فهد بن صالح العجلان
خذ هذا السؤال وضعه على طاولة أي اتجاه علماني، ستجد أن الغالبية منهم ستقول لك بوضوح: لستُ ضد تطبيق الشريعة، بل إن ما أدعو إليه هو التطبيق الحقيقي للشريعة.
بل لستَ بحاجة لأن تعرض هذا السؤال على أحد؛ لأن الأجوبة متاحة منثورة بين ناظريك في القنوات والمواقع والدراسات، يتحدث فيها العلمانيون بوضوح عن أنهم لا يعارضون الشريعة وأن موقفهم ليس فيه عداء ولا مخاصمة لها.
هل انتقل العلمانيون إذن إلى الصف الإسلامي وتخلوا عن رؤاهم العلمانية؟
أم قد انتهى الخصام الإسلامي/ العلماني حول تطبيق الشريعة وصارت من الأمور المسلَّمة؟
لنأخذ أولاً نموذجاً من هذه الإجابات ولنفحص مضامينه جيداً حتى نكتشف الجواب عن هذا السؤال، ولأن النماذج لدينا كثيرة، فسنضع جهاز الفحص على أوسعها وأشهرها، وهو نموذج الدكتور محمد عابد الجابري، وسبب اختيارنا الجابري يرجع لأسباب عدة، من أهمها: أنه شرح فكرته شرحاً بيّناً يوفر عليك كثيراً من الظن والاستنتاج.
يتفق معنا الجابري أولاً على أن تطبيق الشريعة قد غدا من المسلمات التي يصعب معارضتها، فهو في نظره:
(شعار لا يمكن مواجهته بشعار مضاد ولا حتى بشعار بديل، ومن يستطيع أن يناقش وجوب تطبيق الشريعة في بلاد إسلامية تستمد معظم نظم الحكم فيها شرعيتها من الانتماء للإسلام بصورة من الصور)[1].
ولهذا يبدي الجابري معارضة للعلمانية ولفكرة فصل الدين عن الدولة، ويرى أن المجتمعات الإسلامية لا تحتاج إليها؛ فهي خاصة بالهوية الأوروبية.
ما مفهوم (تحكيم الشريعة) إذن عند الجابري؟ وما العلمانية التي يعارضها؟
لنستعرض معاً رؤية الجابري التفصيلية حول هذا الموضوع حتى يتضح جيداً مقصوده منها:
يرى الجابري أنه لا بد من مرجعية فقهية لتحكيم الشريعة، ويرى أن المرجعيات الفقهية التراثية غير موثوقة:
(يمكن القول إن معظم المرجعيات التي يستند إليها الباحثون المعاصرون كانت موجهة بكيفية أو بأخرى بالظروف السياسية التي زامنتها)[2].
ولأن الثقة بالمرجعيات الفقهية معدومة، فلا بد من:
(التأكيد على ضرورة بناء مرجعية تكون أسبق وأكثر مصداقية من المرجعيات المذهبية، أعني تلك التي قامت أصلاً كوجهة نظر تروم تأييد موقف سياسي معين)[3].
وحلاً لهذه الإشكالية لا بد من العودة بالمرجعية إلى مرحلة الصحابة رضي الله عنهم:
(وإذا كنا هنا ندعو إلى وضع الاجتهادات السابقة والمذاهب الماضية بين قوسين والرجوع مباشرة إلى عمل الصحابة)[4].
وحين رجع الجابري لفقه الصحابة وجدهم في بنائهم الفقهي قد اعتمدوا على المصلحة:
(إن المبدأ الوحيد الذي كانوا يراعونه دوماً هو المصلحة، ولا شيء غيرها، وهكذا فكثيراً ما نجدهم يتصرفون بحسبما تمليه المصلحة، صارفين النظر عن النص حتى لو كان صريحاً قطعياً، إذا كانت الظروف الخاصة تقتضي مثل هذا التأجيل للنص)[5].
واكتشف أن النظر المصلحي عند الصحابة لا يختلف عما كان فيه نص أو لم يكن فيه نص:
(إن هذا المبدأ مبدأ المصلحة هو المستند الذي كان الصحابة يرتكزون عليه في تطبيقهم، سواء تعلق الأمر بما فيه نص أو بما ليس فيه نص)[6].
وبناءً عليه، يرى ضرورة الاعتماد على المصلحة في بناء النظام السياسي الإسلامي:
(يجب أن تؤسس عملية تطبيق الشريعة في كل زمان ومكان، وهي اعتبار المصلحة العامة.. يبقى بعد هذا المبدأ الأساسي العام تحديد المصلحة في كل نازلة وفي كل حكم وفي هذا شيء سهل لأن ميدان البحث عنها ميدان بشري)[7].
