د. حسن الحيوان
نحن أمام ثورة في مقابل ثورة مضادة، كل طرف يدعي أنه يستكمل ثورة يناير وأن الآخر يمثل الثورة المضادة، كل طرف يستهدف التغيير وَفقًا لرؤيته. والحقيقة أن التغيير سنة كونية وفطرة إنسانية، ’’فالتغيير قادم لا محالة’’.
لكن المجتمع لم يصل بعد لحسم عملية الفرز والتمييز بين الثورة والثورة المضادة؛ بسبب انحياز الإعلام والقضاء وأجهزة الأمن التي وصلت لتزوير كل شيء لدرجة دفع الجنود للتواجد بملابس مدنية كمتظاهرين بميدان التحرير يوم الأحد السابق؛ ليظهروا داعمين للانقلاب العسكري، وهو اعتراف بعدم وجود رؤية ولا شعبية مما يبشر بأن المجتمع سيكتشف الحقيقة؛ فكيف سيكون تقييم الجنود لقياداتهم؟
والتغيير مرتبط بالمصداقية، بعكس الإعلام الذي يركز على الطرف المعارض للرئيس مرسي، ويهمل الآخر تمامًا (من قتلى سلميين ومليونيات ضخمة ضد العسكر). لقد ولول الإعلام كثيرًا خوفًا من إجراءات استثنائية ضده، ولم يذكر شيئًا عندما أُغلقت الفضائيات الدينية؛ مما دفع الجميع لقنوات: الجزيرة، واليرموك، والحوار، والقدس، وغيرها.
في مناخ الحرية، الذي يقوم بالنهضة هو المجتمع لا أحد غيره، وبالتالي لابد أن تنطلق هذه النهضة من مرجعية وهوية المجتمع الإسلامية التي تستوعب الجميع على حد سواء، وبالتالي فالحشود التي نزلت للميدان في 30 يونيو لم تكن اعتراضًا على الهوية، بل اعتراضًا على الأحوال المعيشية، لكنهم مدفوعون من منظومة: (أصحاب الأموال، والإعلام، والشرطة، وقيادات العسكر، والقضاء) ضد الرئيس لإفشال مشروعه، منظومة محلية خليجية دولية لا تهدف بالأساس لتحسين أحوال المصريين، بل تستهدف إعاقة كل نتائج الصناديق والديمقراطية؛ لأنها تأتي بحكام ينتمون للمرجعية الإسلامية، التي هي حتمًا ضد استبداد المنظومة العالمية الحالية، وحتمًا معظم المتظاهرين الذين استجابوا لهذه المنظومة سيكتشفون الحقيقة لاحقًا، ’’المشوار طويل ويتطلب إرادة’’.
وإذا أجمعنا جميعًا على أن كل ذلك يحتاج إلى إرادة فردية ومجتمعية هائلة لتوجيه الرأي العام (خصوصًا بعض الرموز الإسلامية)؛ لتغيير أفكار وسلوكيات تمثل أهم الأسباب لعدم وجود تيار شعبي عام كاسح يدعم المشروع الإسلامي (ضد التضليل الإعلامي الذي دفع حشود 30 يونيو)، وهي عدم التفرقة بين حرية الرأي ومرجعية الرأي، فليس كل من هو ضد الأحزاب الإسلامية هو حتمًا ضد المرجعية الإسلامية (خصوصًا بعد غزو ثقافي علماني لعدة قرون)، وبالتالي ضرورة تقديم قضية تحسين أحوال الشعب على كل ما سواها؛ لأن الإسلام ينطلق من الواقع لإصلاح الواقع أولاً لتقديم قدوة لعامة الناس، والتجربة التركية دليل ذلك، وهو أمر يرقى في ظروفنا الفارقة لأن نعتبره من أولويات شريعة الإسلام، وإلا -وبكل وضوح- فلا أمل في التغيير إلى الأفضل، لا حاليًّا ولا لاحقًا.
