفقهاء والأصوليين – ظُلماً وعدواناً - بالجهل والتقليد، وعدم تعظيم نصوص الكتاب والسنة.
تيار المتصوفة:
وهم طائفة لم تتذوق العلم، ولا عرفت طريق الاتباع، وعشقت الإغراب والابتداع،
هجروا مجاهدات الصحابة والتابعين، ومنازلات بشر الحافي والحارث المحاسبي والإمام الجنيد،
لا نصيب لهم في صدق سيدي عبد القادر الجيلاني والشاذلي والرفاعي،
حظُّهم الرسومُ والرقص، والخفَّةُ في العقل، والتكالب على حُطام الدنيا،
لا يرفعون للمذاهب السنية في الفروع رأساً، يجالسون النساء بلا حشمة ولا أدب، ونساؤهم متبرجات سافرات،
ولا يبالون بمخالفة عقائد أهل السنة، فمنهم المصرِّح بالحلول والاتحاد، ومنهم المجاهر بالتجسيم والتشبيه، وربما وصل الحال ببعضهم إلى إسقاط التكاليف.
وهذا الصنف من المتصوفة مع جهلهم وظلمهم وزهدهم في العلوم ينظرون إلى الفقهاء بعين النقص، ويصفونهم بأنهم أهل الظاهر، ويصفون أنفسهم بأنهم أهل الحقيقة والباطن.
وكلُّ هذا التيارات سيخبوا شأنها حين يقوم أهل العلم العدول بدورهم في توعية الأمة، ونشر العلم والمعرفة، فينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
ومن أهمِّ ما ينبغي للعلماء السائرين على المناهج الأصيلة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) أنْ يستمسكوا بمناهج الفقهاء، ويستوعبوا قضايا عصرهم، وما كان مِنْ أقوال السابقين مبنياً على فقهٍ مرحلي، أو مناسباً لبلدٍ أو زمنٍ أو أشخاص فينبغي إعادة النظر فيه، وفي مدى مناسبته للزمان والمكان.