وأما العلمانية فيرى أنه مصطلح جرى تشويهه، فهو قد ارتبط في أول الأمر بالوحدة والاستقلال ضد الدولة العثمانية، ولهذا لا بد من تعويضه بمصطلحات بديلة:
(وفي رأيي أنه من الواجب استبعاد شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي وتعويضه بشعاري الديمقراطية والعقلانية؛ فهما اللذان يعبّران تعبيراً مطابقاً عن حاجات المجتمع العربي.. الديمقراطية تعني حفظ الأفراد وحقوق الجماعات، والعقلانية تعني الصدور في الممارسة السياسية عن العقل ومعاييره المنطقية والأخلاقية وليس عن الهوى والتعصب وتقلبات المزاج)[8].
والمجتمع الإسلامي في نظره ليس بحاجة لفصل الدين عن الدولة، إنما يحتاج لفصل الدين عن السياسة:
(ما يحتاج إليه مثل هذا المجتمع هو فصل الدين عن السياسة بمعنى تجنب توظيف الدين لأغراض سياسية باعتبار أن الدين يمثل ما هو مطلق وثابت، بينما تمثل السياسة ما هو نسبي ومتغير، السياسة تحركها المصالح الشخصية أو الفئوية، أما الدين فيجب أن ينزه عن ذلك وإلا فقد جوهره وروحه)[9].
الصورة الكلية لتطبيق الشريعة:
بعد هذا العرض التفصيلي نريد أن نبتعد قليلاً عن التفصيلات وننظر في الصورة الكلية لتطبيق الشريعة عند محمد عابد الجابري.
نهاية رؤية الجابري أننا سنعتمد على المصلحة، فما جاءت به هو المعتبر، وما رفضته هو غير معتبر، والمصلحة في رؤية الجابري ليست هي المصلحة بحسب الموازين الشرعية المعروفة عند الفقهاء، بل المصلحة يمكن أن تتجاوز حتى النص القطعي.
وحين نعرف أن كل الاتجاهات العلمانية تبحث عن المصلحة، وهي إنما ترفض تطبيق الشريعة بدعوى مخالفتها للمصلحة المعاصرة؛ فإن رؤية الجابري في النهاية هي الرؤية العلمانية ذاتها، وهي سترفض تطبيق الشريعة لكنها هذه المرة بدعوى تطبيق الشريعة!
الفرق بين رؤية الجابري ورؤية بقية العلمانيين، أن العلمانيين صرحوا بقبولهم المفاهيم الحداثية المعاصرة وصرحوا برفضهم ما يعارضها من تطبيق الشريعة، أما الجابري فقد كان مدركاً أن هذا المسلك في رفض الأحكام الشرعية ليس مجدياً، وأنه لا يمكن قبول المفاهيم الحداثية المعاصرة إلا بعد البحث عن مرجعية فقهية لها، واستنبات أصول تراثية للمفاهيم المعاصرة، ولهذا يحرص على تجاوز المفاهيم التراثية من خلال مفاهيم تراثية أخرى.
هل هذا دخول في النوايا أو إساءة ظن أو حتى تحليل واستنباط؟
أبداً، بل هو أمر يتحدث عنه الجابري كثيراً وبكل وضوح، ويراه ضرورياً لأي إصلاح.
فهو يعترف بأن قراءة التراث إنما هي طريق للبحث عن سند تاريخي للمضامين الحديثة:
(إن هذا يعني أن قراءتنا لما كان موضوعاً للتفكير أو قابلاً لأن يكون كذلك في تراثنا، ستكون موجهة بالرغبة في إيجاد سند تاريخي يمكننا من تأصيل المضامين الحديثة والمعاصرة التي يحملها مفهوم الإنسان وحقوقه، تأصيلها في وعينا ومرجعياتنا)[10].
وحين شرع في البحث عن حقوق الإنسان في التراث الإسلامي قرر بوضوح أنه:
(يجب ألا يغرب عن بالنا قط أننا موجّهون في قراءتنا لنصوص تراثنا بالرغبة في تأسيس مفهوم الإنسان وحقوقه على جميع المستويات تأسيساً يجعلها ذات جذور في تراثنا وكياننا الحضاري)[11]، فهي رؤية واضحة تبحث عن جذور للنتائج المتقررة سلفاً!
وهذه الطريقة نابعة من واقع خبرة لدى الجابري أدرك بها أن التجديد لا يمكن أن يمر من دون أدوات تراثية:
(لا سبيل إلى التجديد والتحديث ونحن نتحدث عن العقل العربي إلا من داخل التراث نفسه وبوسائله الخاصة وإمكاناته الذاتية أولاً)[12].
ولهذا شرح سبب اهتمامه بالتراث:
(والحق أن اهتمامي بالتراث لم يكن من قبل وليس هو الآن من أجل التراث ذاته، بل هو من أجل حداثة نتطلع إليها)[13].