إننا أمام منعطف تاريخي غير مسبوق؛ فمعظم الأجهزة الرسمية تدعم ’’خارطة الطريق’’ المستهدفة حاليًّا، وهي -بداهة- ’’طريق بلا خارطة’’؛ لأن كل الإجراءات بلا جدول زمني، فنحن لا نعرف فترة تعليق الدستور، ولا مواعيد أية انتخابات. وإذا قمنا بسؤال 95٪ من المصريين: ماذا تعرف عن رئيس مصر المعين؟ فلن تجد أحدًا يعرف عنه شيئًا إلا أنه لا علاقة له بالسياسة، وبالتالي القرار السياسي سيظل في يد العسكر. وإذا نظرنا لبعض الشخصيات التي تطفو على السطح فسنلاحظ أنه ليس فقط عودة نظام مبارك، بل عودته ببعض الرموز القديمة؛ مما يعني أن المستهدف هو فقط عزل مرسي ونظامه لعودة النظام البائد. لذلك نحن أمام انقلاب عسكري صريح على شرعية دستورية نتجت بإرادة شعبية حرة من خلال استفتاء دستوري أشرف عليه القضاة وحماة الجيش واعتمدته الجهة الرسمية واعترف به العالم كله.
وبالتالي فالمنطق يؤدي بنا إلى ضرورة ربط الإرادة المأمولة بأركان الهوية الإسلامية، ومن ذلك ’’صيام رمضان’’ الذي يمثل شرعًا ’’مركز تدريب’’ لمدة شهر من كل عام على ثقافة المقاومة لتحقيق التغيير، وبالتالي رمضان لابد أن يكون دافعًا لاستمرار وصمود الحشود المطالبة بالشرعية، وليس العكس كما يظن البعض.
كل الدول المتقدمة حاليًّا لم تنهض بعهد جديد -بعد ثورة سلمية تهدف للحرية والنهضة- إلا بالإرادة كحتمية دنيوية فقط؛ فما بالكم إن كانت عندنا أيضًا ’’كفريضة شرعية’’ بالمقام الأول.
فلنبدأ الصيام بإرادة التغيير أثناء الشهر المبارك، وبإذن الله على موعد بمقال آخر الأسبوع القادم عن البديهيات المنطقية التي تميز بين الثورة والثورة المضادة، ثم مقال آخر بعد نهاية الشهر الكريم لتأكيد فرضية وحتمية إرادة التغيير طوال العام.
موقع نوافذ
نحن أمام ثورة في مقابل ثورة مضادة، كل طرف يدعي أنه يستكمل ثورة يناير وأن الآخر يمثل الثورة المضادة، كل طرف يستهدف التغيير وَفقًا لرؤيته. والحقيقة أن التغيير سنة كونية وفطرة إنسانية، ’’فالتغيير قادم لا محالة’’.
لكن المجتمع لم يصل بعد لحسم عملية الفرز والتمييز بين الثورة والثورة المضادة؛ بسبب انحياز الإعلام والقضاء وأجهزة الأمن التي وصلت لتزوير كل شيء لدرجة دفع الجنود للتواجد بملابس مدنية كمتظاهرين بميدان التحرير يوم الأحد السابق؛ ليظهروا داعمين للانقلاب العسكري، وهو اعتراف بعدم وجود رؤية ولا شعبية مما يبشر بأن المجتمع سيكتشف الحقيقة؛ فكيف سيكون تقييم الجنود لقياداتهم؟
والتغيير مرتبط بالمصداقية، بعكس الإعلام الذي يركز على الطرف المعارض للرئيس مرسي، ويهمل الآخر تمامًا (من قتلى سلميين ومليونيات ضخمة ضد العسكر). لقد ولول الإعلام كثيرًا خوفًا من إجراءات استثنائية ضده، ولم يذكر شيئًا عندما أُغلقت الفضائيات الدينية؛ مما دفع الجميع لقنوات: الجزيرة، واليرموك، والحوار، والقدس، وغيرها.
في مناخ الحرية، الذي يقوم بالنهضة هو المجتمع لا أحد غيره، وبالتالي لابد أن تنطلق هذه النهضة من مرجعية وهوية المجتمع الإسلامية التي تستوعب الجميع على حد سواء، وبالتالي فالحشود التي نزلت للميدان في 30 يونيو لم تكن اعتراضًا على الهوية، بل اعتراضًا على الأحوال المعيشية، لكنهم مدفوعون من منظومة: (أصحاب الأموال، والإعلام، والشرطة، وقيادات العسكر، والقضاء) ضد الرئيس لإفشال مشروعه، منظومة محلية خليجية دولية لا تهدف بالأساس لتحسين أحوال المصريين، بل تستهدف إعاقة كل نتائج الصناديق والديمقراطية؛ لأنها تأتي بحكام ينتمون للمرجعية الإسلامية، التي هي حتمًا ضد استبداد المنظومة العالمية الحالية، وحتمًا معظم المتظاهرين الذين استجابوا لهذه المنظومة سيكتشفون الحقيقة لاحقًا، ’’المشوار طويل ويتطلب إرادة’’.