وما دام أن المقصد هو توظيف الأدوات التراثية وليس الاعتماد عليها، فهو يعلن – بلا خجل - أنه في سبيل هذا الهدف ليس مهماً المحافظة على الموضوعية والصرامة العلمية:
(والمقاربة ليست من الأمور التي يطبق عليها منطق الصواب والخطأ تطبيقاً صارماً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بموضوعات كالتي نحن بصددها، ذلك أن موضوع المقارنة هنا ليس من نوع الحقائق العلمية، بل هو من جنس الحقائق الثورية إن جاز التعبير؛ الحقائق التي توظفها الثورات وكل دعوات الإصلاح والتي تستمد صدقها ولنقل مصداقيتها من وظيفتها كمحرك للثورة وشعار للدعوة)[14].
فالذي حدث أن الجابري أراد هدم مفهوم (تطبيق الشريعة) من خلال البحث عن أصول شرعية يستطيع بها إبدال هذا المفهوم بمفهوم آخر لا ينازع المفاهيم الحداثية المعاصرة.
ولأجل هذا فمن الطبيعي أن يكون المنهج الذي يسلكه ليس منهجاً موضوعياً يبحث عن الدلائل ويتقصى الوصول إلى الحق بقدر ما هو بحث عما يعين على الهدف، وهو شيء يعترف به كما نقلنا ذلك سابقاً.
لهذا تجد أن الجابري يمارس تفريغ الأصول الشرعية التي يتعامل معها من مضامينها:
فهو يتجاوز أولاً مرجعيات الفقهاء بدعوى الوصول إلى فقه الصحابة، وهذا خلل منهجي كبير، لأن الوصول إلى فقه الصحابة لا يمكن أن يتم من دون هذه المرجعيات الفقهية، فهم الذين نقلوا لك آثار الصحابة، وهم الذين محَّصوها، فاتهامهم بأنهم كانوا منقادين للسياسة هو اتهام لفقه الصحابة الذي نقلوه، فالمنطق الصحيح أن يطعن الشخص في فقه الصحابة بناءً على طعنه في العصور التي نقلته، أما جعل العصور المتأخرة عصوراً ملوثة ومؤدلجة ومنحرفة ثم يستطيع الشخص الولوج منها إلى عصر الصحابة من دون أي تأثر؛ فهذه طريقة استدلال ظريفة!
الخلل الثاني أن الجابري لما وصل إلى عصر الصحابة لم يطالبنا بالاستمساك بفقه الصحابة، وإلا لوجد أن فقه الصحابة قائم على ذات الأصول التي ينطلق منها الفقهاء، وأن فقههم في المصالح لا يختلف عن فقه العلماء؛ إنما أراد الجابري الانتقال إليهم لحذف مَن بعدهم ثم البدء بعملية تفكير جديدة هي أن الصحابة كانوا يعتمدون المصالح فقط، وهذه صورة مغالطة لفقه الصحابة؛ فالصحابة كانوا يستعملون المصالح فعلاً، غير أن المصالح في رؤيتهم تختلف عن المصالح في رؤية الجابري؛ فأساس رؤيتهم في المصالح قائم على اعتبارها وفق موازين الشريعة، فما رفضته الشريعة ليس بمصلحة، وما اعتبرته هو مصلحة، وبقدر اعتبار الشريعة يكون وزن المصلحة، وبقدر رفض الشريعة يكون وزن المفسدة، والنصوص في هذا عن الصحابة أكثر من أن تحصر، وهو شيء يختلف تماماً عند الجابري، لهذا يأتي الجابري إلى النصوص القطعية التي جاءت بها الشريعة والتي هي من أصول المصالح المعتبرة، فيحرفها ويؤولها بسبب أنها مخالفة لرؤيته في المصلحة المنطلقة من رؤية مختلفة؛ كموقفه مثلاً من حد السرقة، وهو نص قطعي لا يحتمل الخلاف ولا التأويل، ومع ذلك فمن تطبيق الشريعة في نظر الجابري أن لا يطبق هذا الحكم، ويتم التخلص من قطعية الحكم بطرائق مختلفة؛ كالبحث عن سبب تاريخي معين يجعل الحكم مرتبطاً به، وهو:
(تدبير كان معمولاً به في الجاهلية لعدم وجود سجون ولا سلطة تعتقل السارق، لقد كان العقاب البدني هو الوسيلة الزجرية الوحيدة التي تعاقب السارق)[15]. ومارس أمثال هذا التأويل مع ما ترفضه الثقافة الغربية من أحكام ميراث المرأة وحد الردة وتعدد الزوجات والطلاق[16].
ولو أن الثقافة الغربية المعاصرة تتقبل مثل هذه الأحكام لقبلته هذه النفوس ولما بحثت عن أسباب تاريخية مفتعلة للتخلص منه!
الخلل الثالث: أنه لا ينطلق من مقاصد الشريعة وأصولها للحكم على المصالح المعاصرة، وإنما يريدنا أن نخلق مقاصد للشريعة من خلال هذه المصالح:
(وهكذا عندما ننجح في جعل ضروريات عصرنا جزءاً من مقاصد شريعتنا، فإننا سنكون قد عملنا ليس فقط على فتح باب الاجتهاد في وقائع عصرنا المتجددة المتطورة، بل سنكون أيضاً قد بدأنا العمل في تأصيل أصول شريعتنا نفسها بصورة تضمن لها الاستجابة الحية لكل ما يحصل من تغيير أو يطرأ من جديد)[17].
فالطريقة عند الجابري ليست أن تنظر في المصلحة المعاصرة ومدى موافقتها للشريعة، بل أن تنظر في المصلحة المعاصرة وتبحث في الشريعة عما يجعلها من مقاصدها!
فمقاصد الشريعة عند العلماء هي استخراج أصول كلية مستقرأة من جمع فروع الشريعة، وأما الجابري فيريد أن تكون مقاصد الشريعة منتزعة من المصالح المعاصرة التي نريد أن نجعلها داخلة ضمن الشريعة!
(فإن تطبيق الشريعة يتطلب اليوم إعادة تأصيل الأصول على أساس اعتبار المصلحة الكلية كما كان يفعل الصحابة، وبعبارة أخرى إن تطبيق الشريعة التطبيق الذي يناسب العصر وأحواله وتطوراته يتطلب إعادة بناء المرجعية للتطبيق).
فحقيقة الوضع هي أن الجابري لا يعتبر بالشريعة، لكنه بدلاً من أن يكون واضحاً في رفضه لها واعتبارها لما يخالفها؛ رفضها واعتبر ما يخالفها، لكن بحث عما يجعلها غير مخالفة!
فالجابري إذن يصل إلى ذات الغاية التي يجتمع إليها العلمانيون، وإنما تميز عنهم بأنه مزق من الأدوات التراثية ما جعلها طريقاً يوصله لهذه الغاية، ولهذا تجد الجابري يكرر ذات الإشكالات التي يثيرها العلمانيون ضد الشريعة، مثل:
لا بد من فصل الدين عن السياسة حتى لا يؤدي ذلك إلى إدخال جرثومة التفرق والاختلاف في الدين، وما يحدثه من طائفية وحروب أهلية، وأنه يجب تنزيه الدين عن السياسة حتى لا يفقد روحه كونه مطلقاً، وهي نسبية متغيرة[18]. إن تطبيق الحدود سيكون شبهة للتسييس[19].
وأما موقف الجابري من العلمانية؛ فهو في الحقيقة رفض لفظها، وقَبِل محتواها، فهو يرفض اللفظ لما تعرض له من إسقاط وتشويه في نفوس عامة الناس، فأراد البحث له عن ألفاظ بديلة، فالعقلانية والديمقراطية التي عرضها بديلاً عن العلمانية تحمل ذات المضامين المستقرة في العلمانية.
بعد هذا يتضح جواب السؤال السابق:
هل تحوّل العلمانيون إلى الصف الإسلامي وأصبح تحكيم الشريعة من الأمور المسلَّمة؟
بالتأكيد لا، فما زال العلمانيون على موقفهم من رفض تحكيم الشريعة، إنما الذي استجد هو انتقال أكثر العلمانيين وبعض الإسلاميين إلى تبنّي ذات الموقف العلماني من تحكيم الشريعة وهم يحسبون أنها هي الشريعة، فبدلاً من رفض الشريعة تُفرَّغ من مضمونها وتعبأ بذات المضامين العلمانية والليبرالية، ولهذا يجري في رؤيتهم تأويل جميع الأحكام الشرعية التي تعترض عليها الثقافة الحداثية المعاصرة، فأي حكم لا ترتضيه الحداثة فهو مؤول ويبحث في سبيل ذلك عن أي خلافٍ فقهي أو سبب نزول أو أي مخرجٍ من هنا أو هناك.
تطبيق الشريعة بعدم تطبيق الشريعة مسلكٌ لجأ إليه العلمانيون هرباً من النفرة التي يجدون أنفسهم فيها مع أي احتكاكٍ لهم مع الشارع المسلم، كما ذهب إليها بعض الإسلاميين هرباً من الضغط الذي يلاحقهم به العلمانيون!
:: مجلة البيان العدد 308 ربيع الآخر 1434هـ، مارس 2013م.
[1] الديمقراطية وحقوق الإنسان 70.
[2] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 8.
[3] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 9.
[4] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 12.
[5] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 12.
[6] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 41.
[7] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 171.
[8] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 113.
[9] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 116-117.
[10] الديمقراطية وحقوق الإنسان 197.
[11] الديمقراطية وحقوق الإنسان 201.
[12] بنية العقل العربي، محمد عابد الجابري، 568.
[13] محمد عابد الجابري في المسألة الثقافية 250 ، نقلاً عن «الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة وموقفهم من القرآن» للجيلاني مفتاح 70.
[14] الديمقراطية وحقوق الإنسان 159.
[15] الديمقراطية وحقوق الإنسان 184.
[16] انظر: الديمقراطية وحقوق الإنسان 179 و183 و186.
[17] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 192.
[18] انظر: الدين والدولة وتطبيق الشريعة 116-117 .
[19] انظر: الدين والدولة وتطبيق الشريعة 200.