وإذا أجمعنا جميعًا على أن كل ذلك يحتاج إلى إرادة فردية ومجتمعية هائلة لتوجيه الرأي العام (خصوصًا بعض الرموز الإسلامية)؛ لتغيير أفكار وسلوكيات تمثل أهم الأسباب لعدم وجود تيار شعبي عام كاسح يدعم المشروع الإسلامي (ضد التضليل الإعلامي الذي دفع حشود 30 يونيو)، وهي عدم التفرقة بين حرية الرأي ومرجعية الرأي، فليس كل من هو ضد الأحزاب الإسلامية هو حتمًا ضد المرجعية الإسلامية (خصوصًا بعد غزو ثقافي علماني لعدة قرون)، وبالتالي ضرورة تقديم قضية تحسين أحوال الشعب على كل ما سواها؛ لأن الإسلام ينطلق من الواقع لإصلاح الواقع أولاً لتقديم قدوة لعامة الناس، والتجربة التركية دليل ذلك، وهو أمر يرقى في ظروفنا الفارقة لأن نعتبره من أولويات شريعة الإسلام، وإلا -وبكل وضوح- فلا أمل في التغيير إلى الأفضل، لا حاليًّا ولا لاحقًا.
إننا أمام منعطف تاريخي غير مسبوق؛ فمعظم الأجهزة الرسمية تدعم ’’خارطة الطريق’’ المستهدفة حاليًّا، وهي -بداهة- ’’طريق بلا خارطة’’؛ لأن كل الإجراءات بلا جدول زمني، فنحن لا نعرف فترة تعليق الدستور، ولا مواعيد أية انتخابات. وإذا قمنا بسؤال 95٪ من المصريين: ماذا تعرف عن رئيس مصر المعين؟ فلن تجد أحدًا يعرف عنه شيئًا إلا أنه لا علاقة له بالسياسة، وبالتالي القرار السياسي سيظل في يد العسكر. وإذا نظرنا لبعض الشخصيات التي تطفو على السطح فسنلاحظ أنه ليس فقط عودة نظام مبارك، بل عودته ببعض الرموز القديمة؛ مما يعني أن المستهدف هو فقط عزل مرسي ونظامه لعودة النظام البائد. لذلك نحن أمام انقلاب عسكري صريح على شرعية دستورية نتجت بإرادة شعبية حرة من خلال استفتاء دستوري أشرف عليه القضاة وحماة الجيش واعتمدته الجهة الرسمية واعترف به العالم كله.
وبالتالي فالمنطق يؤدي بنا إلى ضرورة ربط الإرادة المأمولة بأركان الهوية الإسلامية، ومن ذلك ’’صيام رمضان’’ الذي يمثل شرعًا ’’مركز تدريب’’ لمدة شهر من كل عام على ثقافة المقاومة لتحقيق التغيير، وبالتالي رمضان لابد أن يكون دافعًا لاستمرار وصمود الحشود المطالبة بالشرعية، وليس العكس كما يظن البعض.
كل الدول المتقدمة حاليًّا لم تنهض بعهد جديد -بعد ثورة سلمية تهدف للحرية والنهضة- إلا بالإرادة كحتمية دنيوية فقط؛ فما بالكم إن كانت عندنا أيضًا ’’كفريضة شرعية’’ بالمقام الأول.
فلنبدأ الصيام بإرادة التغيير أثناء الشهر المبارك، وبإذن الله على موعد بمقال آخر الأسبوع القادم عن البديهيات المنطقية التي تميز بين الثورة والثورة المضادة، ثم مقال آخر بعد نهاية الشهر الكريم لتأكيد فرضية وحتمية إرادة التغيير طوال العام.
موقع نوافذ