خذ هذا السؤال وضعه على طاولة أي اتجاه علماني، ستجد أن الغالبية منهم ستقول لك بوضوح: لستُ ضد تطبيق الشريعة، بل إن ما أدعو إليه هو التطبيق الحقيقي للشريعة.
بل لستَ بحاجة لأن تعرض هذا السؤال على أحد؛ لأن الأجوبة متاحة منثورة بين ناظريك في القنوات والمواقع والدراسات، يتحدث فيها العلمانيون بوضوح عن أنهم لا يعارضون الشريعة وأن موقفهم ليس فيه عداء ولا مخاصمة لها.
هل انتقل العلمانيون إذن إلى الصف الإسلامي وتخلوا عن رؤاهم العلمانية؟
أم قد انتهى الخصام الإسلامي/ العلماني حول تطبيق الشريعة وصارت من الأمور المسلَّمة؟
لنأخذ أولاً نموذجاً من هذه الإجابات ولنفحص مضامينه جيداً حتى نكتشف الجواب عن هذا السؤال، ولأن النماذج لدينا كثيرة، فسنضع جهاز الفحص على أوسعها وأشهرها، وهو نموذج الدكتور محمد عابد الجابري، وسبب اختيارنا الجابري يرجع لأسباب عدة، من أهمها: أنه شرح فكرته شرحاً بيّناً يوفر عليك كثيراً من الظن والاستنتاج.
يتفق معنا الجابري أولاً على أن تطبيق الشريعة قد غدا من المسلمات التي يصعب معارضتها، فهو في نظره:
(شعار لا يمكن مواجهته بشعار مضاد ولا حتى بشعار بديل، ومن يستطيع أن يناقش وجوب تطبيق الشريعة في بلاد إسلامية تستمد معظم نظم الحكم فيها شرعيتها من الانتماء للإسلام بصورة من الصور)[1].
ولهذا يبدي الجابري معارضة للعلمانية ولفكرة فصل الدين عن الدولة، ويرى أن المجتمعات الإسلامية لا تحتاج إليها؛ فهي خاصة بالهوية الأوروبية.
ما مفهوم (تحكيم الشريعة) إذن عند الجابري؟ وما العلمانية التي يعارضها؟
لنستعرض معاً رؤية الجابري التفصيلية حول هذا الموضوع حتى يتضح جيداً مقصوده منها:
يرى الجابري أنه لا بد من مرجعية فقهية لتحكيم الشريعة، ويرى أن المرجعيات الفقهية التراثية غير موثوقة:
(يمكن القول إن معظم المرجعيات التي يستند إليها الباحثون المعاصرون كانت موجهة بكيفية أو بأخرى بالظروف السياسية التي زامنتها)[2].
ولأن الثقة بالمرجعيات الفقهية معدومة، فلا بد من:
(التأكيد على ضرورة بناء مرجعية تكون أسبق وأكثر مصداقية من المرجعيات المذهبية، أعني تلك التي قامت أصلاً كوجهة نظر تروم تأييد موقف سياسي معين)[3].
وحلاً لهذه الإشكالية لا بد من العودة بالمرجعية إلى مرحلة الصحابة رضي الله عنهم:
(وإذا كنا هنا ندعو إلى وضع الاجتهادات السابقة والمذاهب الماضية بين قوسين والرجوع مباشرة إلى عمل الصحابة)[4].
وحين رجع الجابري لفقه الصحابة وجدهم في بنائهم الفقهي قد اعتمدوا على المصلحة:
(إن المبدأ الوحيد الذي كانوا يراعونه دوماً هو المصلحة، ولا شيء غيرها، وهكذا فكثيراً ما نجدهم يتصرفون بحسبما تمليه المصلحة، صارفين النظر عن النص حتى لو كان صريحاً قطعياً، إذا كانت الظروف الخاصة تقتضي مثل هذا التأجيل للنص)[5].
واكتشف أن النظر المصلحي عند الصحابة لا يختلف عما كان فيه نص أو لم يكن فيه نص:
(إن هذا المبدأ مبدأ المصلحة هو المستند الذي كان الصحابة يرتكزون عليه في تطبيقهم، سواء تعلق الأمر بما فيه نص أو بما ليس فيه نص)[6].
وبناءً عليه، يرى ضرورة الاعتماد على المصلحة في بناء النظام السياسي الإسلامي:
(يجب أن تؤسس عملية تطبيق الشريعة في كل زمان ومكان، وهي اعتبار المصلحة العامة.. يبقى بعد هذا المبدأ الأساسي العام تحديد المصلحة في كل نازلة وفي كل حكم وفي هذا شيء سهل لأن ميدان البحث عنها ميدان بشري)[7].
وأما العلمانية فيرى أنه مصطلح جرى تشويهه، فهو قد ارتبط في أول الأمر بالوحدة والاستقلال ضد الدولة العثمانية، ولهذا لا بد من تعويضه بمصطلحات بديلة:
(وفي رأيي أنه من الواجب استبعاد شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي وتعويضه بشعاري الديمقراطية والعقلانية؛ فهما اللذان يعبّران تعبيراً مطابقاً عن حاجات المجتمع العربي.. الديمقراطية تعني حفظ الأفراد وحقوق الجماعات، والعقلانية تعني الصدور في الممارسة السياسية عن العقل ومعاييره المنطقية والأخلاقية وليس عن الهوى والتعصب وتقلبات المزاج)[8].
والمجتمع الإسلامي في نظره ليس بحاجة لفصل الدين عن الدولة، إنما يحتاج لفصل الدين عن السياسة:
(ما يحتاج إليه مثل هذا المجتمع هو فصل الدين عن السياسة بمعنى تجنب توظيف الدين لأغراض سياسية باعتبار أن الدين يمثل ما هو مطلق وثابت، بينما تمثل السياسة ما هو نسبي ومتغير، السياسة تحركها المصالح الشخصية أو الفئوية، أما الدين فيجب أن ينزه عن ذلك وإلا فقد جوهره وروحه)[9].
الصورة الكلية لتطبيق الشريعة:
بعد هذا العرض التفصيلي نريد أن نبتعد قليلاً عن التفصيلات وننظر في الصورة الكلية لتطبيق الشريعة عند محمد عابد الجابري.
نهاية رؤية الجابري أننا سنعتمد على المصلحة، فما جاءت به هو المعتبر، وما رفضته هو غير معتبر، والمصلحة في رؤية الجابري ليست هي المصلحة بحسب الموازين الشرعية المعروفة عند الفقهاء، بل المصلحة يمكن أن تتجاوز حتى النص القطعي.
وحين نعرف أن كل الاتجاهات العلمانية تبحث عن المصلحة، وهي إنما ترفض تطبيق الشريعة بدعوى مخالفتها للمصلحة المعاصرة؛ فإن رؤية الجابري في النهاية هي الرؤية العلمانية ذاتها، وهي سترفض تطبيق الشريعة لكنها هذه المرة بدعوى تطبيق الشريعة!
الفرق بين رؤية الجابري ورؤية بقية العلمانيين، أن العلمانيين صرحوا بقبولهم المفاهيم الحداثية المعاصرة وصرحوا برفضهم ما يعارضها من تطبيق الشريعة، أما الجابري فقد كان مدركاً أن هذا المسلك في رفض الأحكام الشرعية ليس مجدياً، وأنه لا يمكن قبول المفاهيم الحداثية المعاصرة إلا بعد البحث عن مرجعية فقهية لها، واستنبات أصول تراثية للمفاهيم المعاصرة، ولهذا يحرص على تجاوز المفاهيم التراثية من خلال مفاهيم تراثية أخرى.
هل هذا دخول في النوايا أو إساءة ظن أو حتى تحليل واستنباط؟
أبداً، بل هو أمر يتحدث عنه الجابري كثيراً وبكل وضوح، ويراه ضرورياً لأي إصلاح.
فهو يعترف بأن قراءة التراث إنما هي طريق للبحث عن سند تاريخي للمضامين الحديثة:
(إن هذا يعني أن قراءتنا لما كان موضوعاً للتفكير أو قابلاً لأن يكون كذلك في تراثنا، ستكون موجهة بالرغبة في إيجاد سند تاريخي يمكننا من تأصيل المضامين الحديثة والمعاصرة التي يحملها مفهوم الإنسان وحقوقه، تأصيلها في وعينا ومرجعياتنا)[10].
وحين شرع في البحث عن حقوق الإنسان في التراث الإسلامي قرر بوضوح أنه:
(يجب ألا يغرب عن بالنا قط أننا موجّهون في قراءتنا لنصوص تراثنا بالرغبة في تأسيس مفهوم الإنسان وحقوقه على جميع المستويات تأسيساً يجعلها ذات جذور في تراثنا وكياننا الحضاري)[11]، فهي رؤية واضحة تبحث عن جذور للنتائج المتقررة سلفاً!
وهذه الطريقة نابعة من واقع خبرة لدى الجابري أدرك بها أن التجديد لا يمكن أن يمر من دون أدوات تراثية:
(لا سبيل إلى التجديد والتحديث ونحن نتحدث عن العقل العربي إلا من داخل التراث نفسه وبوسائله الخاصة وإمكاناته الذاتية أولاً)[12].
ولهذا شرح سبب اهتمامه بالتراث:
(والحق أن اهتمامي بالتراث لم يكن من قبل وليس هو الآن من أجل التراث ذاته، بل هو من أجل حداثة نتطلع إليها)[13].
وما دام أن المقصد هو توظيف الأدوات التراثية وليس الاعتماد عليها، فهو يعلن – بلا خجل - أنه في سبيل هذا الهدف ليس مهماً المحافظة على الموضوعية والصرامة العلمية:
(والمقاربة ليست من الأمور التي يطبق عليها منطق الصواب والخطأ تطبيقاً صارماً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بموضوعات كالتي نحن بصددها، ذلك أن موضوع المقارنة هنا ليس من نوع الحقائق العلمية، بل هو من جنس الحقائق الثورية إن جاز التعبير؛ الحقائق التي توظفها الثورات وكل دعوات الإصلاح والتي تستمد صدقها ولنقل مصداقيتها من وظيفتها كمحرك للثورة وشعار للدعوة)[14].
فالذي حدث أن الجابري أراد هدم مفهوم (تطبيق الشريعة) من خلال البحث عن أصول شرعية يستطيع بها إبدال هذا المفهوم بمفهوم آخر لا ينازع المفاهيم الحداثية المعاصرة.
ولأجل هذا فمن الطبيعي أن يكون المنهج الذي يسلكه ليس منهجاً موضوعياً يبحث عن الدلائل ويتقصى الوصول إلى الحق بقدر ما هو بحث عما يعين على الهدف، وهو شيء يعترف به كما نقلنا ذلك سابقاً.
لهذا تجد أن الجابري يمارس تفريغ الأصول الشرعية التي يتعامل معها من مضامينها:
فهو يتجاوز أولاً مرجعيات الفقهاء بدعوى الوصول إلى فقه الصحابة، وهذا خلل منهجي كبير، لأن الوصول إلى فقه الصحابة لا يمكن أن يتم من دون هذه المرجعيات الفقهية، فهم الذين نقلوا لك آثار الصحابة، وهم الذين محَّصوها، فاتهامهم بأنهم كانوا منقادين للسياسة هو اتهام لفقه الصحابة الذي نقلوه، فالمنطق الصحيح أن يطعن الشخص في فقه الصحابة بناءً على طعنه في العصور التي نقلته، أما جعل العصور المتأخرة عصوراً ملوثة ومؤدلجة ومنحرفة ثم يستطيع الشخص الولوج منها إلى عصر الصحابة من دون أي تأثر؛ فهذه طريقة استدلال ظريفة!
الخلل الثاني أن الجابري لما وصل إلى عصر الصحابة لم يطالبنا بالاستمساك بفقه الصحابة، وإلا لوجد أن فقه الصحابة قائم على ذات الأصول التي ينطلق منها الفقهاء، وأن فقههم في المصالح لا يختلف عن فقه العلماء؛ إنما أراد الجابري الانتقال إليهم لحذف مَن بعدهم ثم البدء بعملية تفكير جديدة هي أن الصحابة كانوا يعتمدون المصالح فقط، وهذه صورة مغالطة لفقه الصحابة؛ فالصحابة كانوا يستعملون المصالح فعلاً، غير أن المصالح في رؤيتهم تختلف عن المصالح في رؤية الجابري؛ فأساس رؤيتهم في المصالح قائم على اعتبارها وفق موازين الشريعة، فما رفضته الشريعة ليس بمصلحة، وما اعتبرته هو مصلحة، وبقدر اعتبار الشريعة يكون وزن المصلحة، وبقدر رفض الشريعة يكون وزن المفسدة، والنصوص في هذا عن الصحابة أكثر من أن تحصر، وهو شيء يختلف تماماً عند الجابري، لهذا يأتي الجابري إلى النصوص القطعية التي جاءت بها الشريعة والتي هي من أصول المصالح المعتبرة، فيحرفها ويؤولها بسبب أنها مخالفة لرؤيته في المصلحة المنطلقة من رؤية مختلفة؛ كموقفه مثلاً من حد السرقة، وهو نص قطعي لا يحتمل الخلاف ولا التأويل، ومع ذلك فمن تطبيق الشريعة في نظر الجابري أن لا يطبق هذا الحكم، ويتم التخلص من قطعية الحكم بطرائق مختلفة؛ كالبحث عن سبب تاريخي معين يجعل الحكم مرتبطاً به، وهو:
(تدبير كان معمولاً به في الجاهلية لعدم وجود سجون ولا سلطة تعتقل السارق، لقد كان العقاب البدني هو الوسيلة الزجرية الوحيدة التي تعاقب السارق)[15]. ومارس أمثال هذا التأويل مع ما ترفضه الثقافة الغربية من أحكام ميراث المرأة وحد الردة وتعدد الزوجات والطلاق[16].
ولو أن الثقافة الغربية المعاصرة تتقبل مثل هذه الأحكام لقبلته هذه النفوس ولما بحثت عن أسباب تاريخية مفتعلة للتخلص منه!
الخلل الثالث: أنه لا ينطلق من مقاصد الشريعة وأصولها للحكم على المصالح المعاصرة، وإنما يريدنا أن نخلق مقاصد للشريعة من خلال هذه المصالح:
(وهكذا عندما ننجح في جعل ضروريات عصرنا جزءاً من مقاصد شريعتنا، فإننا سنكون قد عملنا ليس فقط على فتح باب الاجتهاد في وقائع عصرنا المتجددة المتطورة، بل سنكون أيضاً قد بدأنا العمل في تأصيل أصول شريعتنا نفسها بصورة تضمن لها الاستجابة الحية لكل ما يحصل من تغيير أو يطرأ من جديد)[17].
فالطريقة عند الجابري ليست أن تنظر في المصلحة المعاصرة ومدى موافقتها للشريعة، بل أن تنظر في المصلحة المعاصرة وتبحث في الشريعة عما يجعلها من مقاصدها!
فمقاصد الشريعة عند العلماء هي استخراج أصول كلية مستقرأة من جمع فروع الشريعة، وأما الجابري فيريد أن تكون مقاصد الشريعة منتزعة من المصالح المعاصرة التي نريد أن نجعلها داخلة ضمن الشريعة!
(فإن تطبيق الشريعة يتطلب اليوم إعادة تأصيل الأصول على أساس اعتبار المصلحة الكلية كما كان يفعل الصحابة، وبعبارة أخرى إن تطبيق الشريعة التطبيق الذي يناسب العصر وأحواله وتطوراته يتطلب إعادة بناء المرجعية للتطبيق).
فحقيقة الوضع هي أن الجابري لا يعتبر بالشريعة، لكنه بدلاً من أن يكون واضحاً في رفضه لها واعتبارها لما يخالفها؛ رفضها واعتبر ما يخالفها، لكن بحث عما يجعلها غير مخالفة!
فالجابري إذن يصل إلى ذات الغاية التي يجتمع إليها العلمانيون، وإنما تميز عنهم بأنه مزق من الأدوات التراثية ما جعلها طريقاً يوصله لهذه الغاية، ولهذا تجد الجابري يكرر ذات الإشكالات التي يثيرها العلمانيون ضد الشريعة، مثل:
لا بد من فصل الدين عن السياسة حتى لا يؤدي ذلك إلى إدخال جرثومة التفرق والاختلاف في الدين، وما يحدثه من طائفية وحروب أهلية، وأنه يجب تنزيه الدين عن السياسة حتى لا يفقد روحه كونه مطلقاً، وهي نسبية متغيرة[18]. إن تطبيق الحدود سيكون شبهة للتسييس[19].
وأما موقف الجابري من العلمانية؛ فهو في الحقيقة رفض لفظها، وقَبِل محتواها، فهو يرفض اللفظ لما تعرض له من إسقاط وتشويه في نفوس عامة الناس، فأراد البحث له عن ألفاظ بديلة، فالعقلانية والديمقراطية التي عرضها بديلاً عن العلمانية تحمل ذات المضامين المستقرة في العلمانية.
بعد هذا يتضح جواب السؤال السابق:
هل تحوّل العلمانيون إلى الصف الإسلامي وأصبح تحكيم الشريعة من الأمور المسلَّمة؟
بالتأكيد لا، فما زال العلمانيون على موقفهم من رفض تحكيم الشريعة، إنما الذي استجد هو انتقال أكثر العلمانيين وبعض الإسلاميين إلى تبنّي ذات الموقف العلماني من تحكيم الشريعة وهم يحسبون أنها هي الشريعة، فبدلاً من رفض الشريعة تُفرَّغ من مضمونها وتعبأ بذات المضامين العلمانية والليبرالية، ولهذا يجري في رؤيتهم تأويل جميع الأحكام الشرعية التي تعترض عليها الثقافة الحداثية المعاصرة، فأي حكم لا ترتضيه الحداثة فهو مؤول ويبحث في سبيل ذلك عن أي خلافٍ فقهي أو سبب نزول أو أي مخرجٍ من هنا أو هناك.
تطبيق الشريعة بعدم تطبيق الشريعة مسلكٌ لجأ إليه العلمانيون هرباً من النفرة التي يجدون أنفسهم فيها مع أي احتكاكٍ لهم مع الشارع المسلم، كما ذهب إليها بعض الإسلاميين هرباً من الضغط الذي يلاحقهم به العلمانيون!
:: مجلة البيان العدد 308 ربيع الآخر 1434هـ، مارس 2013م.
[1] الديمقراطية وحقوق الإنسان 70.
[2] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 8.
[3] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 9.
[4] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 12.
[5] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 12.
[6] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 41.
[7] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 171.
[8] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 113.
[9] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 116-117.
[10] الديمقراطية وحقوق الإنسان 197.
[11] الديمقراطية وحقوق الإنسان 201.
[12] بنية العقل العربي، محمد عابد الجابري، 568.
[13] محمد عابد الجابري في المسألة الثقافية 250 ، نقلاً عن «الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة وموقفهم من القرآن» للجيلاني مفتاح 70.
[14] الديمقراطية وحقوق الإنسان 159.
[15] الديمقراطية وحقوق الإنسان 184.
[16] انظر: الديمقراطية وحقوق الإنسان 179 و183 و186.
[17] الدين والدولة وتطبيق الشريعة 192.
[18] انظر: الدين والدولة وتطبيق الشريعة 116-117 .
[19] انظر: الدين والدولة وتطبيق الشريعة 200.